قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. أصبح يمثل عنصرًا أساسيًا في دعم الخطط التنموية للدولة ومحركا دافعا في جهود بناء اقتصاد تنافسي متنوع يعتمد علي الابتكار والمعرفة. لم تكن تلك الكلمات التي قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاح معرض القاهرة الدولي للاتصالات، إلا تعبيرًا عن قطاع من أهم القطاعات التي لم تشهد نموا داخلها فقط، بل امتد وبدون مبالغة علي مدي أكثر من 20 عاماً إلي أن يكون إحدي القاطرات التي ساهمت في جذب المجتمع المصري إلي الأمام، وإحداث نقلة نوعية به عبر توطين التكنولوجيا في كافة ربوع مصر وتوفير بيئة إيجابية شجعت علي بناء قدرات الشباب والنهوض بالصناعة. الحقيقة المؤكدة والتي لا يمكن إغفالها أن مصر أولت اهتماما بقطاع الاتصالات ولم تبخل الدولة تجاهه بأي شيء وقدمت له كافة أشكال وأنواع الدعم المادي والمعنوي، حيث حرصت علي تطوير وتحديث البنية التحتية للاتصالات وإقامة المدن الذكية وتمكين مختلف فئات المجتمع من استخدام الخدمات الرقمية ونشر الوعي المجتمعي بأهمية التحول الرقمي. هنا يقول الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن مصر لديها إدراك كامل بأهمية التحول إلي المجتمع الرقمي من أجل دعم خطط الدولة للتنمية وترشيد استخدام موارد الدولة، ومكافحة الفساد المالي والإداري وتحقيق إنجاز حضاري يحقق مستوي متميزاً في الخدمات المقدمة للمواطنين. وعندما نترجم هذا الإدراك إلي أرقام ملموسة سنجد أن صادرات القطاع من تكنولوجيا المعلومات تبلغ نحو3.2 مليار دولار، وقد تمكن القطاع من تحقيق نسبة نمو بلغت 16٪ خلال الربع الأول من العام المالي الحالي- أي في الفترة من يوليو إلي سبتمبر 2018، وهو أعلي معدل نمو بين قطاعات الدولة ويسعي القطاع إلي رفع نسبة مشاركته في الناتج القومي الإجمالي من 3.1٪ حالياً إلي أكثر من 5٪ خلال السنوات الثلاثة القادمة. ومن أجل تحقيق هذه النسبة وفي التوقيت الزمني هذا فإننا في هذه المرحلة نرتكز علي ركيزتين أساسيتين تم استنباطهما من تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأولاهما تتعلق بمحور بناء الإنسان المصري حيث تسعي الوزارة للقيام بدورها في تنفيذ هذا الهدف الاستراتيجي الهام، والركيزة الثانية تتعلق بمحور "التحول الرقمي"، علي أن يتم ذلك في إطار تشريعي وإداري منضبط يضمن تحقيق أعلي معدلات الاستفادة، حيث تم إصدار عدد من التشريعات لحماية الصناعة وتحفيزها وتشجع المستثمرين مثل قوانين الجريمة الإلكترونية وحماية البيانات وكذلك قانون التجارة الإلكترونية الذي يتم إعداده حاليا وهو يعد مطلباً رئيسياً لشركات القطاع المصرية والشركات متعددة الجنسيات العاملة في القطاع لتحفيز وزيادة الاستثمار. وفي "الركيزة الأولي" سيتم البدء فورا في تنفيذ عدد من المشروعات الضخمة مثل "مشروع خدمة الأهالي بالمناطق المهمشة والنائية" وتوفير كافة احتياجاتهم من التكنولوجيا والمعلومات مع تفعيل آليات جديدة لزيادة التدريب وآليات لدعم الإبداع والصناعات الصغيرة وآليات جديدة لدعم الفئات المهمشة ، وكذلك البدء في خطوات إنشاء الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة والتي أعلن الرئيس عنها وسوف يتم إنشاؤها وفقا لأحدث معايير الجودة والتدريب لتكون تكليلا لجهود الدولة في دمج وتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة وبهدف دعمهم وإتاحة المزيد من الفرص لهم، والقيام بدور فاعل لهم في المجتمع. أما "الركيزة الثانية" فإن دور الوزارة فيها هو تمكين باقي أجهزة الدولة من تنفيذ التحول الرقمي وفي هذا الإطار ستطلق الوزارة 5 مبادرات جديدة مع افتتاح مشاريع جديدة تتعلق بالخدمات الحكومية ومنها منافذ الخدمات المختلفة والتي من بينها مكاتب البريد والتي تحولت من مجرد مكاتب استقبال للطرود إلي مراكز متكاملة للخدمات الحكومية علاوة علي مجمعات الخدمات الحكومية ومراكز الاتصال والمنصات والبوابات الإلكترونية. وكذلك سيتم بدء تطبيق الكارت الذكي الموحد خلال العام المقبل بالتعاون بين عدة وزارات وجهات حكومية والبنك المركزي حيث يشمل الكارت كل تعاملات المواطن سواء المالية أوالدفع الإلكتروني وسيبدأ بخدمات الحكومة الذكية ثم يتم باقي الخدمات علي أن يتم تقديم خدمات السلع التموينية والخبز كأول خدمة علي الكارت وسيتم إنشاء حساب لكل كارت ذكي في البنوك المصرية. والحقيقة لكل متابع لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سيخرج بنقطة هامة جدا وهي أن المجهود فيه ليس قاصرا علي وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعدد من الهيئات بل هو تجسيد للتعاون المثالي والإيجابي بين مختلف أجهزة الدولة، فهناك