" أفحش درجات التوحش أخف من الاستقرار تحت نظام الكفر.. لأننا إذا نجحنا فيها، فهي المعبر نحو الدولة الإسلامية المنتظرة " .. هذا هو شعار حركة داعش التى سيطرت علي أجزاء من العراقوسوريا تحت مسمي " الخلافة " ، واعتبر البعض أن الممنوعات والسلوكيات التى ألزمت بها " دولة داعش " مواطنيها هي خلاصة قوانينها مثل منع ارتداء الفتيات للجينز والبلوزة أو غلق محلات الحلاقة ومنع تقصير الشعر .. أو حتى تطبيق عقوبة الإعدام علي تارك الصلاة ، لكن الحقيقة أن هذه مجرد تعليمات .. بينما الدستور الحقيقي لهذا التنظيم أعمق وأخطر من ذلك بكثير .. وهذا ما يؤكده كتاب " إدارة التوحش " والذى يعتبر المرجع الفكرى الرئيسي لكل عضو في داعش .. فالقتل والحرق والذبح والتمثيل بالجثث مجرد خطوات بسيطة لطريق طويل يحيط به الجحيم من كل جانب .. وفي نهايته لن توجد سوي انهار الدماء تسبح فيها أفكار تكفيرية عابرة لكل الحدود .. فلا مكان للشريعة السمحة بين " التوحش المقدس " ، عموماً ، سنعرض دستور داعش .. لكن التعليق عليه بالحجة والمنطق يحتاج لجهود أكبر سنقدمها في الأعداد القادمة بإذن الله . لماذا يتخذ قادة داعش ألقاب الصحابة .. وكيف تطبق نظرية " الذئاب المنفردة " .. وما سر التقرب إلي الله ب " تقبيل قدم " الخليفة ؟ يوسف القرضاوي يعترف : "أبو بكر البغدادي" كان إخوانياً ! مواجهة غارات العدو الجوية بعمليات " دفع الثمن ".. ومحاربة العالم بنظرية " الفوضي الخلاّقة " الأمريكية عمليات صغيرة الحجم علي الحدود لاستنزاف قدرات العدو .. و خطة إعلامية للتبرير الشرعي للقتل اعتماد الشدة وإثارة الرعب والسير في طريق الأشلاء والدماء والجماجم هو الطريق لإقامة الدولة الإسلامية " الإخوان " ترفع أعلام داعش في تظاهراتها .. ودستور التنظيم يشيد بأسلوب سيد قطب في التربية كل رجال الشرطة والجيش مرتدون .. وممنوع خروج النساء من البيوت إعدام الأسير إما بالحرق أو الذبح أو الإغراق أو القاءه من فوق الجبال أو تقطع يديه وقدميه وتركه بلا طعام من وراء " التوحش " ؟ كتاب " إدارة التوحش " أو حسب اسمه الإنجليزي " Management of Savagery " مؤلفه اسمه " أبو بكر ناجي " ، وهو في الأصل يشرح فكر واستراتيجية تنظيم القاعدة من خلال 110 صفحات ، وغير معروف نهائياً تاريخ تأليفه .. فقد كان محاطاً بسرية حتى عثرت عليه السلطات السعودية خلال إحدي المداهمات في معاقل المتطرفين عام 2008 .. وهو تزامن مع التحولات التي شهدتها الحركة السلفية الجهادية بالتحول من مقاتلة "العدو القريب" المتمثل بالنظم السياسية العربية والإسلامية التي تعتبرها "مرتدة"، إلى مقاتلة "العدو البعيد" المتمثل في الغرب .. وبشكل خاص الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ، ومؤلف الكتاب شخصية غامضة .. فأجهزة الأمن في سورياوالعراق تؤكد أبو بكر ناجي هو أحد مؤسسى جماعة التوحيد والجهاد في العراق .. وهو التنظيم الذي تحول فيما بعد إلي تنظيم داعش ، بينما تري أجهزة الأمن الأمريكية أنه ليس الاسم الحقيقي للمؤلف .. لكنه غالباً الإرهابي " سيف العدل " – مصري الأصل - منسق