سجد لله شكرا في زنزانته علي عودته للحياة.. هكذا استقبل هشام طلعت مصطفي نبأ قبول الطعن في الحكم عليه بالإعدام وإعادة محاكمته هو والمتهم الثاني في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم، محسن السكري الذي بكي بشكل هيستيري في أحضان والده الذي حرص علي زيارته فور صدور الحكم، وسط أجواء من الحزن وسط أسرة سوزان، وكانت «روزاليوسف» حريصة علي تسجيل وقائع هذه الجلسة المهمة، والكشف عن سيناريوهات المرحلة القادمة من المحاكمة. منذ الساعة السابعة صباحا بدأت أجواء المحاكمة وسط حراسة أمنية وترقب إعلامي ونظمت قوات الأمن بقطاع شمال القاهرة برئاسة اللواء محمد مدكور رئيس قسم الأزبكية دخول مندوبي الصحف والمجلات والقنوات الفضائية المختلفة والوكالات الأجنبية وحاملي التصاريح الموقعة بخاتم رئيس محكمة النقض إلي داخل قاعة النقض. داخل القاعة، حضر منير السكري والد المتهم الثاني محسن بصحبة نجله أشرف في حالة ترقب وحذر واحتسيا كوبين من القهوة، وكانا أول من حضر من أقارب المتهمين في الساعة السابعة والثلث، وبينما دخل الأب إلي القاعة كان الابن يقف مع عاطف المناوي محامي محسن في ردهة دار القضاء شاردا، وقال لنا إنه حصل علي تصريح زيارة لمحسن شقيقه ليذهب إليه هو ووالده عقب صدور الحكم مباشرة. وكان المحامي فريد الديب أول من تواجد داخل القاعة من هيئة الدفاع بمفرده في الساعة السابعة ثم امتلأت القاعة بوسائل الإعلام المختلفة العربية والأجنبية وعاني محمد سلمان المحامي الإماراتي وكيلا عن رياض العزاوي المدعي بالحق المدني صعوبة في السماح له بالدخول، حيث لم يتمكن من الحصول علي تصريح دخول حتي الساعة الثامنة والنصف، بينما لم يظهر من أسرة هشام طلعت مصطفي حتي الساعة العاشرة والثلث سوي إيهاب زوج سحر شقيقة هشام واللواء إبراهيم مصطفي «عم هشام» وعدد من مسئولي مجموعة طلعت مصطفي ليجلسوا بالمقاعد الأمامية في الوقت الذي حضر محمد إبراهيم مصطفي «عم هشام» في الساعة العاشرة و45 دقيقة وجلس بمفرده في المقاعد الخلفية ووقف عدد من محامي مجموعة طلعت مصطفي أمامه حيث بدا عليه القلق الشديد ورفض أن يدلي بأية تصريحات لوسائل الإعلام واكتفي مرددا بجملة واحدة لكل من يحدثه. أنا مستبشر خيرا بقضاء الله. مستمرا في تلاوة القرآن الكريم وهو مربع اليدين، بينما التزم شقيقه اللواء إبراهيم بالصمت التام ولم تحضر سحر في هذه الجلسة لأول مرة منذ بدء محاكمة شقيقها، حيث أصرت علي الوقوف بجواره أثناء النطق بالحكم بعد حصولها علي تصريح بزيارته في الوقت الذي أكد زوجها إيهاب والذي ظهر خلال تواجد المستشارين في غرفة المداولة بأنها تقف مع هشام لتخبره بمنطوق الحكم. بدأت الجلسة في الساعة التاسعة برئاسة المستشار عادل عبدالحميد رئيس محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلي بحضور أعضاء المحكمة من نواب رئيس محكمة النقض وتوالت اللحظات فيما يقرب من ساعتين تنظر خلالهما المحكمة عددا من القضايا الأخري وأثناء المداولة حضر المستشار مرتضي منصور وأكد أنه جاء كأحد أفراد أسرة هشام مصطفي حيث جلس في نهاية القاعة واستغرقت المناقشة في غرفة المداولة ما يقرب من حوالي الساعة خرجت هيئة المحكمة بعدها لتعلن للجميع بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلا وموضوعا وقبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما هشام