هو واحد من رواد الكتابة الإبداعية في جمهورية مالاوي؛ جنوبي شرق أفريقيا، ويرجع إليه الفضل في إثراء المشهد الإبداعي في بلاده، كما يحظي بحضور قوي علي الساحة الأفريقية؛ لإسهاماته المُتعددة في مجالات المسرح والشعر والسرد، فضلاً عن دوره البارز في إحياء الفلكلور في بلاده والحفاظ علي التراث الأفريقي علي مدي نصف قرن. ولد الشاعر والروائي والناقد تسيف شيموبو في مدينة زومبا، عام 1945. تلقي تعليمه الأساسي في مسقط رأسه، قبل أن يلتحق بجامعة مالاوي لدراسة الثقافة الشعبية والشعر الشفاهي والأساطير الإفريقية. واصل ستيف دراساته العليا وحصل علي درجة الماجستير من جامعة ليدز البريطانية ونال درجة الدكتوراه من جامعة كولومبياالأمريكية، والدكتوراه الشرفية من جامعة أيوا الأمريكية والدكتوراه الفخرية من جامعة مالاوي. اشتغل ستيف بتدريس الأساطير الأفريقية، لأكثر من أربعين عاماً في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية، وساهم في عدد من المشروعات للحفاظ علي التراث الأفريقي. وعلي المستوي الإبداعي، نشر ستيف مسرحيته الأولي »صانع المطر» عام 1975، والتي حققت نجاحاً ساحقاً في مالاوي، لدرجة أن الأوساط الأدبية في بلاده وفي دول أفريقيا منحته لقب صانع المطر. وفي عام 1987، أصدر ديوان شعر بعنوان »قصائد نابولو»، وهو الجزء الأول من ملحمة شعرية ضخمة وضعته في مصاف كبار الشعراء الأفارقة، وصدر الجزء الثاني منها عام 1992 بعنوان »الأفعي التنين! قصيدة ملحمية»، ونُشر الجزء الثالث بعنوان »نابولو والأفعي التنين»، عام 1994. وفي مجال الرواية، أصدر ستيف روايته الأولي »فتاة السلة»عام 1990، وروايته الثانية »غضب نابولو» عام 2000. ونشر ستيف مجموعة قصصية واحدة بعنوان »الضباع تتلفع بالظلمة» عام 2006، وكتاباً واحداً للأطفال عام 2002، بعنوان »أغنية الطائر الصبي». وعن دوره ومكانته الأدبية، أشاد صديقه الناقد والناشر إجيديو مبانجا بطريقته الذكية في معالجة الأساطير الأفريقية بطريقة حديثة، وإسهامه في إحياء الأدب الأفريقي الشفاهي بطريقة غير مسبوقة. واعتبره الكاتب المالاوي كاليبينا مبينا مُلهماً لعدد كبير من مبدعي بلاده، وأشار إلي دوره في دعم الشعراء والكتاب الشباب من خلال نشر أعمالهم في مجلة واسي التي كان يرأس تحريرها، فضلاً عن تأثيره الفني الكبير في جيل كامل من الشعراء والكُتاب. ولكن السمة الأبرز في مشروعه الإبداعي هي محاولة إحياء التراث الأفريقي، ويُعد ستيف أبرز من نجحوا في توظيف الأساطير الأفريقية لمعالجة القضايا الإنسانية والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلدان القارة السمراء، ولم تكن الأسطورة مجرد وعاء يستمد منها الأفكار أو الرموز فقط، بل استخرج منها الشخصيات والأحداث، واعتمد عليها في تشكيل البناء الدرامي لقصائده وأعماله السردية. تأثر ستيف في طفولته بالأساطير الأفريقية التي تناثرت في الأغاني والملاحم والسير الشعبية، كما عاش تجربة حياتية قاسية كانت سبباً مباشراً في