الشئون الأمنية والاستخباراتية في تنظيم القاعدة ، بينما يرى آخرون أن الكتاب قام بتأليفه " محمد خليل الحكايمة " هو مصري الأصل وقيادى فى القاعدة، أما المخابرات البريطانية فتؤكد أن الكتاب قام بتأليفه مجموعة من قادة القاعدة وعلي رأسهم بن لادن، لكن اللافت أن معظم الذين تداولت اسماءهم باعتبارهم مؤلفين لهذا الكتاب كانت لهم صلات بشكل أو بآخر بتنظيم داعش في بداية ظهوره ، والمفاجأة عقب قراءة عدة صفحات من الكتاب أنه يعتمد بشكل كبير علي النظرية الأمريكية الخاصة ب " الفوضي الخلاّقة "، ويركز علي ضرورة استدراج الولاياتالمتحدة لحروب خارج الأراضي الأمريكية، لتفريق قواتها وإضعافها، خاصة في منطقة الشرق الأوسط ، وحسب الكتاب فإنه يتعين علي المجاهدين إذا سيطروا علي منطقة ما أن يقيموا فيها إمارة لتطبيق الشرع ورعاية مصالح الناس . لماذا التوحش ؟ السؤال بديهي .. فكلمة " توحش " نفسها تبدو – ولو ظاهرياً – متناقضة مع أى مفهوم ديني، واستعملها المؤلف ليقصد بها حالة من الفوضى تسود دولة ما أو منطقة بعينها إذا ما ضعفت فيها قبضة السلطات الحاكمة .. وهذه الحالة من الفوضى ستكون "متوحشة" ويعاني فيها السكان، لذلك وجب على داعش - التي ستحل محل السلطات الحاكمة تمهيدا لإقامة الدولة الإسلامية- أن تحسن "إدارة التوحش" حتى تستقر الأمور، ويقول مؤلف الكتاب " ليست إدارة لشركة تجارية أو مؤسسة تعاني الفوضى أو مجموعة من الجيران في حي أو منطقة سكنية أو حتى مجتمع مسالم يعانون الفوضى ولكنها أعم من الفوضى.. منطقة تخضع لقانون الغاب بصورته البدائية يتعطش أهلها الأخيار منهم، بل وعقلاء الأشرار لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أو أشراراً، إلا أن إدارة الأشرار لهذا التوحش من الممكن أن تحول هذه المنطقة إلي مزيد من التوحش" ، كما يضيف مؤلف الكتاب " اعتماد الشدة.. وإثارة الرعب والسير في طريق الأشلاء والدماء والجماجم هو الطريق لإقامة الدولة الإسلامية".. وهكذا اصبح " التوحش " عند داعش مقدساً! . مراحل التمكين هناك " أمهات للكتب " في عالم الجماعات المتشددة منذ الإعلان عن تكوين " الجبهة العالمية الإسلامية للجهاد ضد اليهود والصليبيين " عام 1998 والتى عرفت باسم " القاعدة " عن طريق أسامة بن لادن وبعض قيادات تنظيم الجهاد فى أفغانستان وعلى رأسهم أيمن الظواهرى، ومن هذه الكتب " الجامع فى طلب العلم الشريف " و " فرسان تحت راية النبى " و " الدعوة إلى المقاومة الإسلامية العالمية " و " الكواشف الخفية " وتستمد جميع تلك المؤلفات فكرتها الرئيسية فى تكفير الحاكم والمحكوم من كتابات الإخواني سيد قطب، لكن خطورة كتاب " إدارة التوحش " أنه يتم تطبيقه حرفياً الآن ، فاستراتيجية إقامة الدولة الإسلامية حسبما يعرض الكتاب تمر ب 3 مراحل .. الأولى – نعيشها الآن - مرحلة " النكاية والإنهاك " ، وقبل الإشارة إلي نصوص الكتاب نلفت لضرورة ملاحظة كيف يتم تطبيقها حرفياً في مظاهرات الإخوان وعبر العمليات الإرهابية بسيناء ، فحسب دستور داعش فإن هذه المرحلة الأولي تشمل " إنهاك قوات العدو والأنظمة العميلة