الطب ناجح فى ترويض مرض نقص المناعة المعروف بالإيدز.. لكن الناس لم تغير نظرتها له ولمن يحمله.. نفس درجة الاحتقار وفرض العزلة على المصاب.. نفس درجة الخوف والفزع من انتقال العدوى.. ونفس درجة الخوف من مواجهة الأسوياء.. هذان الحواران مع أقدم مصاب وأقدم مصابة بالإيدز يؤكدان هذه الحقيقة.. المريض يحمل الفيروس منذ 20 سنة ويمارس حياته الزوجية بشكل طبيعى ، وذلك لأن أعراض المرض لم تداهمه بعد. نفس الحال ينطبق على المريضة وكلاهما زار الأماكن المقدسة.. المريض أدى العمرة 4 مرات والمريضة أدت فريضة الحج لكن كان اللافت والمحزن أن النظرة التقليدية لمرض الإيدز على أنه العقاب الإلهى على الخطيئة لاتزال تتملكهما. هو : لو نظرتم إلىَّ لفكرتم مليون مرة قبل الدخول فى علاقات غير شرعية 20 سنة مرت من عمره والإيدز هو الصديق الأقرب له.. يتمنى أن يعود به الزمن إلى الوراء هذه السنين حتى يرفض هذه الصداقة التى أدت إلى العزلة التى يعيش فيها ونظرات الشفقة الحزينة من الذين يعلمون حقيقة مرضه. * كيف تشعر الآن؟ - بالندم الشديد.. لو عاد بى الزمن لن أفعل ما فعلت وأصابنى بالفيروس المهين،أتمنى أن يغفر لى الله ويكفينى ما عشته من عذاب ونظرات احتقار فى عيون الآخرين.. وأنا أتمتع بصحة جيدة وأمارس حياتى الزوجية والاجتماعية. * كيف كان رد فعلك لحظة اكتشافك إصابتك بالفيروس؟ - كنت مرعوبا وخائفا من الموت، وأن تعرف زوجتى أو أهلى.. لأن وقتها كان من يصاب بالعدوى معناها الوصمة والنبذ والاحتقار وتجنب الناس له.. ثم تفاءلت بعد أن علمت أن مضاعفات المرض لا تظهر قبل من 15: 20 سنة يكون فيها المصاب بالعدوى شخصا سليما ويتمتع بصحة جيدة وقد أديت العمرة أربع مرات وكنت فى كل مرة أدعو الله بالشفاء. * كيف وصلت لحالة التعايش السلمى هذه مع الفيروس؟ - الفضل لما أنا فيه يعود إلى البرنامج القومى لمكافحة الإيدز الذى أعطانى المشورة فى كيفية أن أحافظ على نفسى وزوجتى وأولادى وكل من أتعامل معهم حتى لا تنتقل العدوى إليهم .. عندما علمت زوجتى لم تطلب الطلاق ولم تخبر أولادى أو أهلى ولا أحدا من أقاربها..والقائمون على البرنامج طمأنوها أنها ممكن أن تمارس حياتها الزوجية معى دون أن تصاب بالعدوى أو يصاب أى أحد من أولادى. * كيف أصبت بالفيروس؟ - كان عمرى 40 سنة وكنت أعمل فى إحدى الدول العربية فى الثمانينيات وكنت أعيش وحدى وزوجتى وأولادى فى مصر وكنت أمارس علاقات غير شرعية وبعد عودتى وفى عام 90 مرض أحد أقاربى فتبرعت له بالدم وبعد فحص الدم تبين إصابتى بالعدوى .. تم إبلاغ السلطات الصحية وقاموا بالاتصال بى وطمأنونى بأن كل شىء سيتم فى سرية. * هل فحصوا زوجتك وأولادك بالفعل؟ - قاموا بإجراء الفحوصات والتحاليل لى ولزوجتى وأولادى كانوا سلبيين ولم تنتقل لهم العدوى وطلبوا منى إخبار زوجتى حتى تحمى نفسها والأولاد من الإصابة..