رقمان قياسيان ينتظران صلاح أمام توتنام    أخبار الأهلي: شوبير يكشف مفاجأة في مفاوضات الأهلي مع تريزيجيه وكوناتي    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    وزيرة إسرائيلية تهاجم أمريكا: لا تستحق صفة صديق    استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد 5-5-2024 مقابل الجنيه في البنك الأهلي بالتزامن مع إجازة عيد القيامة والعمال    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثي سير منفصلين بالشرقية    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    الإسكان تنظم ورش عمل حول تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    ماكرون يطالب بفتح مجال التفاوض مع روسيا للوصول لحل آمن لجميع الأطراف    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    فيديو.. شعبة بيض المائدة: نترقب مزيدا من انخفاض الأسعار في شهر أكتوبر    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الزراعة: حديقة الأسماك تستعد لاستقبال المواطنين في عيد شم النسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    حدائق القاهرة: زيادة منافذ بيع التذاكر لعدم تكدس المواطنيين أمام بوابات الحدائق وإلغاء إجازات العاملين    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    السيطرة على حريق التهم مخزن قطن داخل منزل في الشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    تامر حسني يدعم شابا ويرتدي تي شيرت من صنعه خلال حفله بالعين السخنة    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إحياء قانون العيب وهو رميم.. لجنة تنمية الأخلاق.. تفتيش في الضمائر أم عودة للقيم؟
نشر في بوابة الشباب يوم 07 - 12 - 2015

يوم الأربعاء قبل الماضي كان الرئيس عبد الفتاح السيسي مجتمعاً بأعضاء مجلس علماء وخبراء مصر، وتم تناول العديد من الموضوعات منها ما يخص "الارتقاء بمنظومة الأخلاق والقيم في المجتمع المصري"، وفي التفاصيل قيل إن المجلس اقترح للارتقاء بالمنظومة القيمية والأخلاقية في المجتمع إنشاء لجنة لتنمية الأخلاق والضمير، وتعزيز قيم العمل والانتماء، لتباشر عملها تحت رعاية مؤسسة الرئاسة، وأكد الرئيس أن منظومة القيم والأخلاق في المجتمع تعد الحاكم الأول لسلوك المواطنين في المجتمع، وتقوم بدورٍ جوهري في تقدم الشعوب والأوطان، وتمثل حافزاً ووازعاً لمزيد من العمل والإنتاج، فضلاً عن نشر الرُقي والتحضر في كافة مناحي الحياة سواء في الشارع المصري أو على المستويين الثقافي والأدبي، انتهي الخبر.. وبدأت ردود الأفعال والتي كانت في معظمها تساؤلات عريضة بلا إجابات واضحة.. بداية من كلمة "لجنة" والتي أصبحت طوال السنوات الماضية دليلاً مرادفاً لدراسات نظرية لا تطبق.. إلي جانب كيفية تدخل الدولة في تنمية الأخلاق والضمير بينما هناك أمور تسبق هذه الخطوة لها علاقة بإشكاليات التعليم وتطوير الخطاب الديني مازالت في طور الأمنيات والمناق
تقرير يكتبه: وليد فاروق محمد:
- في عام 1949 أكد يوسف السباعي أن "أرض النفاق" أصبحت جزءاً من الواقع.. فرد عليه أحمد لطفي السيد: أخلاق المصريين أصبحت أفضل
- الرئيس السادات أعلن عام 1980 أول مشروع قانون يحمل اسم "العيب" لمعاقبة كل من يحاول التغرير بالشباب
- آمنة نصير تعتبر لجنة الضمير والأخلاق بعيدة عن "العقاب".. وسكينة فؤاد تؤكد أنها وسيلة لاستعادة القيم المصرية الضائعة
- إيهاب الخراط يري أن السلوك الانساني حالياً لا يستقيم بالوعظ ولكن بالردع والقوانين.... وجمال عيد يؤكد: الدولة ليس دورها تربية المواطن
- دراسة حكومية قام بها وزير سابق: الأخلاق ضاعت بسبب الظلم واليأس وانعدام الثِّقة بين الشعب والحكومة والانحياز لرجال الأعمال
- د. سعيد صادق: لجان الأخلاق مجرد "شو إعلامي".. ومراقبة الضمائر لن تحل مشاكل الفقر والبطالة والعنوسة
قانون حماية القيم من العيب
