لا أعرف إلى أين يصل المشاهد المصرى بالريموت كنترول، وهو يحاول الهروب من سيرك «محمود سعد» الذى ينصبه على القناة الثانية والفضائية المصرية، وقعدات «لميس» على قناة النايل لايف، التى تطل علينا وسط ديكور مستفز، برسائلها المحبطة والكئيبة التى لا تتغير، ففى برنامجها «قلب مصر» وفى برنامجه «مصر النهارده»!. وسط كل هذه الفوضى نتساءل: إلى من نلجأ عندما نريد أن نشاهد التليفزيون المصرى؟ هل نذهب للحياة التى صاحبها «وفدى معارض» أم «المحور» التى صاحبها يتبع الحزب الوطنى «وطنى متلون»، أم «دريم» التى يتأرجح صاحبها بين الملل السياسية. الصفقات المذهلة بالملايين هى التى جاءت بأمثال هؤلاء للتليفزيون المصرى بحجة إعادة المشاهد المصرى له مرة أخرى، بمعنى أن يقدموا له نماذج من «برامج التوك نو» التى تقول «لا» المريضة فقط دون مبرر، ولا تعرف شيئا عن مهنية برامج «التوك شو»، بغرض استيعاب المشاهد بهذه الطريقة الخاطئة فى نهاية يوم من معاناته مع حكومة تسير على سطر وتترك آخرين كثرا! المحصلة هى تليفزيون «الأراجوز» و«اللتاتة»، الذى يكاد يقضى على التليفزيون المصرى.. وهذه الشاشة السوداء المستحدثة التى تطل علينا من تليفزيون الدولة، ترفض كل ما هو مع الدولة وفى صالحها السياسى، والاقتصادى والاجتماعى، وتصل بهما التطاولات إلى حد السب والإيحاءات النابية. الحلقات موجودة، وموقعى اليوتيوب والفيس بوك يشهدان على ذلك، ومنها إيحاءات محمود سعد فى حلقته التى فرش فيها الملاية لرئيس الوزراء لمجرد أنه التقى رؤساء الصحف القومية قبل أن يلتقى الصحف الخاصة والحزبية، خاصة أن «سعد» يقسم هؤلاء وأولئك على طريقة «البادجيز» و«الجودجيز»، وبالطبع حلال فى «البادجيز» القوميين الشتائم ولو بالإيحاءات المكشوفة، وفى المقابل فإن أرباب الخاصة والحزبية هم ملائكة وأحرار، وبالذات لأنه منهم، يكتب فى صحيفة «الدستور»، ولا يستطيع أحد أن يوقفه عند حده، بل يكافأ ببرنامج دينى لتصل فاتورة راتبه إلى 9 ملايين جنيه. لكن كل هذا لا يهم، لكن ماذا عن هيبة التليفزيون المصرى الذى يعد من ركائز الأمن القومى، إلا لو كانت ثوابت الأمن القومى تغيرت، ولم يخبرنى أحد، خاصة مع تراجع شعبية وجماهيرية هذا التليفزيون أمام الفضائيات الأخرى، التى سحبت منه لصالحها، وهذا جد خطير!!.. وأصبح التليفزيون جاذبا لخصوم النظام، واستمرارا لغياب المهنية لا تجد من يرد عن الحكومة فى الفقرات التى يطلقون عليه النار المعنوية فيها، وفى جعبة لميس الكثير من هذه النماذج، منها تناولها لقضية انتماء شيخ الأزهر الحزبى للوطنى، والذى كان الكل متفقا على عدم ضرورته رغم أن الإمام الأكبر الجديد كان يرى غير ذلك ثم غير رأيه، لكن هناك فارقا فى التناول، بين الولولة وشرح الأمور على حقيقتها دون أبعاد خبيثة من ورائها، ولا تكتفى بها فى الفقرة بل ترددها فى البرومو، وكأن القائمين على القطاع فى حالة تيه بيِّن فهل هيبة