مشاكل وأزمات عديدة تواجهها المدن الجامعية منذ فترة, إلا أن هذه المشاكل أضيف لها بعد الثورة حالة الانفلات الأمني, بعد صدور قرار القضاء باستبعاد الحرس الجامعي, فهجوم البلطجية علي المدن الجامعية للبنات لم يتوقف, والمشاجرات والعنف لم يغب عن المدن الجامعية للطلاب, وتحول الأمر لمشكلة تنذر بكارثة أكبر إذا لم تحل هذه المشكلة. مجلة الشباب, قضت يوما كاملا داخل المدينة الجامعية للأزهر بمدينة نصر, لننقل صورة حية لما يحدث بداخلها, واختيارنا للمدينة الجامعية بالأزهر, لم يكن بشكل عشوائي, ولكن حتي يمكننا من المقارنة بين الأوضاع سابقا وحاليا. تصوير : محمود شعبان حيث إنني قضيت بالمدينة الجامعية بالأزهر عامين خلال دراستي بجامعة الأزهر , الحياة داخل المدينة الجامعية بالأزهر قبل الثورة , رغم المصاعب التي كان يعانيها الطلاب إلا أنها بالنسبة لهم كانت تمثل نوعا من المتعة والراحة , متعة تتمثل في الصداقات وحياة الشباب المليئة بالمغامرة والحركة والتنطيط , وراحة تتمثل في البعد عن هم المواصلات والتأخر عن المحاضرات , ومعرفة كل كبيرة وصغيرة بالمواد لأنك تعيش تقريبا وسط ما يقرب من نصف الدفعة , وهذا ما يميز المدينة أيضا في أيام الامتحانات . ايضا كانت هناك مشكلات تتعلق بالوجبات الغذائية وقلتها أو عدم جودتها , أو سوء معاملة العاملين بالمطعم سواء كانوا طباخين أو مشرفين , ورفضهم لأي تعليق يقوله الطلاب . الحياة داخل المدينة الجامعية بالأزهر تمثل حلما لبعض الطلاب , رغم الصعوبات التي كنا نواجهها بداية من سوء معاملة الموظفين والمشرفين والذين كانوا يتعاملون وكأنهم فوق البشر , وبالطبع لم يكن امام الطلاب بديل سوي الانصياع لهم والامتناع عن التفكير في الحصول علي حقك , حتي لا تدخل في متاهات أمن الدولة , أو تجد نفسك فجأة خارج المدينة لسوء السلوك . أما بخصوص حرس المدينة , والذي كان صاحب الكلمة الأولي والأخيرة فهم رغم سيطرتهم علي الأوضاع الأمنية , إلا أنهم كانوا يمثلون البعبع للطلاب الذين كانوا يتجنبون الاحتكاك بهم , ولكن أهم ما يميز هذا الأمن هو قدرة عدد من أفراده علي البوابة علي تحديد طالب المدينة من غيره دون ان يري الكارنيه الخاص به , لكن الوضع الآن أصبح مختلفا بعد أن اصبح هناك أمن مدني خاص بالجامعة , فقد تمكنا من دخول المدينة دون أن يعترضنا أحد , وأخذنا جولة داخل المدينة وعدد من المباني بها , وداخل المطعم , وقمنا بالتقاط عدة صور دون أن يسألنا احد عما نقوم به سوي اننا لفتنا فقط نظر الطلاب الذين كانوا حريصين علي أن يتحدثوا معنا عن مشاكلهم العديدة . المدينة الجامعية بالأزهر المدينة الجامعية للأزهر يسكن بها حوالي 15 ألف طالب , في حوالي 12 مبني , فهناك مدينة مبارك سابقا , وحاليا اسمها مدينة نصر ب , تضم 4 مبان , مسماة باسماء رؤساء الجامعة السابقين , وهم أحمد حسن الباقوري والطيب النجار , عبد الفتاح الشيخ وأحمد عمر هاشم , أما مدينة نصر أ , فالمباني بها مسماة بأسماء الصحابة رضي الله عنهم . بدأنا جولتنا بالمدينة من داخل المطعم , ولاحظنا قلة عدد الطلاب المقبلين علي تناول وجبة الغداء , واكتشفنا أن هناك إضرابا ومنشورا معلقا من قبل الطلاب يطلبون من خلاله عدة طلبات , تتمثل في , نظافة العاملين بالمطعم , إلغاء اليوم الذي يتناول فيه الطلاب البيض , واستبدال الدجاج به , نظافة السرافيس , تشغيل الدور الثاني بالمطعم , تغيير الخبز الذي لا يصلح للاستخدام الآدمي , تسوية اللحوم , وضع عدد كاف من المقاعد بالمطعم , زيادة مدة تناول الغداء , جودة الطعام ومعلبات العشاء , تفعيل الخدمة الطبية بالمطعم , تنويع فواكه الغداء وخضراوات العشاء . وتضمن المنشور طلبات أخري خاصة بالغرف تتمثل في تصليح الكهرباء بالغرف , ووضع عدد كاف من المكاتب والكراسي , وتوفير مراوح لارتفاع درجة الحرارة . ايضا كانت هناك مطالب بالحمامات والتي قالوا عنها إنها