أول كلمة "عيب" قانونية ظهرت في قانون المطبوعات عام 1881 ونصت علي معاقبة "كل من أهان وعاب ولي الأمر"، وعقب طرح فكرة " لجنة تنمية الأخلاق والضمير "استدعي البعض من الذاكرة قانون حماية القيم من العيب الذي صدر منذ 25 عاماً.. في مارس 1980 أرسل الرئيس الراحل أنور السادات إلي الحزب الوطني أول مشروع قانون في مصر يحمل اسم "العيب"، وكان الهدف الظاهري هو حماية قيم الشعب المصري من العيب والعودة لأخلاق القرية.. لكن فعلياً كان لمعاقبة كل من يحاول التغرير بالشباب أو ينتقد سياسة الدولة عن طريق "محكمة القيم"، وكان السادات يصف نفسه ب "الرئيس المؤمن" ويتحدث عن الأخلاق والفضيلة، حتى أنه ألقى خطبة جمعة ذات مرة تحت عنوان "مكارم الأخلاق"، وبالنظر للقانون رقم 95 لسنة1980 نجد أن مشكلته ليست في أهدافه العامة التى لا يختلف عليها اثنان.. ولكن مواده فضفاضة وشديدة الغموض وتحتمل التأويلات.. المادة 1 كانت تقول"حماية القيم الأساسية للمجتمع واجب كل مواطن، والخروج عليها عيب يرتب المسئولية السياسية وفقا لاحكام هذا القانون، وعلى جميع مؤسسات الدولة والتنظيمات السياسية والنقابية والاجتماعية وغيرها من التنظيمات العمل على صيانة هذه القيم ودعمها".. والمادة 2 تقول "يقصد بالقيم الأساسية، في تطبيق احكام هذا القانون المبادىء المقررة في الدستور والقانون التي تستهدف الحفاظ على حقوق الشعب وقيمه الدينية والمقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية، والحفاظ على الطابع الاصيل للاسرة المصرية وما يتمثل فيه من قيم وتقاليد، وحماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي"، وأوضحت المادة 3 أنه يسال سياسيا وفقا لاحكام هذا القانون كل من ارتكب احد الافعال الاتية "الدعوة إلى ما ينطوي على إنكار للشرائع السماوية اوما يتنافى مع أحكامها، تحريض النشء والشباب على الانحراف عن طريق الدعوة الى التحلل من القيم الدينية او من الولاء للوطن، ويعتبر شابا في حكم هذا النص من لم يجاوز عمره 25 سنة ميلادية ذكرا او انثى، نشر أو إذاعة أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعايات مثيرة، اذا تم ذلك في الخارج بواسطة احدى الطرق المنصوص عليها في المادة 171 من قانون العقوبات متى كان من شأن ذلك الإضرار بمصلحة قومية للبلاد"، أما المادة 4 فكنت تنص علي العقوبات وهي "يحكم على من ثبت مسئوليته وفقا لهذا القانون بتدبير او بأكثر من التدابير الاتية لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات، و الحرمان من الترشح لعضوية المجالس النيابية او المجالس الشعبية المحلية، والحرمان من الترشح او التعيين في رئاسة او عضوية مجالس ادارة الشركات العامة او الهيئات العامة او التنظيمات النقابية او الاتحادات او الاندية او المؤسسات الصحفية او الجمعيات بجميع صورها بما فيها الجمعيات التعاونية والروابط او الاستمرار فيها، والحرمان من تأسيس الأحزاب السياسية أو الاشتراك في ادارتها او عضويتها، والحرمان من شغل الوظائف او القيام بالاعمال التي لها تأثير في تكوين الرأي العام أو تربية النشء او الشباب مع نقل المحكوم عليه الى وظيفة او عمل آخر واحتفاظه بمرتباته بصفة شخصية وبأحقيته في العلاوات والترقيات مالم يكن محروما منها لسبب قانوني"، ويقوم بتطبيق هذا القانون "المدعي العام الاشتراكي" الذي يرشحه رئيس الجمهورية لمجلس الشعب، وأيام صدور هذا القانون علق الكاتب الصحفي صلاح عيسى بقوله: " السادات ابتكر ما يسمي ببدعة المساءلة السياسية، ونص على معاقبة كل من يخالف نصوصه"، وعلق الراحل أحمد بهاء الدين بأنه "كارثة صريحة"، وأسمته المعارضة في البرلمان "قوانين سيئة السمعة"، وتمت محاكمة العشرات من الكتاب والصحفيين والشعراء والأدباء وسجنهم حسب هذا القانون، وألغي هذا القانون مع إلغاء منصب المدعي العام الاشتراكي في التعديلات الدستورية لعام 2007 .