شيخ الأزهر فى حاجة لاهتزازه وهو فى بدايته، ما مصلحتها فى هذه «المكلمة شو» أن تضرب الإمام الأكبر فى مقتل سياسى منذ البداية! أقدر أن هواجسها كبيرة، وهى تدخل التجربة وعلى عاتقها «اتهام» أنها حكومية وفى قناة حكومية، خاصة أنها كانت من بين العناصر التى وظفت فى الحملة الانتخابية أيام الانتخابات الرئاسية فى ,2005 ويجب أن تحصل على المصداقية ببعض التجاوز للخطوط الحمراء والضرب تحت الحزام، وهذا ما حدث، وطال جدا! ووصل الأمر إلى أنها كانت تستضيف ممثلى الحكومة أو الحزب الوطنى تليفونيا بينما المعارض متواجد فى الاستديو، وبالتأكيد له كل الحق فى الرد والمساحة الأكبر للحركة، ومن هؤلاء الممثلين الحكوميين نماذج لا نقدرها، لكن من كثرة هجومها غير المهنى عليهم أشعر بأنى أساندهم رغم رفضى لذلك! ومثال آخر، كان صارخا عندما استضافت زعيم الأغلبية بالحزب الوطنى عبدالأحد جمال الدين تليفونيا، والنائب المستقل علاء عبدالمنعم المقرب للوبى هذه المجموعات التى تصف نفسها بالمستقلة فى الاستديو، وبعيدا عن الفروقات بين عبد الأحد وعلاء صال وجال الأخير وسط تهكم لميس المبالغ فيه على «عبدالأحد»، خلال نقاشها لقضية خروج النواب فى مظاهرات ضد دعاة ضرب النار على المتظاهرين، ومنهم نشأت القصاص، وترجت وقتها وزارة الداخلية فى مداخلاتها المطولة التى تزعجنا أكثر من الضيوف ألا تضرب المتظاهرين بالنار وتكتفى بالعصا والأيدى فقط كنوع من السخرية متناسية أنها فى التليفزيون المصرى. لكننا يجب أن نقدر أيضا أنها محاصرة بمقارنة ظالمة مع زوجها فى القاهرة اليوم، حيث عمرو أديب تى فى، ومن حقك تفعل ما تشاء، إلا أنها تناست أن كل هذا لديها مثله الآن، لا قواعد فى التليفزيون المصرى، واقتربنا جدا من الوصول لمرحلة «محمود سعد تى فى» و«لميس الحديدى تى فى»، ومافيش حد أحسن من حد، وإن كان لديها هاجس اسمه منى الشاذلى، فلا أتذكر أن أسامة الشيخ قد قطعا عليها الهواء مرة أو تربصا بها كما فعل أحمد بهجت، الذى يعى مصالحه الشخصية والعامة، وفى المقابل لا تدرك مؤسسة التليفزيون المصرى أن هناك مصطلحاً اسمه المصلحة أساسا! وإن كان سعد قد تجاوز مرحلة هواجس لميس، فما دافع مردد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشهير بأنه يدلل المطربات، والفنانات على الشاشة السياسة، خاصة أنه لا يكملها لو واجهه المسئول. وما حدث مع وزير المالية يوسف بطرس غالى نموذج مثالى على ذلك، فكان سعد ينصب له سيرك محاكمته الأراجوزية خاصة خلال مناقشات الضرائب العقارية والتأمينات والمعاشات التى طالت كثيرا، لكن بمجرد أن حضر الوزير للبرنامج وواجه سعد وجها لوجه، ظهر حجمه الحقيقى القزمى الطابع والإطار، ولم يجد ما يقوله سوى عبارات الثناء والمديح، وسط دهشة المشاهدين! سيرك سعد ومكلمة لميس تهدم وتشوه كل ما هو مصرى على الشاسة الرسمية المصرية؟! وها هم الغوغائيون يحتلون شاشة التليفزيون