مبني قيادة الثورة علي كورنيش النيل بحي "جاردن سيتي" يظهر مبني "مجلس قيادة الثورة" علي الضفة الأخري مثل القصور المرسومة في قصص الحكايات الخرافية، يخطف البصر ويثير فضول كل من يراه، لكنك حين تعبر النهر وتقترب من المبني لن تري شيئا سوي هيكل لبناية فارغة تطل الكراكيب من نوافذها وتستند علي سقالات من الداخل لتقاوم الزمن، وحين تعرف أن ترميم المبني بدأ قبل 15 عاما ولن ينتهي العمل فيه قبل عام ونصف العام سوف تضرب كفا بكف علي سنوات أهدرها مسئولون في تصريحات جوفاء لا تقدم ولا تؤخر. من فاروق حسني إلي إيناس عبدالدايم تعاقب عدد من وزراء الثقافة لكن النتيجة دائما هي بقاء الوضع علي ما هو عليه، ولم تجد د. سهير حواس نائب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تفسيرا لعدم الانتهاء من ترميم المبني التراثي المسجل طبقا لقانون 144 لسنة 2006 موضحة أنه لا يدخل ضمن خطة تطوير القاهرة الخديوية وله مشروعه المستقل. وأسفت علي وفاة المعماري د.أحمد ميتو مصمم المشروع والقائم علي تطويره الذي توفي نتيجة حادث، بعد أن نفذ جزءا كبيرا منه، وتقول حواس: لا نعلم لماذا توقف المشروع؟.. فنحن جميعا ندرك أن وفاة المعماري لا تتسبب في وقف المشروع مطلقا، وقد توقف المشروع فعليا قبل وفاته. فيما قال حلمي النمنم وزير الثقافة السابق إن خطة تطوير المبني كانت تسير كما هو مقرر لها حتي غادر الوزارة، وأنه إذا استمر العمل علي التطوير فمن المقرر أن يتم افتتاحه عام 2019. وقال د.خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية: من الصعب للغاية تحديد موعد الافتتاح لكنهم يعملون بكل جهدهم لإنجاز المهمة، فمن الممكن أن تتأخر الشركة في التسليم!. هناك موعد محدد ولكن لا يمكننا أن نجزم متي بالضبط!.. فمن الممكن أن نكون طلبنا تكييفات من الخارج وأشياء أخري خاصة بسيناريو العرض وقد تتأخر قليلا فيتم التأجيل! وأضاف: شركة المقاولون العرب هي المسئولة عن خطة ترميم وتطوير وتجهيز سيناريو العرض لمبني مجلس قيادة الثورة وتسير وفقا لجدول زمني. وأوضح: سيضم المتحف قاعات لزعماء مجلس قيادة الثورة جميعا وليس شخصا واحدا وكل منهم سيأخذ حقه بالكامل في العرض الذي سيتم بطريقة تفاعلية جديدة ستتواجد في المتحف بالإضافة للمقتنيات. وحول مقتنياته قال: جزء منها متواجد حاليا في المخازن وجزء آخر تم إرساله إلي متحف جمال عبد الناصر، وسيتم تقسيمها بحيث يظل جزء منها في المتحف الخاص بالزعيم الراحل مثل أغراضه الشخصية ، أما المقتنيات العامة المتعلقة بثورة 23 يوليو 1952 فسنجدها في متحف قيادة الثورة. ونفي أن يجسد المتحف كل الثورات مؤكدا أنه خاص بثورة يوليو فقط، وتوقع أن يكون الافتتاح خلال 18 شهرا قابلة للزيادة أو النقصان. القصر المصمم علي الطراز المعماري اليوناني القديم يضم ثلاثة طوابق ويحتوي علي 40 غرفة، كان الملك فاروق أشرف علي بنائه بنفسه عام 1949، ليكون مبني سكنيا علي مساحة 3200 متر مربع. تكلف 118 ألف جنيه، وتم إعداده كمرسي للسفن واليخوت الملكية، وكان من المقرر افتتاحه في يوليو 1952، إلا أن ثورة 1952 لم تمكن الملك من تنفيذ حلمه، وقام الضباط الأحرار بالاستيلاء علي المبني يوم 23 يوليو، ليخرج منه أول بيان للثورة، بصوت الرئيس أنور السادات، وشهدت جدرانه أهم القرارات المصيرية، ومنها قانون الإصلاح الزراعي ومحاكمات الثورة، واتفاقيات السودان والجلاء البريطاني عن مصر. وفي عام 1996 بدأت قصة انهيار المبني بصدور القرار الرئاسي رقم 204، سنة 1996 بنقل تبعيته إلي وزارة الثقافة، ليكون متحفا لزعماء ثورة 52، فأصدر فاروق حسني وزير الثقافة آنذاك القرار 422 بضم المبني إلي المركز القومي للفنون التشكيلية، وشكل لجنة لجمع وتسلم مقتنياته التي قدرت ب 11886 قطعة، وأهمها "ميكروفون بيان الثورة"، و"أول علم رفع علي أرض سيناء بعد العبور"، ووثائق أحداث الثورة، ومجموعة قيمة من اللوحات لكبار الفنانين، كلوحة "إنسان السد" وشعار وزارة الري، ومن هذا المبني خرجت جنازة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. نقلت المحتويات إلي المخازن، سنة 2003، ليدخل ضمن عملية الترميم، التي لم تنته حتي الآن.