منذ 4 شهور ونحن نقرأ يومياً عن قرب نفاذ مخزون المواد الغذائية .. عشرات السلع ارتفعت اسعارها بشكل غير مسبوق ..الاحتياطي النقدي هبط من 43 مليار دولار في يناير إلي نحو 30 مليار دولار فى مايو ويتناقص بمعدل 3 مليارات كل شهر .. السياحة التي تدر حوالي 13 مليار دولار سنويا ويعمل بها 10 % من المصرييين انهارت تماما .. ولكل ذلك بدأ التحذير من ثورة للجياع وظهرت دعوات من أجل ' شد الأحزمة ' فهل ننشغل بالاضرابات والكلام عن الأحزاب والانتخابات ونترك كل شيء للحكومة التي لا تملك عصا سحرية .. ماذا نفعل قبل أن نشحت ؟ ! معهد التخطيط القومي أكد أن الخسائر الإجمالية للاقتصاد المصري منذ بداية أحداث الثورة وحتي منتصف مارس فقط تقدر بنحو 37 مليار جنيه بسبب توقف عدد كبير من الشركات المصرية المنتجة والمصانع الكبري بالمدن الصناعية ونقص تحويلات المصريين بالخارج والتي تمثل 8% من الناتج القومي وانخفاض الصادرات السلعية بنسبة 40% حاليا .. إلي جانب تدني الجنيه المصري أمام الدولار واليورو والين الياباني . أما الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء فقال بالنص ' الوضع الاقتصادي الحالي غير مطمئن وبه مصائب ' في ظل تعثر الإنتاج واستمرار المظاهرات الفئوية وانخفاض التصدير وعائدات السياحة . الدكتور سمير رضوان وزير المالية أكد أن معدل نمو الاقتصاد خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي بلغ ' سالب 7 وارتفع عجز الموازنة من 7.9 إلي 8.5 ومن المتوقع أن يصل في الموازنة الجديدة إلي 9.1 بما قيمته 149.5 مليار جنيه , صحيح أن الموازنة الجديدة هي أضخم موازنة في تاريخ مصر إضافة إلي وجود مشروعات للقضاء علي الفقر و تشريعات جديدة للضرائب.. لكن استعادة الأموال المنهوبة تستغرق وقتا طويلا ، والحل لابد أن يأتي من أفكار جديدة يطبقها المجتمع كله . اللي يحتاجه البيت يحرم ع الجامع ! رجال الدين لم يقفوا مكتوفي الأيدي وساهموا بفتاوي من شأنها توفير مليارات الجنيهات مثلا الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين طرح فكرة استثمار الفقه الإسلامي في توفير الدعم اللازم للاقتصاد دون الاقتراض أو الاستدانة من البنوك والدول الخارجية فأصدر فتوي يمكن بمقتضاها أن توفر مصر ما يقرب من 2 مليار دولار عن طريق دعوة الراغبين في أداء العمرة أو الحج إلي توجيه المبالغ التي خصصوها لهذا الغرض لصالح صندوق يدعم اقتصاد البلد في الظروف الراهنة وقال في فتواه ' إذا حل ظرف طارئ ببلاد المسلمين عانت فيه من الشح في الموارد المالية فلولي الأمر أن يقيد العمرة لأنها نافلة وليست فرضا ويسري ذلك أيضا علي حج التطوع الذي يعد نافلة بدوره ( المسلم مكلف بحجة واحدة وما زاد علي ذلك عد نافلة ) والقيد هنا ينصب علي الحالة التي يدفع فيها الراغب مالا للحج أو العمرة ولا يشمل ما كان منها بالمجان ويضيف : إذا أودع المسلم حصته من المال في هذه الحالة بعد أن عقد نيته علي السفر فإن العمرة أو الحجة تحسب له أما توجيه الزكاة لصالح إنقاذ اقتصاد البلد المسلم أو حتي تنميته والوفاء بحقوق أهله فذلك مما يعد في سبيل الله الأمر الذي يدخل ضمن المصارف الشرعية المعتبرة كما أكد الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل وزارة الأوقاف أنه يجوز تخصيص جزء من الزكاة وتوجيهه في خزينة الدولة للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني وإعادة بناء مصر والشيء نفسه بالنسبة لصناديق النذور والصدقات وأرباح الوقف الخيري .. أما الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق فذهب لأبعد من هذا وقال إنه يمكن توجيه الأموال إلي دعم الاقتصاد بدلا من بناء المساجد