نقطة نظام
لو عدنا إلي يوليو 2004 سنجد أن قانون حماية القيم من العيب تم استخدامه عندما قدم محامون ورجال دين مسيحيون دعوى قضائية أمام محكمة الأمور المستعجلة في القاهرة تطالب بوقف عرض فيلم "بحب السيما" وذلك بسبب ما "تضمنه من سخرية من العقيدة المسيحية" حسب الدعوي، علماً بأن السيناريست هاني فوزي ومخرجه ومنتجه الشقيقان أسامة جرجس فوزي وهاني جرجس فوزي.. الثلاثة مسيحيين، وفي وجود عشرات المؤسسات والقوانين والتشريعات واللجان.. بماذا نفعت لعدم الوصول للحال المتردي للأخلاق في الشارع اليوم؟ أيضا فكرة إنشاء لجنة لتنمية الضمير والأخلاق غير كافية لتغيير المبادئ الخاطئة لدى المواطن المصري.. ومسمى "تنمية الضمير والأخلاق" غير مشجع للشباب على المشاركة لأنه يوحى بأن الرافضين لأفكار هذه اللجنة ليست لديهم أخلاق، وحتى عندما قال أمير الشعراء أحمد شوقي"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".. فالأخلاق منظومة متكاملة ستؤدي بالضرورة للتطور.. وبالتالي ماذا سيفيد الصدق والأمانة والشرف بدون عمل .. بشكل أكثر وضوحاً، هل الشعوب الملتزمة أخلاقياً هي المتقدمة اقتصادياً بالضرورة؟ ثم إن ما تراه أنت.. قد لا يراه غيرك رغم أن المشهد واحد، مثلاً في عام 1949 أصدر يوسف السباعي روايته الشهيرة " أرض النفاق" قال في نهايتها "هذه قصة النفاق والمنافقين وأرض النفاق، قصة قد يكون فيها بعض الشطط وبعض الخيال، ولقد كنت أنوي أن أختمها كما يختم كتاب القصة عادة قصصهم الخيالية على أنها حِلم، وعلى أني فتحت عيني فوجدت نفسي راقدًا على الآريكة في الدار، ولكن يخيل إلي أن ما بها من حقائق قد طغى على ما بها من خيال"، والعجيب في هذه القصة أن نهايتها طرحت نتيجة يعتبرها البعض ضمن "العيب" .. بطل القصة ألقى بحبوب الأخلاق في النهر، وأصبح مع مخترع الحبوب نفسه متهمان بشكل أساسي بأنهما أجبرا الناس على الالتزام بالأخلاق، وقال المُدعي العام "لقد جردا الناس من قناع كانوا يخفون به خبائثهم وشرورهم، لقد كشفوا عن حقيقتهم المروعة، وتعرت نفوسهم من كل ما كان يسترها ويحجب عوراتها، كيف يستطيع الناس أن يحيوا بلا نفاق؟! كيف يستطيعون تحمل بعضهم بعضا؟" ، وأيضا في عام 1949 وعبر مجلة المصور كتب المفكر أحمد لطفي السيد مقالا قال فيه" الكرامة الأخلاقية أراها اليوم قد تحققت في ظل الحرية، وأصبحت أخلاق المصريين في الجيل الحاضر خيرًا منها في الجيل الماضي، ولا ينبغي في هذا الصدد أن نقيس حالتنا الأخلاقية الجديدة على الكمال لنعرف في أي درجة نحن، بل الواجب علينا أن نوازن بين حالتنا الحاضرة وحالتنا الماضية".
