نعم لقد عشنا أياماً ما أجملها وأحلاها في ثورة 25 يناير ؛ وهو ما يسمي بثورة التحرير ؛ ونحن نكمل هذه المسيرة الآن بثورة الاستفتاء ؛ فما رأيناه في التحرير من عرس للديمقراطية والحرية والعدالة والجو الصافي الهادئ بين أطياف الشعب المصري ؛ وجدنا في يوم أخر يسمي يوم الاستفتاء 19 مارس ؛ وبعد انتهاء هذا العرس الجميل لنا ملاحظات عليه وهي : أولا ً : ما نرفضه علي الاستفتاء : 1- نرفض ما يقول أن الشعب مصري شعب ساذج وليس مثقف ولم يعلم شياً عن الدستور ؛ وأنه ذهب خلف الشعارات الدينية والحزبية ؛ ليقول نعم أو لا ؛ فلقد رأينا عائلات تخرج للاستفتاء وهي منقسمة ما بين نعلم ولا ؛ وما أجمل أن نري عروس وزوجته في ليلة عرسهم أحدهم يقول بنعم والأخر ب لا ؛ وقد رأينا ذلك كثيرا في هذا اليوم المشهود بل وجدنا من رجال الدين من المسلمين والمسحيين من يقول لا . 2- نرفض من يشكك في ميزان القوي والتحليل بغير دليل لنتائج الاستفتاء ؛ ومن لا يعترفون بقوة التيار الإسلامي في مصر ؛ وإلا من أين أتي 14 مليون مصري ليقولوا نعم ؛ ونحن نعلم أن جميع القوي السياسية كانت رافضة للتعديل ؛ وقوة أخواننا المسحيين لا تتجاوز 2 مليون والقوي السياسية بذلك لا تتعدي 2 مليون ؛ فمن أين جاءت القوي الأخرى . 3- نرفض من يقول وما دخل الدين بالسياسية لأن الدين منهج حياة ؛ جاءت لينظم حياة البشر ؛ وكان أول دستور في المدينة بعد هجرة النبي ( ص ) لينظم الحياة بين الأطياف المختلفة من أهل المدينة . 4- نرفض فكرة أن التصويت بنعم جاءت نتيجة لأن الناس لا يفهمون الدستور ؛ فليس مطلوب من كل الناس أن يعرفون الدستور جيداً ؛ وليس من العيب أن استشير من يفهم ذلك وأنا أثق فيه وهو أهل تخصص في ذلك ؛ وإلا فما هي العبرة بوجود رجال القانون الذين هم مهمتهم فهم الدستور وشرحه لنا ؛ ونحن لينا من نثق فيهم . ثانياً : حقائق مؤكدة : 1 - أن الشعب المصري أصبح يرفض من يفرض رأيه عليه ؛ ولا ينساق خلف الشعارات اللامعة البارقة دون تدقيق وتحليل ووعي ودراسة جيدة ؛ والنتيجة معبرة عن ذلك جيدا ولم نراها من قبل . 2 - تغيير ميزان القوي ؛ فكان من القوة بمكان عندنا الإعلام وأثره علي الشارع ولقد رأينا من زخم إعلامي في برامج التوك شو وصفحات الجرائد المستقلة لرفض التعديلات الدستورية ؛ ومع ذلك جاءت عكس ما كانوا يريدون؛ ووضحت كل قوة سياسية علي حجمها الطبيعي من أحزاب وتيارات أخري؛ وأن جميع الأحزاب الموجودة هي هشه ضعيفة لا وجود لها في الشارع ؛ ولابد لها من انتفاضة لتعبر عن نفسها من جديد . 3 – نقول بأنه ذهب زمن التنظير والجلوس علي الكراسي في المكاتب المكيفة ؛ ومن أراد أن يحقق نجاحاً وطنياً وقوميا ً ؛ لابد وأن ينزل إلي أرض الشارع ليكتسب شرعيته من الشارع ؛ وأن الشرعية الحقيقية لأي أحد هي شرعية الشارع ؛ وليست شرعية الصوت العالي فقط دون عمل جاد في ساحة المعركة بين الفرسان البواسل . 3 - تغيير ميزان القدوة ؛ فلقد عشنا في فترة من الزمن كان قدوة الشعب المصري والشباب خاصة ؛ هم لاعبي كرة القدم والفانيين و مع احترامي لهم جميعاً ؛ فلقد تغير ذلك ليصبح ميزان القوي عندنا هم العلماء والمثقفون وأهل الرأي والعلم والثقة من أهلنا وذودينا . 4 - أن العصر القادم لا مجال فيه إلا المخلصين الشرفاء من الذين لا يريدون بما يعملون إلا المصلحة العليا للوطن ؛ ولا يريدون بذلك مصالح شخصية نفعية . 5 – اعتدال الأمور في مسارها الصحيح ؛ فلقد أصبح الحق هو الحق والباطل لا جذور له ؛ فلقد عشنا في زمن تزييف الحق وإعلاء صوت الباطل ولبس الأمور ببعضها ؛ فلقد ولي هذا الزمن وأصبح الحق ظاهراً جلياً ؛ والباطل منكراً خفياً . وبذلك صورة مصغرة عن هذا العرس الديمقراطي الجميل الذي نعيشه ونتمنى أن يظل فينا كثيراً نحيا به ونعمل من أجله نري بلدنا الحبيبة مصر في دور العالم المتقدم الرائد .