استلهامه للأساطير الأفريقية. لقد واجه غضب الطبيعة في طفولته الأولي، أثناء فيضان نابولو العنيف، الذي كاد أن يقتله ويُغرق قريته عام 1946. وهذا هو سبب تركيزه علي أسطورة نابولو في ميثولوجيا القبائل التي هاجرت إلي شمال ووسط مالاوي؛ والتي تعتقد أن نابولو إله علي هيئة ثعبان ضخم، ويؤمنون بأنه خالق الأرض وصانع المطر ومُسبب الفيضان. ووفقاً للأسطورة، يعيش نابولو في باطن الأرض لكنه يغضب أحياناً، ويتسبب غضبه في صنع الأخاديد والفجوات الأرضية، وانهمار الأمطار التي تؤدي بدورها إلي فيضان الأنهار. وبعد سفره إلي بريطانيا، تعرف ستيف إلي قصائد الشاعر الكبير تي إس إليوت. وربما كان سبب إعجابه بقصائد إليوت هو طبيعتها الملحمية وإحالتها إلي الأساطير اليونانية القديمة، كما تأثر بنزعتها الحداثية وبما تضمنه من رموز ومعادلات موضوعية. ويمكن القول إن ستيف كتب نسخته الخاصة من قصيدة »الأرض الخراب» في قصائد نابولو لوصف مرارة الواقع في وطنه، مُستلهماً الأساطير الأفريقية. لكن قراءة سريعة لديوان نابولو تكشف عن تأثر ستيف بلغة إليوت في رائعته »الرجال المجوفون»، لدرجة أننا نلمح بعض التركيبات اللغوية المُقتبسة منها، وبنفس قيمتها الدلالية. وكانت مُحصلة هذا المزج بين الأساطير الأفريقية وأسلوب إليوت في الكتابة أن اتسمت أعمال شعار ستيف، الشعرية والسردية، بروح السخرية وكثرة استخدام الرمز والكناية للتعبير عن أفكاره، هرباً من الرقابة علي الإبداع التي سادت بلاده منذ عقود. وتحولت الأسطورة إلي أداة، لانتقاد الأوضاع السياسية التي أدت إلي تدهور الحالة المعيشية في بلاده. وفي قصيدته »إعلان حداثي» يعقد مقارنة بين سطوة إلحاح الخطاب السياسي وطريقة إلحاح الإعلانات التجارية، ولكن بطريقة الرمزية الساخرة التي تستوحي لغتها من عالم الأساطير: (تستيقظ في عالم موازٍ/ الأغنية تتسرب في تجاويف العقل/ وتزيح الواقع/ وتتراقص مثل اللهب في زوايا الروح/ ثم تتقافز علي الجدران/ وتجعلك تنحني أمام سطوة الصناجات). وتقديراً لمسيرته الإبداعية الطويلة، حصل ستيف علي عدة جوائز محلية وأفريقية، من بينها جائزة نوما الأفريقية عن ديوانه »قصائد نابولو» وجائزة اتحاد كتاب مالاوي عن مُجمل أعماله عام 2015. وفي العام نفسه، توفي ستيف إثر أزمة صحية، ودُفن في مسقط رأسه في جنازة شعبية ضخمة. واندهش مشيعوه من غزارة الأمطار أثناء جنازته وتوقفها فور وضعه في القبر، واعتبرها أغلبهم تحية من السماء لصانع المطر. مقطع من قصيدة نابولو ستيف تشيمومبو ترجمة: نصر عبد الرحمن أجل، سقط المطر يا إلهي، لقد انهمر حتي اختنقت الأرض بما شربت وانتفخت مثل امرأة حُبلي. وجاء نابولو مع المطر نهش رحم الأرض، فصرخت وأُجهضت. انتزعت أسنانه الأشجار من جذورها وصاحت الطيور علي ضفاف الأنهار أثناء اندفاع الثعبان الضخم بينها. عشنا لنحكي قصة نابولو حول النار همساً، خلف الأبواب المُغلقة وضحكنا، بأفواه فاغرة وعيون يطل منها الموت، صدي ملامح الخوف علي الوجوه يتردد في العقول المجوفة.