أقنعوا زوجتى بأن المرض مثله مثل أى مرض إيدز فى مصر. * ألا تشعر بالقلق فى معاملة الزوجة والأولاد معك؟ - لا، إننى أمارس حياتى الزوجية والعائلية بشكل طبيعى ولا أحد من أولادى أو أهلى حتى الآن يعلم بإصابتى وأتمتع بصحة جيدة ولم آخذ أى علاج للإيدز إلا العلاجات العادية للبرد أو المغص إلخ وأخبرونى فى البرنامج طالما لم تظهر أى مضاعفات للمرض مثل بعض الأورام أو الدرن فهذا معناه أنى شخص سليم. * كيف واجهت الأمر فى العمل؟ - لم يعرف أحد فى العمل أنى مصاب بالإيدز.؟ هى: فرحتى بنجاة أولادى ساعدتنى على تجاوز إصابتى بالفيروس
المفاجأة صعقتها.. كيف يمكن أن تحمل الفيروس اللعين.. حياتها تسير فى اتجاهات ثابتة وليس منها ما يمكن أن يؤدي إلى إصابتها بالفيروس لكن الأمراض المخيفة التى توالت على زوجها جعلتها تتقبل قضاء الله فى إصابتها بالفيروس بمنتهي الشجاعة ذلك أن فرحتها بنجاة أولادها أقوى من حزنها على إصابتها بلا ذنب. * ما مصدر إصابتك بالعدوى؟ - أصبت بالعدوى من زوجى حيث كان يعمل فى بلد أوروبى ويمارس العلاقات غير الشرعية ويتعاطى المخدرات بالحقن. * متى اكتشفت إصابته بالمرض؟ - فى عام 93 عندما بدأت أورام السرطان تهاجمه ودخل أحد المستشفيات الحكومية وتم عمل التحاليل خاصة أنه أصيب بإسهال شديد ولم تفلح أى علاجات فيه وكانت نتيجة التحاليل إيجابية وأخبرونى فى المستشفى بإصابته وبضرورة عمل تحاليل لى وللأولاد والحمد لله أن أولادى كانت نتيجة التحاليل سلبية ولم يصابوا بالعدوى ولكن كانت نتيجة التحاليل الخاصة بى إيجابية. * كيف تلقيت الخبر؟ - صدمت رغم أننى كنت أحمد ربنا أن أولادى بخير ومن أجل ألا يعرف أحد من أولادى كان عمرى وقتها 38 عاما لم أطلب الطلاق وظللت أخدمه حتى توفى فى عام 93 ومنذ ذلك الوقت وأنا أعمل التحاليل بانتظام والحمد لله صحتى جيدة ولم تهاجمنى المضاعفات ولم آخذ أي علاج وقمت بتربية أولادى «ولدين» وأقوم بإدارة العمل التجارى الذى تركه لى زوجى وأديت فريضة الحج. * ألم تواجهك أى مشاكل؟ - واحدة فقط.. عندما عرف والده ووالدته أنه أصيب بالمرض تبرآ منه ولم يكن أحد من عائلته يزورنا ووالدته ماتت غضبانة عليه ووالده مات حزنا عليه وأنا لم أخبر أهلى حتى لا يتجنبوا أولادى أو ينظروا إليهم نظرة (مش كويسة). * هل من نصيحة توجهينها للسيدات؟ - أنصح كل سيدة زوجها مسافر للخارج لفترة طويلة أولا أن تكون معه حتى لا يضطر إلى الدخول فى علاقات غير شرعية وثانيا أن تطلب منه أن يقوم بالتحليل فور عودته حتى تحمى نفسها. * هل ترين أن تعامل الناس مع مريض الإيدز مبالغ فيه؟ - الناس مازالوا يخافون من مريض الإيدز رغم أن طرق نقل العدوى معروفة ولا ينقل بالسلام أو الأكل أو التقبيل كما أخبرونى فى البرنامج القومى لمكافحة الإيدز فى وزارة الصحة وأن من أصيب بالعدوى لو حافظ على نفسه واتبع التعليمات السليمة وقام بعمل التحاليل يعيش أكثر من 15 سنة وهو بصحة جيدة.