إعادة تعيين قائد شرطة جامعة كاليفورنيا بعد هجوم على طلاب مناصرين للفلسطينيين    من حضر مراسم تأبين الرئيس الإيراني في طهران من الوفود الدبلوماسية العربية والدولية؟    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    شاب يطعن شقيقته بخنجر خلال بث مباشر على "الانستجرام"    ناقد رياضي: الأهلي قادر على تجاوز الترجي لهذا السبب    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    موعد مباراة الزمالك وفيوتشر اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة    سيارة الشعب.. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيها    برقم الجلوس والاسم، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة بورسعيد    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 23 مايو 2024    إحدى الناجيات من حادث «معدية أبو غالب» تروي تفاصيل جديدة عن المتسبب في الكارثة (فيديو)    ارتفاع عدد الشهداء في جنين إلى 11 بعد استشهاد طفل فلسطيني    رئيس الزمالك: شيكابالا قائد وأسطورة ونحضر لما بعد اعتزاله    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    الإعلان الأوروبى الثلاثى.. ضربة جديدة للأوهام الصهيونية    محافظ بورسعيد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.1%    ضبط دقيق بلدي مدعم "بماكينة طحين" قبل تدويرها في كفر الشيخ    والدة سائق سيارة حادث غرق معدية أبو غالب: ابني دافع عن شرف البنات    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    قبل ساعات من اجتماع «المركزي».. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    الزمالك يُعلن بشرى سارة لجماهيره بشأن مصير جوميز (فيديو)    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    الداخلية السعودية تمنع دخول مكة المكرمة لمن يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    حظك اليوم| برج الحوت الخميس 23 مايو.. «كن جدياً في علاقاتك»    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارة السمراء لاتزال تحترق!


استكشاف الحقيقة المرة
عندما قرأت خطاب السيد محمد حسنى مبارك - رئيس جمهورية مصر العربية - الذى ألقى فى المؤتمر الاستثنائى للاتحاد الأفريقى الذى انعقد فى كمبالا عاصمة أوغندة قبل أيام، وهو يشتكى من مصاعب الهجرة الداخلية للأفارقة لمصر، قلت لنفسى: أعانك الله يا مصر.. ألا يكفيك ما لديك من المشكلات.. حتى تقتحمك مشكلات أخرى؟! وتذكرت ما كانت تروج له الصحافة العربية، وصحافة مصر بالذات قبل نصف قرن.. أيام حركات التحرر ووقوف العالم الثالث إلى جانب أفريقيا بكل ثقل سياسى ومالى وإعلامى! كنا قبل قرابة أربعين سنة، ونحن الشباب فى مقتبل العمر، نقرأ فى الصحف والمجلات، ونسمع فى الراديو والإذاعات خطبا ومقالات يكتبها ويذيعها رؤساء وإعلاميون وكتبة ومثقفون كلها توهمنا أن المستقبل القريب هو للقارة السمراء.. قرأت ذات يوم فى جريدة مصرية شهيرة وبقلم أحد يدعى أنه إمبراطور الصحافة العربية أن القرن القادم ويقصد به القرن الحادى والعشرين سيكون من نصيب عظمة القارة السمراء التى ستتفوق على العالم كله من خلال انتصار حركات التحرر فيها وسعيها الحثيث للتخلص من الاستعمار والتخلف!
كنا نصدق الأقوال والأوهام تلك، بل استحدثت فى جامعاتنا العربية مادة دراسية فى كليات الآداب عنوانها حركات التحرر، تنصب أغلب مادتها على أفريقيا، ويتغزل الأساتذة والمثقفون سواء كانوا من الماركسيين أو القوميين أو الناصريين العرب بتلك القارة السمراء ممشوقة القوام والتى ستنهض من كبوتها قريبا لتتقدم على كل العالم!
هل من إعادة للتفكير؟!
كان ذلك كله حلما جميلا فى أن نرى كلا من شعوب قارتى آسيا وأفريقيا سيكون لها شأن عظيم فى القرن الواحد والعشرين، وإذا كانت آسيا قارة عريقة ومتنوعة بثقافاتها وحضاراتها وثقلها السكانى ومواردها الأساسية، فإن أفريقيا لا يمكن أن تضاهى آسيا، ولكن كانت تلك الدعايات مجرد أوهام يزرعها كل من كان يلحق بهذا الطرف أو ذاك من قوى الحرب الباردة فى العالم، ولمصلحة هذا الطرف أو ذاك من إعصار ذلك الزمن الكاذب! وإذا كان العقلاء اليوم يعيدون التفكير فيما كان وما كان يجرى مقارنتة بما هو حاصل اليوم علي أرض الواقع، فسيكون صاحب رأى سديد بإعادة تقويم التفكير من جديد، ولكن المشكلة فى اثنين لا ثالث لهما أولهما أن تصر على أن ما كان يجرى من تجديف هو الحقيقة بذاتها، وثانيهما: أن تسكت وكأن دماغك مغسول ومعصور مائة مرة، وإن سئلت أجبت بأن الاستعمار هو السبب!
