أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة ثانية من كتاب الفن الإفريقي، الكتاب يضم دراسة وافية عن الفن الإفريقي فضلا عن عرض لمجموعة مقتنيات البنك الدولي من المنتجات التقليدية التي تعكس ثراء وتنوع الفن الإفريقي. الكتاب المترجم إلي الع ربية صدر في طبعة ملونة 92 صفحة، يري الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية، أن القارة الإفريقية تتميز بأنها صاحبة حضارة بهرت البشرية خاصة في مصر وأكد أن آراء العلماء تتفق الآن أن الظهور الأول للإنسان كان في قارة إفريقيا، وذكر سراج الدين أن القارة السمراء لها عطاء كبير في مجال الفن يرجع إلي عصور ما قبل التاريخ وقد تمثل هذا العطاء في مختلف جوانب الفنون، فنجد في فن الموسيقي تأثير الموسيقي الإفريقية في إيقاع الموسيقي في الأمريكيتين وفي جزر البحر الكاريبي وفي موسيقي الجاز التي بدورها أثرت في أغلب موسيقي القرن العشرين وقد وصل إليها العديد من الآلات الموسيقية المنحوتة كالقيثارة التي تمتعت بمكانة اجتماعية عظيمة لدي الأفارقة، كام نجد الرسوم والصور المتنوعة الموجودة علي جدران الكهوف والمأوي الصخرية المنتشرة في الصحاري الإفريقية التي يرجع تاريخها إلي العصر الحجري القديم وتنتشر المواقع الأثرية الخاصة بهذا الفن –الرسوم الصخرية- في منطقة الصحراء الكبرى في شمال إفريقيا وفي الطريق الجنوبي من القارة الذي يطل علي المحيطين الهندي والأطلنطي ويشمل مواقع (ليسوتو، وبوتسوانا، ومالاوي، وناميبيا، وجمهورية جنوب إفريقيا). وأضاف سراج الدين أن الظروف الطبيعية للمناخ الإفريقي الذي يتميز بالجفاف الشديد علي حفظ تلك الرسوم المتنوعة التي تعد سجلا وثائقيا يقص لنا حياة الإنسان الإفريقي التي عاشها منذ الآلاف من السنين مضت علي وجودها، كما تصور لنا هذه الرسوم مجموعات الحيوانات التي عاش الإنسان الإفريقي إلي جانبها، وتماسيح ، ووعول وزراف..... وغيرها من الحيوانات التي عاشت في هذه البيئية الطبيعية منذ أكثر من ستة آلاف عام، كما تعبر هذه الرسوم علي تطور مراحل الصيد عند الصياد الإفريقي. ومن هنا تكمن قيمة هذه الرسوم من الناحية الفنية والتاريخية في الاعتماد عليها كمصدر أساسي في دراسة نشأة وتطور الفن الإفريقي منذ القدم، وفي التعرف علي المواد الخام التي استخدمها الفنان الإفريقي في تلوين رسومه وإكسابها لمعانا وبريقا استمر لآلاف السنين. وللفن الإفريقي التشكيلي تاريخ عريق متصل بمختلف نواحي الحياة الإنسانية، من حلي تنوعت طرق تشكيلها وزخرفتها، وأدوات للزينة لاسيما التي أمدتنا بها منطقة ساحل العاج بالإضافة إلي اللوحات الفنية المتنوعة والتماثيل المصنوعة من مواد متنوعة، كالطين والحجر والمعادن النفيسة والعاج لأغراض مختلفة، بعضها خاص بالطقوس الدينية والعقائد عند الإنسان الإفريقي وبعضها اتخذ للزينة والطرف. كما احتلت المرأة مكانة بارزة في حياة المجتمع الإفريقي، فهي رمز الخصوبة والاستمرار، ومن هنا جاءت تماثيل المرأة الحامل وتماثيل المرأة المرضعة لطفلها من أكثر تماثيل السيدات شيوعا. ومن الاعمال الفنية التي احتلت مكانة هامة لدي الفنان الإفريقي، أعمال التراكوتا (التماثيل الطينية المحروقة) التي تمثل أقدم التماثيل الإفريقية الصغيرة الحجم. ويرجع تاريخها فيما بين عامي 500 قبل الميلاد، وعام 500 بعد الميلاد، بالإضافة إلي العديد من المصنوعات البرونزية والحديدية التي توضح جمال وتنوع الفن الإفريقي. لاسيما المشغولات التي تنسب إلي ملوك مملكة بنين. إلي جانب العديد من الآثار الفية الإفريقية المختلفة التي خلفتها القبائل الإفريقية المتفرقة من منحوتات وتماثيل ورسوم مصورة... والآثار المحفورة علي الخشب، أو الحجر، وبعض الأدوات الفخارية التي اكتشفت في غرب القارة بصفة خاصة. ومن أكثر الفنون الإفريقية انتشارا وتنوعا، فنون الأقنعة السحرية، تلك الفنون التي تكشف عن مدي تأثر رائد الفن التشكيلي الحديث في أوروبا –بيكاسو- بها، حيث عكس تناوله للوجوه والأجسام والرسومات الأخرى، عكس كل ذلك مدي تأثير الفن التشكيلي الإفريقي علي بيكاسو، وغيره من فناني أوروبا، وهو ما كان بمثابة الشرارة التي فجرت ثورة الفن الحديث بزهور التكعيبة cubismوالتجريد، وما أصبح فيما بعد من بعض التيارات السائدة في الفن المعاصر عالميا.