وجه قداسة البابا شنودة فى عظة الأربعاء الماضى بالكاتدرائية الشكر إلى فضيلة شيخ الأزهر د. « أحمد الطيب» لفيض محبته الآسرة وجمى مشاعره الطيبة التى أظهرها فى تعليقه على العمل الإرهابى الذى استهدف كنيسة النجاة بالعراق، وراح ضحيته أكثر من خمسين ضحية واصفا مرتكبيه بأنهم لا يمتون إلى الإسلام بصلة، فالإسلام يحرم تماما سفك الدماء، وترويع الآمنين وانتهاك حرمة النفس الإنسانية.. كما اشترك معه د. «زقزوق» - وزير الأوقاف - فى التأكيد على أن مصر قادرة على حماية مواطنيها مسلمين وأقباطا ولن تسمح لأى جماعة متطرفة أن تمس الأقباط ولن تفلح محاولات المتربصين بمصر أن يهزوا أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية. فهؤلاء لا يعنيهم الإسلام ولا مصر فى شىء، وهدفهم الرئيسى هو إشعال نار الفتنة وزعزعة استقرار هذا الوطن الذى ظل عبر تاريخه وسيظل معقلا للأمن والأمان.. كما أن المواطنة حق أصيل كفله الدستور لجميع المصريين دون التفرقة بين شخص وآخر على أساس الدين أو الجنس أو اللون وأن الإسلام أول من دعا للتعايش بين الجميع واحترام حقوق الإنسان. وعلى أثر شكر البابا شنودة لشيخ الأزهر والدعوة له بالعودة إلى أرض الوطن موفور الصحة دوت أكف الرجال بالتصفيق الحار وزغردت النسوة كالمعتاد.. ونحن لا نعرف لماذا يصفقون، ولماذا يزغردون بالضبط..؟! هل لفيض محبة د. « أحمد الطيب» ولمشاعره الطيبة أم لشكر البابا وأمتنا له.. أم للسببين معا؟.. أم لاختفاء الأنبا بيشوى من الوجود خلفه فى الكادر بعد أن أشعل الحريق وذهب من فوره إلى الدير يبتهل إلى الله ويصلى من أجل الضحايا أن يشملهم ملكوت السموات مع الملائكة والقديسين، وقد دار الزمن دورته وعدنا إلى عصور الاستشهاد التى تحدث عنها نيافته مؤكداً فى مرارة وحمية أن الشعب القبطى مستعد لها عازما على تقبل الشهادة رافضا أن يتزعزع عن إيمانه.. وعن تمسكه بعقيدته قيد أنملة.. وسوف يتابع هو بنفسه عمليات الاستشهاد تلك من نافذة سيارته المصفحة والتى قيل إنها أهديت له لتحميه من القتلة المتطرفين متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر ليواصل رسالته الدعوية المقدسة من خلال مؤامرات تثبيت العقيدة ضد مؤتمرات «الأشرار» وكيد المعتدين. هل تكفى كلمات الشكر التى أسبغها قداسة البابا على جميل بيان د. أحمد الطيب لعلاج الموقف الطائفى المتدهور - والذى طالما حذرنا من تدهوره - والذى تمخض فى النهاية عن المذبحة فى كنيسة بالعراق، وفى إعطاء التنظيم مهلة 48 ساعة للكنيسة المصرية لتكرارها إن لم تفرج عمن سماهم « مسلمات مأسورات فى أديرة مصر» والمقصود بهن « كاميليا شحاتة»، «ووفاء قسطنطين». وبصرف النظر عن مدى جدية التهديد.. وهل يكفى أن تلقى القيادات الدينية الكرة فى ملعب الأمن الذى أكد رجاله أن أمن الكنيسة هو أمن مصر.. وبالتالى فقد اتخذت الإجراءات السريعة والحاسمة بتفعيل أجهزة الكشف عن المتفجرات وعدد من الكلاب البوليسية لتمشيط الكنائس من الداخل والخارج، بالإضافة إلى تعزيز قوات الأمن بها، وصرح مصدر أمنى أن جميع أجهزة وزارة الداخلية تعمل حاليا على مواجهة التهديدات عبر غرفة عمليات تربطها بمكتب الوزير. لا الأحضان الدافئة والقبلات الحارة والبيانات العاطرة التى تتبادلها القيادات الدينية.. ولا الاحتماء بالأمن قادرة على إخماد حريق وطن يحترق. لكن الجدير بالتحية والتقدير هو تدخل الدولة لسحب تراخيص القنوات الدينية المتطرفة وعدم السماح بالعبث بسلامة وحدة الجماعة المصرية الوطنية وإذكاء نار الفتنة الطائفية من خلال تعميق الاختلاف فى مجال العقائد الدينية بين الإسلام والمسيحية المستندة إلى ثقافات سلفية منحرفة تناهض قبول الآخر، وتعتدى على حرية الاعتقاد الدينى.. وتروج لدعاوى التكفير فترى أن الكتب المقدسة عند المسيحيين غير سماوية.. ولا يجوز للمسلم أن يبدأ بالسلام على نصرانى أو يهنئه فى أعياده الباطلة. وأن عبارة « الدين لله والوطن للجميع» بها ضلال بين.. كما لا يجوز أكل اللحم المستورد من بلد كافر أو مشرك.. وأن ما جاء بفاتحة الكتاب « المغضوب عليهم» يقصد بهم «اليهود» والضالين ويقصد بهم «النصارى» لأن اليهود عرفوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورفضوا مبايعته.. و« النصارى» اختلفوا فى العديد من القضايا حتى موضوع صلب المسيح عليه السلام، وأن الإسلام هو دين الحق وما سواه هو الباطل ولا يقبل الله الدعاء إلا من المسلم والغرب الملحد هو الذى أدخل اليهود إلى الأراضى المقدسة ومكنهم من الأقصى ولا يمكن أن نستعين بالنصارى على اليهود لإخراجهم.. وأن بعض الخونة وأصحاب الطابور الخامس نشروا الفتنة فى جسد الأمة حتى انقسمت، وأصبحت تحت يد الكفار من الصليبيين واليهود. إن سحب ترخيص تلك القنوات إذن هو واجب دستورى حتمى لحماية النظام العام السياسى والاجتماعى وليس إجهاضاً كما يتصور البعض لحرية التعبير.. فى مقابل ذلك ينبغى على قداسة البابا أن يحسم موقفه.. ويعلن فى احتفالات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالعيد 39 لتوليه.. الإفراج عن كاميليا شحاتة، ووفاء قسطنطين اللتين اتخذ منهما تنظيم القاعدة ذريعة لارتكاب جريمته البشعة بالعراق. إن إطلاق سراحهما ليس شأنا مسيحيا يخص الكنيسة.. بل يخص المجتمع المدنى الذى تحكمه قوانين ليس من بينها حجز سلطة دينية لمصريات داخل أسوار الأديرة أيا كانت دياناتهن. إن الإفراج عن السيدتين ينفى عن الكنيسة ادعاء أنها دولة داخل الدولة، ويؤكد احترامها لحقوق المواطنة وحقوق الإنسان. أما كلمات الشكر والامتنان فهى لا تكفى.