رئيس جامعة المنوفية يتفقد مدينة الطالبات بكلية التربية النوعية في أشمون    أسعار الذهب في نهاية تعاملات اليوم الأحد    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    التموين: متابعة أسعار 17 ألف سلعة يحتاج إلى تشكيل مجموعات على أرض الواقع    «الصناعات الكيمياوية»: إنتاج مصانع الأسمدة في مصر لم يصل مستويات ما قبل قطع الغاز    تبكير موعد صرف رواتب شهر يونيو 2024 بالزيادة الجديدة    «سياحة الشيوخ» توصي بضرورة تفعيل «العمرة بلس» لتحقيق عائد اقتصادي    بلغاريا تجري انتخابات لاختيار برلمان جديد    الحوثيون يعلنون استهداف مدمرة بريطانية وسفينتين متجهتين لإسرائيل    الآن ⚽ ⛹️ بث مباشر (0-0) Namibia X Tunisia مباراة تونس وناميبيا في تصفيات كأس العالم دون تشفير    إلغاء المؤتمر الصحفي لمباراة مصر وغينيا بيساو    منتخب مصر لسلاح سيف المبارزة يتوج بذهبية بطولة أفريقيا    تعليم العاشر يكرم طالبتين لتحقيقهما مراكز متقدمة في الشهادة الإعدادية    بينهم كريم عبدالعزيز.. من هم ضيوف الشرف في أفلام موسم عيد الأضحى؟    أحمد العوضي يهنئ ياسمين عبد العزيز بمسلسلها الجديد: "هتغدغي الدنيا يا وحش الكون"    غدا.. "صحة المنيا" تنظم قافلة طبية بقرية حلوة بمركز مطاي    جامعة سوهاج: 1000 طالب وطالبة يؤدون امتحانات نهاية العام بالجامعة الأهلية للتعلم الإلكتروني    سوهاج الأزهرية تعلن أوائل الشهادة الإعدادية بالمحافظة «للمبصرين والمكفوفين»    توقعات برج الميزان في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    المدارس العسكرية الرياضية.. الأوراق المطلوبة وشروط الالتحاق    فضل يوم عرفة وأحب الأعمال إلى الله فيه    جانسن مصر تشارك في المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الثالث 2024    نجم كولومبيا يعلق على سحق أمريكا    «الأخبار» تطلع على خرائط 100 عام من طقس مصر ..    وزيرة الثقافة: كثير من المبدعين والمصممين يشتكون تعرض إبداعاتهم للسطو    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    ما حكم الأضحية عن الميت؟    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    شكري يتوجه إلى روسيا للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية تجمع بريكس    البابا فرنسيس يحث حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات ويدعو لإنقاذ شعب غزة المنهك    كرواتيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال    محافظ الشرقية يُهنئ لاعبي فريقي الهوكي لفوزهم بكأس مصر    استقالة الحكومة لن تلغى المشروع الجديد خطة تصحيح مسار الثانوية العامة    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    منورة يا حكومة    ريان عربي جديد.. إنقاذ طفل سوري وقع داخل بئر بإدلب    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    موعد يوم التروية 1445.. «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة للحاج في هذا التوقيت    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    طريشة تلدغ مسنا بواحة الفرافرة في الوادي الجديد    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    سر تصدر شيرين رضا للتريند.. تفاصيل    انتهاء جلسة التحقيق مع رمضان صبحي في أزمة المنشطات    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    أستاذ صحة عامة يوجه نصائح مهمة للحماية من التعرض لضربات الشمس    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتمعاتنا لا تفقه معنى تحولات الحياة

من أسوأ العادات التى ابتليت بها مجتمعاتنا العربية، وبطبيعة الحال ما عكسته تصرفات الناس فى كل منها، منها عدم تقبل كل الآراء عندما تطرح، بل وممارستها، أى المجتمعات، القمع فى كل جزئيات الحياة وكل ما يعين ذلك التسلط من وسائل وأدوات سواء كانت مادية أم معنوية، ومما يزيد فى الطين بلة، ما يطغى على حياتنا فى عالمينا العربى والإسلامى من ضيق فى الأفق، ومحدودية فى الرؤية، وضعف فى الإمكانات، وهشاشة فى التعامل، والتراخى فى الأعمال الجمعية، وبلادة الساسة والمتحزبين، وانشغال الزعماء والمسئولين وحتى سذاجة بعض المثقفين فى المجتمع..
