عندما تتعرض عينك الثانية للعمى وقتها بس ممكن نعمل لك القرار ..هذا كان رد من مئات الردود الصادمة التى يتلقاها المرضى البسطاء الذين لا يزال عندهم أمل فى الحصول على القرار السحرى للعلاج على نفقة الدولة. تصوير : محمد لطفى ونظرا للمشاكل والأزمات التى أحاطت بهذه القرارات فى الفترة الأخيرة تمتنع الآن المجالس الطبية المتخصصة - فى مقرها الجديد بمدينة نصر - عن إصدار هذه القرارت بحجة أنه لا توجد ميزانية .. قصص إنسانية محزنة للغاية تنتظر الخلاص من عذاب الحصول على قرار العلاج قبل الخلاص من أحاسيس المرض .. محمود عواض (34 سنة) يعانى من ورم فى شرايين المخ ويحتاج لعملية عاجلة تنقذه من موت محقق حيث يقول :أنا مش حيلتى حاجة علشان أعمل العملية على حسابى .. لأن العملية دى ممكن تتكلف على الأقل 15 ألف جنيه .. طيب نجيب منين .. كل يوم أحضر من أسيوط علشان "الجواب " وصرفت فلوس كتير وكل ما أروح يرجعونى تانى والنهارده حضرت فقالوا لى خلاص القرار بتاعك أتلغى وإنت حر وإعملها على حسابك . وحالة عم علوان فرغل رجب (70 سنة ) هى الأخرى تقطع القلب وبتعبيراته البسيطة يقول : قلبى واجعنى قوى ولو مشيت شوية أبص ألاقى قلبى طابق على نفسى .. وذهبت لمعهد القلب فحولنى على المجالس الطبية المتخصصة وبعدين جئت علشان أعمل القرار .. وقعدت خمسين مرة أروح وآجى وفى كل مرة يقولون لى فوت علينا الشهر الجاى .. أنا عندى التهاب رئوى وشرايين وصرفت كل اللى كان معايا يعنى كانوا يطلعوا مبلغ 800 جنيه وأنا بقيت على باب الله .. أما أحلام خضر فهى ست غلبانة من محافظة المنوفيه عندها مشكلات خطيرة فى مفصل القدم وقد أصبحت عاجزة عن الحركة والحل الوحيد لحالتها هو عملية تتكلف نحو 20 ألف جنيه وبدأت رحلتها مع البحث عن قرار العلاج منذ عام مضى وحتى الآن ، حيث تقول إبنتها : عملوا لأمى قرارين واحد بتسعة آلاف والثانى بألفين والمشكلة فى استكمال القرار طيب دلوقتى نعمل إيه لأن الدكتور المعالج قال لى أن المستشفى محتاجة على الأقل قرار ب 20 ألف جنيه .. وده حرام فأنا عايزه 9 الآف جنيه لكن الوزارة مش عايزه تكمل جميلها معانا . وفى حالة غضب وثورة يبكى عم محمد عمارة ( 53 سنة ) موظف بسيط فى المساحة حيث يقول إبنى خالد عنده قطع خطير فى رجله وذهبت به لدمنهور وكتب القرار لعمل العملية فحضرت للمجالس الطبية من شهر مايو ومن وقتها وأنا كل أسبوع أحضر من دمنهور والقرار حتى الآن لم يصدر. أم عم محمد عبد الجابر فهو رجل مسكين دايخ على قرار بألفين وخمسمائة جنيه لأبنته سماح التى تتعرض حاليا لمخاطر العمى حيث يقول : ابنتى تعانى من قطع فى الشبكية وذهبت لمستشفى رمد الجيزة فطلبوا منى ألفين و خمسمائة جنيه وحاولت مع وزارة الصحة حتى حصلت على القرار بهذا المبلغ وذهبت للمستشفى مرة أخرى فقالوا لى أنهم عايزين يجددوا لى القرار بعدما جريت شهورعلشان أحصل عليه وأنا والله العظيم استلفت فلوس المواصلات لمشوار النهارده . والبنت شبكية عينها واقفة خالص وإذا كان ده يرضى ربنا يبقى أنا راضى وصابر . ويحكى لنا ممدوح حسن أحمد ، من المنيا ، مشكلته قائلا : زوجتى بتاعتى عندها قطع فى أوتار يديها وأنا موظف فى التربية والتعليم وعندى 12 أبنا منهم خمسة فى التعليم ومرتبى 400 جنيه والعملية تتكلف 3 آلاف جنيه طيب أجيب منين وأنا كل يومين أحضر من المنيا وأركب من الساعة 2 بالليل أنا و زوجتى .. أما محمد قدرى (25سنة ) يعانى من فيروس سى على الكبد يعنى صاحب مرض من الأمراض التى لها أولوية فى الحصول على قرار العلاج ومع ذلك يقول : ذهبت لمعهد الكبد فقالوا لى إنت عايز 48 حقنة .. ومن ثلاثة أشهر وكل ما آجى يقولون لى تعال بعد أسبوع أو بعد أسبوعين أو بعد ثلاثة والحال على ما هو عليه وأنا الآن أبحث عن واسطة . وتحكى السيدة منصورة ( 33 سنة ) عن مأساتها قائلة : أنا عندى انزلاق غضروفى فى ظهرى والألم فى رجلى ومش عارفة أمشى وأنا تعبانة جدا ورغم كل المعاناة دى أنا كل اللى قدرت عليه إنى أكشف فى مستشفى الدمرداش الحكومى . والعملية تتكلف 10 الآف جنيه والأشعة تتكلف 800 جنيه وفيه حقن والحقنة ب ألف وخمسمائة جنيه .. وجوزى راجل مريض وتعبان جدا ومش قادر يصرف على مرضى والناس هنا بتتعامل ببرود شديد لدرجة إن الموظف قال لى إنت زعلانة متستعجليش لسه قرارك بعيد !
أما مدام سعاد عبد الفتاح مشرفة تغذية فى التربية والتعليم فتقول : إبنى عايز يعمل عملية ترقيع فى القرنية وحالته متأخرة ومن سنة ونحن نسعى للحصول على القرار دون جدوى والعملية تكلفتها 20 ألف جنيه .. وهى نفس حالة الست جليلة لطفى التى قال لها الموظف : عندما تعمى عينك التانية وقتها ممكن نعمل لك قرار على نفقة الدولة !!