لها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر - ولو ضربة عصا على رأس صليبى- إلا أن انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى الطويل "، كما تتضمن هذه المرحلة جذب شباب جدد للعمل الجهادى عن طريق القيام كل فترة زمنية بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس " مع العمل علي إخراج المناطق الحدودية عن سيطرة أنظمة الردة " ، وحدد دستور داعش عدة أهداف طلبت استهدافها في المرحلة الأولى لإقامة الدولة الإسلامية، فكانت علي رأسها الأهداف الاقتصادية وخاصة البترول، وأماكن السياحة مع تبني استراتيجية عسكرية تعمل على تشتيت جهود قوات العدو وإنهاك واستنزاف قدراته المالية والعسكرية، يتزامن معها استراتيجية إعلامية – لاحظ دور الإنترنت وصفحات الفيس بوك والفضائيات - تركز علي فئتين، فئة الشعوب بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابى والتعاطف السلبى ممن لا يلتحق بالصف، الفئة الثانية " جنود العدو " أصحاب الرواتب الدنيا لدفعهم إلى الانضمام لصف المجاهدين أو على الأقل الفرار من خدمة العدو .. ويقول الكتاب " لابد من تنويع وتوسيع ضربات النكاية في العدو الصليبي والصهيوني في كل بقاع العالم الإسلامي بل خارجه إن أمكن، بحيث يحدث تشتيت لجهود حلف العدو ومن ثم استنزافه بأكبر قدر ممكن فمثلاً: إذا ضرب منتجع سياحي يرتاده الصليبيون في أندونيسيا، سيتم تأمين جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم بما يشمل ذلك من شغل قوات إضافية أضعاف الوضع العادي وزيادة كبيرة في الإنفاق، وإذا تمت تصفية اثنين من الكتاب المرتدِّين في عملية متزامنة ببلدين مختلفين فسيستوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتاب في مختلف بلدان العالم الإسلامي.. وهكذا تنويع وتوسيع لدائرة الأهداف وضربات النكاية التي تتم من مجموعات صغيرة ومنفصلة، مع تكرار نوع الهدف لمرتين أو ثلاث ليتأكد لهم أن ذلك النوع سيظل مستهدفاً ، ولابد من تشتيت قوى النظم السياسية الحاكمة في العالم العربي، بإجبارها على توزيع قوى الأمن لديها .. ووقتها سيبدأ التراخي وخلو الأطراف والمناطق المزدحمة والشعبية من القوات العسكرية أو وجود أعداد من الجند فيها بقيادة هشة وضعيفة القوة غير كافية العدد من الضباط وذلك لأنهم سيضعون الأكفاء لحماية الأهداف الاقتصادية ولحماية الرؤساء والملوك، ومن ثم تكون هذه القوات الكثيرة الأعداد أحياناً الهشة بنياناً سهلة المهاجمة والحصول على ما في أيديها من سلاح بكميات جيدة، وستشاهد الجماهير كيف يفر الجند لا يلوون على شيء، ومن هنا، يبدأ التوحش والفوضى " ، وحسب الكتاب .. إذا تمت المرحلة الأولي فسيأتي الدور علي المرحلة الثانية وهي " إدارة التوحش " التى تسبق إعلان الدولة الإسلامية، وفي الطريق للمرحلة الثالثة " التمكين " يحذر الكتاب من " الاستسلام العاطفي " للدعاية الإعلامية التى تتكلم عن " الحفاظ على النسيج الوطني أو اللحمة الوطنية أو الوحدة الوطنية، فعلاوة على أن هذا القول فيه شبهة الوطنية الكافرة، إلا أنه يدل على أنهم لم يفهموا قط الطريقة