أفريقيا أكبر مسلخ بشرى فى التاريخ!
لقد رضخت شعوب أفريقيا لهيمنة استعمارية طويلة فى كل جزء من أجزائها ولأزمان طوال، وكانت أفريقيا السمراء مسرحا للنهب المنظم الذى لم يقتصر على مواردها الطبيعية وثرواتها الاقتصادية، بل طال حتى البشر.. واعتبرت أفريقيا أكبر مسلخ بشرى عانت منه شعوبها الأمرين على امتداد تاريخ طويل ليكونوا عبيدا وزنوجا واستخدمتهم كل القوى الاستعمارية التى هيمنت عليهم، وغدوا بضاعة فى أقذر سوق للنخاسة البشرية وكانوا يقاسون من الآلام والمكابدات المبرحة، بل اعتبرهم أدولف هتلر من أحط الكائنات البشرية فى أخس تصنيف عرقى للبشر.. صحيح أن الأفارقة الاستوائيين جنوب الصحراء لم يكونوا بأصحاب حضارات، ولكنهم من دون شك، كان لكل شعب من شعوبهم القبلية ثقافته وفولكلوريته مهما كانت بدائية.. وكان الأحرى بأولئك الذين أوهموا العالم بدعاياتهم أن أفريقيا ستتسلم مقاليد العالم فى القرن الواحد والعشرين، إدراكهم العميق لكل من الواقع والتاريخ وما ستنتجه الأيام مقارنة بشعوب أخرى مختلفة تماما عن الأفارقة.
العالم الثالث وحركات التحرر فى أفريقيا
لقد نجحت حركات التحرر الأفريقية من الاستعمار بفعل التأثيرات السياسية والإعلامية فى قلب مشروعات الحرب الباردة والصراع الذى كان يدور بين العالمين الاشتراكى والرأسمالى مع ظهور كتلة العالم الثالث التى تزعمها منذ الخمسينيات قادة ذلك المشروع الذى أُسْمى بحركات التحرر من الاستعمار، ومنهم: عبدالناصر ونهرو وتيتو وسوكارنو ومكاريوس.. أما الأشد تأثيرا فكان يتمثل فى قوة المنظومة الشيوعية ممثلة بالسوفييت والماويين وكاسترو وأسطورة جيفارا وكيم إيل سونج وهوشى منه وأنور خوجة.. إلخ، فضلا عن التأييد الساحق الذى كسبته تلك الحركات من القوى التقدمية فى العالم بما فيها تلك الموجودة فى غربى أوروبا. وفى أفريقيا السمراء باستثناء تجربة بن بيللا التحررية فى الجزائر وتجربة نيلسون مانديلا الإنسانية فى جنوب أفريقيا، فإن أغلب تجارب أفريقيا لا يمكنها أن تصل إلى مستويات نضالية عالية المستوى، خصوصا انتقال العالم بعد الحرب العالمية الثانية للتخلى عن الاستعمار القديم الكولونيالى عسكريا إلى الاستعمار الجديد + الإمبريالى سياسيا.. وأن تصفية الاستعمار لمستعمراته قد حان أوانها بضعف كل من بريطانيا وفرنسا، كى تحل الولايات المتحدة قوة عظمى فى العالم. إن أوضاع أفريقيا لم تتحسن فى أى يوم من الأيام، فلقد كانت ولم تزل مشروع نهب جغرافى منظم لقوى خفية ودول عديدة.. وهى تنتقل بأحوالها من سيئ إلى أسوأ! ولقد قامت إسرائيل ولم تزل بنقل كل اليهود الفلاشا من الأفارقة إلى إسرائيل لحمايتهم أولا، وتعزيز كيان إسرائيل ثانيا.. فى حين تعيش الدول الأفريقية فى حالات مرعبة من التناحرات والانقسامات سواء فى السودان المعرض للتجزئة، أو نيجيريا أو مالى وتشاد وصولا إلى بلدان غربى أفريقيا وانتقالا عبر أفريقيا الاستوائية إلى دول شرق القارة.
