للفنان سلفادور دالي قبل أيام قليلة، كنت أضمك إلي صدري و بين أحضاني و أستمتع بدفء أنفاسك، تماما كأم تأخذ صغيرها بين أحضانها في حركة تلقائية يغمرها الحنان. أفاقتني من شرودي برودة تسللت إلي جسدي، فأدركت وقتها انك لست هنا، وأن أنفاسك الدافئة ما هي إلا من وحي خيالي. أتذكر ذلك اليوم يا عزيزي ؟ تنازعنا وقتها، لا أتذكر لماذا و لكنك هممت بالرحيل كعادتك. تركتك تذهب و أنا علي يقين أننا سنعاود الحديث غداً مثل كل مرة. و يأتي الغد و لم تأتني، أحادثك ولا تجيب كبريائي، أذهب إليك ولا تستقبل حنيني. مر يوم، يومان، أسبوع ... شهر وما أبطأ هذه الأيام التي لا تنتهي. في الأسبوع الأول، كانت نيران كبريائي تشتعل حتي أصبحت كجمرة النار التي أذابت ثلج ديسمبر. و يمر الأسبوع الثاني كخطي السلحفاة. ويأتي الثالث و حالي هو حالي، لكني لم أعد أتفقد هاتفي كل فيمتو ثانية كحالي سابقاً، ومن ثم يأتي الأسبوع الرابع و كنت حقاً تناسيتك و تناسيت كلامك ورائحتك و كل شئ يتعلق بك. وأخيراً و ليس آخراً تمر الشهور علي غيابك و تأتيني باكياً و تظن أنني سأكون بأسوأ حالاتي. رأيتك.. رأيت عينيك الباكيتين، لكني حاولت جاهدة أن أظل صامدة أمامهما، و داخلي شئ يبقيني ثابتة لا أهتز أمامك. أريدك أن تتألم لتشعر بمرارة ألمي. أتيت في الوقت الخاطئ يا عزيزي. أتيت بعدما تعودت علي فراقك.عدت أنت ورحل حبي. جلستُ لكي أكتب مذكراتي، وكانت الصفحة الأخيرة في مذكراتي وأيضاً في مشاعري.كتبت : تناسيتك ولم أنسك، أحاول بقوة كل يوم أن أتناسي حبك لكن ذلك لا يجدي نفعاً، تماماً كمن يهدم جبلاً بمطرقة صغيرة. عدت و عاد الخريف معك و سقطت دموعي و روحي و آلامي مثل الورقات التي سقطت بسبب مافعله الخريف بها، وبعد أن صمدت مدة طويلة يجعلها القدر تسقط باهتة ومنهكة. كم تشبه الخريف يا عزيزاً، فأنت أيضاً جعلتني أسقط دون أن تستطيع شمس الصيف أن تحيي روحي من جديد. و في نهاية مذكراتي، أقول لك إن ورقتك المفضلة ستظل تحبك طوال العام... و داعاً يا خريفي. مريم أشرف الجيزة