المقال الذى سوف تقراه بعد قليل سبق ان نشرته فى مجلة الشباب منذ عام كامل وتحديدا فى عدد مارس 2010 وبالتالى لن اسمح من البداية لاحد من اصحاب الصوت العالى ان يزايد على مواقفى .. واذا كانت الديموقراطية التى يتشدق بها الكثيرون هذه الايام تقوم على مبدأ الراى والراى الاخر .. فهذا رايى .. ومن حق اى قارىء ان يكون له رايه ، وان يكتبه .. وسوف انشره .. راجيا من الجميع التزام اداب الحوار .. تسألنى عن السبب فى اعادة نشر مقتطفات من هذا المقال الان ؟ واقول لك : اديت صلاة الجمعة الماضية فى احد المساجد القريبة من بيتى .. وكانت الجمعة التى تسبق الاستفتاء على تعديل مواد الدستور .. وفوجئت بإمام المسجد يتحدث عن التعديلات الدستورية ويحشد جموع المصلين ليقولوا نعم باعتبارها الطريق الى الجنة .. وقال ايضا ان الذين يقولون لا هم العلمانيون والمنحلون الذين يريدون تغيير المادة الثانية من الدستور .. والحقيقة اننى لست علمانيا ولا منحلا .. ومع ذلك قلت لا باقتناع كامل .. وبرغم ان النتيجة لم تات فى صالحى فلم اغضب .. لكنى اصابنى الرعب بعد الاحتفالات التى صاحبت اعلان النتيجة .. ثم شاهدت على اليوتيوب مقطعا من حديث الشيخ محمد حسين يعقوب الذى تكلم فيه عن غزوة الصناديق .. انا بصراحة مصدوم .. ولم اعد اعرف الى اين نحن ذاهبون ؟ هل معنى ما يحدث الان ان البلد تضيع ؟ هل معناه ان كل من يختلف فى الرأى مع الشيخ يعقوب والشيخ حسن والاستاذ بديع سوف يذهب للجحيم ؟ طيب انا مختلف معهم جميعا .. رافض لهذا الاسلوب المتسلط الذى يعيدنا الى العصور الوسطى .. ارفض ان يتصور احد من هؤلاء الشيوخ انه يحمل صكوك الغفران .. وان علينا ان نقّبل يديه .. ونتبارك بلحيته حتى ندخل الجنة .. والان اسمح لى ان اعيد نشر هذه المقتطفات من مقالى المنشور بعدد شهر مارس 2010 من مجلة الشباب .. وارجوك اقرأه جيدا قبل ان تعلق .. بلد ع المحارة ! فى حياة كل واحد فينا – مسلما كان او مسيحيا - ذكريات و صداقات وعلاقات لايمحوها الزمن .. بدء من زملاء الابتدائى ومدرسى الاعدادى والثانوى ، ومرورا بقصة حب انتهت نهاية سودا - طبعا لان اخواتها عرفوا الحكاية وخلصوا الموضوع قبل ما يبدأ- ووصولا الى صداقات بجد من تلك التى تبدأ بعد ان يبلغ الواحد منا سن النضج فيعرف كيف يفرق بين ما هو ذهب وما هو فالصو .. ومع ذلك - او برغم ذلك تبقى الكتابة فى الموضوعات المتعلقة بالمسلم والمسيحى وما بينهما من علاقات ازلية - وما بينهما ايضا من مشاكل - كتابة خطرة .. فإما ان يكون الكاتب انتحاريا يفجر نفسه على الورق ليقول كلمته ويمضى .. وإما ان يكون ساحرا هنديا من هؤلاء الذين ينامون على المسامير او يمشون فوق النار دون ان يتألموا ، ولذلك يفضل كثيرون ان يبتعدوا عن هذه المناطق الشائكة .. فما اكثر الموضوعات التى يمكن ان تكتبها بماء الياسمين او على ورق الورد ، وتجد من القراء والقارئات من يرفعك الى منزلة الشعراء والكتاب النجوم .. اما انا فلست انتحاريا ولا احب ان اكون .. وما انا ايضا بساحر ، ولا شاعر .. انا فقط "متغاظ "جدا .. مستفز جدا .. ومندهش فى الوقت نفسه من هذه الجرأة العجيبة على قيم وعادات وتقاليد راسخة فى هذا الوطن رسوخ الجبال .. فالمصرى (كان) بطبيعته متدينا بسماحة .. خجولا بكبرياء .. وسواء كان مسلما او مسيحيا فانه يحترم حق الاخر فى الوطن وفى الحياة ، كل هذا فى اطار دولة لها دستور (موديل 2007معدل) ينص على مايلى : مادة(1): جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة مادة(2): الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع . ولكن اتضح ان هاتين المادتين من الدستور فيهما عفريت .. والعفريت يحتاج دائما لمن يحضره ، وما اكثرهم هذه الايام .. ففى اهرام يوم 2 فبراير 2010 كتبت الدكتورة ليلى تكلا مايلى : سألتنى سيدة انيقة محجبة – وخللى بال حضرتك من حكاية محجبة دى – لماذا مناهج التعليم أصبحت على ما هى عليه؟ هل هذه خطة استعمارية أم مطلب امبريالى؟ لم أدرك تماما قصدها فاستطردت تقول إن التدريس فى مدارسنا كاد يقتصر على الدين يستشهدون به فى دروس اللغة والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية ويقتصرون على ديانة واحدة هى الاسلام . . وأضافت السيدة بعد تردد وإنى أتساءل ألا يدركون أن هناك أعدادا من الطلبة غير المسلمين؟ لماذا نجبرهم على حفظ هذه الآيات وأداء الامتحان فيها؟ ولماذا نحرج مشاعرهم بترديد أن الاسلام أفضل الأديان , والمسلمين وحدهم شعب الله .. ألا يشبه هذا ما يفعله الصهاينة ؟ - خدت بالك .. كل ده كان كلام الست المحجبة – و قالت الدكتورة ليلى تعليقا على هذا الكلام : أدركت الحاجة الوطنية الملحة لوقفة هادئة موضوعية لتنقية المناهج الدراسية من كثير مما يشوبها ويسىء إلى تشكيل العقل المصرى بالنسبة لأمور متعددة ومنها المرجعية الدينية لكل الأمور فيما يشبه الدعوة إلى الدولة الدينية ويقسم المجتمع إلى فريقين ( !!!) *** و فى اطار الديموقراطية وحرية الرأى و التعبير ، اختلف مع الدكتورة .. وارفض وصفها لايات القران الكريم بانها تسىء الى تشكيل العقل المصرى كما زعمت .. واندهش جدا من اقحام شخصية بحجم الدكتورة ليلى لمصطلح ( الدولة الدينية ) فى الموضوع ، فمفهوم تمام ان كلمة الدولة الدينية هذه هى كرة اللهب التى يلعب بها الاخوان المسلمون ليحرقوا الاخضر واليابس فى هذا الوطن .. وبالتالى اصبح هذا المصطلح هو البعبع الذى يعنى ان الاخوان قادمون .. ولم يبق سوى ان تصدر صحف الصباح فى اليوم التالى بمانشيت يقول : خبّوا عيالكو .. المرشد جالكوا !! الذى ضايقنى بجد يا جماعة أن مقال الدكتورة ليلى لم يأت من فراغ ، فقد فوجئت بعد نشره بايام بمنظمة اسمها " أقباط الولاياتالمتحدةالأمريكية" يرأسها مايكل منير تعقد مؤتمرا فى هولندا واقترحوا فيه إلغاء القرآن الكريم من المناهج التعليمية، وطالب مايكل بوضع قانون يجرم التمييز الدينى، وفصل الدين عن الدولة، وإلغاء نصوص القرآن من التعليم، فمن الواضح اذن ان هناك اتفاقا بشكل او باخر على تصعيد هذه القضية فى الايام القادمة .. وهو ما قد يكون سببا فى حدوث فتنة بجد ، فتنة لن يقدر عليها احد .. ولن يحلها عناق المشايخ والقساوسة فى ندوات ومؤتمرات مدفوعة مقدما .. يا جماعة انا اكتب هذا الكلام باعتبارى مواطن مصرى ، ينتمى الى وطنه ويحترم قيمه وعاداته وتقاليده .. اكتبه باعتبارى مسلم فى دولة مسلمة .. ارفض ان تتحول الى دولة علمانية ..واذا سألتنى عن تفسيرى للدولة العلمانية اقول لك : يعنى دولة ( على المحارة ) .. دولة ليس لها معالم .. وفى كل ما تابعته من تصريحات وكتابات عن هذه الدولة العلمانية، وجدت ان الشىء الاهم الذى يدعو العلمانيون الى طمس معالمه هو الدين .. وكما قلت لك من قبل فان الكلام فى هذه النقطة شديد الحساسية ، فكثيرون الان اصبحوا يتجنبون الدخول فى هذا الموضوع خوفا من ان يتهموا بمعاداة العلمانية وهى جريمة تشبه معاداة السامية التى اخترعها اليهود .. خاصة اذا كانت لديهم طموحات فى الاقتراب من دوائر السياسة فى مصر .. اما انا فلا اطمح ان اصبح قيصر .. ولا اطمع ان استلم العرش .. ولا املك سوى كلمتى .. اقولها و ( اجرى ) راضيا مقتنا بأن رايى صواب يحتمل الخطا وراى غيرى خطأ يحتمل الصواب كما قال الامام الشافعى .. ولذلك اتوقف هنا .. لاسجل اما حضرتك رفضى التام لتلك الدعوة المشبوهة التى تطالب بحذف القرآن الكريم من المناهج التعليمية فى المدارس انتهى المقال .. ولم ينته الجدل .. فمازلت اقول : اننى ارفض الدولة الدينية بنفس القدر الذى ارفض به الدولة العلمانية .. واريدها دولة مدنية .. الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فيها .. وينعم مسيحيوها بحياة امنة مستقرة ، لهم فيها كل الحقوق وعليهم كل الواجبات .. وعلى هؤلاء المشايخ الذين يتكلمون الان بحرية بعد ان زال خطر النظام السابق ان يعرفوا ان هناك من كان يقول هذا الكلام فى الوقت الذى كانوا يلتزمون فيه الصمت .. فانا ياشيخ يعقوب لن اذهب الى امريكا او كندا .. لن اترك بلدى التى لم اغادرها من قبل لانهل من فلوس الخليج .. واذا لم تتسع لنا فلتذهب انت يا فضيلة الشيخ ! محمد عبد الله