المصرى، وهؤلاء هم المسئولون عن الرسالة الإعلامية المقدمة للمجتمع وبالذات فى هذه الفترة الحرجة من تاريخ الوطن! بالعودة إلى لميس ولاحظنا جميعا، سياستها فى تناول قضية حوض النيل واتفاقية عنتيبى، على طريقة «السم فى العسل» وكان هذا واضحا جدا فى التعرض لقضية الترتيبات الجديدة للطوارئ، فعلى الرغم من تواجد اثنين من مفصلى قوانين النظام كان منها، رمزى الشاعر، إلا أنها أضفت على النقاش سلبية شديدة على خلاف الرؤية الرسمية التى من المفروض أنها تعبر عنها لأنها فى إطار التليفزيون المصرى، واللوجو الذى أعلى رأسها على الشاسة حكومى لا خاص، واكتمل المشهد الأسود للغاية الذى صدرته بدهشة شديدة عندما استضافت الحقوقى أيمن عقيل وحيدا لشن هجوم شرس على الاعتقالات الإدارية التى اتهم وزارة الداخلية أنها ترتكبها، ومماطلتها فى الإفراج عن المعتقلين فما بالك بالمعتقلين المفروض أنهم يتركون وفق الترتيبات الجديدة للطوارئ.. كل هذا بدون أى رد من الداخلية، بل مساندة قوية من لميس مليئة بالتهكم على الداخلية والأمن المصرى وكأنها فى تليفزيون معاد للنظام، لا متحدث باسم النظام كما هو متعارف عليه! السؤال الأكثر إلحاحا هو: لماذا النظام يصمت على التطاول اليومى على هيبة ودعاوى إثارة الفوضى من برامجه؟ بعد تهديدات ووعيد الحكومة أمام الشورى الذى حاكم برنامج مصر النهاردة بعد الحلقة السقطة الشهيرة التى فشلت فى الصلح الدعائى بين مرتضى منصور وأحمد شوبير لكنها نجحت فى جمع مليون جنيه من الإعلانات، لم يمس أحد سعد وانتهى الأمر على لا شىء، ولم يحضر وزير الإعلام للجنة الإعلام بالمجلس مرتين لمناقشة الموضوع،حتى نسى الناس، هذه الأجواء.. لكن سعد فهم الدرس، وعرف أنه أكبر من العقاب، وبالتالى من حقه أن يتمادى دون سقف، لأنه لن يراجعه أحد، ومن هنا جاء تطاوله على رئيس الوزراء، والذى تحول إلى مديح عندما التقى نظيف رؤساء الصحف الخاصة والحزبية! لكن عندما حاول أن يمارس سعد هذا الأسلوب مع السفير حسام زكى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية خلال تغطية حادث مقتل المصرى «مسلم» فى كترمايا اللبنانية، أوقفه عند حده، وعلمه منهجية الحديث، وأنه حتى الفوضى لها حدود، وأوقف تشفيه فى الخارجية التى كانت مع ولولته على القتيل والذى رفض أهله استلامه! هذا الواقع الصعب الذى يعانى منه خلال الفترة الأخيرة بشكل لا يمكن السكوت عليه هو ثمرة فاسدة لألاعيب المداعبة واتفاقات المواربة التى أوصلتنا لما نحن فيه الآن، وأما أن نصل لحل أو سيتفاقم الموقف، إلى ما هو أخطر من ذلك خاصة أن الصراع سيشتعل أكثر وأكثر فى انتخابات الشعب وبعدها فى الانتخابات الرئاسية ولن أذكر فى هذا السياق كلام سعد فى ندوة نادى سبورتنج التى دعا فيها إلى تغيير الرئيس، لأنها كانت بعيدة عن الشاشة رغم أن هذا ليس مبررا للواعين، ولو سكتنا على هذا الأراجوز وهذه اللتاتة سنستحق ما يخفيه لنا القدر!