جامعة بنها تحصد المراكز الأولى فى مهرجان إبداع ال12    «التضامن الاجتماعي» تقرر قيد جمعيتين بمحافظتي القاهرة والشرقية    الذهب يرتفع من أدنى مستوى في أسبوعين.. والأونصة تسجل 2342.73 دولار    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 27 -5-2024 في الدقهلية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزير الإسكان: تنفيذ حملات لإزالة مخالفات البناء في 4 مدن جديدة    ألمانيا: ندعم إعادة تفعيل بعثة الاتحاد الأوروبي في معبر رفح    مصر تدين القصف الإسرائيلي المتعمد لخيام النازحين فى رفح الفلسطينية    الليلة.. الاتحاد يواجه النصر في قمة الدوري السعودي    فيديو.. الأرصاد تُعدل توقعاتها لطقس اليوم: العظمى على القاهرة لن تصل إلى 40 درجة    «للوجه القبلي».. «السكة الحديد» تعلن مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى المبارك    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    عاجل:- توقعات بزيادة أسعار الأدوية قريبًا ومخاوف من نقص الدواء    خالد عبدالغفار : ندعم تشكيل لجنة عربية لدراسة وتقييم الوضع الصحي في قطاع غزة    الجزائر: نعتزم إعادة طرح ملف عضوية فلسطين أمام مجلس الأمن    فاتن حمامة تمثل باللغة العربية الفصحى أمام يوسف وهبي فى 7 صور نادرة    الزمالك أمام الاتحاد وختام الدوري السعودي.. تعرف على مواعيد مباريات اليوم    500 ألف جنيه مكافأة لكل لاعب بالأهلي بعد التتويج بدورى أبطال أفريقيا للمرة ال 12    مقتل وإصابة العشرات في 4 ولايات أمريكية جراء عواصف شديدة    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحان اللغة الفرنسية والحاسب الآلي بكفر الشيخ    500 متر من النيران.. حالتا اختناق في حريق مخزن خردة بإمبابة    "أوفر دوس" تكشف لغز جثة شاب في العجوزة    وزير الري يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مركز التدريب الإقليمى وجامعة بنها    جامعة القاهرة تحتضن ختام فعاليات مهرجان «إبداع 12»    مهرجان كان السينمائى 77 .. مصر تتصدر المشاركات العربية    عدا هذه السلعة.. هبوط حاد في أسعار السلع الأساسية اليوم 27-5-2024    بيان رسمي.. البترول تكشف: هل سحبت إيني سفينة الحفر من حقل ظهر؟    ميناء دمياط توقع مذكرة تفاهم مع "علوم الملاحة" ببني سويف لتعزيز التعاون    أول صورة لإحدى ضحاياه.. اعترافات جديدة صادمة ل"سفاح التجمع"    صباحك أوروبي.. موعد رحيل جوارديولا.. دياز مطلوب في إسبانيا.. وبديل كونتي    ستولتنبرج: الناتو يستعد للعب دورا أكبر بكثير في دعم أمن أوكرانيا    تعليق مفاجئ من وزير الكهرباء على تخفيف الأحمال    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الاثنين 27-5-2024 في البنوك    بعد قليل، نظر استئناف باقي المتهمين بقضية التوكيلات الشعبية المزورة    «كولر vs جوميز».. كيف ظهر الثنائي عقب التتويج الأفريقي؟    راهول كوهلي يكشف عن خضوعه لتجارب أداء فيلم The Fantastic Four    صحة الاسماعيلية تحيل عدداً من العاملين بوحدة أبو جريش للتحقيق ( صور)    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    ميدو: دونجا لاعب متميز وسيكون له دور مع المنتخب في الوقت القادم    الأزهر للفتوى يوضح سِن الأضحية    هبوط فروزينوني.. وإنتر ينهي موسمه بالتعادل مع فيرونا في الدوري الإيطالي    إحباط مخطط تاجر أسلحة لغسل 31 مليون جنيه بأسيوط    كولر: التحضير لمواجهة الترجي كان صعبا.. ولم أكن أعرف أن كريم فؤاد يستطيع تعويض معلول    أهمية ممارسة الرياضة اليومية.. لجسم وعقل أقوى وصحة أفضل    جيش الاحتلال يعلن اغتيال قياديين فى حركة حماس خلال هجوم على رفح الفلسطينية    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: عدم التصنيف القانوني للوافدين يمثل عبئا على الاقتصاد    علي جمعة يوضح معنى العمرة وحكمها وشروط وجوبها: آثارها عظيمة    «القاهرة الإخبارية»: دخول 123 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم    خبيرة: اللاجئون يكلفون الدولة اقتصاديا ونحتاج قواعد بيانات لهم دقيقة ومحدثة    بالتفاصيل.. تعرف على خطوات أداء مناسك الحج    رئيس جامعة المنصورة: أجرينا 1100 عملية بمركز زراعة الكبد ونسبة النجاح تصل ل98%    ماكرون: لم يكن لدى أوروبا هذا العدد من الأعداء كما هو الحال الآن    أوراق مزورة.. نقابة المحامين تكشف سر تأجيل القيد بالفترة الحالية    قطاع المتاحف: طريقة عرض الآثار بمعارض الخارج تتم من خلال لجان مشتركة    مفاجأة..أطعمة تغنيك عن تناول البيض واللحوم للحصول على البروتين    تعاون مشترك بين «قضايا الدولة» ومحافظة جنوب سيناء    "تطوير مناهج التعليم": تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالرحمن البيضانى: الثورة اليمنية بدأت فى روزاليوسف

استشهد خالى فى أحد جبال اليمن، وكان واحدا من القوات المصرية التى حاربت هناك - دفاعا عن ثورتها- وكلما تذكرت الأحاديث التى كانت تروى عن كرمه وهداياه وضحكته الشابة، اختلطت روائح البارود بالبخور.. والبن بالقات الحضرمى.. وتداخلت صور الجبال بملامح الوجوه اليمنية.
بعد أن اشتعلت منذ أسابيع المعارك بين الجيش والمتمردين الحوثيين زار صنعاء مؤخرا أحمد أبوالغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان، ونقلا رسالة دعم ومساندة من مصر للشعب والقيادة اليمنية فى مواجهة مختلف التحديات، ورحبت الأوساط السياسية هناك بنتائج هذه الزيارة.. وهدأت المعارك قليلا.
والتقيت بالسيد عبدالرحمن البيضانى - أول نائب لرئيس الجمهورية اليمنية بعد نجاح ثورتها عام ,.2691 ورئيس وزرائها الأسبق - وفاجأنى الرجل بأنه تولى بعض المناصب فى عهد الإمام أحمد وابنه البدر، وأنه مهد للثورة فى مجلة "روزاليوسف"، وأعلنها فى صوت العرب.. ووجدتنى أمام مشاهد التاريخ المتلاحقة من ظلام حكم الأئمة إلى تمرد الحوثيين الأخير.. وكان هذا الحوار:
ولدت فى القاهرة لأب يمنى وأم مصرية وعشت فيها حتى تخرجت فى الجامعة.. كيف كانت حياتك فى هذه المرحلة؟
- كنت متفرغا للدراسة حتى أعود إلى اليمن وأشارك فى نهضتها، وهو الهدف الوحيد الذى غرسه والدى فى صدرى، وعندما توفى إلى رحمةالله كنت طالبا فى المدرسة التجارية المتوسطة، وقررت دخول الجامعة فأعفانى ناظر مدرستى الأستاذ مصطفى حسن من نسبة الحضور، فنجحت فى الشهادتين الثقافة "الثانوية العامة" ودبلوم التجارة المتوسطة فى عام واحد "6491"، والتحقت بالجامعة، وكنت أدرس الحقوق صباحا وأدرس الفلسفة والعلوم الاجتماعية مساء فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وتخرجت فى كل منهما.
وصفت نظام الإمام أحمد بأنه ينتمى إلى القرون الوسطى ومع ذلك عملت معه وتوليت بعض المناصب.. كيف تفسر ذلك؟!
- كان الإمام أحمد رحمه الله يحكم اليمن فى إطار النظام الإمامى الذى سيطر على البلاد ألفا ومائة عام، وطبيعة هذا النظام هى الحرص على تخلف الشعب اليمنى وإبعاده عن الحضارة والعلم والتطور المستمر حتى يظل الشعب خاضعا لحكم الإمام الذى كان يدعى أنه يرى بنور الله وينطق بأحكامه باعتباره واحدا من نسل الرسول "ص".. وهذا منطق لا يمت لصحيح الإسلام بصلة، لذلك استمر تخلف اليمن خلال حكم الأئمة.. ومع ذلك عملت مع الإمام أحمد لأننى كنت أول يمنى يحصل على شهادة تخرج فى الجامعة.. وقبلها كان الإمام قد تفضل بإلحاقى ببعثة دراسية فى مصر، وبعد تخرجى أولانى شرف الإشراف عليها بعد أن عيننى مستشارا بالسفارة اليمنية بالقاهرة.. وكان أملى أن أنجح فى محاولة إقناع الإمام أحمد بالإصلاح حتى يرى الشعب بداية نور الحضارة الحديثة.. وكانت مجازفة انتهت إلى تشريدى فى الصحراء اليمنية لمطاردة الجراد ثم أصدر قرارا بسجنى، والأخطر أنه أصدر قرارا بإعدامى فهربت إلى مصر، وبدأت الدعوة العلنية إلى الثورة الجمهورية والقضاء على نظام الإمام.