طلعت مصطفي ومحسن منير السكري شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة وإلزام المدعين بالحقوق المدنية المصاريف المدنية وبعدها، وبمجرد صدور النطق بالحكم في الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق انقلبت القاعة رأسا علي عقب، حيث انطلقت الزغاريد وصيحات الفرح والتكبيرات تدوي في القاعة في الوقت الذي تبادل فيه مرتضي منصور وفريد الديب القبلات والأحضان في حين لم يحضر بهاء الدين أبو شقة كأحد أعضاء هيئة الدفاع عن هشام. وصرح منير السكري ونجله الذي التزم الصمت طول اللحظات التي سبقت النطق بالحكم مهللين بأنهما سعيدان بالحكم المتوقع من شيوخ محكمة النقض، وقال السكري إنهما توجها لزيارة نجله محسن في محسبه ليخبره ويطمئن عليه، وتسابقت وسائل الإعلام لتلحق بمحمد مصطفي عم هشام وفي ردهات محكمة دار القضاء العالي احتشد أنصار هشام طلعت من العاملين معه بالمجموعة ورواد المحكمة مرددين «يحيا العدل وشيوخ محكمة النقض» وساروا بعد ذلك باتجاه الدقي، حيث احتشد أنصار ومحبو هشام علي امتداد شارع مصدق يرقصون ويطلقون الزغاريد والصيحات والتهليلات في تزامن مع أحداث أفراح أنصار هشام بالإسكندرية وبمدينة الرحاب ومدينتي وذبحوا في إحدي المناطق عشرة عجول احتفالا بإعادة المحاكمة. وعلمت «روز اليوسف» أن محسن السكري بات ليلة النطق بالحكم حاضنا المصحف يقرأ القرآن وعاش لحظات من القلق والتمني ومراجعة النفس وعقب علمه بصدور الحكم بقبول النقض هتف حمدا لله وفي لحظات استبدل بدلة الإعدام الحمراء وارتدي زي الحبس الاحتياطي «البدلة البيضاء» وتناول بعض العصائر وتعامل مع أسرته مثله كأي سجين عادي في انتظار الحكم عليه وقد ارتفعت معنوياته عقب زيارة والده وشقيقه أشرف وقال لهما «أنا مبسوط وهو ده العدل وأنا أثق في عدالة القضاء المصري وسوف أنام مرتاح البال في المرحلة التالية حيث تنظر القضية أمام دائرة جديدة وتظهر براءتي»، وأضاف أنه واثق 100% من ذلك، وقال لهما إنه كان يصوم كل اثنين وخميس حتي يرحمه الله مما هو فيه.. وكان وقتها ممسكا بسبحة وبينما استبدل هشام زي الإعدام أمام أفراد أسرته بعد إخطار إدارة السجن بإلغاء حكم الإعدام وارتدي زي الحبس الاحتياطي وفي وجود جميع أفراد الأسرة وفريد الديب تناول هشام وجبة خفيفة، وعلمت «روزاليوسف» الساعات القليلة التي عاشها هشام قبل النطق بالحكم في قراءة مذكرة الطعن بالنقض كلمة كلمة وأعاد قراءتها مرارا وهي تلك المذكرة التي أعدها رئيس هيئة الدفاع عنه الديب ثم قام ليصلي الفجر وبعدها أخذ يتلو آيات من القرآن الكريم وأخذ يدعو الله أن يفرج كربه وأن يأخذ شيوخ القضاة بما جاء بمذكرة الطعن وأسبابه. الحجز الانفرادي وقال لنا عمرو الفرماوي مدير الإدارة المركزية للسجون إن هشام قضي اليوم الذي سبق صدور الحكم بصورة عادية.. استيقظ مبكرا كعادته وتناول إفطاره المعتاد وخرج مترجلا إلي حديقة السجن وسط حراسة أمنية مشددة ليتريض ويفكر بمفرده بعض اللحظات ثم عاد إلي حجرته المنعزلة بالحجز الانفرادي مرة أخري. وفي محاولة منه لوصف حالة هشام المعنوية عقب صدور الحكم الديب وكان سعيدا ضاحكا لدرجة جعلت والدته تقول له : «لأول مرة أشوفك بتضحك من سنة ونصف يا هشام»، وقال الديب : إنه هو من سيتولي هيئة الدفاع عن هشام في المرحلة القادمة وأن أبو شقة والذي وصفه الديب بأنه انكشف علي حقيقته واتضح