يشهد قطاع السياحة حالياً ضربات شديدة لدرجة أن الخسائر بلغت فى هذا القطاع حسب تقارير وزارة السياحة نحو 12مليار جنيه خلال الشهور الثلاثة الماضية. تصوير: محمد لطفى ولا يقتصر هذا الركود على شرم الشيخ فقط لوجود مبارك فيها - كما قيل- وإنما على ما يبدو أن موجات "تسونامى" ستظل تضرب السياحة فى جميع أنحاء الجمهورية حتى فى آخر مكان سياحى فى مصر بأسوان .. ففى مدينة أبو سمبل البعيدة عن أى توترات أو أحداث والتى كانت تشهد فى هذا التوقيت من كل عام وفوداً سياحية ضخمة فإنها الآن تشهد حالة غير طبيعية من التراجع والركود وكان السائحون يفضلون تلك المدينة لاعتدال مناخها وبعدها عن الزحام ولوجود واحد من أجمل وأعرق المعابد الفرعونية بها وهو معبد أبو سمبل الذى يحظى بشهرة عالمية وبرعاية خاصة من اليونسكو.. استطاع الملك رمسيس الثانى ان يمد نفوذه فى كل شبر فى مصر حتى صنع لنفسه معابد وتمتثيل فى شمال مصر وحتى أقصى جنوبها ففى هذا المكان فقط تحتفل الشمس فعلياً بذكرى ميلاد أحد أشهر ملوكها وهو الملك رمسيس الثانى وذلك يوم الثانى والعشرين من فبراير كما تحتفل أيضاً بذكرى تنصيبه ملكاً على عرش البلاد فى الثانى والعشرين من أكتوبر من كل عام وذلك عندما يتعامد قرص الشمس على وجه رمسيس الثانى وهو داخل معبده الشهير أبو سمبل مرتين كل عام فى هذين التاريخين وهى الظاهرة الفلكية المحيرة التى إن دلت على شىء فإنها تدل على مستوى العلم والمعرفة التى وصل إليها قدماء المصريين لدرجة تجعلهم يشركون الشمس فى احتفالاتهم عبر إتقان فنون الهندسة والفلك .. فى هذين اليومين يحتفل أهالى أبو سمبل بالملك رمسيس بل أن بعضهم من النوبيين يعتبرون أن رمسيس هو جدهم لأنه كان فى الأصل نوبى - حسب اعتقادهم- ولهذا تحتشد فرق الفنون الشعبية والفلكلور النوبى أمام المعبد وسط السائحين لإحياء تلك الذكرى ولمشاهدة تعامد الشمس على وجه الملك .. ومدينة أبو سمبل تأخذ شهرتها السياحية من وجود المعبد فيها وهى تقع قبل 50 كيلو متر من الحدود المصرية السودانية .. و أهلها ناس بسطاء وطيبون وأغلبهم ينحدرون من أصول نوبية كما يوجد بها أيضا عددا من الفنادق السياحية. وكان الفراعنة يطلقون عليها اسم "أبشت" ولم تكن قبل ذلك مأهولة بالسكان ولكن كانت تتميز فقط بوجود معبد أبو سمبل الشهير وبعد أن تم بناء السد العالى ونشأة بحيرة ناصر وغرق تلك المنطقة التى كانت خلف النيل فقد غرق هذا المعبد ثم نشطت هيئة اليونسكو فى إنقاذ المعبد وتم رفعه من مكانه وترميمه قبل أن يأخذ شكله الحالى ويحظى هذا المعبد بشهرة سياحية واسعة حيث كان رمسيس الثانى قد بناه فى الأسرة التاسعة عشر أى ما يزيد عن ثلاث آلاف عام .. والمعبد منحوت بالكامل فى الجبل على البر الغربى للنيل وهو يقع ضمن معابد بلاد النوبة الذى تتولى منظمة اليونسكو الإشراف عليها وحمايتها..أما مساكن أبو سمبل فتتسم بالبساطة الشديدة وجميعها إما دور واحد أو دورين على الأكثر وتتسم بالقباب. وتقع مدينة أبو سمبل على ضفاف بحيرة ناصر ولهذا تتمتع بجمال نادر ويعدها البعض مشتى صحى خاصة مع دفء جوها فى الشتاء وسطوع الشمس طوال فترات العام .. لكن الغريب أن ضفاف البحيرة غير مستغلة على الإطلاق رغم جمال الطبيعة بها .. ## لكن أوضاع السياحة فى أبوسمبل تشهد تراجعاً شديداً رغم استقرار الأوضاع بها لكنها فى النهاية جزء من خريطة السياحة فى مصر وما ينطبق عليها ينطبق على أى منطقة أخرى .. وحول أسباب تلك أزمة السياحة وتأثيرها الشديد على الاقتصاد المصرى يقول المهندس أحمد بلبع رئيس لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال أن قطاع السياحة يشهد ركودا شديدا بلغت نسبته 80% وهذا الركود يعود لعدة أسباب أهمها انعدام الأمن حيث أن الوضع الأمنى فى البلاد هو أكثر العوامل تأثيراً على السياحة ونظراً لما تنقله وكالات الأنباء العالمية عما يحدث فى مصر من إنفلات واعتداء على أقسام الشرطة وهروب للمساجين فإن ذلك يؤدى إلى إشاعة القلق والخوف لدى الدول الأخرى فتقل نسبة السياحة بالتبعية وأن الحل الوحيد والسريع للأزمة الاقتصادية حالياً هو الاهتمام بقطاع السياحة حيث يؤدى ذلك إلى تنشيط قطاع الصناعات الغذائية والتشييد والبناء والنقل وبخلاف حالة الإنفلات الأمنى وتأثيرها على السياحة فإن هناك مشكلة أخرى متمثلة فى إحجام البنوك الوطنية وتوقفها عن دعم قطاع السياحة معللة ذلك بأنه بات قطاعاً عال المخاطر نظراً للخسائر الشدديدة التى يتعرض لها حالياً . ومن جانبه قال المهندس عمر صبور نائب رئيس لجنة السياحة بجميعة رجال الأعمال أن الحكومة حالياً أهملت قطاع السياحة وأصبحت مثل أضعف جهاز فى الدولة نتيجة التخبط فى القرارات الاقتصادية والسياسية كما لا يوجد تنسيق واضح بين الوزراء فيما يخص القرارت الاقتصادية مطالباً رجال الأعمال بالقيام بما يرونه مناسباً فى هذا القطاع دون الاعتماد على الدولة وطالب بتفعيل دور المجلس الأعلى للسياحة. وبعيدا عن أبو سمبل التى تصل نسبة إشغالات الفنادق بها إلى 10% تقريبا فإن نسبة إشغالات الفنادق فى الغردقة والبحر الأحمر تصل إلى حوالى 50% بينما تصل النسبة فى شرم الشيخ إلى 20 % فقط وقد أرجعت لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال ركود السياحة فى شرم تحديداً إلى وجود مبارك بصورة خاصة ومن ناحية أخرى طالبت اللجنة فى اجتماعها أمس بإطلاق فترة هدنة لمدة سته أشهر بلا إضرابات ولا اعتصامات ولا مطالب فئوية بحيث تستقر أوضاع البلاد وتعود السياحة مجددا. .