الاحتفالُ تعبيرٌ عن الفَرحِ بالنجاحِ في نيلِ المرادِ، سواء كانَ احتفالًا عائليًا بزواجٍ، عودةٍ من حجٍ، رجوعٍ من سفريةٍ طالَت، أو احتفال مؤسسةٍ بنجاحِ أحدِ مشروعاتِها. المهمُ أن الاحتفالَ يأتي بعد النجاحِ. الظاهرةُ التي طرأت منذ فترةٍ هي الاحتفالاتُ والولائمُ قبل النجاحِ وحتي قبلَ البدءِ. جامعةٌ توقعُ اتفاقَ شراكةٍ مع جامعةٍ أجنبيةٍ في آخرِ الجدولِ، دُقي يا مزيكا، مشروعاتُ إنشاءِ معاملٍ، دُقي يا مزيكا. هل نُسِيَ سريعًا تكريمُ فريقٍ بحثي نُشِرَ له بحثٌ في مجلةِ Nature، ثم إعلانُ المجلةِ سحبِ البحثِ لما فيه من فبركةٍ للنتائجِ. تم تكريمُ الفريقِ البحثي علي مستويً عالٍ وأمامَ الإعلامِ، وماذا عن سحبِ البحثِ؟ الاحتفالُ أولًا تغليبٌ للمنظرةِ والسطحيةِ علي الأداءِ والكدِ، منظرةٌ فقدَت مصداقيتَها وما عادَت تنطلي في زمنٍ مفتوحٍ يستحيلُ فيه الخداعُ؛ المزيكا التي تدُقُ مجردُ تكاليفٍ ومصاريفٍ ضائعةٍ. المسئولون والإداراتُ الجامعيةُِ التي تتفننُ في الاحتفالاتِ علي أنغامِ المطربين لا يبغون إلا أنفسَهم، لكن ماذا عن صورتِهم أمام زملائهم وطلابِهم؟ وماذا لو فشلَ المشروعُ المُحتفي به؟ الاحتفالاتُ فيها دُقي يا مزيكا ووعودٌ متنوعةٌ بالحصولِ علي درجاتِ النجاحِ رغمَ الرسوبِ، بالتخرجِ بالشهاداتِ الدوليةِ، بالإعفاءِ من المصاريفِ، بالإجازاتِ؛ كُلُه وعودٌ ممن لا يملكُ. القُري السياحيةُ التي كانت تحتلُ صفحاتٍ إعلانيةٍ احتفاليةٍ بمئاتِ الملايين لم تخرجْ لحيز الوجودِ. قُريً أُنشِئت علي الورقِ وسرَقَ المعلنون عنها ملايين الملايين فكانَ مصيرُهم السجونَ أو الهروبُ، وكانَ ضحاياهُم من الذين خدعَتهم الاحتفالاتُ الإعلانيةُ وعجزُ الجهاتِ الرقابيةِ عن حمايتِهم أو استرجاعِ شقاهم. توسعَ هذا الأسلوبُ في الاحتفالِ المُسبقِ وامتدَ وانتشرَ وتطورَ. يستحيلُ الاحتفالُ بالفراغ. لا يجوزُ أن تكونَ الاحتفالاتُ أولًا نهجَ أداءٍ أو تصعيدٍ، الواقعُ لابدَ وأن يفرضَ نفسَه، ما عدا الحقيقةَ مستحيلٌ. اللهم لوجهِك نكتب. • أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس