نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية والتي جاءت بأغلبية كبيرة لمن قالوا نعم لا تعكس سطوة وسيطرة الأخوان على الشارع السياسي المصري كما يحاول البعض أن يرهبنا ويصدر لنا فكرة الفزاعة الإسلامية التي استمرت دون منطق حقيقي لسنوات طويلة .. فجميعنا ضد أن نحكم بالدين لكننا مع أن يحكمنا الدين فالدين لدى المصريين جميعا سواء مسلمين أو مسيحيين لابد أن يظل بعيدا عن السياسة بكل مساوئها .. يحكم علاقتنا ببعضنا البعض ويحكم سلوكياتنا اليومية لكن لا نحكم به فيقول حكامنا قال الله وقال الرسول فنجد أنفسنا كما قال الإمام على ابن أبو طالب أمام حق يراد به باطل.. وهذا الباطل هو ما يجب أن يكون معركتنا القادمة حيث لا يجب أن نسمح لأي فصيل أو تيار سياسي يرتدى عباءة الدين أن يصل لمقاعد مجلسي الشعب والشورى إلا إذا تعامل بمنطق سياسي واضح لا لغة دينية فيه داخل منظومة الدولة المدنية المنشودة. ورغم كل التحفظ والخوف من التيارات الدينية أعود لأؤكد أنها لم تكن صاحبة السطوة على قرار الشارع تجاه الاستفتاء بنعم .. هم اجتهدوا ليقنعوا شريحة عريضة من الجمهور برأيهم مثلما فعلت الكنيسة - والموقف من الاثنين مرفوض لاستخدام الدين كوسيلة إقناع - إلا أن الأسباب الحقيقية لهذه النتيجة هي رغبة الناس في الاستقرار الذي أصبحت له الأولوية لدى المصريين .. فالانهيار في حالة الاقتصاد المصري خلق حالة من الاستنفار بين المصريين للدفاع عن حياتهم بصورتها الطبيعية التي لا يشعروا بوجودها الآن في ظل كل ما نسمع عنه من خسائر اقتصادية متزايدة فلماذا يريد البعض ألا يعي الحقائق .. التقديرات المستقلة تؤكد أن معدلات البطالة المتوقعة في مصر ستصل ل30% بعد أن كانت أقصى تقديراتها وفقا لتقديرات مستقلة أيضا وليست حكومية قبل 25 يناير 11% .. كما تراجع دخل الأسر المصرية بنسبة 60% في فبراير الماضي مقارنة بديسمبر 2010 .. أيضا أعلن البنك الدولي أن معدلات التنمية التي كانت متوقعة في مصر في بداية العام بنسبة 5.8 بتقديرات ايجابية ومبشرة انخفضت الآن ل3% بمؤشرات سلبية مما يعنى إنها يمكن أن تنخفض أكثر إذا ما استمرت حالة عدم الاستقرار السياسي بما له من مردود اقتصادي سيء بدليل أن خسائر البورصة بلغت حتى الآن ل17 مليار دولار وكل يوم يؤجل فتحها تزداد الخسائر ومن المتوقع في كل الحالات أن ينخفض تصنيفها في نهاية هذا الشهر .. كل هذه الأرقام المرعبة والمفزعة حفزت الغالبية على الانحياز للهدوء لإعادة ترتيب المنزل من الداخل هذا المنزل الذي خسر 100 مليار جنيه على مدار الفترة الماضية مع هبوط تدريجي وتراجع لقيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية – كما أعلن البنك المركزي - مع توقعات بارتفاع قيمة الدولار إلى 6.3 في نهاية 2011 .. في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار العالمية للسلع مما سيؤثر على الوضع الاجتماعي في مصر الذي يواجه مشكلة جديدة وهى عودة عدد كبير من العمالة المصرية في الدول العربية في ظل عدم استقرار الأوضاع في معظمها .. وهذه العمالة التي تتراوح أعدادها مابين ثلاثة وخمسة مليون شخص كانت توفر لمصر عائدات من دخولها بالخارج تصل ل8 مليار دولار لابد أن نتعامل على إنها لم تعد موجودة بالإضافة لزيادة عدد الباحثين عن فرص عمل أي وكما قلنا زيادة معدلات البطالة . الصور مخيفة بالفعل ومن يدعى أن 40% من المصريين من الأميين ولا يعرفوا على وجه الدقة مصالحهم ورغم ما في هذا الطرح من دكتاتورية سخيفة مارسها البعض من السياسيين والإعلاميين وتعالى مرفوض على نصف المجتمع المصري تقريبا فالرد عليه سهل وبسيط وهى أن البحث عن حياة مستقرة وكريمة ومعرفة ملامح الغد لا يحتاج شهادات ومن يرى أن الشعب المصري غير واعي فليتركه لمن يعرفون قيمته العظيمة .. فالامى الذي ذهب للاستفتاء لا هدف له إلا الاستقرار أشرف وأكرم ممن ذهبوا بدوافع المصالح والمكاسب المنتظرة.. التعالي على الناس خطيئة وتسفيه رغباتهم المشروعة في التخلص من الفوضى ونسب كل ما حدث للإخوان إهانة لابد أن يعتذر عنها كل من أقدم عليها إلا إذا كان الهدف الحقيقي هو تلميع هذه الجماعة وتصديرها للناس باعتبارها المالكة والمحركة للجماهير في ظل ترديد البعض أيضا أن الأخوان كانوا القوة الأولى في ميدان التحرير وهم من حسموا ما عرف في الأعلام بموقعة الجمل وبالتالي هم من حافظوا على حياة شباب التحرير.. الناس البسيطة رفضت خطبة القرضاوى في أحدى جمع التحرير كما رفضت أن يتحدث رئيس الوزراء عصام شرف في الميدان فور تكليفه بالوزارة وهو يمسك بيد محمد البلتاجى أحد قيادي الأخوان ولم نرى اعتراضا ممن يدعوا إنهم السياسيين المنتظرين .. ما يحدث الآن إن الأخوان تفرض علينا وعلى الشارع أما عن جهل أو عن تعمد وهو ما سيظهر قريبا ..لكنه أمر لا يعنى الناس البسيطة التي صوتت لصالح الاستقرار وليس الأخوان أملا في تجاوز الأوضاع الاقتصادية المرعبة والتي تتوقع مصارف دولية انتعاشا كبيرا فيها فور استقرار الوضع السياسي في مصر الذي لابد من تكاتف الجميع لتحقيقه بدلا من الانشغال بفزاعة الاخوان . الهام رحيم