السُننية لسقوط الحضارات وبنائها " .. فلا يوجد شيء اسمه " وطن " في مفهوم داعش .. أو اي تنظيم مرتبط بها . خطة الدفاع دستور داعش لم يتجاهل التحديات التى يمكن أن تواجه المراحل السابقة ، والغريب أنها تحدث الآن بشكل واضح ، فيقول المؤلف في أجزاء متقطعة من الكتاب " مرحلة إدارة التوحش سنواجه مشكلة غارات العدو -الصليبي أو المرتد- الجوية على معسكرات تدريب أو مناطق سكنية في نطاق المناطق التي نديرها، ومع وضع تحصينات دفاعية وخنادق لمواجهة تلك المشكلة إلا أنه ينبغي كذلك أن نتبع سياسة " دفع الثمن " في مواجهة إجرام العدو، وهي تجعله يفكر ألف مرة قبل مهاجمة المناطق المدارة بنظام إدارة التوحش ، وأفضل من يقوم بعمليات دفع الثمن هم المجموعات الأخرى في المناطق الأخرى، والتي لم يقع عليها العدوان، وفي ذلك فوائد عدة أهمها، إشعار العدو أنه محاصر ومصالحه مكشوفة، فلو قام العدو بعمل عدائي على منطقة في جزيرة العرب أو في العراق فتم الرد عليه في المغرب أو نيجيريا أو اندونيسيا سيؤدي ذلك إلى إرباك العدو خاصة إذا كانت المنطقة التي تتم فيها عملية دفع الثمن تخضع لسيطرة أنظمة الكفر أو أنظمة الردة فلن يجد مجالاً جيداً للرد عليها، وستعمل تلك العملية كذلك على رفع معنويات من وقع عليهم العدوان وإيصال رسالة عملية للمسلمين في كل مكان بأننا أمة واحدة وأن واجب النصرة لا ينقطع بحدود ، ولا يقتصر دفع الثمن في الصورة السابقة على العدو الصليبي، فعلى سبيل المثال إذا قام النظام المصري المرتد بعمل قام فيه بقتل وأسر مجموعة من المجاهدين، يمكن أن يقوم شباب الجهاد في الجزيرة أو المغرب بتوجيه ضربة للسفارة المصرية مع بيان تبريري لها أو القيام بخطف دبلوماسيين مصريين كرهائن حتى يتم الإفراج عن مجموعة من المجاهدين مثلاً ونحو ذلك " ، ألا تلاحظون العلاقة بين الضربات التى يوجهها الجيش المصري للإرهابيين التابعين لداعش في سيناء .. وفي الوقت نفسه حالات الإعدام التى تحدث لأقباط مصريين في ليبيا وتقوم به جماعات تابعة لداعش؟! . خطوات التجنيد أما عن الاستقطاب وقواعد التجنيد.. فيقول الكتاب الداعشي " يجب جر الشعوب إلى المعركة بحيث يحدث بين الناس استقطاب، فيذهب فريق منهم إلى جانب أهل الحق وفريق إلى جانب أهل الباطل ويتبقى فريق ثالث محايد ينتظر نتيجة المعركة لينضم للمنتصر. وعلينا جذب تعاطف هذا الفريق وجعله يتمنى انتصار أهل الإيمان، خاصة أنه قد يكون لهذا الفريق دور حاسم في المراحل الأخيرة من المعركة الحالية "، ووسائل الاستقطاب في مرحلة التوحش تكون ب " رفع الحالة الإيمانية، والمخاطبة المباشرة، والعفو، والتأليف بالمال ". كيفية تطبيق التوحش تنظيم داعش الإرهابي يستند إلى أفكار خاصة في إعدام الرهائن، وكانت هي مرجعهم الأساسي لحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وطريقة الحرق البشعة ليست الوحيدة .. بل توجد طرق أخري للإعدام " المتوحش " و أبرزها الذبح وقطع الرأس .. أو تقطيع الأوصال بحيث تقطع أيدي الرهينة و قدميه و يترك بلا طعام أو شراب حتى تخرج روحه ، إلي جانب القتل بالإغراق في الماء، والإلقاء