اللواء نبيل أبو النجا قائد موقعة رأس العش والتي تمكن من خلالها من اختراق صفوف العدو يروي لنا ذكرياته عن هذه الايام الخالدة كما وصفها ، يقول : هذه الايام لن تستطيع كتب التاريخ رصدها مهما كانت .. فنحن كنا نتنافس في المعاناة ، وكل منا يريد أن يحفر اسمه في اعمال بطولية تخلده ، وتقدمت بالسير في الصحراء 70 كيلو مترا ووصلنا خلف خطوط العدو بعد اختراقها باستخدام الجمال بعد فشل محاولتين ونجاح الثالثة ، كان هدفنا توصيل المؤن والذخائر لإحدى وحدات الصاعقة في رأس سدر .. فهي رحلة أقل ما توصف به أنها " رحلة إلي جهنم " ، وكنت وقتها برتبة عميد وحملنا أرواحنا علي أيدينا .. فالحياة كانت بالنسبة لنا " متر أرض وشوية تراب " ، وكان لي شرف القيام بهذه المهمة المستحيلة بنجاح ، ووصلت بالجمال عندما تعذر الوصول بالطائرات ، ونجح رجال الصاعقة في الوصول خلف خطوط العدو .. وخطورتها الحقيقية أن الحرب كانت علي أشدها أيام 10 و11 و12 أكتوبر ، فمع كل تدريب أو مهمة كنت أقوم بها كنت أري الموت بعيني ، ومن أكثر المواقف إيلاما لي والتي أثرت بداخلي جدا لدرجة لا يمكن محوها من الذاكرة هي الخيانة التي تعرضنا لها والتي جسدها فيلم " السقوط إلي الهاوية " ، ولكن شاب الفيلم بعض التحريف تحت مسمي الإبداع الفني ، فالحقيقة أن " فاروق الفقي " كان مقدم مهندس وهو السبب في ضرب بعض وحدات الجيش ، وكان المقدم نبيل شكري أيامها هو رئيس الوحدة ، وعندما كان ينزل في إجازة كان هو المناوب له ، وفي أثناء عمليات العبور للقناة اثناء حرب الاستنزاف كان يقوم بالإبلاغ عنها لخطيبته التي كانت جاسوسة فيقوم الجانب الإسرائيلي بضربها وسط المياه أو يتم تحويطها ، فضلا عن ضرب مدرسة الصاعقة في 6 يناير 1970 وبعدها بشهر في 7 فبراير من نفس العام ، بالإضافة لعدد الضحايا والجنود المدربة علي أعلي مستوي ، وطبعا الجانب الإسرائيلي انتقاما من عمليات العبور قام بدك هذه الوحدة ، وشعرنا بأن هناك حالة غريبة .. وقبل الحرب تم اكتشاف أنه هو العنصر الخائن بيننا .. وكانت المعلومات تبلغ من خلال ابنة خالته " هبه سليم" ، وكان لي شرف أن أكون قائد كتيبة الإعدام التي نفذت فيه الحكم ، وكنت أشعر بسعادة غامرة لأننا أخذنا بثأر من راحوا ضحية الغدر والخيانة من أصدقائي وزملائي في الوحدة ، وشعرت بأن ربنا كريم لأنني قمت بتنفيذ هذا الحكم بنفسي لأن ثمن الخيانة هو الموت .