وزير النقل يتابع معدلات تنفيذ الخط الأول بشبكة القطار الكهربائي السريع    محافظ بورسعيد يبحث مع رئيس «تعمير سيناء» آخر مستجدات مشروعات التعاون المشتركة    وزيرة خارجية سلوفينيا: ما يحدث في رفح الفلسطينية انتهاك للقانون الإنساني الدولي    حماس تدين دعوة سيناتور أمريكي إلى قصف غزة بقنبلة نووية    حسام حسن يبرر موعد معسكر المنتخب ويرد على الأهلي    انطلاق امتحانات الصف الثاني الثانوي في كفر الشيخ غدا.. اعرف الجدول    ضبط دجال بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    عصام السقا ينضم لفيلم «ري ستارت» مع تامر حسني    سيرين خاص بطلة مسلسل «مليحة»: «المسلسل أظهر معاناة الشعب الفلسطيني»    فرقة التل الكبير تقدم موال على شط القنال على مسرح قصر ثقافة الإسماعيلية    المفتي لحجاج بيت الله: ادعو لمصر وأولي الأمر في البلاد ليعم الخير    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    انطلاق فعاليات المُلتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية    حجز إعادة محاكمة المتهم بتزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب للخارج للحكم    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    "قنديل" يستقبل وفدا من إيبارشية حلوان والمعصرة وتوابعهما    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه الروماني    السيسي يوجه رسالة عاجلة للمصريين بشأن المياه    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    شكري يبحث مع نظيره الأمريكي الأبعاد الإنسانية والأمنية للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح    لماذا سميت الأشهر الحرم بهذا الاسم؟.. الأزهر للفتوى يوضح    «التعليم» تنبه على الطلاب المصريين في الخارج بسرعة تحميل ملفات التقييم    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    هل ويست هام قادر على إيقاف مانشستر سيتي؟ رد ساخر من ديفيد مويس    تصفيات المونديال.. حكم كيني لمباراة مصر وبوركينا فاسو وسوداني لمواجهة غينيا بيساو    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    عاشور: جار إنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة بجميع أنحاء الجمهورية    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    إنشاء مراكز تميز لأمراض القلب والأورام ومكتبة قومية للأمراض    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام المصري ..إلي الداخل دُر!

مشكلتنا نحن الجزائريين أننا لا ننتمي إلي حضارة التضخم اللفظي التي أنتجها هؤلاء المصريون، وإلا فلنتصور لحظة لو أنه خرج من بين أضلعهم علماء بقامة البروفيسور الياس زرهوني، الذي ومن فرط ثقة واشنطن في كفاءته وأمانته عينته لتسيير صندوق للبحث العلمي لا تقل ميزانيته عن 47 مليار دولار، وبحجم البروفيسور محمد بناة الذي منحته اليابان رخصة خاصة للتدريس في جامعاتها، لأن القانون الياباني لا يسمح للأجانب بالتدريس فيها، رفقا بكم، لم نرحل بكم أبعد من تاريخنا المعاصر هذه بعض رموز أبناء وأحفاد حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وجميلة بوعزة وزهرة ظريف ووريدة مداد، فما هي رموزكم يا أحفاد أبناء سامية جمال وبرلنتي عبدالحميد وتحية كاريوكا وليلي مراد وفيفي عبده ونجوي فؤاد..
هذه بعض الكلمات التي جاءت في الصحف الجزائرية كتكملة لمسلسل الإساءة الذي نتعرض له بشكل مستمر علي صفحاتها بعد المباراة الأخيرة بين مصر والجزائر.. خطورة هذه الكلمات وغيرها من التوصيفات الفجة التي ننالها منهم مثل إننا بلد المليون راقصة، والسينما الهابطة التي لا ترقي إلي مستوي كان وغير ذلك من الإهانات.. يجعلنا ننظر إلي زاوية لم نهتم بالالتفات إليها ونحن نقيم الأزمة التي حدثت.. هل نتحمل نحن جزءا من المسئولية عن الصورة التي كونتها هذه الصحف عنا؟ هل يسيء اعلامنا الينا بدلا من أن يدافع عنا.
