اعتاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي الخروج علينا كل فترة بفكرة تحدي جديدة تبدأ بروح السخرية والتسلية وتخرج من بين يدينا محملة بعمق المعاني وقسوة التجارب التي شكلت تاريخنا وواقعنا الذي نعيشه. واستوقفني في تحدي العشر سنوات عدد من الصور والمقارنات الملهمة التي كانت أحيانا تحكي قصة دول كانت موجودة وتنعم بالسلام وأصبحت اليوم معقلا للصراعات والإرهاب. وأخري اكتفت بوجوه أطفال كانوا يجلسون في فصولهم الدراسية وأصبحوا يعيشون اليوم في مخيمات اللجوء التي تفتقد لكل مقومات الحياة وتعلو وجوههم نظرات الوجوم الطويلة التي تحكي قسوة ما عاشوه والخوف مما قد يحمله لهم المستقبل من كوارث جديدة. ولكن كعادتي وأنا أبحث عن القصص الإنسانية من وحي الصور التي أراها بعين أخري شاهدت صورتين للقائد الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي نشرتها زوجته فدوي وكتبت » بين الصورتين 20 سنة، شكلك اتغير، لكن إرادتك ما انكسرت،وعزيمتك ما لانت، وصبرك ما نفد، وإيمانك بحتمية انتصار شعبك زاد، وحبك للناس إللي انت منهم وللأجيال إللي انت رمز لهم زاد ومكانتك عند شعبك اتعمقت في عقولهم ووجدانهم وقلوبهم، وضل يتأمل الفقراء والكادحين والمقهورين، دفعت ثمن غالي لكن مش خسارة في فلسطين وشعبها الطيب التواق للخلاص من الاحتلال». بهذه السطور القليلة رصدت فدوي حكاية شعب وقضية وطن في صورة زوجها الأسير في سجون الاحتلال منذ ربع قرن. لم تتحدث عن معاناتها كزوجة وأم شاءت الأقدار أن تربي أطفالها وحيدة بعد اعتقال زوجها بل وتحولت لمناضلة في سبيل قضيتها التي تنادي بتحرير زوجها مروان وكل الأسري الفلسطينين من سجون الاحتلال الإسرائيلي وأيضا قضيتها الكبري كفلسطينية بتحرير وطنها فلسطين من الاحتلال. هذه الزوجة والحبيبة التي تحرص في كل مناسبة وحدث أن تكتب كلمات بلسان زوجها الأسير وتنشر صورته وحلمه وتتباهي بمسيرته النضالية. تنام كل ليلة وهي تعد الساعات والأيام التي غاب فيها زوجها وشريكها عن المنزل ولا تعرف متي سيعود؟ وكتبت كيف كانت حاجتها له كأب ملحة في سنوات دراسة الأبناء وحضور حفلات تخرجهم. وكيف عاشت لحظات قاسية باعتقال ابنها الأكبر القسام بعد عام ونصف من اعتقال والده والذي كان في ال18 واعتقل 4 سنوات لتزيد معاناة هذه الزوجة والأم. ومن جانب آخر لم تكن لقاءاتها مع زوجها الأسير تخلو من الإذلال والإلغاء والتفتيش المهين وصعوبة التواصل مع زوج أسير بينها وبينه لوح زجاجي وتحدثه من خلال سماعة معطلة في أغلب الأحيان. وستدرك أنه رغم اعتقال مروان مازال الاحتلال يخشاه ولم يستطيعوا إسكات صوته او النيل من ارادته بسبب هذه الزوجة الاستثنائية التي كانت صوتا له وكرست حياتها من أجله وسافرت لمعظم دول العالم وقابلت الزعماء والقادة لتنقل لهم نبض زوج مناضل أسير يحمل قضية وطنه. وكم يحدونا الفخر لأنكم بيننا..فدوي ومروان.