في يوم شتائي الملامح من أيام سنة 1988 التقيتها لأول مرة في قصر ثقافة مصر الجديدة وقد استحوذت علي مشاعر الحاضرين بقصائدها المتشبعة بروح إيمانية ولغة قرآنية وهي تُنشد مناجاة للنبي صلي الله عليه وسلم: (أثقلتها حرقة الندمِ/ مهجة تسعي علي قدمي/ قد براها الوجدُ فانزلقت/ ساقها من سيله العرمِ/ يا أبا الزهراء ليت لها/ حين تسعي موضعا قدمي)، إنها الشاعرة نور نافع رائدة ندوة شعراء العروبة والحائزة علي الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون والآداب بكاليفورنيا سنة 1990 والتي قال عنها شيخ النقاد د. محمد عبد المنعم خفاجي إنها تتمتع بصوفية مشرقة. عرفتها عن قرب لما يقرب من ثلاثين عاماً وكنت أنتشي حين أسمعها تنشد قصائدها وكأنها أم كلثوم تشدو شعراً ومما لا أنساه قولها في الفتنة الكبري وهي غزو العراق للكويت سنة 1991: (أجل إنها أزفت آزفه/ وليس لها بعد من كاشفه/ سوي من يد الله إن شاء يرضي/ ويحقن هذي الدما النازفه)، ولها درة فريدة في ذكري انتصار 6 أكتوبر تقول فيها: (ألقيهِ في اليمَّ يعبر مثلما عبروا/ ولتصبري أم موسي إنهم صبروا/ سيناءُ سيناءُ والوادي الجليل طوي/ والطور والتين والزيتون والقمرُ/ هذا هو اليمُّ نفس اليوم ساحتنا/ وها همو جندنا لكنهم عبروا/ أليس من حكمة الرحمن حين نري/ جنود فرعون بالأيام تنتصرُ).. رحم الله الشاعرة نور نافع التي اتسمت بالخلق النبيل والحياء الجميل مع ورع جليل وزهد في الشهرة والأضواء، وقد نشأت في بيت علم وأدب فأخوها الأكبر هو الزجال والشاعر الغنائي أنور نافع (أحد الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو) وأخوها الأصغر هو المستشار عبد الرحيم نافع محافظ دمياط ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب الأسبق وكان ذواقة للأدب محباً للشعر وطالما جمعتني بها وبهما جلسات ممتعة عطرة في منزلها بشارع مصر والسودان حتي رحيلها عن86 عاماً في يناير 2016.