قبل ما يقرب من شهر علي هذه المباراة كان نور الشريف الذي هو بالمناسبة أحد أهم فنانينا نجم الصحف والقنوات التليفزيونية ليس علي سبيل الاحتفاء وإنما التشويه والتجريح.. وبعد ذلك بأسبوعين أصبحت القضية الشاغلة للرأي العام في مصر هي اتهامات السب والقذف المتبادلة بين مرتضي منصور وشوبير.. هل هذه هي النماذج والوقائع التي نقدمها؟ وإذا كان الأمر صحيحا؟ هل نتحمل إذن المسئولية عن تشويه صورتنا بأيدينا؟
بيدي لا بيد عمرو
الكثيرون يرون أن الجريمة التي يرتكبها في حقنا الإعلام المصري صحافة وتليفزيونا لها أكثر من بعد. البعد الأول له علاقة بطبيعة واجندة القضايا التي تتم مناقشتها طوال الوقت والتي تتسم في الغالب بقتامة حيث النظارة السوداء التي لا تري في مصر إلا السلبيات المبالغ في تضخيمها.. ناهيك عن أنه حتي علي الصعيد الثقافي والفني لا يهتم الإعلام إلا بتصدير أشباه وأنصاف الفنانين في حين يسيء إلي الرموز الحقيقية.. أما البعد الثاني فله علاقة بأن إعلامنا إلي حد ما منغلق علي نفسه ولا يخاطب إلا نفسه.. وبالتالي يتحمل مسئولية جهل الصحف الجزائرية بتاريخنا وإنجازاتنا المعاصرة وبإسهاماتنا الحقيقية في مجال الإبداع والثقافة.. عدد كبير من المثقفين يري أن إظهار مساوئنا وعيوبنا هو نوع من أنواع الواقعية والمصداقية وأنه خطوة علي طريق إصلاح المجتمع. في حين يري آخرون أننا لسنا مطالبين بتصدير الوجه السيئ لمصر إلي الخارج وأن هذا لا يصح علي الاطلاق، بالنسبة لي أري أن الأكثر منطقية هو أن نكون موضوعيين في تعاملنا مع صورتنا التي نقدمها للآخر أياً كان هذا الآخر بحيث لا تصبح قاتمة للغاية أو ساذجة بشكل مبالغ فيه.. هذه كانت كلمات الإعلامية سلمي الشماع وهي تحاول توصيف الأزمة الإعلامية.. في حين يعتبر محمد عبد المتعال مدير قناة الحياة أن الإعلام هو الذي يقدم لأي متلقٍ الصورة الذهنية عن الدولة التي يمثلها ولكن المعيار في النهاية هو كيف سيستقبل هذا المتلقي تلك الصورة؟ وبالتالي لا يجوز أن ألقي اللوم علي الإعلام المصري في هذه الجزئية لأن الطرف الآخر هو الذي تعامل مع ما نقدمه ولكن بسوء نية.. مشيرا إلي أن تركيزنا علي السلبيات أو معالجتنا لها لا يعني أن يتم استخدامها ضدنا بشكل مهين.
ولكن هذا ليس رأي الكاتبة فريدة الشوباشي التي تؤكد أنه طبعا هناك مبالغة في تشويه صورتنا في الصحف والإعلام بشكل عام، وها نحن في أول مواجهة بين الإعلاميين هنا وبين الإعلاميين الجزائريين انكشفنا، وهذا يطرح تساؤلا: كيف لدينا كل هذا الكم من البرامج والصحف ولم نقدر أن نقف أمام قناتين جزائريتين وعدة جرائد صغيرة، فنحن خسرنا معركتنا معهم، وبجانب إعلامهم فهم يوثقون ما يحدث مثلما وثقوا موضوع الاعتداءات التي حدثت علي الجمهور الجزائري هنا في مصر، وبعيداً عن أن التحقيقات نفت هذا، فنحن اكتفينا بالإعلام فقط ولم نوثق أي شيء.
