فرضت ظروف المرحلة الراهنة على الكاتب والمفكر حلمى النمنم أن يصبح وزيرا لثقافة مصر فى مرحلة مهمة من مراحل تاريخها ، مرحلة تخوض فيها الدولة صراع بقاء وصراع وجود ، وتخوض حربا شرسة ضد قوى الظلام والجهل والتطرف والإرهاب الحوار : دكتورة رانيا يحيى قبل الوزارة كان يتولى رئاسة دار الكتب والوثائق القومية وبجانبها قائم بأعمال رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب خلفاً للدكتور أحمد مجاهد ..يعمل بالوسط الثقافى منذ عقود، وله باع طويل فى الكتابة الصحفية وإدارتها.. درس الفلسفة فجعلته مفكراً غواصاً فى مسرح الحياة ،أما دراسته لعلم النفس فساعدته على تحليل الشخصيات بل وترويضها فى بعض الأحيان .. لكن يبقى السؤال : ما هى مؤهلات الكاتب الصحفى والمثقف الأستاذ حلمى النمنم التى رشحته لتولى هذه المسئولية المهمة فى هذه المرحلة التى تشهدها الثقافة المصرية من مشكلات كثيرة تصل فى بعض الأحيان لحد الأزمات بعضها مختلقة ومفتعلة تعيق الحراك الوطنى والسياسى وبالطبع الثقافى..فماذا قال وفى أى اتجاه ذهبت آراؤه ؟ بعد تولى الوزارة أيهما يفضل الأستاذ حلمى النمنم "وزير الثقافة ،أم الكاتب الصحفى" ؟ الكاتب الصحفى هو اللقب الأقرب لقلبى دائماً. هل تشعر بسعادة لتوليك منصب وزير ثقافة مصر ؟ أنا أشعر بسعادة دائمة حينما أقدم أى شىء لبلدى وهذا المنصب تكليف لخدمة الدولة المصرية لا يمكن أن أتهاون فى القيام به أو بغيره من الأعمال التى يتم استدعائى للتكليف بها.. علماً بأننى كنت أتمنى الاستمرار فى موقعى كرئيس لدار الكتب والوثائق القومية، هذه الهيئة العريقة التى تولى قيادتها كبار مثقفى الفكر والأدب فى مصر منذ تأسست عام 1879. ماذا عن رؤيتك لوزارة الثقافة ؟ لا بد من قيامها بواجبها فى التنوير وإزاحة التغييب ومقاومة الأفكار الظلامية ، والانتهاء من كل المشروعات المتعطلة بالوزارة ، وزيادة الاهتمام بقصور الثقافة والمساعدة على توصيل الخدمة الثقافية للمواطن فى جميع المحافظات بقراها ونجوعها، أيضاً التركيز على المسرح والثقافة المتحفية وإتاحتهما للمواطنين بالمجان فى بعض الأحيان كمساعدة من الدولة على نشر الفنون والثقافة والارتقاء بالذوق العام. من وجهة نظرك ما هى سلبيات الثقافة فى مصر فى الفترة الحالية؟ الثقافة المصرية تحتاج إلى جهد كبير، وتحتاج إلى قدر كبير من التجديد. وما هى المشكلات التى تتعرض لها الثقافة ؟ لدينا العديد من المشكلات تتمثل أبرزها فى نقطتين هامتين : الأولى: انعزالنا عن كثير من النظريات والتيارات والأفكار التى ظهرت فى العالم ، ومازلنا نقف عند حدود الماركسية والوجودية والبنيوية والتفكيكية. الثانية: الإغراق فى المحلية حيث انعزلنا حتى عن العالم العربى وما يجرى فيه وأيضاً عن أوروبا. وترتب على هذا أننا دخلنا فى معارك صغيرة بلا معنى ثقافى حقيقى حول جوائز ومغانم، واختفت المعارك الفكرية والأدبية. ما هو المطلوب من المثقفين وخاصة حيال الاعتراضات الدائمة والأصوات العالية ؟ المثقفون لديهم مشكلات بعضها هم مسئولون عنها ، وبعضها الآخر هم ضحايا لها، فضلاً عن أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فى العقود الماضية كانت قاسية بالنسبة لهم ، ولكن فى نهاية الأمر علينا أن ننتبه إلى أن المثقفين قبل عام 2011 كانوا منتبهين لما يجرى وحذروا ونبهوا وانتقدوا. وماذا يجب على الثقافة خلال الفترة المقبلة ؟ أولاً التجديد ،ثانياً أن تواكب الثقافة حركة المجتمع ، وهذا يعنى أن حركة المجتمع والشارع أسبق من حركة الثقافة، وهى عمل طليعى فى الأساس. فى ظل ما تعانيه البلاد فى حربيها ضد الإرهابيين القتلة أعداء الإسلام، وضد الفسدة والمفسدين أعداء الوطن.. هل أنت متفائل بحال الثقافة ؟ مصر تتقدم للأفضل ، وإن هذا لن يحدث إلا بحالة من زيادة التعددية والإيمان بها ، والوعى كذلك بالمخاطر التى تهددنا ، فمصر يتهددها الكثير من المخاطر، وعبقريتنا أن نواجه هذه المخاطر ونوسع مفهوم الحرية. الأستاذ حلمى النمنم نود أن نعود سوياً للوراء، وتحدثنا عن مرحلة الدراسة باعتبارها الأساس الذى نقف عليه لبداية مشوار الحياة العملية ؟ تخرجت فى قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة عين شمس ، وقمت بتحضير تمهيدى الماجستير ، وسجلت خطة البحث ، وانتهيت من بحثى فى حوالى عام واحد ، وحينما طلبت الدخول فى مراحل المناقشة اكتشفت أننى أصغر المتقدمين، وعلى أن أنتظر سبعة عشر شخصاً حتى أصل لدورى فى المناقشة ، فقررت الابتعاد وتفرغت للعمل فى الصحافة.