بالتأكيد التدين الحقيقي يظهر بين البشر في معاملاتهم وأخلاقياتهم والعمل الجاد لإسعاد الناس وحفظ الوعد.. أما العبادات فالحكم عليها لله وحده.. لذلك لا أفهم نسيان كل ذلك والإصرار علي التدين الشكلاني كما يتبدي في الملابس واللحي المتدلاة والجلابيب القصيرة والأدعية المكررة كأسطوانات مشروخة تتردد بلا روح كأنهم يروجون لبضاعة عبر لافتات ربطوها بالدين.. وما أستغربه هو طوفان البوستات الإلكترونية التي تملأ فضاء شبكات التواصل الاجتماعي بلا »إحم ولا دستور» حاملة العديد من الشعارات المنتسبة للتدين.. وأنسبها للتدين الشكلاني أو ما نطلق عليه التدين الإلكتروني..! فتصدمني بوستات التدين هذا التي تلتحف بالأدعية والمواعظ الإلكترونية عبر صفحات تم دروشتها ببوستات وأدعية سابقة التجهيز ترسل للعديد من الأشخاص بضغطة زر واحدة.. وتستحلفك بالله ألا تحبس ذلك البوست أو المنشور عندك وتطلب أن تمرره لغيرك حتي تنل الثواب وتنجو من العقاب وتنذرك بوقف الحال إن توقف البوست عندك.. وآخرون يطلبون المشاركة في مليونية أو مليارية الصلاة علي النبي إلكترونيا.. ومنهم من يلجأون لاستجوابك بالتأنيب والتوبيخ سائلين: كم مرة صليت علي النبي اليوم..؟!. وصفحات تدمع بكاء علي ما فات وما ينتظرنا من عذاب أليم.. وطلبات للاستغفار والندم.. وعبر مناسبات دينية يرسل لك بوستات إلكترونية بلا روح أشهرها ما يقتحمنا أسبوعيا »جمعة مباركة».. أو يرفعون صورة طفل تارك الرضاعة منذ قليل وهو يصلي علي سجادة يرتدي طاقية وبجانبه سبحة.. تشعر كأنك أمام إحدي الألعاب الإلكترونية لا تتطلب منك سوي ضغطة علي الكيبورد لتشارك في ألعابهم..! أظن أن بعضهم في غفلة عن مغزي التدين الحقيقي في المعاملات بين البشر.. والأهم عندهم الشعارات الإلكترونية التي أصبحت تشغل كل أوقاتهم كأنها أصبحت فرائض دينية عندهم أو دينا جديدا يتم تدشينه عبر »الكتائب الدينية» بالأدعية والذكر وتمرير بعض السور وتنويهات جمعة مباركة وليلة الخميس وغيرها.. ويغفل »المؤمن الفيسبوكي» أهمية السلوك في حياتنا الواقعية.. وربما يتخطي الخطوط الحمراء كإثارة الشائعات والخوض في الأعراض وإغواء الرجال أو النساء.!! ومن غير شك بعض من سدنة التدين الإلكتروني منافقون يتخفون وراء شعارات دينية ويظهرون من الأخلاق والعفة والحشمة ما ليس فيهم بهدف التقاط أو»شأط» النصف الآخر أو نيل الإعجاب والرضي بين مرتادي الصفحة وجمع أكبر قدر من الإعجاب و»اللايكات».. وغالبا يلتقطون ضحاياهم من الإناث بتلك البوستات الدينية التي تصادف هوي لدي غالبية المراهقات وبعض الشباب.. وكلنا سمعنا كيف جندت داعش العديد من الشباب حول العالم بشعاراتها الدينية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.. اصطياد خسيس وبوستات للتمويه سواء تعلق الأمر بالإناث أم الذكور.. ومؤمنو الفيس بوك والتدين الإلكتروني تجدهم يؤدون طقوسهم الدينية وعباداتهم خلف شاشات الكمبيوتر والهواتف المحمولة وتجدهم أكثر الواعظين في العالم الافتراضي وهم أكثر الناس خبثا يرتدون عباءة الدين رياء ويتخفون وراء مواعظهم وتدينهم لاصطياد ضحاياهم إلكترونيا.