بينما يعترف المفكر د. عبدالمنعم سعيد بأن إعلامنا يتحمل جزءا من المسئولية حيث يقول: أتفق تماماً مع الرأي القائل بأن الإعلام المصري شوه صورتنا تماماً، فتجد التجاوزات والتحريض بطريقة الهمز واللمز، وهناك تبنٍ للخطاب الاحتجاجي ومحاولة التشبه بقناة الجزيرة، فرأيي أنه يتحمل بالفعل جانبا من المسئولية.
رأي وموقف آخر مختلف تتبناه الإعلامية سناء منصور حين تقول: الإعلام هو شفافية ومصداقية ولكي يتحقق هذا فيما تقدمه للجمهور لابد أن تستغل الهامش المعقول من الحرية المتوافر لديك.. وبالتالي يمكنك أن تناقش كل أوضاعك، مشاكلك وسلبياتك علي المستوي المحلي دون أن يعلم أحد عنك شيئا ولكن المشكلة أننا أصبحنا في عصر السماوات المفتوحة وبالتالي الجميع يراقبك ويعرف عنك كل شيء.
وهنا يصبح السؤال: هل تستعمل حريتك وتعالج كافة شئونك الداخلية دون أن تعبأ بمعتوه يوجه إليك اتهامات مزاجية أم أن تغلق الباب علي المشاكل وتدعي أن الحياة جميلة وفي هذه الحالة أنت لا تستحق حريتك؟ أتصور أن العملية معقدة جدا.
أسباب الأزمة
نحن نعطي الفرصة لمن يريد أن يعلن عداوتنا بأن يجد لدينا ما لذ وطاب من السلبيات.. فنحن نشوه فنانينا ومثقفينا وبلدنا.. نسيء لعلاقاتنا السياسية مع غيرنا من الدول.. لا نعطي الحق أو المساحة الكافية للإنجازات السياسية، نخفي التطورات الإيجابية.. ناهيك عن استخدامنا غير المسئول أحيانا للحرية.. هكذا بدأ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام حديثه مشيرا إلي حقيقة مهمة جدا ألا وهي أنه عندما تهاجمنا أي دولة عربية تحاول الاستهزاء بفننا لأنه قمة نجاحنا وباتفاقيات السلام التي عقدناها لأنها تعبر عن قمة نجاحنا السياسي .لديهم غيرة من حالة الحرية التي تعتبر أعظم ما حدث في مصر خلال السنوات الأخيرة فهل انتبهنا نحن إلي حقائق كهذه..
برامج التوك شو تلعب دورا كبيرا في هذه الأزمة، ذلك ما أكده لنا بشير حسن رئيس التحرير الأسبق ل 90 دقيقة ورئيس التحرير الحالي ل 48 ساعة حيث اعترف بأن هناك برامج بالفعل تصدر للآخر صورة قبيحة عن مصر ولكن يمكنك القول أنه بدون قصد لسبب بسيط هو إن الإعلام أصبح من القوة التي تجعله قادرا علي محاسبة المسئولين الذين بدورهم أصبحوا يشاهدون المواطن من خلال برامج التوك شو.. أي أن هذه البرامج أصبحت عين الحكومة علي المواطن وبالتالي تبدأ مساحة السلبيات في الازدياد.
وحدث أنه في وقت من الأوقات أصبح سكان العشوائيات والمقابر هم أبطال الصورة الإعلامية المصرية مع الأخذ في الاعتبار أننا شعب عاطفي تثيره المآسي والدموع، وبمرور الوقت أصبحت هذه هي الصورة التي نقدمها طوال الوقت، وفجأة أصبح زني المحارم ومشاكل العشوائيات والفقر والبطالة هي فقط كل ما يعرفه العالم عن مصر .
الانفلات.. الانفلات
هل من الممكن أن يكون ما نعاني منه الآن هو نتيجة لهامش الحرية التي حصلت عليها الصحف والقنوات التليفزيونية؟ ببساطة شديدة هناك من يري أنه حتي إذا كانت هناك صورة سلبية يتم تقديمها من خلال التركيز علي السلبيات أو من خلال الممارسات الإعلامية التي تعتمد علي تشويه وإهانة الرموز فإن هذا نتيجة منطقية لحالة من الحرية الإعلامية لا تعيها دول عربية كثيرة من ضمنها الجزائر.
