وزير التعليم العالي يكشف تكلفة تغذية المدن الجامعية    الحكومة البريطانية: 100 طن من المساعدات غادرت قبرص إلى الرصيف المؤقت قبالة غزة    استمرارا لسياسة الإلهاء.. إسرائيل تصف الأمم المتحدة بأنها "منظمة إرهابية"    بعد 282 يوما.. "الاتحاد" و"الإمارات" يحسمان لقب "البريميير ليج"    الموعد الرسمي.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya مباشر الآن في محافظة الجيزة    اليوم العالمى للمتاحف| "آيكوم" يسلط الضوء على دور المتاحف في التعليم والبحث العلمي    رئيس رابطة الجامعات الإسلامية في جولة تفقدية لمكتبة الإسكندرية    بتوجيهات الإمام الأكبر ..."رئيس المعاهد الأزهرية" يتفقد بيت شباب 15 مايو    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    مجلس الوزراء ينعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    محو أمية أكثر من 12 ألف مواطن، رئيس جامعة المنصورة يستقبل رئيس هيئة تعليم الكبار    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    قصواء الخلالي: فوز القاهرة الإخبارية بجائزة التميز الإعلامي العربي فخر لكل مهني مصري    ارتبط بممثلة هندية.. من هي خطيبة مينا مسعود| فيديو    فوائد تناول المكسرات لمرضى الضغط والشحوم    الصحة تنصح أصحاب الأمراض المزمنة باستشارة الطبيب قبل اللحاق بموسم الحج 2024    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    مباشر الدوري المصري - بيراميدز (0)-(0) سيراميكا.. بداية اللقاء    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    خطوات استخدام التطبيق الخاص بحجز تاكسي العاصمة الكهربائي (فيديو)    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    كسر ضلعه وأفقده البصر.. أب يعذب ابنه ويصيبه بعاهة مستديمة في الفيوم    اعرف قبل الحج.. حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    وزير النقل: تشغيل مترو الخط الثالث بالكامل رسميا أمام الركاب    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    الصورة الأولى لأمير المصري في دور نسيم حميد من فيلم Giant    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    المشرف على الحجر الزراعي المصري يتفقد المعامل المركزية بالمطار    موعد بدء إجازة عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    محمد جمال: الإسماعيلي تسلَم الدفعة الثانية من مستحقات صفقة إياد العسقلاني    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    الداخلية: سحب 1539 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل التدين يحمي النساء في بلدنا؟

هل التدين يحمي النساء من الصراع مع الرجال؟ هذا هو أحد الأسئلة التي تشعر للوهلة الأولي أن الإجابة عنها سهلة ومنطقية، لكنك حين تقرر أن تتلفظ بالإجابة ستهرب منك وذلك لأنك إذا تأملت في حال المجتمع ونسائه للحظة، غالبا ستجد أن الإجابات قد تضاربت والتبست في ذهنك.. وزيارة واحدة إلي إحدي محاكم الأسرة المكتظة بالنساء المحجبات والمنتقبات والمختمرات المعذبات المكدرات من حياتهن الزوجية كفيلة بأن تجعلك تتساءل: لماذا لم يحم التدين هؤلاء النساء؟!
((داليا.ع)) شابة في ال24 من عمرها كانت بالنسبة لزوجها الفتاة المثالية.. متدينة، خجولة، مؤدبة جدا والأهم أنها مطيعة، هكذا كما كان يصفها عريسها طبيب الباطنة الملتحي.. ولأنها أرادت أن تثبت له حسن توقعه منها التزمت بالنقاب طاعة لأوامره عقب الزواج مباشرة، لكنها وبعد عامين اكتشفت - كما تقول - أن حياتها الزوجية أصبحت مستحيلة الاحتمال فوصفت حياتها مع زوجها بالرجعية والمنغلقة.. فعادت إلي منزل أهلها وخلعت النقاب، وقد قابلناها في محكمة الأسرة وهي تتابع قضية الخلع التي رفعتها علي زوجها للارتباط بزميل لها في الشركة التي تعمل بها.