من على المرتفعات سواء من الدوار العليا أو من فوق الجبال والنقاط المرتفعة، كما يشير كتاب التوحش إلي قواعد في كتب أخري منها " العمدة في إعداد العدة " ويؤكد قاعدة تقول " مجهول الحال بدار الكفر يجوز قتله تقصدا للمصلحة " ، وفي هذا الكتاب تعاليم كثيرة خاصة بالجهاد منها مثلاً " ومن الأعذار الباطلة، القول بأن القائمين على أمر الجهاد ليسوا على المستوى الخلقي والتربوي والشرعي المطلوب، وبالتالي لا يجوز العمل معهم ، وهذه شبهة وجوابها أنه لو أن أمير الجهاد رجل فاجر وكذلك كثير من أتباعه، لكنهم يسعون لقتال الكافرين، فالواجب شرعا العمل معهم ومعاونتهم "، وحدد " إدارة التوحش " أولوية اختياره للدول المرشحة لإثارة الفوضى بمعايير أهمها أن تكون " ذات عمق جغرافى وتضاريس تسمح بإقامة مناطق خارج السيطرة مع ضعف النظام الحاكم، وضعف مركزية قواته على أطراف المناطق فى الدولة، ووجود مدّ إسلامى جهادى مبشّر بها وطبيعة الناس فى تلك المناطق التى تسمح بوجود الجهاديين وإيوائهم وكذلك انتشار السلاح بها .. الأمر باختصار إن مرحلة شوكة النكاية والإنهاك عن طريق مجموعات وخلايا منفصلة ، أى نظرية الذئاب المنفردة " . الخليفة المزعوم هناك كتاب اسمه " مد الأيادي لمبايعة البغدادي " ألفه " أبوهمام الأثري " أحد أعضاء تنظيم داعش ، ولجأ التنظيم من خلال الكتاب للترويج لخليفته أبو بكر البغدادي وحث التنظيمات الجهادية والإرهابية الأخرى على مبايعته، ووصل الأمر في الكتاب لدرجة تشبيه البغدادي بأبي بكر الصديق رضي الله عنه، بالاستدلال بأثر يقول " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " في سياق الدعوة لبيعة البغدادي ، ووصل التلفيق أيضاً لوصف الكتاب للبغدادي بأنه من آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، وقال بالنص " الشيخ المجاهد، والعابد الزاهد، أمير المؤمنين، وقائد كتائب الدين ، البغدادي أميراً للمؤمنين في العراق والشام وتجب له البيعة، وهو إمام متغلب وجبت طاعته، وذلك لأنه إمام مجاهد وزاهد وعابد وقرشي من آل البيت، وفقيه عالم"، واستشهد بأقوال العلماء كابن كثير، والترمذي، والبخاري، في فضل أهل البيت، وضرورة محبتهم ، وحسب الكتاب فإن البغدادي حاصل علي شهادة البكالوريوس والماجستير في الدراسات القرآنية والدكتوراه في الفقه، وتدرج في الجهاد خطيباً ومقاتلاً وقاضياً في دولة العراق الإسلامية حتى انعقدت له بيعة أهل الحل والعقد لتولي إماراة العراق، ثم العراق والشام، وسيّر الجيوش من العراق إلى الشام عندما استعر فيها قتل المسلمين، ويرى مؤلف الكتيّب وجوب الخضوع للبغدادي وبيعته، وتوقيره، بل يستشهد بكلام أبومحمد العدناني، وهو من قادة الدولة، بالتقرب إلى الله بغسل قدمى البغدادي وتقبيلها ! وأضاف " البغدادي إمام ممكّن، وهذا متحقّقٌ بحمد الله وفضله في الدولة الإسلامية في العراق والشام، فهم أصحاب قوة وشوكة، ويحوزون على مناطق شاسعة من أرض العراق والشام، وأرض الرقة وحدها- وهى بتمامها تحت سيطرة ونفوذ الدولة- تكبر مساحة 3 دولٍ عربية مجتمعة، وتُحّكم فيها الشريعة، وتُقام