فى الوقت الذى يعتبرها البعض هروبا من الإجابة أو دليلا على ضعف الحجة، يترجمها آخرون على أنها تسجيل للموقف أو اعتراض على ما يدور بالحلقة خاصة عندما يشعر الضيف أنه يتعرض للعديد من الاتهامات التى يصبح من الصعب عليه تحملها أو الرد عليها.. هى موضة انسحاب الضيوف ببرامج التوك شو.. هذه الموضة التى ظهرت من فترة لكنها لم تكن تتكرر كثيرا وبشكل ملحوظ مثلما حدث فى الأشهر الأخيرة.. فهل هذا الانسحاب تعبيرا عن رفض الضيف الكلام الموجه إليه، أم مجرد رغبة منه فى "الشو الإعلامى" فقط؟! ولم يقتصر الانسحاب على الضيوف فقط، بل قام عدد من مقدمى البرامج خلال الفترة الأخيرة بالانسحاب أيضا من البرامج التى يقومون بتقديمها ولعل أشهر من قاموا بذلك الإعلامى توفيق عكاشة وريهام سعيد ومصطفى بكرى و محمود سعد. وإذا كنت قد لاحظت هذه الموضة التى أصبحت أقرب للظاهرة فبالتأكيد لاحظت أيضا أن برنامج "العاشرة مساء" للإعلامى وائل الإبراشى هو صاحب نصيب الأسد فى "الانسحابات" التى اعتدنا عليها ببرنامجه حتى أصبح يلقبه البعض ب"ملك الانسحابات".. جاءت آخر الانسحابات من برنامج العاشرة مساء ل"عبير" ابنة المهندس حمدي الفخراني البرلماني السابق بعد إصابتها بحالة من الاعياء الشديد بعد انفعالها خلال الحلقة فى دفاعها عن والدها المتهم فى قضايا رشوة، فلم تستطع إكمال الحلقة وانسحبت حيث فشلت "عبير" في السيطرة على نفسها أو التماسك. كما سبقه بعدة أيام انسحاب د. سيد عبد الخالق، وزير التعليم العالى، من نفس البرنامج بسبب مداخلة د. محمد كمال المتحدث باسم "أساتذة الجامعة المستقلة" حيث كان قد اتفق مع الإبراشى قبل الحلقة على عدم رغبته فى تلقى أى اتصالات هاتفية خلال الحلقة. كما رفض الدكتور محمود شعبان، أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر، استكمال حلقة برنامج "العاشرة مساء" مع الإعلامي وائل الإبراشي، وغادر الحلقة على الهواء قائلا له:"جئت بي لتذبحني على الهواء، وتترك كل شخص يسبني". كما انسحب الفنان إيمان البحر درويش أيضا من حلقة سابقة لنفس البرنامج بعد مشادة كلامية مع ياسر سليمان وهو عضو بمهرجان نظمه حزب التجمع؛ بسبب السماح لفتاتين بالرقص بطريقة وصفها ب"المخلة للآداب" خلال فعاليات المهرجان.ورفض عضو إدارة مهرجان الحزب طلب درويش بالاعتذار لقاضِ تعدى عليه لفظيا أمام الشعب المصري،قائلا:"لا أستطيع الاستمرار في نقاش مثل هذا". كما انسحب أيضا أسامة سلامة، رئيس صاحب مبادرة تقنين بيع الحشيش للمواطنين، عن استيائه بسبب هجوم المواطنين عليه خلال المداخلات الهاتفية التي سمح بها الإعلامي وائل الإبراشي، خلال حلقة البرنامج.واتهمه بعدم الحيادية وانسحب على الفور. وكان الإبراشى قد أكد فى تصريحات أخيرة له أكد أنه لا يهتم بأى انتقاد له أوهجوم قائلا: المشاهد يمتلك الريموت، ويمر على جميع القنوات، فإذا لم ينجح الإعلامى فى جذبه لمشاهدته، فلن ينجح. وعن تعمده إثارة القضايا الشائكة يقول إنه يهتم فقط بالموضوعات الجادة ويطرح فقط القضايا التى تنقل الناس إلى مناطق لا يتوقعونها، وليس معنى أنك تقدم الموضوعات بقوة وسخونة وموضوعية أنك تسعى للإثارة، لأن ذلك ليست به إثارة، ويوضح الإبراشى أنه حين تثير القضية التى يطرحها الجدل فى المجتمع فهذا يؤكد نجاحه فى تقديم القضية وجعلها قضية مهمة، بدليل أنها تلفت انتباه الجمهور وتصبح قضية الساعة. ويتابع: الحلقات التى هوجمت هى أكثر الحلقات التى حققت نسب مشاهدة وأثارت جدلا، وليس معنى إثارة الجدل أننا نقدم إثارة، والانسحاب المتكرر للضيوف من الحلقات ليس لى أى دخل به ولا أحد يستطيع أن يتهم البرنامج بأن ضيوفه يقتصرون على نوعية ثابتة، فبرنامجى يفتح أبوابه للجميع.. وفى تصريحات خاصة ل"الشباب" علقت د.سهير عثمان الأستاذ بقسم إذاعة وتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة على هوجة الانسحابات من برامج التوك شو قائلة: أعتقد أن فكرة انسحاب الضيوف التى تكررت كثيرا فى الفترة الأخيرة ما هى إلا دليل على سوء تصرف فريق الإعداد والمسئولين فى الcontrol room ، فمن المهنية فى العمل الإعلامى أن يتم تأجيل السؤال الأسوأ إلى نهاية الحوار حتى لا نجد أنفسنا أمام ضيف يشعر بالاستفزاز من بداية الحلقة وبالتالى لا نحقق الاستفادة المرجوة من وجوده. وتضيف أن انسحاب الضيف من البرنامج قد يفسره البعض على أنه "شو إعلامى" وهى الحقيقة فى كثير من الأحيان، فهو شو للضيف وكذلك لمقدم البرنامج الذى اختار هذا التوقيت تحديدا لاستفزاز الضيف سواء بمكالمة هاتفية أو ضيف آخر معارض له أو حتى بسؤال مستفز الأمر الذى يجعل الحلقة مشتعلة بشكل واضح وهو ما يسعى إليه بعض الإعلاميين ويطلق على هذه الحالة فى مجال الإعلام "إثارة رخيصة".. وتوضح د.سهير أنه مهما كان الضيف معه الحق، إلا أن انسحابه فى كثير من الأحيان إنما يعبر عن عدم وجود رد لديه أو أنه وضع فى موقف يسبب له حرج شديد وبالتالى ليس أمامه سوى أن ينسحب حفاظا على ماء وجهه.