عجزه - سينسحب. وعن تصالحه مع مرتضي منصور أكد الديب أن مرتضي سيظل صديقا وزميلا قائلا : لن أنسي مرتضي أنه جاء ليشد من أزري في تلك اللحظات العصيبة في حين اعترف مرتضي بكفاءة الديب وأكد أن الحكم كان عادلا وحكم الإعدام كان شديد القسوة. قائلا : أريد لهشام أن يغير العتبة الشؤم ! موقف ابوشقة من ناحيته د. بهاء الدين أبو شقة «المحامي» كشف عما ردده في الفترة الأخيرة - بأن لديه مفاجأة - حيث قال لنا أعلنت أنني لن أستطيع الاستمرار في الدفاع في المرحلة القادمة إلا إذا تشكلت هيئة دفاع متجانسة وعلي درجة من الكفاءة في الدفاع في أقران هذه القضايا. وأكد أبو شقة : لم أقل أنني سأنسحب أو أنني سوف أستمر، ولكن ما قلته بالضبط هو أن دوري انتهي عند صدور الحكم بنقض الحكم والمرحلة القادمة سوف يخضع الاستمرار أو عدمه فيها للقرار الذي يتعين أن يصدره هشام طلعت مصطفي باعتبار أنه كان في الفترة السابقة ما بين صدور الحكم بالإعدام وصدور الحكم بنقضه فاقدا للأهلية ولكن الآن عادت لهشام أهليته وأصبح من الرجاحة أنه يستطيع أن يختار هيئة الدفاع في المرحلة المقبلة التي تنتهي به إلي شاطئ الأمان. وعن علاقته بفريد الديب قال أبو شقة: إذا لم اشعر بأن هناك انسجاما بين هيئة الدفاع فإنني لن استمر، والديب له مدرسة وأنا لي مدرسة أيضا، وأنا لا أعتقد أن في قضية مثل هذه القضية سوف يحدث التقاء في وجهات النظر في هذا الخصوص، ولهذا أرجع الرأي لصاحب الشأن، وحتي إذا اختار هشام هيئة دفاع أنا لست فيها فأنا - لن تنقطع صلتي به - بل إن كل أمنياتي أن يحصل هشام علي البراءة لأنني مقتنع تماما ببراءته من واقع قراءتي للقضية. وسوف أكون أول المهنئين له في الوقت الذي سيحصل فيه علي البراءة ولهيئة الدفاع عنه حتي لو كان فيها الأستاذ فريد. وبرر أبو شقة عدم تواجده خلال جلسة النطق بالحكم بعدم جدوي حضوره قائلا: لا يوجد أي دور للمحامي في تلك اللحظة. وقال: إن آخر مرة قابل فيها هشام منذ أسبوع، وكانت حالته النفسية سيئة حيث كان يعيش لحظة فاصلة وخيطا رفيعا يفصل بين الحياة والموت، وكان في حالة ترقب وقلق شديدين، موضحا أن الحكم الأول أصبح لا وجود له قانونا الآن وسوف تجري محاكمة جديدة، بعد أن أصبح هذا الحكم غير موجود والدفاع له سوف يكون من الطلبات والدفوع ما يحق له أن يبدي بخصوص تلك القضية، وأنا مستبشر خيرا لأنني أشعر بأن هشام مظلوم، وهو في قرارة نفسه يرفع وجهه للسماء ويدعو الله أن ينصره وينتصر له ليثبت براءته لتعاد محاكمته أمام دائرة أخري بخلاف الدائرة التي أصدرت الحكم بإعدامه أمام محكمة استئناف القاهرة. المرحلة القادمة وأكد اللواء عاطف شريف مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون أنه بناء علي الحكم الذي صدر من محكمة النقض، سوف يتم تغيير موقف المتهمين من المحكوم عليهما بالإعدام إلي انتظار صدور الحكم عليهما ويصبحان محبوسين احتياطيا. وتطبق عليهما أحكام المحبوس احتياطيا فيسمح لهما بزيارة أسبوعية من حقهما أن يدخل لهما الأطعمة والمأكولات يوميا. كما يتم تغيير مكان محبسهما من المنطقة المخصصة للمحكوم عليهم بالإعدام بسجن طرة إلي منطقة مخصصة للمحبوسين احتياطيا بذات السجن. وكل تلك الإجراءات سوف يتم اتخاذها بمجرد صدور إعلان رسمي بمنطوق الحكم صادر من نيابة النقض، وهذا الإعلان سوف يتم صدوره خلال أيام ويبلغ للمتهمين بطريقة رسمية.