قبلها عملت مع ابنه "البدر".. ثم خططت للإطاحة بحكمه.. كيف كان ذلك؟
- عدت إلى اليمن فور تخرجى فى كلية الحقوق عام ،0591 والتقيت لأول مرة بالإمام أحمد، ثم ابنه "البدر"، وكان شابا فى مثل عمرى، وكان يصارع أعمامه على ولاية العهد، وحاولت إقناعه بضرورة الإصلاح وعلاج مشاكل التخلف.. وشرحت له أن هذا الأمر يحتاج إلى خمسة أركان هى؛ تكوين جيش يفوق فى قوته القوى التى تعارض الإصلاح وتقف خلف أعمامه.. وتسليح هذا الجيش بالأسلحة الحديثة، ورصف طريق الحديدة - صنعاء "002 كم" حتى يمكن نقل الأسلحة الثقيلة إلى العاصمة.. وبناء ميناء متطور فى الحديدة لأن الميناء الذى كان موجودا وقتها كان مجرد "عشش" وبدون رصيف ملاحى، وكانت السفن تقف على بعد 002 متر من الشاطئ وتقوم القوارب الصغيرة بنقل الركاب والبضائع بالقرب من البر، ويقوم الحمالون بنقلها على الأكتاف إلى رمال الشاطئ.. وقلت للبدر إن على الإصلاحيين أن يحاولوا إقناع مصر بدعم الخطوات الإصلاحية التى سيقوم بها البدر فى اليمن، وبأن توفر لنا إذاعة لنشر الأفكار الإصلاحية التى نتفق عليها مع البدر.. المذهل أن البدر أثناء سفر والده إلى روما للعلاج - وكنت مرافقا له - أعلن عن تشكيل أول مجلس نيابى فى اليمن برئاسة أحد العلماء البارزين، لكنه ليس من الهاشميين الذين يتولون المناصب القيادية عادة فى النظام الإمامى.. فعلم بذلك والده وهو فى روما فثار ثورة شديدة وأمرنى بالعودة معه إلى اليمن وعيننى رئيسا لمحكمة تصدر أحكاما رادعة على الغوغاء الذين أيدوا البدر وأثاروا غضب أعمامه فثاروا عليه.. فاستأذنت للسفر إلى ألمانيا لحزم أمتعتى، حيث كنت أعمل بالسفارة اليمنية هناك.. وفى بون اكتشفت إصابتى بمرض السكر فأرسلت للإمام أحمد أطلب مهلة قصيرة للعلاج قبل العودة إلى اليمن.. فتصور أننى أدعى المرض فنقلنى سفيرا فى الخرطوم.. وكان البدر قد أعد حشدا هائلا من الجماهير لاستقبال والده فى الحديدة.. وبمجرد وصوله قام الإمام أحمد بصفع ابنه البدر بقسوة عدة صفعات أمام الجماهير المحتشدة، وبدأ فى هدم أول خطوة فى اتجاه تطور اليمن، وبدأ فى اغتيال العديد من الشخصيات الإصلاحية، وسجن أكثرهم، وظهر للناس أنه خرج عن وعيه حتى بدأ يتمرد عليه أفراد حرسه من قبيلة حاشد الأبية.. المهم أن الإمام أحمد استدعانى للعودة إلى اليمن بعد أيام من تقديم أوراق اعتمادى سفيرا لبلادى فى السودان.. ونصحنى الرئيس جمال عبدالناصر عن طريق السفير المصرى فى الخرطوم بعدم العودة إلى اليمن لأن معلومات وصلت إليه تفيد بأن الإمام ينوى قتلى بعد أن عرف بأن الإصلاحات التى بدأها البدر كانت بتحريض منى.. فشكرت الرئيس عبدالناصر وعدت إلى اليمن لألقى مصيرى.. وهناك فوجئت بأن الإمام قد أصدر قرارا بتعيينى ضابطا لمكافحة الجراد الصحراوى، وبدأت المشاكل.. واكتشفت بعد ذلك أن البدر أضعف من أن يقود عملية الإصلاح فى اليمن فصرفت النظر عنه.