الكاتب والمفكر صلاح عيسي قال: الأسلوب الذي تتبعه بعض الصحف أو القنوات الخاصة في مصر ربما يفتقد الكثير من المهنية، ويعتمد علي معلومات ناقصة وإلقاء الضوء علي أشخاص في مصر ليس لهم مكانة ولكن مع الممارسة الإعلامية سوف تختفي هذه الأخطاء نتيجة لأن مفهوم الحرية مازال جديدا علينا حيث إننا لم نعرف حرية الإعلام إلا من 5 سنوات وعندما نقوم بممارسة حرية الصحافة والإعلام يقوم الآخر باقتناص العبارات مع أنهم لا يتمتعون بهذه الحرية الإعلامية.
أسامة سرايا عبر تقريبا عن نفس وجهة النظر حين قال: عندما خرجنا من حالة الكبت التي عشناها استخدمنا حالة الحرية ضدنا وحولناها إلي شيء سلبي يعطي صورة مشوهة عنا تجعلهم يهاجموننا بها.
بينما تري الإعلامية سناء منصور أن الحل للخروج من هذا المأزق هو ليس مهما ما قاله الجزائريون.. علينا ألا ننتبه إليهم وأن نركز مجهوداتنا أكثر علي الشأن الداخلي. علينا أن نواصل ما نفعله ولا أقصد هنا الممارسات التي تعبر عن حالة انفلات إعلامي أو مبالغة في تشويه الحقائق ولا أقصد أيضا الإهانات المخجلة التي توجه إلي الوزراء أو حملات التشويه التي يتعرض لها مثقفون وفنانون لهم حجمهم.. وإنما أقصد الشفافية في عرض المشكلات وتقديمها واستغلال الحرية التي أصبحت موجودة دون مزايدة.
إلي الداخل
في سياق عرضها لوجهة نظرها أشارت الكاتبة فريدة الشوباشي إلي شيء شديد الأهمية وهو أن الإعلام لدينا يكلم نفسه ويكلمنا، فأنت حينما تشاهد قناة الجزيرة مثلاً ستعرف ما يحدث في العالم، وإعلامنا لا يُقدم سوي ما يحدث هنا فقط، هذا بجانب السينما التي تتواطأ مع الصُحف والإعلام، فحين يظهر محمد سعد في دور اللمبي، يعطي انطباعا سيئا ليس فقط عن مستوي السينما المصرية وإنما أيضا عن صورة الشباب المصري التي شوهها الفيلم.
نفس المنطق يدعمه محمد عبدالمتعال مدير قناة الحياة حين يقول :خطأ الإعلام المصري يصب في موضع آخر.. وهو أنه لا يخاطب هذه الشعوب نهائيا.. لا دول المغرب العربي أو حتي دول الخليج.. إعلامنا منغلق علي نفسه ولا يخاطب الآخر علي الإطلاق .
قناة الجزيرة علي سبيل المثال التي نهاجمها طوال الوقت انتبهت مبكرا وأطلقت بثا يوميا لمدة 3 ساعات منذ 4 سنوات يخاطب فقط دول المغرب العربي، وبالتالي كانت النتيجة أنهم نجحوا في الوصول إليهم وفي خلق نوع من التواصل مع الجمهور هناك، الأمر الذي مكنهم من لعب دور البطولة في أزمة كنا نحن طرفا فيها . الأزمة بالنسبة ل محمد عبد المتعال هي أن صناع الإعلام في مصر أصبحوا يتعاملون مع الإعلام علي أنه بيزنس، وبالتالي لم يعودوا يخاطبون سوي المتلقي المصري. لأن سوق الإعلانات تفرض قوانينها علي الجميع.
أصبحت لا أكلم إلا نفسي وفقدت دوري كإعلامي ومفكر وأصبحت أتعامل مع دوري علي أنه بيزنس.
الآن الجزيرة تستثمر في شيئين أساسيين الرياضة والسياسة.. لأنها تعلم أنهما الأكثر تحكما في مسار الشعوب.. وبعد صفقة الإيه آر تي ستصبح الجزيرة هي المهيمن الوحيد في الرياضة وفي السياسة في الوقت الذي يدخل الوزير معنا في منافسة علي إذاعة المباراة.