لا تصلح للاستخدام الآدمي , وطالبوا بمعالجة الصرف الصحي , وإصلاح صنابير المياه والدش , ووضع كولديرات مياه في كل دور من المباني . يحيي مهدي , 20 عاما , طالب بكلية التربية , وأحد سكان المدينة , قال إن طلاب المدينة يطالبون بعدالة اجتماعية ليس أكثر , بالإضافة إلي المعاملة الحسنة , حيث ان عمال المطعم يتعاملون معنا بأسلوب سيئ جدا , علاوة علي النظافة غير الموجودة , فنحن احيانا نجد حشرات في وجبات الأكل , أما الخبز فالحيوانات لا تقبل أن تأكله , والأرز نجد فيه قطع حديد وصاج , واضاف , أن هناك مشكلة أخري خاصة بالطلاب أنفسهم ظهرت مؤخرا , حيث أصبحت هناك تكتلات داخل الجامعة , خاصة بالمحافظات , وحدثت اكثر من مشاجرة بين طلاب من محافظات مختلفة , وأمن المدينة المدني والمشرفون علي المباني ليست لديهم القدرة علي السيطرة علي هذه الأوضاع , وليس لديهم من الخبرة والقيادة ما يؤهلهم لذلك . المدينة الجامعية بالأزهر ويقول عبد الله محمد , 21 عاما , طالب بكلية اللغات والترجمة : مشكلة جامعة الأزهر أنها لم يتغير بها شيء , رئيس الجامعة تغير فقط , والمدينة ايضا بما أنها فرع من فروع الجامعة فلم يتغير بها شيء , الفرق الوحيد هو أننا في الماضي لم نكن نستطيع أن نتكلم عن معاناتنا ونطالب بحقوقنا , أما الآن فنحن نفعل ذلك , ولكن المطالب لا تنفذ , فالمسئولون لديهم أذن من طين وأخري من عجين , هناك مشاكل عديدة , ابسطها أنه منذ عدة أيام , لم يجد حوالي 200 طالب وجباتهم الغذائية , لماذا لم يتم إعداد وجبات تكفي الطلاب , هناك ايضا مشكلة تتعلق بالتكدس داخل الغرف , حيث ان الغرفة يسكن بها 5 طلاب وهو عدد كبير بالنسبة لغرفة مساحتها 12 مترا , يوجد بها 3 دواليب و 3 مكاتب و 5 أسرة , ايضا هناك مشكلة تتعلق بتوفير مراوح في الصيف , في العام الماضي , كان الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية متواجدا بالجامعة وعرف بمطالبة الطلاب بالمراوح , فتبرع الرجل بمليون و 600 ألف جنيه لتوفير المراوح , وإقامة مخبز عيش خاص بالمدينة , ولم يتم تنفيذ هذا حتي الآن , واضاف قائلا : أنا لا أبالغ عندما اقول إننا نجد ' فلة ' سجائر في العيش , ونجد في الأكل قطع مسامير وخشب وفحم وغيره , والفراخ رائحتها كريهة , والزبادي فاسد وتسبب في أكثر من حالة تسمم بين الطلاب . أسامة محمد , 20 سنة , كلية هندسة زراعية , يقول إن عدد الطلاب بالغرف كبير جدا , وهذا لا يساعد علي المذاكرة , كما أن هناك مشاكل في الكهرباء وأحيانا تظل لحوالي شهر , دون أن يقوم أحد بإصلاحها , بالإضافة إلي أن الحمامات بها مشاكل في السباكة وأحيانا يكون هناك حمام واحد لأكثر من 20 غرفة ونقف بالأدوار علي الحمامات . ويقول إبراهيم عبد الرحيم العشماوي , 20 سنة , إن أكبر مشكلة تواجهه في المدينة هو أنه يضيع يوميا في وجبة الغداء حوالي ساعتين يوميا , ونقف في الطابور فترة طويلة , فأعداد الطلاب كبيرة , بالإضافة إلي سوء المعاملة التي نتلقاها من العاملين . ويقول رمضان شعبان , 21 سنة , إن وجبة الأكل لا تكفي إطعام طفل صغير , مؤكدا أن هناك أكلا يتم تسريبه لخارج المدينة , ناهيك عن المشاكل العديدة التي تحدث بالجامعة , بالإضافة إلي أن هناك مشاكل خاصة بالأمن وتأمين المدينة الجامعية . ويقول جمعة نوفل , 21 سنة , طالب بكلية الإعلام , إن الحياة في المدينة الجامعية صعبة جدا , تكدس , ومشاكل في الأكل وسوء المعاملة , نحن فقط نطالب بأبسط حقوقنا . استكملنا جولتنا داخل المدينة , لا تتعجب عندما تجد ملصقات تحض علي فعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكان واضحا جدا الملصقات الخاصة بالمرشحين للرئاسة , حيث تسيطر ملصقات حازم صلاح ابو اسماعيل علي معظم مباني المدينة , وينافسه في الملصقات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح , مع وجود عدد قليل من الملصقات خاصة بحمدين صباحي .