مؤيد .. ومعارض
الكل يؤيد بالطبع وجود منظومة ما تحمي الأخلاق والقيم العامة للمجتمع، لكن الخلاف جاء في آلية عملها ونتائج قراراتها، الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب قالت: إن لجنة تنظيم الأخلاق والضمير المقترحة بعيدة كل البعد عن عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي وصفتها بالهيئة سيئة السُمعة التي تهدم ولا تخدم، وأضافت: أن عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو "العقاب"، وبينما تهدف اللجنة لتنمية الأخلاق وفقاً للمؤسسات الدينية في السلوك.. كما طالب الدكتور هاني الناظر، رئيس المركز القومي للبحوث السابق، بصياغة عدة قوانين لإعادة الأخلاق إلى الشارع المصري، مثل قانون العيب الذي أصدره الرئيس الراحل السادات، وصفت الكاتبة الصحفية سكينه فؤاد على اقتراح أعضاء مجلس علماء وخبراء مصر بإنشاء لجنة لتنمية الضمير بال"مهم جداً" لاستعادة القيم المصرية التي ضاعت في سنوات الفساد وغياب الخطاب الديني الرشيد، حسب تعبيرها، أما الدكتور ايهاب الخراط أستاذ الطب النفسي فيري أن السلوك الانساني حالياً لا يستقيم بالوعظ.. ولكن بالردع والقوانين والجهد من خلال الممارسة الاجتماعية والتحولات السياسية وليس بتكوين لجان لضبط السلوك والأخلاقيات، وهو الرأي نفسه للدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بكلية طب قصر العيني الذي قال: إن الأخلاق والضمير ليست شعارات يتم تدريسها أو التدريب عليها، وانما تتم بتطبيق عملي، أما الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فقال: إن النظام الحالي لم يتعلم من نظام السادات، فالعيب لم ينته من المجتمع بعد صدور قانون العيب، والنظام في حالة هروب مستمر من التحديات التي تواجهه، وما يحدث من مجلس علماء مصر ليس به أي نوع من التفكير العلمي، أما مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد فقال:" الدولة تعتبر نفسها رقيباً أخلاقياً لكن دورها ليس تربية المواطن، ولكن حماية حقوقه فقط"، ورفض الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان هذه الفكرة وقال: " هذه اللجنة عبثية لأن الأخلاق والضمير لا تأتي من خلال مثل تلك الدعوات وعبر برامج التليفزيون، فالأخلاق ابنة الأوضاع الاقتصادية فإذا كانت العلاقات بين الناس تقوم على الغش فهكذا الأخلاق ستتسم بالغش والخداع والسرقة".
الفساد الصغير
لمن يرددون نغمة "أخلاق المصريين تغيرت بعد الثورة".. في 28 أكتوبر عام 2009 أعلنت الدولة نتائج أول دراسة مصرية شاملة لمنظومة القيم في المجتمع المصري خلال ال50 عاماً الأخيرة، الدراسة قام بها الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية وقتها، والدكتور أحمد زايد، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة، وكشفَت عن شعور المواطِن المصري بالظُّلم واليَأس والإحْباط وغِياب العدالة وانعدام الثِّقة بين الشعب والحكومة وانحياز الدولة لرجال الأعمال وأصحاب النُّفوذ على حساب البسطاء.. واعتبرت أن زيادة أعداد الفقراء ومَن يعيشون تحت خطِّ الفقر، دليل على الخلَل الموجود في منظومة العدالة الاجتماعية.. والتغيرات التي شهِدها المجتمع المصري تركت آثارا كبيرة علي سلوكيات المواطنين ومنظومة القِيم وشكل الأطر الثقافية والاجتماعية.. وبالتالي أى كلام عن الوعظ والإرشاد ودروس الأخلاق لن يؤتي بنتيجة، ورغم أننا شعب متدين ظاهرياً لكننا نفصِل بين المعاملات والعبادات لدرجة انتشر معها الفساد الصغير، ليشكِّل ظاهرة وأصبح سلوكاً يومياً، حتى أن الدراسات الخاصة أثبتت أن نِسبة الرّشوة بين موظّفي الدولة وصلت إلى 55% ، واعتبر د. زايد أن "السبيل إلى الإصلاح لابد أن يكون كلِّيا، وليس جزئيا. ، فيجب أن تكون هناك مُراقبة لتنفيذ هذه المبادئ في كل قطاعات المجتمع والاهتمام بإصلاح النُّظم التعليمية.. فدور المدرسة لا يجب أن يقتصِر على تلقين المواد الدراسية، بل يجب عليها أن تُمارس دوراً أكبر في تعليم التلاميذ السلوك الحسن والصِّدق والثقة في الحياة والمجتمع والدولة، وليس منطقياً أن يردد المدرس شِعارات الصدق والأمانة والإخلاص في العمل أمام الطلاب ثم يطالِبهم بأن يحصلوا لديه على درس خصوصي وإلا حرمهم من درجات أعمال السنة! وانتفت قيمة العدالة بعدما عَلا شأن لاعبي الكرة والفنانين في حين تراجَعت حظوظ المفكِّرين والعلماء وغابت العدالة الوظيفية بسبب المحسوبية، والعدالة السياسية جرّاء تزوير الانتخابات، والعدالة الاقتصادية بسبب الرشوة والفساد، والعدالة الاجتماعية بسبب تصعيد المُنافقين والمؤيدين وكتّاب السلطة– لاحظ أن الدراسة كانت حكومية وقام بها وزير– وانتفت قيمة الخير والحب وكل شخص أصبح يتمنى الخيْر لنفسه ولأهله فقط، وتراجعت قيمة القُدوة، خصوصا في ظِل انتشار أخبار فساد أصحاب المناصِب العليا والزّعماء السياسيين والروحيين، وتراجعت قيمة الانتِماء للوطن، إذ أصبح المواطن المصري جزيرة منعزِلة مستقلّة عن الوطن، يشعُر بوِحدة غريبة وانكفاء على الذات، وذلك نتيجة لإقصائه عن أي مشاركة، وتراجعت قيم العِلم والعمل وازداد احتقار اللغة، كما تراجع التفكير العلمي ومعهما تراجعت قيمة العمل الذي أصبح مقصورا، إما على أصحاب الواسِطة أو خرِّيجي الجامعات الأجنبية.