ناهيكم عن المساهمات القميئة نتيجة الجهل فى المعلومات! وطغيان المفبركات والأكاذيب، وطغيان المصالح الشخصية النفعية على أغلب المواقف والخطابات من أجل تغييب الحقائق! وهناك: هياج العواطف بعيداَ عن وازع العقلانية والتفكير! وشراسة الأيديولوجيات والمعتقدات والشعارات على فرص التعايش السياسى والدينى والاجتماعى والثقافى المعاصرة، وانتشار الآراء والأحكام السريعة التى تحكمها المطلقات من دون تحديد للمشكلات ومعالجات هادئة للجزئيات! إننا نراقب ما الذى يسود فى مجتمعاتنا من فقدان للثقة بين مجتمعاتنا وحكوماتها.. للأسباب كلها أعلاه!
إن ما وصلت إليه حياتنا اليوم هى مدعاة للتفكير والمعالجة، بعيداً عن شعارات لا أساس لها فى الواقع! إن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى تبديل مطلقاتها إلى تفكير نسبى للأشياء، والخروج من عالم الأوهام الذى يعتبرونه حقائق قائمة بذاتها، وإذا بدأ الإنسان يفكر قليلاً ضمن آليات الشك كالتى قال بها ديكارت ونسبية القياس من خلال التجربة والبرهان لما تكونت فى ذهنه تراكيب راسخة، فربما يغير ذلك من قناعاته ومطلقاته لكل الأمور.. ويبدأ يتنازل رويدا عن أبراجه العاجية التى ستحطمه فى يوم ما! حتى يجعل كل الأطراف تتحرك فيما يسمى بشفافية التفكير، من أجل كسب شفافية سياسية تستند أساساً على تغيير الذهنية ومرونة الأشياء والإيمان بنسبية الحياة.
* مجتمعاتنا لا تتعلم من الصدمات شيئاً!
إن صدمات تاريخية قوية جدا لم تؤثر أبدا، كما يبدو فى شرائح مجتمعات عربية متنوعة حتى إن غدا بعضها جاليات فى عالم الغرب الذى يحفل بمكونات وتشيؤات وموروثات ومكتشفات.. إلا أنها جميعها لم تؤثر أبداً فى الذهنيات الصلدة التى لم تتقبل أبدا حتى هوامش الأمور فكيف تتقبل أنصاف الحلول؟ وكيف تقبل أن تتعايش مع المستحدثات الجديدة ومع الآخر برغم استخدامها الأعمى لكل وسائله وآلياته وتكنولوجياته وإبداعاته وإعلامياته..؟
لقد انتهت مراحل زمنية متنوعة لم تعرف فيها أبدا قيم المرونة والوسطية والاعتدال بسبب ما فرض علينا من شعارات دموية، وخطابات مخيفة، وإعلاميات صارخة وضمن أساليب سموها بالثورية والعنف الثورى وصولا إلى التكفير الجمعى، وطغيان الهمجيات القاسية للمؤدلجات العقيمة التى ترسبت فى مذاهب سياسية وتحزبات شوفينية متشبعة بأغرب الأصوليات الشرسة من دون أى وازع للتسامح وبلا مقابلة الرأى بالرأى، ولا الحجة بالحجة كما فعل الآباء الأولون.. لقد ساهمت فى صناعة ذلك كله: الأجهزة التربوية والتعليمية والإعلامية، إذ تتحمل مجتمعاتنا نفسها القسط الأوفر من نتاج تلك الصناعة التى أفرزت ظواهر مخيفة لا يمكنها أن تجعلنا نمضى لا فى صراعنا المصيرى ضد أخطبوط التخلف والبدائية، ولا فى بناء مستقبلنا الحضارى من أجل أن نتعامل مع العالم بنفس الصيغ الذكية العلمية والسايكولوجية والإعلامية والفكرية التى يتعامل بها معنا! إن شراسة ما هو متأصل من تقاليد مقيتة، وأعراف صلدة، وقيم بالية فى مجتمعاتنا، تجعل كل الأجيال لا تتأثر أبداً بالصدمات الصعبة والمريرة التى يمكنهم من خلالها تقويم إعوجاجهم والسير قدما فى طريق المستقبل.
* حقوق الإنسان: أين هى؟
- السؤال: هل باستطاعة مجتمعاتنا أن تتمتع بحقوقها كاملة والتى تضمنتها القوانين وتكفلتها الدساتير بعيدا عن أية ممارسات كاذبة باسم الدين مرة وباسم الديمقراطية مرات..؟ وكلها تمثل حالات محتقنة واتجاهات عقيمة لا تؤمن هى الأخرى لا بالحريات ولا بالرأى الآخر ولا بالديمقراطية.. وهنا أحب القول، أن كل المنظمات والهيئات والأحزاب والجماعات التى تنادى بمثل هذه الأفكار التى تعتبر وليدة نتاج تاريخ أوروبا السياسى والفكرى الحديث لا يمكنها أبدا اعتبار مرجعياتها عربية أو إسلامية، وإلا تكون قد سجلت نوعا غريبا من الهراء الذى لا يمكن أن يتقبله العالم اليوم أبداً.