الكثير من المشروعات التي يتم تنفيذها مع الوزارات والجهات الحكومية المختلفة لتقديم الخدمات إلكترونيا سواء للمواطنين أو المستثمرين، ومن ثمار هذا التعاون أن هناك أكثر من 20 خدمة للمواطن ستكون متاحة علي الهاتف المحمول ويستطيع الحصول عليها في أي مكان بحلول منتصف العام المقبل. مثل خدمات الشهر العقاري والتأمين الصحي والضرائب العامة والقيمة المضافة وتراخيص السيارات والقيادة وغيرها من الخدمات الهامة للمواطن وكذلك هناك مشروعات مثل الإصلاح الضريبي الذي سيتم تنفيذه بالتعاون مع وزارة المالية لتطوير المنظومة الضريبية في مصر بهدف تحسين الأداء الضريبي وزيادة قدرة الدولة علي تحصيل مستحقاتها الضريبية لزيادة موارد الدولة، وكذلك مشروع الفاتورة الرقمية المقرر أن يتم البدء فيه مطلع العام القادم بالتعاون بين وزارة الاتصالات ووزارة المالية. بالإضافة إلي مشروع ربط الأجور بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص والقطاع الحكومي بمنظومة التأمينات في مصر، هذا إلي جانب مشروع كارت الفلاح بالتعاون مع وزارة الزراعة، والتعاون مع وزارة الصحة والجهات المعنية في تطوير منظومة التأمين الصحي الشامل وهناك أيضاً المشروع القومي لتكامل قواعد البيانات بالتعاون مع قطاعات الدولة المختلفة بهدف بناء منظومة تكنولوجية متكاملة تتيح الحصول علي قواعد بيانات متكاملة وسليمة ومدققة وجاهزة للتكامل مع قواعد البيانات القومية توفر منصة تكنولوجية تضمن تنظيم وتبادل المعلومات بين جهات الدولة بما يسهل علي أجهزة الدولة المختلفة تقديم خدمات متكاملة للمواطنين. بالطبع فإن كل هذه المحاور لن تتحقق إلا من خلال وجود كوادر بشرية خاصة من الشباب مؤهلة ومدربة جيداً خاصة ومن منطلق أن أهم عناصر التميز في صناعة تقوم علي الإبداع والابتكار خاصة مع التغير الكبير الذي فرضته التطورات الحديثة علي أسواق العمل والذي يفرض أن يكون هناك تدريب جاد وحقيقي بغرض تشجيع الإبداع وخلق مناخ يزيد من إمكانياتنا في توليد أفكار جديدة. وبالفعل فإن هناك تعاوناً مع الجهات المختلفة علي تدريب كوادرها علي المهارات التكنولوجية اللازمة لمجالات عملها، وعلي سبيل المثال هناك تعاون بين وزارة الاتصالات والهيئات التابعة لها مع البنك المركزي لتدريب كوادر القطاع المصرفي علي تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال وضع مناهج ومحاور جديدة مختلفة في تكنولوجيا المعلومات، كما أن هناك سعياً لتوفير تدريب متخصص في قطاعات مماثلة مثل القطاع الدوائي والتأمين الصحي وغيرها من القطاعات. كما أن هناك خطة تنفذ لمضاعفة أعداد المستفيدين من البرامج التدريبية المتخصصة التي تقدم من خلال معهد تكنولوجيا المعلومات والمعهد القومي للاتصالات والتي تبلغ حاليا من 5 إلي 6 آلاف متدرب، مع التركيز علي التوسع النوعي لبرامج التدريب المقدمة إلي جانب التوسع العددي المشار إليه حتي يتمكن شبابنا من الوقوف علي كل ما هو جديد كل يوم في صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حول العالم. وعن جذب الاستثمارات الخارجية لهذا القطاع، تقول مها رشاد، القائم بأعمال رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، إيتيدا، إنه في هذا المجال نعمل من خلال ثلاثة محاور، أهمها الترويج لمصر كأحد أهم مقاصد التعهيد وتصدير التكنولوجيا والتعاون المكثف مع المحللين الدوليين وقادة الفكر لتحسين الصورة الذهنية عن مصر وبيئة الأعمال، وتحسين مركز مصر في التقارير العالمية لمقاصد التعهيد وتنظيم ورعاية البعثات التجارية والمؤتمرات والمحافل الدولية، أما المحور الثاني فهو التواصل المباشر مع المستثمرين الحاليين وتقديم حزم من الحوافز للشركات الموجودة بالفعل لخلق فرص عمل جديدة بالسوق، مع إعداد قوائم من المستثمرين الأجانب المستهدفين وفتح قنوات للاتصال للعمل علي جذبهم للسوق المصري. والمحور الثالث يتعلق بالجهود التي نقوم بها في الوقت الراهن مع عدد من الشركات العالمية لتحفيزهم علي إنشاء مراكز للتميز في مجالات التكنولوجية المتخصصة، والهيئة تركز علي المحور الخاص بالإبداع وريادة الأعمال وفي هذا الصدد بدأنا في الخطة التنفيذية لمبادرة مجتمعات الإبداع في الجامعات والتي تمثل حلقة جديدة من حلقات التعاون بين الهيئة ومركز الإبداع التكنولوجي التابع لها والجامعات بهدف تشجيع الطلاب ورواد الأعمال في المحافظات علي تأسيس مشروعاتهم الريادية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكل ذلك يتم بالتوازي مع شركاء الهيئة الدوليين علي نقل أحدث الاتجاهات للسوق المحلية التي تدفع ناحية التحول الرقمي، مما يسهم في تمكين مختلف أجهزة الدولة من تنفيذ البنية التحتية الضرورية.