«دنيا.ج» امرأة في ال27 من عمرها قابلناها في محكمة الأسرة أيضا.. ملامح التدين تبدو علي سمات وجهها.. حكت لنا قصتها فقالت: «ارتديت النقاب أثناء فترة خطبتي امتثالا لأوامر حماتي، وكنت حريصة علي طاعة كل أوامر زوجي لأنني أعرف أن طاعة الزوج من طاعة الله، إلا أنني بعد فترة فوجئت بشقيقته الكبري تخبرني بأن زوجي يريد أن يتزوج بأخري لأنه لم يحبني أبدا وأنه لم يقتنع بي كزوجة في أي يوم من الأيام وأن الاختلاف في الشخصية بيني وبين شقيقها كبير، وقبل أن ينتهي شهر من استماعي لهذا الكلام علمت بخبر زواجه من امرأة تكبره في السن.. شعرت بالكسرة والإهانة فلم أجد بدا من رفع قضية لخلعه».
وبعد استماعنا لعدد من القصص المشابهة لنساء التزمن دينيا حسب فهمهن للدين والتدين وراعين ربنا في أزواجهن حسب تعبيرهن وانتهت حياتهن الزوجية في محكمة الأسرة.. لم نندهش عندما قال لنا (سيد مدكور) المأذون الشرعي بمنطقة السيدة زينب أن حالات طلاق المنتقبات والمختمرات والمتشددات دينيا هي الغالبة علي حالات الطلاق التي يعقدها يوميا... وهنا لفت المأذون إلي سبب مهم ربما نضعه علي رأس قائمة الأسباب التي تجعل النساء المتدينات في صراع مع الرجال وهي أنهن كما يقول (سيد مدكور) يغالين في التدين أكثر من الرجال فيتشددن في معاملة أزواجهن، ويضرب هنا (مدكور) مثلا متطرفا لهذه النوعية من النساء فيقول: في إحدي المرات طلقت امرأة منتقبة من زوجها لأنها تنتمي إلي جماعة دينية متشددة وطلب منها أحد أعضاء هذه الجماعة أن تترك زوجها لأنه كافر من وجهة نظرهم.
وعن الأسباب الجوهرية التي تؤدي إلي طلاق النساء رغم تدينهن يلفت مأذون السيدة زينب إلي سبب لا علاقة له بالدين وهو الحالة الاقتصادية فيقول إن كثيرا من المنتقبات والمختمرات والمحجبات يطلبن الطلاق بسبب عدم مقدرة الزوج علي تلبية احتياجات الأسرة.
وفي نفس الصدد يوافق (أحمد طاهر) المأذون الشرعي بمنطقة عابدين علي أن كثيرا من المنتقبات والمختمرات يفشلن في الاستمرار في حياتهن الزوجية فيقول: جاءتني في إحدي المرات امرأة منتقبة زوجها صاحب أحد الفنادق الكبري وطلبت مني أن أطلقها من زوجها لأنه يشرب الخمر، وبالفعل وافق زوجها علي تطليقها، وأخريات محجبات كثيرات أصررن علي الطلاق فقط لأن مصدر رزق أزواجهن مشكوك فيه.
ويشير مأذون عابدين إلي ظاهرة ليست غريبة علي هؤلاء النساء وهي أنه في الفترة الأخيرة ازداد تعدد الزواج بين المنتقبات ففي البداية يوافقن لأنه حق الزوج الشرعي لكنهن بعد ذلك يطلبن الطلاق ويطلقن.
ولم تختلف (سميرة سعد) - إخصائية بمكتب بولاق لفض المنازعات الأسرية - مع كلام النساء التعيسات في محاكم الأسرة ولا مع كلام المأذونين فقالت إنه في بعض الأحيان تكون الزوجة متدينة، لكن زوجها يطالبها بمزيد من التدين والالتزام من وجهة نظره، وتضرب لنا إخصائية فض المنازعات مثالا علي هذا النوع من الصراع الأسري فذكرت لنا أن من ضمن الحالات التي تدخلت للصلح فيها كانت لسيدة تعمل ممرضة بأحد المستشفيات الاستثمارية وكانت ترتدي النقاب، لكن إدارة المستشفي طلبت منها خلعه حرصا علي سلامة مرضاها فاقتنعت الزوجة ورأت في طلب المستشفي أمرا منطقيا، إلا أن زوجها خيّرها بين النقاب أو الطلاق. أصرت الزوجة علي موقفها وذلك بعد حيرة مؤلمة بين النقاب الذي يصر زوجها عليه وبين الوظيفة التي توفر لها راتبا مرتفعا ومستوي معيشة أفضل اعتادت عليه قبل الزواج، مما اضطرها إلي اللجوء إلي مكتب تسوية المنازعات بالمحكمة.
