العلاج بالخلايا الجذعية هو آخر ما توصل إليه العلم لإعادة الصحة والحياة الطبيعية إلي الملايين من مصابي الأمراض المستعصية التي عجز أمامها الطب سواء بالعلاج التقليدي أو زراعة الأعضاء.. العلاج الجديد يحقق نسب نجاح غير عادية مع أمراض كثيرة، منها اضطرابات الكبد والقلب وتصلب الشرايين والأنيميا، مع تكلفة منخفضة وآثار جانبية معدومة. مؤخراً قام فريق طبي مصري بأقل الإمكانيات الممكنة بعمل مجموعة من الأبحاث عن العلاج بالخلايا الجذعية أثارت إعجاب المجتمع الطبي العالمي لدرجة اختيار مصر مقراً دائماً للاتحاد الدولي لأبحاث الخلايا الجذعية. عن هذا يقول د. حسن سلامة أستاذ أمراض الكبد بكلية طب قصر العيني جامعة القاهرة ورئيس الفريق العلمي المصري للعلاج بالخلايا الجذعية: المؤتمر الدولي للجمعية الأمريكية لأمراض الكبد يعد أكبر مؤتمر للكبد في العالم ويضم جميع الاتحادات والجمعيات الدولية المتخصصة في هذا الفرع من الطب، والأبحاث التي تتم مناقشتها فيه من الأبحاث العلمية الرائدة في العالم. واختيار مصر مقراً دائماً للاتحاد العالمي لأبحاث الخلايا الجذعية نجاح لمصر وجاء نتيجة للأبحاث المهمة التي تقدم بها الفريق المصري للعلاج بالخلايا الجذعية - 12 بحثاً - والتي اعتبرت الدول ال 23 المشاركة في المؤتمر وال 11 جمعية دولية نتائجها مبهرة حازت علي إعجاب وتقدير كل المشاركين. ويضيف د. حسن: قدم الفريق 12 بحثاً في أمراض الكبد والسكر المصاحب للكبد وأمراض القلب والأنيميا وإصلاح عيوب التمثيل الغذائي في الأطفال وإصابات النخاع الشوكي.. وتقديراً لمستوي الأبحاث المصرية تم اختيار مصر لعقد المؤتمر القادم في القاهرة، مع اعتماد مصر مقراً دائماً للاتحاد وبالتالي سيكون لمصر حق الملكية الفكرية لهذه التكنولوجيا المتقدمة علمياً مما سوف يتيح للمرضي المصريين العلاج بسعر التكلفة.. فمثلاً علاج المريض في مصر سيتكلف 8 آلاف جنيه في حين نفس المريض سيتكلف علاجه بنفس التكنولوجيا في ألمانيا 30 ألف يورو، أي حوالي 220 ألف جنيه. ويوضح د. حسن سلامة أن العلاج بالخلايا الجذعية حقق تقدماً كبيراً في أمراض الكبد بنسبة نجاح بلغت 70% وخاصة في علاج التليف الكبدي، وفي التمثيل الغذائي والأنيميا في الأطفال بلغت النسبة 90% حيث تم علاج حتي الآن 450 مريضا منهم 35 طفلا وفي أمراض القلب في حالات هبوط عضلة القلب وأمراض الشرايين بلغت نسب الشفاء من 40: 50% وهذه النسب تعتبر عالية جداً حيث إن العلاج لا يزال في المراحل الأولي، وعلمياً عندما يحقق علاج جديد بنسبة شفاء 50% بدون آثار جانبية خطيرة لابد أن تستمر الأبحاث عليه طالما أنه أعطي نتائج مبشرة، بالإضافة - وهو الأهم - إلي أن هذه الأمراض تعتبر أمراضا مستعصية علي العلاج بالطرق التقليدية. رئيس الفريق المصري للعلاج بالخلايا الجذعية أكد أن مستقبل هذه الأبحاث واعد والعالم في سباق مع الزمن لتطوير العلاج بالخلايا الجذعية حيث إنها تعد العلاج الوحيد الآمن حالياً لمداواة الأمراض المستعصية حتي إنه تم اعتماد 3 مليارات دولار لأبحاث الخلايا الجذعية في ولاية كاليفورنيا وحدها علي مدي عشر سنوات. الإنجاز المصري تحقق رغم ضعف الميزانيات وقلة الإمكانيات، والحقيقة - والكلام للدكتور حسن - مصر تعاني من مشاكل كثيرة منها عدم وجود مراكز متخصصة لأبحاث الخلايا الجذعية وإن كان اختيار مصر كمقر للاتحاد العالمي لأبحاث الخلايا الجذعية سوف يتيح تدفق المنح العلمية في المستقبل في هذا المجال، كما أن الدولة لم تسمح بالعلاج والأبحاث حتي الآن إلا في مراكز الأبحاث المتخصصة التابعة للجامعات. والمفروض أن يتم إنشاء مراكز طبية متخصصة للعلاج بالخلايا الجذعية مثل مراكز القلب والرمد والكبد والكلي والسكر خاصة أنه توجد لجنة الآن