5 مؤسسات
للتعليق علي كل ما سبق.. توقفنا مع الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، يقول: تجاربنا مع اللجان الحكومية التى تتكلم عن الأخلاق والضمير أنها دائماً مجرد غطاء لأفكار وأهداف سياسية، أيام الرئيس السادات ظهر قانون العيب والذي لم يساهم نهائياً في الحفاظ علي الأخلاق وإنما تم استخدامه في اعتقالات سبتمبر والتضييق علي الصحف، ولو نتذكر في أيام الإخوان خرجوا علينا ب "جبهة الضمير" التي اختزلت الأخلاق في دعوتها بألا تتم إهانة محمد مرسي، وقبل أن نتكلم عن اللجنة المزمع انشاؤها لابد من الاعتراف بأن المواطن المصري يحتاج فعلاً لكيان ينظم الضمير والأخلاق لأننا اصبحنا شعباً غير منضبط ونحتاج إلي كيان يراقب تصرفاتنا، ويقولون إن الشعب السويدي قمة في الانضباط والإلتزام الأخلاقي ضمن السياق المجتمعي.. والتقدم والتنمية والتحضر لا تبرزان في الدخل القومي فقط وإنما تنعكس قبلها في سلوك المواطن نفسه .. ولذلك نسأل: ما الفارق بين مصر والسويد؟ الحكاية ببساطة أن في أى مجتمع هناك 5 مؤسسات تحكم سلوك المواطن.. الأسرة والمدرسة والإعلام والمنظمومة الدينية والمنظومة القضائية.. ويمكنك ببساطة التحكم في سلوك المجتمع عن طريق هذه المؤسسات، ومن يقولون إن المجتمع المصري زمان كانت أخلاقه أفضل عليه بالعودة لأداء هذه المؤسسات.. الحكاية لا تحتاج لأية لجان نهائياً لأنها لن تؤتي بنتائج.. فقط هذه المؤسسات لو عملت علي أكمل وجه سنعود لأخلاقياتنا ونلتزم بقواعد وقوانين المجتمع، فالمواطن الأوروبي أو الياباني أو الأمريكي لا يلتزم– غالباً- لأنه ملاك أو شخص مثالي.. لكن لأن هناك قانونا صارما يحكمه ويتم تطبيقه علي الجميع، ولا توجد في هذه الدول لا لجان أخلاق ولا أفراد مسئوليتهم مراقبة الضمير.. فقط توجد مؤسسات تعمل، في الدول"الشمولية " فقط تمنح الدولة للبعض سلطة أن يراقبوا سلوك الناس مثل شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التى لا تكتفي بإجبار الناس علي الصلاة ولكنها تتدخل في ملابسهم وكلامهم وكل شيء بحجة تطبيق الأخلاق الحسنة ولو بالقوة، في مصر انظر إلي المؤسسات الخمس التى ذكرناها.. نبدأ بالأسرة.. مع الفقر والبطالة والعنوسة والانفجار السكاني لا تكلمني عن لجنة لحماية الأخلاق قبل أن تتحسن أحوال أفرادها، ثم يذهب الطفل للمدرسة فيجد مدرسين كل همهم الضغط علي الطلاب ليمصوا دماء آبائهم في الدروس الخصوصية.. بل تحولت المدرسة لمكان خطر بسبب الحوادث التى نقرأ عنها يومياً في الصحف، اي لم تصبح هناك لا تربية ولا تعليم.. وإذا قالوا للتلميذ " هات ولي أمرك " سيجدونه غالبا مصدر كل مشاكل ابنه، أما الإعلام فالمصيبة أكبر.. الرئيس كان عنده ألف حق عندما هاجم الإعلام منذ فترة، وظيفة الإعلام هي الضغط والتنوير والتثقيف وتقديم الحلول والبدائل.. بينما عندنا تم اختزاله في ظهور مذيع يقول للناس"والآن معنا اتصال من الشخص الذي سيشتم كل الناس" ثم تبدأ وصلة كل مساء، نأتي إلي المؤسسة الدينية.. دعنا نتكلم بصراحة، نحن نطالب مؤسسة الأزهر بتجديد الخطاب الديني بينما تتردد نفسها في تكفير "داعش" ؟ نتكلم بصراحة أكثر.. المؤسسات الدينية لن تنصلح إلا بعدما تجد الأوائل والمتفوقين في مقدمة رجال الدين.. لكن حالياً معظم شيوخنا وبعيداً عن العلم الذي يتلقونه هم في الأصل لم يكونوا دراسياً من المتفوقين.. واجتماعيا غالباً من الفقراء الذي يعانون في حياتهم، أما المؤسسة القضائية والشرطية فهي مسئولة بشكل كبير عن تردي منظومة الأخلاق والقيم في المجتمع..مئات الآلاف من القضايا والمحاضر المكدسة.. الحق يضيع لسنوات بين اقسام الشرطة وردهات المحاكم، وطبيعي أن تنفلت الأخلاق لأنه من باب أولي أن تكون هناك لجنة مستقلة للتفتيش علي الأقسام شهرياً تسألهم كم محضراً تم تحريره.. وما الذي حدث به.. وهل عاد الحق لأصحابه أم لا، وهل القانون يتم تطبيقه عليهم من باب أولي أم توجد فئات في المجتمع تعتبر نفسها فوق القانون؟.
الأخلاق ب " الردع "
ويضيف د. سعيد قائلاً : أصلح هذه المؤسسات الخمس سينصلح بعدها حال المجتمع بدون لجان أو كلام نظري لن يؤتي نتيجة.. قل لي بالله عليك.. ماذا ستفعل لجنة الأخلاق والضمير لعشرات الشباب الذين يرتكبون جريمة التحرش في الشوارع ؟ ستقول لهم "عيب" وسيخجلون ويكفون عن أفعالهم التى جعلتنا الدولة الثانية عالمياً في معدلات التحرش؟ الحل ليس في اللجان وإنما كما ننادي دائماً بتغليظ العقوبة وتغيير القانون الحالي.. لدينا قانون يمنع بالفعل إلقاء القمامة في الشوارع.. لكن بدون تطبيقه اصبحت شوارعنا عبارة عن "مقالب قمامة" كبيرة، حتى عندما تذهب للأوبرا حيث المجتمع الراقي ثقافياً واجتماعياً تجد من يطلق النكات ويضحك بصوت عال .. فأين المسئول الذي يقوم بدوره ويطرده من المكان؟ في المناطق السياحية نسأل عن السائحين ونتجاهل ظواهر التسول والسرقة والتحرش وغيرها التى جعلت صورتنا سيئة، نحن مجتمع مريض ويحتاج إلي قيام كل مؤسسة بدورها.. وحكاية لجنة الضمير والأخلاق لن يرضي بها المثقفون والفنانون لأن هناك لجاناً مشابهة كانت غطاء للتضييق علي الإبداع والتفتيش في النوايا، وماذا ستفعل لجنة الأخلاق والضمير مع مجتمع تسوده "الواسطة" والمحسوبية؟ أنا لا أريد أن يمتنع الشخص عن السرقة لأنه لا يريد.. ولكن لأن أخلاقه التى تربي عليها في أسرته ومدرسته تمنعه حتى ولو أراد.. لأن الإعلام والفن يضعان أمامه دائماً صورة المجرم بشكل سلبي .. ولأن هناك قانوناً رادعاً ينتظره لو سرق، كما اندهش من حكاية "مواثيق الشرف".. فهي مجموعة نقاط وبنود والتزامات ليس الهدف منها أن نتعلم المهنية الأخلاقية.. ولكن أن توضح لك حدودك وإلا لو لم تلتزم بها ستخضع لسلطة القانون.. هذا هو الأصل.. مؤسسات تفعل ما عليها وقانون رادع يعاقب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.