أنتحر محمد عبد الغني السيد الطالب بالفرقة الخامسة بكلية الطب البيطري بجامعة المنصورة بعد أن قام الدكتور بطرده فى أثناء المحاضرة مما تسبب له في الإحراج أمام زملائه .. وهو ما دفعه إلي التفكير بالانتحار .. ما سبق كان القشة التي أنهت كل شيء .. حيث كان يعاني محمد من ضغوط نفسية بسبب الدراسة ترجع إلي رسوبه أكثر من مرة في الفرقة الرابعة والخامسة رغم أنه كان من المتفوقين في سنواته الثلاث الأولي بالكلية. بوابة " الشباب " التقت مع عبد الغني السيد الحسيني والد الطالب المنتحر ، وهو مدير مدرسة جمال عبد الناصر الابتدائية بمدينة طلخا.. وبدأ كلامه قائلاً : أبني كان أكثر أولادي تدينا ، كان قدوة حسنة لكل من حوله .. ولا أنكر أنه كان يعاني من ضغوط نفسية كبيرة استمرت معه لمدة عامين وكنت أعالجه لدي أحد الدكاترة المتخصصين وكان يحصل علي أدوية مهدئة مضادة للإكتئاب, وذلك بسبب أنه كان طوال سنواته الدراسية من المتفوقين والأوائل في جميع مراحله الدراسية وأيضا عند دخوله الكلية ولكن بمجرد أن ألتحق بالفرقة الرابعة بدأ مستواه الدراسي يقل وزادت حالته سوء بعد أن ظهرت النتيجة ورسب ومن هنا بدأت رحلة المعاناة ، وقبل الحادث الأليم بفترة عاد محمد -26 سنة- من الكلية وكان متضايقاً جدا ، وسألته فعرفت أن أحد الدكاترة قام بطرده من المحاضرة أمام زملائه، وبعدها دخل وأنطوي علي نفسه في حجرته لفترة طويلة ورفض الطعام والشراب .. ويصمت والده قليلاً .. ثم يكمل بحزن شديد : في اليوم التالي اعتقدت أنه ذهب إلي الكلية وانتظرته ولم يعد وسألت عنه أصدقائه فأخبروني بأنه لم يحضر .. فقمت بعمل محضر غياب للبحث عنه ، وطوال 19 يوما بحثت عن أبني في كل مكان بدون فائدة , وفي صباح اليوم العشرين لغيابه اتصلت بي زوجتي عندما كنت في عملي بالمدرسة وقالت لي أن جارتنا أخبرتني بأنها تشم رائحة كريهة تأتي من سطح العمارة ..ولم أتوقع أني أري أبني علي هذا المنظر أبدا ، حيث وجدته يجلس ويرتكن إلى جانبه الأيمن وكان متوفياً والدم يحيطه وتصدر منه رائحة كريهة بعدما تحلل جسده ، ووقفت في مكاني وصرخت من صدمة ما رأيته ..وقمت بإبلاغ الشرطة علي الفور وجاءت النيابة والشرطة للمعاينة ونحن الآن في انتظار تقرير الطب الشرعي الذي لم يصدر بعد ، ومن يومها لا أستطيع النوم ولم أخبر أخيه الأكبر خريج كلية الصيدلة ويعمل في احدي الدول العربية حتى لا يصاب بصدمة هو الآخر ..أما أخيه الثالث الطالب بكلية التمريض فهو الذي يقف بجانبي أنا ووالدته في هذه المحنة ، ولا أتوقع أبدا أن يكون أبني أقدم علي الانتحار لأنه يعرف ربنا ومتدين وكان حريصاً علي الصلوات كلها في المسجد ..هو شخص ملتزم لا يعرف بنات وغير مدخن, والآن أنا مازلت مصدوماً مما حدث ولكنني أحتسبه عند الله. وعندما تحدثنا إلي والدته المنهارة رفضت التعليق علي أي شيء سوي أنها نفت تماما أن يكون أبنها أقدم علي الانتحار وأرجعت أسباب ما حدث إلي أنه ربما حدث له هبوط نتيجة الأدوية التي يتناولها .. كما أنه كان رافضا للطعام في الفترة الأخيرة, إلي جانب زيادة الضغوط العصبية عليه في الفترة الأخيرة بسبب الدكاترة بالكلية وسوء تعاملهم مع الطلاب بشكل عام وسوء معاملة أحدهم مع أبنها ..ورفضت في البداية تصوير غرفة أبنها إلا أنها بعد أن هدأت سمحت بتصوير الغرفة فقط بدون أية أغراض أخري له. كما التقينا بأحد أصدقائه المقربين الذي رفض ذكر أسمه وقال: رغم أنني تخرجت في الكلية منذ 2006 ولكني أنا صديقة المقرب وأقوم أحيانا بشرح بعض المواد له ومساعدته عليها, وكان يحكي لي علي كل شيء يحدث معه .. وكان أحيانا يبيت عندي لعدة أيام للمذاكرة, ومحمد كان الأول علي الكلية وخاصة في مادة التشريح طوال السنوات الثلاثة الأولي وعندما ألتحق بالفرقة الرابعة والتي أستمر فيها 3 سنوات ونفس المدة في الفرقة الخامسة بدأ يصاب بحالة من الإكتئاب ولكنه بسيط وغير ملاحظ .. فكان يبدو شديد الطيبة مع كل من يتحدث معه، وزادت حالته النفسية سوء في الفترة الأخيرة بسبب الضغوط التي كان يتعرض لها فى دراسته ، وأصيب محمد بإكتئاب لمدة 6 سنوات رغم أنه كان طالباً عبقرياً .. وربما إعادة السنة حرمه من حلمه في أن يصبح معيدا بالكلية مما أصابه بالإكتئاب والذي أستمر معه لفترة طويلة, ورغم أنه كان يحفظ المواد الدراسية كلها إلا أنه كانت لديه حاله رفض داخلي تمنعه من أن يفرغ كل ما يعرفه في ورقة الامتحان .. بل كان يرفض أحيانا الذهاب إلي الامتحانات , ولأن محمد نحيف الجسم بخلاف أن الأدوية تجعله منهك القوي طوال الوقت كان سريعا ما يمرض ورغم يأسه إلا أنه هذا العام قرر أن يستعد لدخول الامتحانات لينتهي من الدراسة وبالفعل بدأ ينتظم في الحضور , وفي أحد المحاضرات كان محمد يجلس في المحاضرة قد أسند رأسه إلي ذراعه فأوقفه الدكتور وقال له أطلع بره وأثناء مروره بين المدرجات للخروج تهكم عليه الدكتور وسخر منه أمام زملائه مما ضاعف عنده الإحساس بالإحباط وخرج من الكلية وكانت المرة الأخيرة ، وبعدها علمنا بخبر وفاته .