في الفكر المسيحي الأرثوذكسي يحتل الكاهن مكانة رفيعة متميزة، ويوصف الذي ينال رتبة كهنوتية بكونه نال النعمة وتتم تهنئة الشخص بالقول مبروك النعمة ولكن كيف يصبح الشاب قسيساً؟. هناك سبع رتب في الكنيسة الأرثوذكسية تسمي بالرتب الكهنوتية تبدأ بالشموسية الإبصلتس أي الشماس المرتل، والاغنسطوس أي الشماس القارئ، والدياكمون أي الشماس، والارشي دياكون أي رئيس الشمامسة، ثم رتبة القسيس وتشمل القس والقمص، ورتبة الأسقفية وتشمل الأسقف والمطران والبطريرك. . ويعتبر الأساقفة رعاة، أما القساوسة فمعلمون والشمامسة خدام والابصلتس أي المرتل يرسم فيها الأطفال لربطهم بالكنيسة وتعلم ألحانها.. القساوسة الأرثوذكس ويقترب عددهم من نحو 6000 كاهن، تتطلب سيامتهم دراسات بالكليات الإكليريكية - أي كليات الأكليروس - رجال الدين.. وإن كانت هذه القاعدة لها استثناءات خاصة أن هناك الكثير من الأساقفة يعتبرون أن الكهنوت دعوة روحية فيقومون برسامة بعض الشباب كهنة دون الالتزام بشرط الدراسة في الكلية الإكليريكية، التي لا يوجد أيضا إلزام لسيامة كل خريجيها كهنة.. فالكهنوت عمل روحي.. وكلمة كاهن مشتقة من كهن أي ينبئ والذي ينبئ بإرادة الله أي لابد أن يكون مفوضا من الله لتبليغ الرسالة، فخدمة التعليم هي جزء من اختصاص الكهنة وليس لأفراد الشعب، وهو الاختصاص الأعظم للكهنوت، والشاب الذي يتأهل لدرجة الكهنوت لابد له للمرور من الخدمة بدءا من مدارس الأحد إلي التربية الكنسية ويكون مندمجا في الكنيسة وروحها متشبعا بروحانيتها وتعاليمها وألحانها ليكون معدا إعدادا جيدا لينال إحدي الرتب الشماسية حتي يتدرج للكهنوت. ويتطلب في الشاب عدة شروط مثالية منها أن يكون من أبناء الكنيسة وتقيا، ويشترط للالتحاق بالكلية الإكليريكية كما يقول القمص عبدالمسيح بسيط أستاذ اللاهوت الدفاعي بالكلية الإكليريكية إلي جانب الشهادات والأوراق الرسمية وتزكية الأسقف أو أب الاعتراف للطالب والتي يشهد فيها له بالتقوي وممارسة السرائر الكنسية والسيرة الحسنة.. وتزكية الأسقف عند الإقامة الداخلية والتي تؤكد علي الإلزام بالرسامة الحرة. ويقول الأب بسيط أن عدد الكليات الإكليريكية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية يبلغ نحو 10 كليات مدة الدراسة بها أربع سنوات.. وعند الكاثوليك تصل الدراسة إلي 9 سنوات يدرس فيها الطالب الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وتاريخ الكنيسة والألحان واللغة اليونانية واللغة القبطية وطقوس الكنيسة ولاهوت مقارن الذي يبحث في الفروق بين الطوائف المسيحية المختلفة ولاهوت عقيدي لشرح العقيدة المسيحية ولاهوت دفاعي للدفاع عن المسيحية ودين مقارن. وبالطبع فإنه لا توجد أي كلية إكليريكية تدرس إسلاميات، ولكن إن وجدت مادة دين مقارن فيتم فيها تدريس الأديان الوثنية التي كانت معاصرة للمسيحية ولا توجد أي دراسة للإسلاميات إلا في حالة واحدة فقط هي التقريب بين المسيحية والإسلام مثل دراسة المسيح في الإسلام أو الكتاب المقدس في الإسلام في إطار الدفاعيات وليس الهجوم علي الإسلام، فهذا لا يمكن أن يحدث وهناك جهات مسئولة تراقب ذلك. ويضيف الأب بسيط أنه ليس بالضرورة أن تتم سيامة خريجي كل الإكليريكيات ككهنة فالذي يدرس في الكلية بالأساس يريد أن يخدم الكنيسة من خلال التعمق في العلوم المسيحية فإذا رأت الكنيسة أنه يصلح للكهنوت يتم ترشيحه وإذا وافق عليه جميع الكهنة والشعب والخدام تتم سيامته. ولماذا يقوم بعض الأساقفة بسيامة شباب من غير خريجي الإكليريكيات؟ - هذا يرجع للأسقف ورؤيته لإمكانيات الشخص المرشح للكهنوت. هل هذا يعني أن الدراسة غير مهمة؟ - لا، الدراسة مهمة جداً، والقاعدة أن الذي تتم سيامته قسا هو خريج للإكليريكية، ولكن هناك استثناءات. هل تري أن كل من يرسم كاهنا مؤهل لذلك؟ - بطبيعة الحال ليس كل من يختار للكهنوت يكون مؤهلاً للقيام بالتعليم والممارسة الطقسية بالقدر الكافي، فهناك البعض مؤهلون لاهوتيا والبعض دراسيا والبعض للزيارات ومتابعة المرضي فالكنيسة تحتاج لهذا التنوع.