إذا كانت المنطقة التي سيبني بها المسجد بها ما يكفي من المساجد وتقضي حاجة المسلمين .. وبالتالي يجوز أن تذهب تلك الأموال للفقراء والمساكين ودعم الاقتصاد . أفكار فردية ! هناك أفكار أخري كثيرة ظهرت علي الفيس بوك مثل ' دفتر توفير 25 يناير ' .. وفكرته إن أي شخص يقدر يفتح دفتر توفير ويضع فيه اي مبلغ من المال ولا يتم السحب منه لمده 3 سنوات وتوجه هذه الاموال لبناء مساكن اقتصادية بهامش ربح بسيط أيضا هناك حملات بفرض اسلوب الضرائب التصاعدية وتشجيع الجمعيات الخيرية في اداء رسالتها لمساعدة الفقراء كما تمت الموافقة علي مشروع لاقامة 42 صومعة لتخزين الحبوب والغلال بطاقة تصل إلي 250 ألف طن في 7 محافظات بتكلفة تصل إلي نصف مليار جنيه من استثمارات المصريين العاملين بالسعودية أيضا هناك دعوات لتقليل النفقات طرحها كثيرون مثل المفكر المصري شريف حتاتة والذي أشار إلي المجالس القومية المتخصصة التي ينفق عليها سنويا ما يزيد علي 400 مليون جنيه لم نستفد منها بأي شيء ، وهناك مباردة شبابية شعارها ' علشان خاطر بلادي سأشتري هداياي منها السنة دي ' وهي دعوة للمصريين المغتربين بشراء هدايا لذويهم من مصر بدلا من احضارها معهم من الخارج وذلك دعما للاقتصاد , كما قام رئيس إحدي شركات السياحة بتقديم عروض لجذب السائحين منها إن كل سعودي يزور مصر هو وعائلته ستقدم له تذكرة سفر مجانية أيضا الكابتن طاهر ابو زيد أشار إلي أهمية الحد من تنظيم بطولات رياضية وهمية لا عائد منها وتتحمل ببسبها الدولة أموالا طائلة هي الآن في أشد الحاجة لها , كما توجد دعوات كثيرة حاليا في مصر يقوم بها شباب من منظمات المجتمع المدني لتقليل إنفاق المصريين في أشياء لا عائد منها مثل التدخين والإسراف الشديد خلال شهر رمضان والاعياد إلي جانب دعوات لتقليل الانفاق في الأفراح والمآتم والمسلسلات وأجور نجوم السينما والكرة . الحل هو التقشف ! الصحفي سعد هجرس المتخصص في الشئون الاقتصادية ومدير تحرير جريدة العالم اليوم يؤكد أن الحل فيما أطلق عليه ' اقتصاد الثورة ' .. ويقول : مصر مرت بفترات صعبة أيام حرب الاستنزاف بعد نكسة 1967 وخلال حرب أكتوبر 1973 وكنا يومها نعيش في ' اقتصاد حرب ' والظروف التي تمر بها مصر حاليا في اعتقادي تزيد خطورة عن الحرب لأن العدو للأسف خارجي وداخلي أيضا ولذلك نحتاج إلي ' اقتصاد ثورة ' يأتي باشراك ممثلين عن مختلف طوائف الشعب في مؤتمر وطني نخرج منه بما يشبه ' العقد الاجتماعي ' الذي نلتزم بموجبه بإجراءات للتقشف لابد أن تكون بإجماع كل القوي الوطنية مع الحكومة ونبدأ في تنفيذ خطة يتحمل كل مصري مسئوليته فيها ويكون شريكا في ثمارها وقبل أي شيء وحتي لا ينهار اقتصادنا تماما لابد أن يعود الأمن .. لا يصح الحديث عن اي مشروعات او استثمارات وسط غياب أمني أيضا السياحة تمثل مصدرا كبيرا للدخل وبالتالي لو عاد الأمن ستنتعش حركة السياحة من جديد ولابد من وجود دور للدولة في الاقتصاد علي الأقل في هذه المرحلة وعدم ترك السوق لرأس المال يتحكم فيه كما يشاء وفي الوقت نفسه لابد من حوافز للقوي المنتجة وأقصد هنا العمال والفلاحين وذلك بوضع حد أدني وأعلي للأجور وخطة لإنعاش الاقتصاد من خلال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي لن تتكلف سوي مبالغ بسيطة ودورة رأس المال فيها سريعة جدا وبالتزامن مع كل ذلك لابد من غلق حنفيات الفساد وهو ما سيوفر علي البلد مليارات خلال فترة بسيطة وبالتأكيد العالم كله عندما يرانا جادين في الخروج من المأزق سنجد أصدقاء كثيرين يقدمون لنا المساعدة وستتدفق المليارات علي السوق المصرية للاستثمار سواء من الدول العربية أو الصديقة أو من المؤسسات الدولية .