عندما نفكر فى حقوق الإنسان والديمقراطية فى عالمنا الذى يقدمه أبناؤه اليوم لقمة سائغة للآخرين.. علينا أن ندرك بأن الحقوق السياسية تأتى فى نهاية السلم، إذ تسبقها حقوق متنوعة فى التربية، والتفكير، والمجتمع، والعمل، وتكافؤ الفرص، والعائلة، والمرأة، والمواريث، والدراسة، وصنع الإرادة، والتعبد والدين، وإحقاق الحق، والتملك، وتوزيع الواجبات، وصنع القرار.. إلخ إننا نقفز قفزات عالية تحت ذرائع ومسميات عريضة للدفاع مثلا عن سجناء الرأى السياسى من دون أن نعمل على تحرير سجناء أحرار المجتمع المقموعين ظلما وعدوانا وراء أبوابهم المقفلة وذهنياتهم المركبة، ذلك أن البعض منا قد لا يهاب ما تصدره الدولة من قرارات، ولكنه يخشى ما يفعل به المجتمع إن حاول الخروج عن تقاليده العمياء وأساليب رجال التابو البليدة.
مجتمعات شتى كان عليها أن تتقدم جدا بمشروعاتها، وإبداعات أبنائها، لتوظف مؤسساتها المدنية والأهلية فى الإنتاج كى تؤثر فى العالم كله.. ولكنها للأسف بقيت أسيرة منظوماتها الفكرية، وسجينة تقاليدها، وقد كبلها المتخلفون والمهرجون والأغبياء والمتكلسون والمتحذلقون والشعاراتيون.. بالأغلال الحديدية تحت حجج واهية وتسويق أوهامها المميتة التى لا تعترف مطلقا بحرية الإنسان وتفكيره وسماحة دينه وسمو عقائده.. ويا ويل من يخرج عن تلك الأطواق والأقفاص الحديدية حتى لمجرد تعبير عن رأى جديد، أو بيت شعر، أو فكر جديد..!! حقوق الإنسان ضائعة فى مجتمعاتنا العربية كلها! فالإنسان لم يتمتع بحقوقه المادية ولا المعنوية.. وكم زهقت أرواح بشر من دون مبرر، وأعدم وقتل واغتيل وفقدت الألوف المؤلفة بلا حق! وكم ضاع من الأطفال، وانحرف من النساء، وكم تراكمت من سيئات فى حياتنا على امتداد القرن العشرين؟؟
* وأخيراً: انتظروا ماذا سيحدث؟
لقد نشرت مطلع عام 2002 النص التالى: «أقول بكل جرأة أن واقعنا المهترئ والذى لا يريد البعض أو الكل الاعتراف باهتراءاته سيغدو لا محالة على المشرحة الأمريكية، إذ ستجد أمريكا نفسها باسم النظام العالمى الجديد أن الشراكة ملزمة بهندسته على مزاجها! نعم، هندسته ليس سياسيا كما يصرخ البعض، بل الأخطر من ذلك هندسته اجتماعيا وفكريا وتربويا وتعليميا وثقافيا وإعلاميا.. وأعتقد أن الكل سيرضخ بفوضى هذا القادم الجديد ويعمل بنصائحه ويقر ويصفق له.. فهل من معترض؟ إننى أشك فى ذلك!».
إن آخر ما يمكننى قوله: إننى لا أدين الآخر بما يفعله فينا، بل لابد من إدانة أنفسنا عما جنيناه بحق أنفسنا على امتداد القرن العشرين.. لقد بدا واضحا جدا أن دولنا ومجتمعاتنا قاطبة كانت لا تفقه معنى تحولات التاريخ والزمن والحياة، فبدل أن تستوعب تلك التحولات وتعرف حجومها وأثقالها وقدراتها وتسرع الخطى فى التفاعل معها برؤية واقعية ومستقبلية، فإنها تراجعت لتمشى متصادمة مع هذا وذاك، إذ إنها كانت ولما تزل تمشى وعيونها إلى الوراء فهى كانت، ولم تزل ماضوية التفكير باسم التراث مرة، وباسم المذهبية مرة، والسلفية مرة والطائفية مرة.. وباسم الماضى التليد مرات، وهى تتصور نفسها أكبر من حجمها كثيرا.. فهل ستغير الأجيال الجديدة من واقعها وتفكيرها وتراعى حقوقها وحرياتها وتصبح هى سيدة مستقبلها فى القرن الواحد والعشرين؟
ربما نعم إن أخذت بالقطيعة، وربما لا إن بقيت تراوح فى مكانها.. كى أصرخ قائلاً: ربما سنكون وربما لا نكون!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.