تتميز القاهرة عن غيرها من عواصم العالم بأبوابها العتيقة التي بناها حكام مصر لحمايتها من الهجوم والغزوات الخارجية ، فهذه الأبواب تروي تاريخ القاهرة وعراقتها من خلال الفن المعماري .. ويكفي اختيار منظمة " اليونسكو " مدينة القاهرة الفاطمية الإسلامية باعتبارها تراثاً ثقافياً عالمياً لا مثيل له في العالم يمتد تاريخه لأكثر من ألف عام . تصوير:محمود شعبان ولم تظهر فكرة بناء البوابات حول المدن في مصر سوى في عصر الدولة الفاطمية عندما جاء جوهر الصقلي يقود قوات الخليفة المعز لدين الله لدخول مصر حيث قام بتأسيس مدينة القاهرة ومنذ أسس جوهر الصقلي مدينة القاهرة كان حريصا على بناء سور حولها تتخلله ثمانى بوابات وهي : " باب زويلة " و " باب الفرج " فى الجنوب، و " باب الفتوح " و" باب النصر " فى الشمال، و " باب القراطين " الذي عرف فيما بعد ب " باب المحروق " و " باب البرقية " فى الشرق، و" باب سعادة " ويقع في موضعه الآن محكمة الاستئناف العليا ثم "باب القنطرة " في الغرب . ولا تزال 3 من أبواب القاهرة باقية حتى اليوم وهي " باب النصر " و" باب الفتوح " و" باب زويلة " وهى من أعظم التحصينات الحربية في الإسلام ولا يوجد لهذه الأبواب مثيل على الإطلاق ولقد أثارت إعجاب رحالة القرن ال18 الأوروبيين الذين سجلوا إعجابهم في كتب رحلاتهم ، وقد دخل موقع "الشباب" إلي مدينة القاهرة الفاطمية من خلال أبوابها الباقية لنتعرف علي جزء مهم من تاريخ المحروسة .
باب زويله ( بوابة المتولي ) من بين كل هذه الأبواب سيظل باب زويلة أكثرها شهرة وأوثقها ارتباطا بأيام لها تاريخ فمن هذا الباب التاريخي الشهير.. باب زويلة.. دخل أمير المؤمنين الخليفة المعز لدين الله قبل ألف عام إلى عاصمتها الجديدة التي أمر بتأسيسها (القاهرة) ، وباب زويلة سمي بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة من البربر بشمال أفريقيا انضم جنودها إلى جيش جوهر لفتح مصر.. وباب زويلة هو الباب الثالث الذي لا يزال يقاوم عوامل الزمن والإهمال بعد بابي النصر والفتوح ، ويعتبر هذا الباب أجمل الأبواب الثلاثة وأروعها وله برجان مقوسان عند القاعدة وهما أشبه ببرجي باب الفتوح ولكنهما أكثر استدارة ويشغل باب زويلة مساحة مربعة طول كل ضلع من أضلاعها (25 مترا) وممر باب زويلة مسقوف كله بقبة وقد اختفت منه معظم العناصر الزخرفية.. وعندما بنى الملك المؤيد أبو النصر شيخ مسجده عام 818 هجرية اختار مهندس الجامع برجي باب زويلة وأقام عليهما مئذنتي الجامع ، ويطلق العامة على باب زويلة بوابة المتولي.. حيث كان يجلس في مدخله (متولي) تحصيل ضريبة الدخول إلى القاهرة ، أما عن حادثة شنق السلطان طومان باي وتعليق جثته على الباب لمدة ثلاثة أيام فالقصة تبدأ بعد مقتل عمه السلطان الغوري في موقعة (مرج دابق) والتي اختفت فيها جثته ولم يعثر لها بعد على أثر وكان الغوري عين ابن أخيه (طومان باي) نائبا له قبل خروجه لقتال العثمانيين وبعد قتله أجمع أمراء القاهرة على اختيار الأمير طومان باي سلطانا للبلاد وقابل العثمانيين في موقعة (الريدانية) وهي حي العباسية الآن وهزم طومان باي وتم القبض عليه وشنقه . باب الفتوح ! وهو ثاني أبواب سور القاهرة الباقي والذي بني عام 1087 على يد جوهر الصقلي ثم جدده الأمير بدر الجمالي فجعله في موضعه الحالي في مدخل شارع المعز لدين الله الفاطمي بجوار جامع الحاكم بأمر الله. ويتكون الباب من برجين مستديرين يتوسطان المدخل ويوجد بجوارهما طاقتان كبيرتان مزخرفتان بأسطوانات صغيرة ، ويعطي الباب فكرة واضحة عن نظام العمارة في العصر الفاطمي وتحديدا نهاية القرن الحادي عشر الميلادي ، و تسمية هذا الباب ترجع إلى الغرض الرئيسي في إنشائه حيث كانت تخرج من بوابته الجيوش أثناء سيرها للفتوحات.. ثم تعود وتدخل القاهرة وهي منتصرة ولكن من باب آخر وهو باب النصر . باب النصر ! وهو ثالث الأبواب الباقية من العمائر الحربية الفاطمية ويتكون من كتلة ضخمة من البناء ارتفاعه 25 مترا ويتكون الجزء البارز من برجين مربعين بينهما ممر مكشوف يؤدي إلي باب المدخل يرتفع كل برج من البرجين إلي ثلثي الارتفاع الكلي في بناء مسمط أما الثلث العلوي فعبارة عن حجرة دفاع لها سقف يغطيه قبة ضحلة وبجدران الحجرة فتحات لرمي السهام وقد زخرفت نهاية ثلثي البرج بمجموعة من الصور والدروع المنحوتة البارزة ويتوج فتحة الباب عقد مسطح يعلوه نص تأسيسي بالخط الكوفي من ثلاثة سطور ( بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله علي ولي الله صلي الله عليه وعلي الأئمة من ذريتهم أجمعين ) في عهد الحملة الفرنسية أدخلت تعديلات جوهرية علي باب النصر لتوسيع فتحات مخارج السهام في حجرتي الدفاع .. بحيث تصبح من الخارج أكثر اتساعا لاستعمالها في الضرب بالمدافع بدلا من السهام.. ويتميز باب النصر بوجود أقراص مستديرة تشكل أطراف أعمدة رخامية رابطة وضعت افقيا بعرض الجدران حتي تزيد من متانة البناء ، ويتصل باب النصر بباب الفتوح بطريقتين: أحداهما من فوق السور والآخر من تحته وهو ممر معقود على جانبيه الحجرات بحالة متقنة تعطي فكرة جيدة عن نظام الحصون المصرية في ذلك الوقت. أبواب أندثرت ! منها باب اللوق الذى أصبح أسماً فقط لحي الآن بوسط القاهرة قريب من وسط المدينة حيث كان هذا المكان مستقرا للجمال تبرك فيه وأطلق عليه قديما اسم (باب النوق) فحرف الاسم تدريجيا إلى (باب اللوق) ، أيضاً باب الخلق .. فقد كان شارع الخليج المصري الموجود الآن (فم الخليج) ممرا مائيا يخترق العاصمة من الجنوب إلى الشمال ويرفع المياه حتى القلعة ويعرف باسم(الخليج الناصري) وكان يوجد به سور على جانب الخليج لا يزال قائماً حتى الآن وفي هذا السور توجد فجوة واسعة يخرج منها الناس ويدخلون وتعرف باسم(الخرق) وهو لفظة ترادف كلمة(فتحة أو بوابه) ومع تطور الزمن حرف الاسم كذلك حتى أصبح (باب الخلق) لأن كان خلق كثيرين يمرون منه .. أما باب الوزير فقصته أيضا أنه نسبة إلى (القرافة) التي تعني المقابر وكان ذلك الباب مخصصا لأحد الوزراء وأطلق عليه الاسم المعروف (باب الوزير) ويتداول منذ عصور حتى يومنا هذا ، وأيضاً باب الشعرية وقد تمت تسميته بهذا الاسم نسبة إلى وجود مسجد ووقف الشيخ الشعراني في هذه المنطقة .. ولكن لم يعد هناك وجود للباب نفسه.