في احتفال جليل تأنقت وتألقت جامعة القاهرة لاستقبال سيدة عاشت لأجل مصر وأبنائها، سيدة أفنت حياتها من أجل النهوض بالمرأة والطفل.. إنها السيدة سوزان مبارك الذي وافق مجلس الجامعة في 14 يوليو الماضي بمنحها الدكتوراه الفخرية في علم الاجتماع. وفي القاعة الرئيسية لجامعة القاهرة كان الجميع سعيدًا ومترقبًا لهذا الحدث الجليل الذي تشهده الجامعة، فبالرغم من أن السيدة سوزان مبارك حصلت علي العديد من الدكتوراه الفخرية من جامعات أجنبية إلا أنها المرة الأولي التي تحصل فيها علي الدكتوراه الفخرية من مصر، لذا فقد كانت هناك حالة من السعادة والفخر تسيطر علي القاعة.. وبكلمات رقيقة قدمت جاسمين طه زكي السيدة سوزان مبارك لتطل علي الحاضرين من شرفة صغيرة لتستقبل بها تصفيق الجمهور حتي تصل إلي مقعدها علي المسرح. وبعدها جاءت كلمات رئيس الجامعة د. حسام كامل التي أعلنت خلالها حيثيات منح السيدة سوزان مبارك الدكتوراه الفخرية في علم الاجتماع، والتي معها انتاب أغلب الحاضرين الفخر بأن هذه السيدة مصرية، حيث قال: إن السيدة سوزان مبارك جمعت بين المعرفة في العلوم الاجتماعية والعلوم السياسية في المجالين الدولي والمحلي ولها بصمات وأنشطة متميزة في كل أنشطة التنمية البشرية، كما أن لها دورًا رائدًا في العمل الثقافي ومبادرة المليون كتاب، وأصبح مشروع القراءة للجميع الذي استمر 25 عامًا علامة من علامات النهضة في المجتمع، كما قامت بدور مشهود لتمكين المرأة علي مختلف الأصعدة المحلية والدولية، وعملت السيدة سوزان مبارك في مجال حماية الطفل والنشء من مخاطر الإنترنت، ودعم مستشفي سرطان الأطفال، وحملة شلل الأطفال وختان الإناث وصحة المراهقين وقانون الجنسية المصرية والمساواة بين الأم والأب في حصول الابن علي الجنسية، كما أولت اهتماما غير مسبوق بالفتاة المصرية لمواجهة المفاهيم السلبية السائدة في المجتمع ولجأت لحلول غير تقليدية في حل هذه المشاكل. كما عملت علي نشر ثقافة السلام وبذلت جهدًا منظماً في الرعاية الطبية ودعم المعهد القومي للأورام ومشروعه الجديد في السادس من أكتوبر، كما قامت بجهد كبير في تطور المدارس ومكافحة الفقر والإتجار بالبشر، فضلاً عن جهودها في جمعية الرعاية المتكاملة والهلال الأحمر والمجلس القومي للطفولة والأمومة والنهوض بالمرأة بصفة عامة وقد لاقت كل تلك الجهود تقديراً واعترافاً علمياً من مجلس الكلية وتم منحها الدكتوراه الفخرية بالإجماع فهي نموذج للمثقف الواعي الذي يستند إلي حقائق العلم الاجتماعي في البحث والحلول.. وبكلمات مؤثرة عبرت سيادتها عن سعادتها بمنحها الدكتوراه الفخرية، وأكدت: إنني أقبل هذا التكريم بفخر واعتزاز فإنني أشعر أنه ليس لي وحدي وإنما لكل من عمل معي في تحقيق أهداف نبيلة وطموحات كبيرة أحسب أنها أضافت ملمحًا متفردًا من ملامح العطاء لهذا المجتمع. لذا فإنني أهديه بكثير من العرفان لرفاق الرحلة وشركاء النجاح الذين عملوا معي في خدمة المجتمع علي مدار 3 عقود من الزمان.. ولا أغالي إن قلت إن مستقبل البلاد وتقدمها سيظل مرهونًا بقيام الجامعة بدورها في إجراء الحياة العامة، ولعل أهم ما يواجه الجامعة اليوم من مهام هو تقرير مسئوليتها كمنبر للحرية والفكر، فالجامعة هي الأقدر علي أن تعيد النظرة الصحيحة للدين كقوة دافعة للاستنارة والتقدم، والجامعة هي الأجدر بأن تحمي حرية الفكر بما تضمن لعلمائنا وباحثينا مناخًا يدفع للإبداع ويحفز علي الابتكار، والجامعة هي الأحق بأن تظل مبعثًا للإلهام ومعقلاً للفكر ومحرابًا للعلم والعلماء، وكلها سمات ليست بجديدة علي جامعة القاهرة التي أفرزت العباقرة والعظماء. إن تكريمي اليوم يعيدني إلي بداية الرحلة.. رحلة عمل وعطاء فكر واجتهاد رحلة أفخر وأعتز بها، فكم من الآمال والطموحات والأحلام تحققت وارتبطت كلها بحياة الناس لتغيير واقعهم، وتحسين أحوالهم في حاضرهم ومستقبلهم، لقد كانت دراستي لعلم الاجتماع هي مدخلي للعمل العام بأنشطته وجمعياته ومنظماته في تجربة أعتز بها للمزاوجة بين النظرية والتطبيق والسعي للاستفادة من العلم الأكاديمي في تغيير الواقع بمشكلاته ومعطياته وتحدياته. ودعت السيدة سوزان مبارك أن هناك حاجة للربط بين جامعتنا واحتياجات وقضايا مجتمعنا بجميع المجالات بما في ذلك مجال المشاركة والعطاء في مجال التنمية الاجتماعية.. وأكدت السيدة سوزان مبارك أن جامعتنا ومؤسساتنا العلمية والثقافية جزء لا يتجزأ من المجتمع المدني المصري، وتشتد الحاجة للمزيد من عطائها وشاركتها في حركة المجتمع وللدفع بدورها إلي الأمام، لقد أصبح لدينا 38 جامعة ما بين حكومية وخاصة وأهلية، ولابد أن يتعاظم دورها في التعامل مع قضايا المجتمع وفي شتي مجالات الإنتاج والخدمات والفكر والثقافة. وإنني إذا أحمل مشاعر التقدير والاعتزاز لتكريمي اليوم من جامعة القاهرة.. وأهدي هذا التكريم لكل من وقف إلي جانبي في العمل من أجل مجتمعنا وخير وطننا وكل من شاركني الدعوة لثقافة السلام والقيم المشتركة للإنسانية.. من أجل مجتمع مصري حديث ومتطور ومن أجل مستقبل أفضل لبلدنا الغالي مصر التي ستظل دائمًا في الوجدان والخاطر، وطنًا نحبه بكل روح ودم.. وطنًا لا ننشغل بالخلد عنه.. إنها مصر الحضارة والتاريخ والنيل والعلم والإبداع والفنون مصر المستقبل.