الحدود، ويؤمن فيها الناس بعضهم بعضًا، ويدفع عنهم المجاهدون صولة وجرائم النصيرية والرافضة " ، واصفًا رافضي بيعته ب " الكفرة والمرتدين الذي يجب قتالهم" . الإعلان الدستوري لداعش خلال بحثنا عن أصل كتاب " إدارة التوحش ".. اكتشفنا كتاباً آخر منتشراً بكثافة علي مواقع كل التيارات الجهادية المتطرفة ظهر قبل الكتاب الأول ، وكأنه " إعلان دستوري " يمهد الطريق قبل دستور داعش الدائم في " التوحش " ، هذا الكتاب اسمه "إعلام الأنام عن قيام دولة الإسلام" وقد أصدرته ما تعرف ب "وزارة الهيئات الشرعية في دولة العراق الإسلامية" وأعده مسئول الهيئة عثمان التميمي ، وهو تعبير عن رؤية شرعية في مبررات إنشاء الدولة الإسلامية وتضمن في نحو 89 صفحة عدة فصول .. والغريب أن الكتاب دائماً يقارن بين ما حدث في عهد النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين وبين ما يحدث فيما تسمي ب " الخلافة الإسلامية " الحالية بأرض العراق ، فمثلاً يقولون إن مساحة الأرض التي احتلوها في الأنبار أوسع من دولة المدينةالمنورة .. واعتبروا هذا يبرر إعلان دولة الإسلام ، وقال الكتاب بالنص " المجاهدون في العراق اليوم يسيطرون على بقاع من الأرض هي بفضل الله أضعاف أضعاف البقعة التي أقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم دولته الأولى، فالمناط الشرعي في قيام الدولة متحقق لوجود المعنى الذي قامت عليه الدولة الأولى، وهو التمكين على بقاع هي أكبر من تلك التي ترعرعت عليها الدولة الأولى" ، وبالمناسبة .. سواء هذا الكتاب أو " إدارة التوحش " دائماً يعتبرون " المقاتلين " الجهاديين وكأنهم يعيدون اكتشاف الدين من جديد ، ولهذا لاحظ كثيرون حرص قادة القاعدة علي اتخاذ اسماء الصحابة وكأنهم حسب قول البعض " يكررون تاريخ الإسلام من جانب واحد " ، فكل قادة داعش هم " ابو مصعب ، ابو حمزة ، ابو عمر، ابو بكر ، ابو قتادة، ابو البراء " .. كما دائماً ينتسبون إلي الأماكن التى جاءوا منها " المصري ، الأنباري ، الدمشقي ، الليبي " للإيحاء بأن رقعة " رعايا الخليفة " تشمل مناطق كثيرة ! . داعش .. والإخوان حالة حب من طرف واحد .. هذا هو التوصيف السريع للتشجيع الخفي الذى يتبناه الإخوان لكل ما تقوم به " داعش " من جرائم ، بل وظهور رايات داعش السوداء في تظاهراتهم ، إلي جانب علاقات التنظيم " المحظور " بالجماعات الإرهابية بسيناء مثل انصار بيت المقدس والتى أعلنت صراحة تبعيتها الفكرية والتنظيمية لداعش .. بينما علي الجانب الآخر نجد دستور داعش يعتبر جماعة الإخوان " بدعية علمانية عفنة " ، كما يقول عن حركة حماس – الإخوانية – إنها تعاني من " قصور في بث المنهج العلمى الصحيح بين أتباعها ، ولهذا فإنهم أمام أحد مصيرين إما ضياع الثمرة في النهاية وسقوطها في يد المرتدين العلمانيين والقوميين، أو إقامة دولة شبيهة بدولة البشير والترابى بالسودان " ، لكن بالعودة لكتاب " إدارة التوحش " وهو المرجع الرسمي لداعش .. نجد مؤلف الكتاب متأثراً في شرحه بأساليب التربية الإسلامية بكل أدبيات الإخوان ، بل ويقول بالنص " رحم الله سيد قطب القائل " إن هذا القرآن لا يكشف أسراره إلا للذين يخوضون به المعارك، والذين يعيشون في الجو الذي تنّزل فيه أول مرة " لذلك تنبه علماء السلف وأهل النظر الثاقب من المعاصرين إلى هذه القضية، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول " من كان كثير الذنوب فأعظم دوائه الجهاد " .. لكن أيضاً في الكتاب نفسه هناك جزء عن الولاء لجماعات إسلامية أخري ، يقول " الذي يعطينا الولاء نتولاه الولاية الكاملة، إلا إذا أظهر في كلامه أو أحواله استمرار الولاء مع تنظيمه السابق أو تبنى بعض القضايا أو المفاهيم لذلك الحزب فلنا هنا وقفة: فمثلاً لو وجدناه يتصل بقيادات في جماعة مثل الإخوان أو أي تيار إرجائي فنسأله: هل تعتقد ما يعتقدون في دخول المجالس البرلمانية الشركية أو عدم الكفر بالطاغوت؟، فإن جاءت إجابته تحتمل التأويل فقد لا نستطيع إنزال حكم عليه بسبب مانع التأويل إلا أننا لا نقبل في صفنا هذه النوعيات" ... والأهم من كل ذلك هو اعتراف شيخ الإخوان يوسف القرضاوي بأن أمير تنظيم داعش "أبو بكر البغدادي" كان إخوانياً وينتمي إلى الجماعة .. لكنه أراد الزعامة فذهب إلي داعش ، وهو ما يفسر كيف يعتبر كثير من المفكرين " داعش " امتداداً طبيعياً لأفكار سيد قطب التى كان يتمني تطبيقها بقوة السلاح . القوانين الأولي الدستور السابق له قوانين تفسره كتطبيق علي أرض الواقع في المناطق التى تسيطر عليها داعش حالياً .. وهي مجرد " شعارات لا قيمة لها لأنهم ببساطة يفعلون عكسها ، فداعش التى تعدم يومياً المئات بلا ذنب أعلنت أن " الناس في ظل حكمهم آمنون مطمئنون وعلى التنظيم توفير الحياة الكريمة للرعية في ظل الحكم الإسلامي الذي ينصف الناس ويساوي بينهم دون تمييز، مؤكدًا أن التنظيم يفتح صفحة جديدة مع الجميع بعد أن أصبحوا من رعاياه " ، والدولة الداعشية تتبع مبدأ " المالك الوحيد لكل شيء " .. فهناك " المال العام " ويتولى القادة تصريفه في صالح المسلمين عدا " " العملاء والمرتدين " ، إلي جانب عدم الاعتراف بالحدود بين الدول وجواز قتل المسلم إذا " تمترس وراءه الكافر " والجزية واجبة علي الأقليات غير المسلمة ويُمنع ترميم الكنائس المهدمة أو رسم الصليب أو رفع الصوت أثناء الصلاة المسيحية، وهم يفرضون علي الناس الصلاة بالمساجد والتى يمنع تماماً أن تكون بها " مراقد شركية أو مزارات وثنية " .. وهو ما يفسر تفجيرهم لكل الأضرحة والمقامات ، ولأنهم يعتبرون انفسهم " المجاهدين علي الحق " .. فقد أعلنوا تكفير كل رجال الشرطة والجيش وتوعدوا بقتلهم إلا إذا تابوا وأعلنوا دعمهم للدولة الإسلامية التي يقودها داعش .. كما قاموا بتحريم الأحزاب لأن التنظيم " لن يسمح إلا بوحدة الصف داخل جماعة واحدة ، وربما هذا ما يفسر خفوت الكلام عن تنظيم " القاعدة " .. والمعروف أن " أبو بكر البغدادي " هو الجهادي الوحيد الذي رفض مبايعة الظواهري بعد مقتل أسامة بن لادن ، وأيضاً هذا يفسر سر مبايعة 9 جماعات إرهابية – مثل جماعة أنصار بيت المقدس ولواء أحرار السنة وأنصار الشريعة وطالبان باكستان - لداعش التى تعتبر أنه " من ليس معنا فهو علينا ".