ويعود عبد المتعال ليشير إلي أن الخطيئة الحقيقية هي تلك التي يرتكبها الإعلام الحكومي الذي لم ينتبه إلي أن الجزيرة تدشن الآن قناة تقدم بثا باللغة التركية لأنها تعي جيدا خطورة الدور الذي تلعبه في الشرق الأوسط.
ليس دور وزارة الإعلام أن تحول التليفزيون الرسمي إلي تليفزيون تجاري يحارب الفضائيات الخاصة.. دور الإعلام الرسمي هو أن يخاطب هذا الآخر بآليات علمية ومنهجية.. هذا هو دور التليفزيون المصري مثلما هو دور البي بي سي مثلا وليس ما يفعله... أذكر أننا ظللنا في سنوات طويلة نعتمد تجربة الإذاعات الموجهة التي كانت تخاطب جميع المناطق بما فيها دول حوض النيل، ولكن أين هذه التجربة الآن؟
الإعلامية سناء منصور ترد علي تساؤلات عبد المتعال قائلة: نعم كان لدينا ريادة ولكن من قال لك أنهم يريدونك أن تخاطبهم من الأساس؟.. ثم من قال إني أهتم بأن نخاطبهم.. بالعكس هذه فرصتنا قد جاءت لكي نصلح أنفسنا..
لست أكفر بالقومية العربية ولكن الحقيقة هي أنه الآن ينظر إليك علي أنك الذي تحتاج إليه.. اتفطم ولم يعد في حاجة إليك.. وبالتالي الحل هو أن تفرض نفسك علي المنطقة العربية بتعليمك وإعلامك وثقافتك.. أنا مع أن يخاطب الإعلام الداخل وليس الخارج.. نريد إصلاحا اجتماعيا حقيقيا.. نريد للخيام التغيير.. نريد تطورا إيجابيا.
وجهة نظر سناء منصور لم تكن هي وجهة نظر الكثيرين، فسلمي الشماع تري أنه لابد أن تكون هناك برامج مفتوحة علي الدول الأخري ولابد أن تتحول الفضائية المصرية لتصبح معادلا مصريا لتجربة ال TV5 الفرنسية التي تقدم فرنسا للآخر بما يتفق معه.
أسامة سرايا هو الآخر يقول: إن الصحف القومية متوازنة في تغطياتها ما بين المحلي والإقليمي وكذلك القنوات الرئيسية ولكن المشكلة في الصحف والقنوات الخاصة.. المستغرقة للغاية في المحلية. ليس لدينا برنامج ناجح يستطيع منافسة تجارب مثل الجزيرة والعربية .
وهذا خطأ استراتيجي كبير لأن مؤسساتنا الإعلامية لابد أن تصل للناس في جميع المناطق.
وبالتالي يظل السؤال بلا إجابة محددة.. هل أزمتنا هي المبالغة في تشويه الحقائق وفي تلك الحالة يصبح الحل كما يراه أسامة سرايا هو أنه لكي نتجاوز هذه الأزمة وغيرها من الأزمات المشابهة علينا أن نعطي صورة عن الوضع الحقيقي في مصر.. عن درجة التطور السياسي والاجتماعي في مصر الآن، وعن التطور التشريعي الذي تشهده. أم أن الحل هو مخاطبة الآخر كما يري محمد عبد المتعال والتوجه إلي تلك المناطق العربية التي لا تعرف عنا شيئا مثلما قال د.عبد المنعم سعيد: الجهل بالآخر هو المشكلة، فالجزائر بالنسبة لنا مازالت جزائر الستينيات ونفس الشيء بالنسبة لهم.. أو أن يكون الحل كما تراه الإعلامية سناء منصور حين تساءلت: لماذا لا نستغل حالة المد الوطني التي أفرزتها هذه الأزمة وأستغل دوري كإعلامي في جمع الشباب حول مشروع قومي واحد.. هذه الشركات التي أنفقت ما لا يقل عن 800 ألف جنيه علي لافتات تعلن حب مصر، لماذا لا تمنح هذه الأموال لمشاريع حقيقية مثل تنظيف القاهرة مثلا.. فهذا هو الشيء الذي لابد أن يشغلني الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.