من نقابة الأطباء ووزارة التعليم العالي تقوم بتقييم هذا النوع من الأبحاث.. وفي إسرائيل عندما تبزغ تكنولوجيا جديدة يتم فوراً إنشاء معاهد متخصصة لهذه التكنولوجيا، وفي أمريكا أنشأوا مراكز متخصصة للعلاج بالخلايا الجذعية وأصبحوا يستعيضون عن تغيير المفاصل بزرع الخلايا الجذعية. ونحن في مصر في أمس الحاجة لهذه المراكز والمعاهد لأن العلاج بالخلايا الجذعية يعتبر من العلاجات الرخيصة مقارنة بالعلاجات التقليدية حيث إنها تكلف المريض الذي يزرع كبدا حوالي نصف مليون جنيه، بينما يكفي نصف هذا المبلغ لعلاج 10 آلاف مريض كبد بالخلايا الجذعية، كما أن مرضي الخلايا الجذعية لا يحتاجون في المتابعة إلي أدوية مثبطة للمناعة وهي أدوية باهظة الثمن والتي يضطر المريض إلي الاعتماد عليها طوال حياته.. بالإضافة إلي تجنيبه مضاعفات الجراحة. الخلايا الجذعية أصبحت أملاً لعلاج الكثير من الأمراض المزمنة.. ومن الأبحاث التي نالت إعجاب وتقدير المؤتمر البحث الخاص بعلاج أمراض الكبد حيث قام فريق أبحاث الخلايا الجذعية بقصر العيني بعمل معمل للمزارع الخلوية لتحويل الخلايا الجذعية إلي خلايا كبدية وتم حقن الخلايا لأكثر من 500 مريض وتم شفاء 350 مريضا بنسبة نجاح حوالي 70% وكانت نسب النجاح مرتفعة للمرضي المصابين بالفشل الكبدي فقط ولكن المصابين بالفيروسات الكبدية تم إعادة الحقن عدة مرات وبالنسبة للمرضي المصابين بالالتهاب المناعي وأمراض التمثيل الغذائي في الأطفال كانت نسبة النجاح عالية جداً 90% وكان يتم اختيار المرضي الميئوس من شفائهم بالعلاجات المتعارف عليها، وأصبح لا بديل أمامهم عن عملية زرع الكبد ولا يستطيعون تحمل نفقات الزراعة أو مضاعفات الزرع أيضاً. خطوات العلاج تبدأ بحقن المريض لمدة خمسة أيام متتالية لتنشيط نخاع العظام، بعدها يذهب إلي معمل مزارع لأخذ عينة من الدم وفصل الخلايا الجذعية التي يتم حقنها للمريض باستخدام إبرة النخاع في الوريد البابي، والذي يتم تحديد مكانه عن طريق الموجات فوق الصوتية ويبقي المريض تحت العلاج لمدة 6 ساعات ثم يعود لمنزله، وبعد أسبوعين يتم إجراء التحاليل لمعرفة ما إذا بدأت الخلايا الجذعية في العمل أم لا وإذا لم يتم تحسن المريض بعد ستة أشهر يتم إعادة الحقن.. أما بالنسبة للمريض المصاب بأورام الكبد فيتم علاجه بالتردد الحراري للقضاء علي البؤر السرطانية التي شلتها الخلايا الجذعية في حالة وجودها ولكن يمكن القول أن زراعة الخلايا لمريض التليف تساعد إلي حد كبير في منع الأورام الكبدية. ويعتبر د. محسن صبري عميد كلية الطب جامعة بنها وأستاذ أمراض النساء والتوليد أول من تنبه لأهمية حفظ الخلايا الجذعية المستخلصة من الحبل السري وإمكانية استخدامها بطرق طبية مختلفة كما أنه دعا لإقامة بنك خاص لحفظ الخلايا الجذعية منذ خمس سنوات. ويوضح د. محسن صبري أنه حصل علي عدة دورات متخصصة في حفظ الخلايا الجذعية من الخارج ويؤكد علي أهمية إنشاء بنك لحفظ الخلايا الجذعية المستخلصة من المشيمة يكون به إمكانات معملية عالية لاستخلاص وفصل الخلايا الجذعية من المشيمة والحبل السري بالطريقة المثلي وحفظها في درجة حرارة ما بين 69 و200 تحت الصفر بعد علاج الخلية بسائل النيتروجين بالإضافة للمواد الحافظة للخلايا وهي مكلفة جداً كما يجب توافر العناصر البشرية من الأطباء والعاملين الذين يكونون علي درجة عالية جداً من الكفاءة والعلم. وتوضح د. ليلي إبراهيم شلبي أستاذ الأمراض الباطنة بكلية الطب جامعة عين شمس أن العلاج بالخلايا الجذعية أصبح أملاً جديداً لأمراض عجز العلم عن مواجهتها مثل مرض السرطان والسكر وفشل عضلة القلب وأمراض العمود الفقري وأنواع الشلل المختلفة الناتجة عن الحوادث ومرض الشلل الرعاش وغيرها من الأمراض المستعصية.