ظللنا لفترة طويلة نبحث عن صورة مصر الحقيقية لكننا الآن نري لأول مرة صورة مصر الحقيقية من داخلها دون وصاية أو مجال للمزايدة عبر عدسات مهزوزة وغير حيادية.. مصر كما نراها الآن علي شاشات التليفزيون المصري في العديد من البرامج هي نتاج حقيقي لتفاعل الإعلام مع مناخ الإصلاح السياسي والاقتصادي. أصبح الاعتماد في الإعلام علي أصحاب الخبرات المتميزة، مما أتاح ظهور العديد من الكفاءات الشابة المتخصصة من أهل الخبرة وليس من أهل الثقة أو مجموعة من الموظفين غير المؤهلين، كما حدث تطوير في مضمون الرسالة الإعلامية. أصبحنا نري ونسمع نقدا موضوعيا وغير موضوعي للحكومة ووزرائها وكبار مسئوليها، وأصبحنا نري ونسمع رؤساء أحزاب عبر موجات الإذاعة وشاشات التليفزيون، حتي أن البعض قد يخطئ ويتخيل أنه يستمع إلي إذاعة ليست مصرية لكنك سرعان ما تتأكد أنها أحد برامج الإذاعة المصرية التي تغيرت تماما وارتفع مستوي أفكارها. مناقشات وحوارات سياسية تختلف اختلافا كبيرا مع سياسات الحكومة، والمعارضة وجدت لها مكانا في الإعلام لتناقش قضايا سياسية كانت من المحرمات ومن الصعب ومن المستحيل الاقتراب منها. باختصار أصبحت الإذاعة والتليفزيون ملكا للجميع المواطن والمعارضة والحكومة بعد أن كانت حكرا علي الحكومة ومن يناصرونها حتي في الباطل. لقد أصبح لدينا سياسات إعلامية عامة تتيح الفرصة للاجتهاد الفردي لكل قيادة إعلامية للابداع والتطوير بدلا من التوجيهات من أعلي لأسفل! وهذا ما وضح تماما في مناقشة التعديلات الدستورية التي أيدها الشعب.