المساءلة التاريخية
الآن، علينا أن نسأل أولئك الذين أوهمونا كثيرا بأدوار أفريقيا السمراء عالميا.. وكذبوا على العالم كله وتكلموا من دون معرفتهم الحقيقية بما يمكن أن تغدو عليه الأحوال فى قارة كانت ولم تزل تأكلها التمزقات القبلية والمجاعات والبؤس والفقر والأمراض؟ ما الذى حدث بعد انتصارات حركات التحرر تلك؟ أين هى ثروات أفريقيا الضخمة على مدى خمسين سنة مرت، ونحن ندرك كم تمتلك أفريقيا من ثروات كالماس والبترول والمياه والغابات واللحوم.. إلخ ! لماذا عاشت شعوب أفريقيا السمراء ولم تزل تحت خط الفقر تنتهكها المجاعات والأمراض والأدران إلى حدود لا يتخيلها إنسان ! من الذى ساسها من القادة الطغاة والمجانين الذين أذكوا الصراعات والحروب الأهلية؟ ماذا فعلت منظمات عديدة تحدثت باسم أفريقيا مثل الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقى؟ لماذا تسجل فى أفريقيا أكبر نسبة فى العالم من الهجرة الداخلية وصلت اليوم إلى حدود 23 مليونا من البشر وهم يعانون من شظف العيش؟! ما الذى جعل المرأة الأفريقية ممتهنة ومباحة ومنتهكة وتعبث بها كل الكائنات؟! إذا كانت بعض دول أفريقيا قد مارست التجارب الديمقراطية، فأين نتائجها على أرض الواقع؟ لماذا لم تزل العديد من شعوب أفريقيا عرضة للانقسامات القبلية والصراعات المحلية.. إن تجربة رواندا المأساوية لا يمكن أن تمحوها الأيام أبدا! ما سر اختراق إسرائيل للعديد من دول أفريقيا السمراء التى كان لها تاريخ مشرف إبان حركات التحرر؟ لماذا بقيت أغلب مجتمعات أفريقيا السمراء غارقة بالتخلف وتعبث بها إرادات الآخرين؟ لماذا كانت دول أفريقيا ولم تزل تعيش على مساعدات الآخرين لها منذ أن تحررت حتى يومنا هذا؟! إذا كان الاستعمار قد مارس سلخا بشريا لزنوج أفريقيا منذ أزمان طوال..
واستخدمهم فى أعمال السخرة طوال أعمارهم، وتلك جريمة لا يمكن أن تغتفر.. فما الذى يجعل شبابا أفريقيا اليوم يمارس شتى الطرق غير المشروعة للهروب من أفريقيا السمراء إلى كل من أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية؟! لماذا كانت أغلب دول أفريقيا السمراء المتحررة تقف مع العرب وقضاياهم، عندما كان المال العربى يتدفق عليها.. وعندما انقطع ذلك المال، أصبحت القضايا العربية لا تهم حتى الأفارقة؟! وأسأل أيضا: لماذا تعانى اليوم دول عربية جنوبى البحر المتوسط قاطبة من هجرات ونزوح الأفارقة إليها بطرق غير شرعية، ومصر على رأس القائمة التى تستضيف قرابة 36 قومية من المهاجرين الأفارقة، وتتحمل رفقة بلدان عربية أخرى تداعيات الأحداث المرعبة التى تجتاح أفريقيا اليوم؟!
وأخيرا: ما الذى أقوله؟!
إن القارة السمراء بحاجة إلى استراتيجيات جديدة، وسياسات جديدة، ونظم جديدة.. لقد أصبحت الأدنى فى عالم الجنوب إزاء عالم الشمال. إن أفريقيا ينبغى لها إيجاد أى نوع من التعاون بين شعوبها، وأن تركن لإيجاد حلول حاسمة لمشاكلها الصعبة وانسحاقاتها المريرة.. وألا تبقى بضاعة رخيصة بأيدى الجهلاء، أو ميدان مساومات بين الدول الكبرى. إن منظماتها التى تشكلت منذ أربعين سنة مضت، لا تستطيع أن تقدم شيئا حتى اليوم، لا للدول ولا للمجتمعات.. فهل ستتغير الأوضاع شيئا فشيئا نحو الأفضل؟ هذا ما نأمل تحقيقه جميعا.؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.