كما تحكي (شيماء محمد) الإخصائية الاجتماعية بنفس المكتب أيضاً قصة الزوجة التي جاءت مصرة علي الخلع لأن زوجها لا يصلي ويأتي بأصدقائه إلي المنزل. وفشلت كل مساعي شيماء لتسوية المشكلة الأسرية فقد حال تشدد هذه السيدة دون نجاح حياتها الأسرية.
وأضاف (حفني عبد النعيم) - أخصائي اجتماعي بمكتب شبرا والساحل لتسوية المنازعات الأسرية بالمحكمة: إن احتشام النساء وتدينهن لا يمنع أثر الحالة الاقتصادية المتردية التي تزج الكثيرات من هؤلاء المحجبات والمنتقبات إلي طلب الطلاق.
ترفض دعاء فاروق المذيعة المحجبة بقناة الحياة فكرة أن التدين يحمي النساء من لعنات الحياة مؤكدة أنه ليس فقط المحجبات يتعرضن للتحرش في الشارع علي سبيل المثال، لكن كثيرا من أولئك اللاتي يرتدين عباءات فضفاضة يتعرضن للتحرش، كما رفضت مبدأ أن الحجاب يحمي الفتاة من العنوسة مشيرة إلي أن نسبة كبيرة من المحجبات تأخرن في سن الزواج.
لكن شيماء خالد - فتاة منتقبة - تعارض رأي الإعلامية المحجبة فتقول - ومن تجربتها الشخصية - إنها توصلت إلي أن مشكلتها في عدم إيجاد فرصة عمل مناسبة كانت في عدم التزامها دينيا لأنها كانت تتيح فرصة للرجال لرؤية مفاتن جسدها حتي اكتشفت وبالتجربة العملية أن النقاب يقي الفتاة من قلة فرص العمل ومن التحرش، ويمنحها مزيدا من الاحترام فأبقت علي نقابها رغم أنها كانت من أشد المعارضات له في يوم من الأيام.
كذلك تقول منار عزت .. إنها تحرص علي زيها الملتزم دينيا لأنها تعمل ممرضة بأحد المستشفيات الجامعية مما يتطلب منها السهر لساعات طويلة خارج المنزل والزي الملتزم -كما تقول - يحميها من كل مخاطر السهر والتعامل المباشر مع المرضي الرجال.
وهنا تعلق الكاتبة فريدة الشوباشي قائلة إن المجتمع الذي يحتمي خلف (شوية مظاهر) هو مجتمع هش، وإذا كانت المرأة في هذا المجتمع تري في الزي المحتشم نوعا من التدين يحميها من المجتمع فهي امرأة ضعيفة لأن التدين أداء وسلوك قويم وسوي، والدليل علي ذلك - والكلام علي لسان الشوباشي - مؤيدة دعاء فاروق أن نسبة كبيرة من المنقبات والمحجبات تتعرض إلي التحرش الجنسي، كما أنه لم يحم الفتيات من تأخر سن الزواج في ظل ظروف اقتصادية طاحنة وثقافة شبابية سطحية.
ويلخص الكاتب الصحفي صلاح عيسي - رئيس تحرير جريدة القاهرة - المشكلة في أن كثيرا من النساء أصبحن يتخذن بعض مظاهر التدين وسيلة للحصول علي الرضاء المجتمعي، ويتجسد هذا الأمر في أن هناك قناعة لدي كثير من الفتيات بأن الشباب لن يقبلوا علي الزواج من فتاة غير محجبة في ظل مناخ عام يتسم بالشيزوفرينيا.
فعلي عكس جيل الخمسينيات والستينيات - كما يقول عيسي - حين كانت الثقافة مختلفة تماماً والرجل يبحث عن فتاة متفتحة لديها قدر لا بأس به من الثقافة والاطلاع والمعرفة والمشاركة في الحياة العملية، الآن تعرض المجتمع لعملية شحن مضادة فانقلبت الأمور وأصبحت الملاحظة أن موجة التدين الموجودة الآن لم تؤد إلي ما يقابلها من تحسن في الأخلاق العامة، بل بالعكس أصبح من يدعي التدين هو الأقل صدقاً وأمانة في مجتمع يمتلئ بالفتن والنميمة والإضرار بالآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.