ما أخطر عيوب نظام حكم الأئمة فى اليمن قبل ثورة 2691؟
- إنهم كانوا يعتمدون فى حكمهم على عزل الشعب عن العالم، وعلى عدم تعليمهم، وتأكيد تخلفهم، وتأجيج الصراعات بين القبائل، ونشر الفساد.. لذلك وبمجرد قيام الثورة عملنا على علاج هذه المشاكل، فمثلا أصدرت قرارا جمهوريا برفع مرتبات جميع رجال الجيش والشرطة وموظفى الدولة بمقدار ثلاثة أمثال، وتضمن القرار إعدام الراشى والمرتشى، على أن ينفذ هذا القرار من لحظة توقيعه ووقعته فى مؤتمر شعبى حضره مائة ألف مواطن.
كيف تصف دور مصر فى اليمن؟
- لايزال، وسيظل دور مصر فى اليمن فى ذاكرة معظم الشعب اليمنى.. وهم يذكرونه بجزيل الشكر والامتنان.. وسيظل هذا الدور شمسا ساطعة فى تاريخ اليمن، ويشهد على ذلك تمثال الجندى اليمنى المصرى المجهول المقام فى صنعاء شاهدا تاريخيا على أمجاد مصر فى اليمن.. ويجب أن أذكر أن الأخ الرئيس على عبدالله صالح قد أشاد منذ أيام بدور مصر فى اليمن، رغم أنه لم يعاصر هذا الدور.
هل تورط عبدالناصر فى اليمن وهل كنت سببا فى توريطه؟
- أنا لم أفعل ذلك، والإجابة عن هذا السؤال تدفعنى إلى العودة إلى ثلاثة آلاف سنة عندما رأى الفرعون المصرى رمسيس بثاقب نظره أن أمن مصر يبدأ من خليج عدن جنوبا إلى ساحل حيفا شمالا، فأرسل القوات المصرية إلى عدن لحماية أمن مصر.. وقد ثبتت هذه الأهمية فى عصرنا الحديث فى حرب مصر عام 3791 عندما أغلقت الجمهورية اليمنية خليج عدن فى وجه الملاحة الإسرائيلية كجزء من الخطة المصرية العسكرية التى انتهت والحمد لله بنصر أكتوبر العظيم، واستعادة مصر لجميع حقوقها وأراضيها، فهل تعتبر هذه النتيجة توريطا لمصر فى حرب اليمن؟!.. ؟ أنا لم أورط الرئيس عبدالناصر، ويكفينى هنا أن أذكر أن الفريق صلاح الحديدى قائد المخابرات الحربية المصرية فى ذلك الوقت وأثناء حرب اليمن نشر فى "روزاليوسف" يوم 9 يونيو 0891 مقالا أشار فيه إلى دور الاتحاد السوفيتى السابق فى توسيع دوائر القتال فى اليمن وزيادة عدد القوات المصرية المحاربة هناك، وللعلم أنا لم أكن أتحرك فى اليمن إلا بعد مشورة الرئيس جمال عبدالناصر.. وعند نجاح الثورة طلبت منه أن يرسل الضابط المسئول عن الشفرة الخاصة به، وفعلا أرسل معى النقيب - فى ذلك الوقت - المسئول عن شفرة الاتصال به إلى اليمن، وللعلم هو يشغل منصبا وزاريا فى الحكومة المصرية الحالية.. وكنت على اتصال مباشر ومستمر مع الرئيس جمال حتى لا يحدث بيننا سوء تفاهم كما حدث بين الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس عبدالكريم قاسم فى ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى خلاف عميق بين مصر والعراق أيامها.
ما قصة الدور الذى لعبته مجلة "روزاليوسف" فى الثورة اليمنية؟
- عندما اتفقت مع الرئيس عبدالناصر وبحضور الرئيس السادات على البدء فى الإعداد لقيام ثورة جمهورية فى اليمن سألنى الرئيس عبدالناصر: من هم أعضاء مجلس قيادة هذه الثورة؟!
فابتسمت طويلا، فسألنى الرئيس جمال: لماذا تبتسم؟ قلت له: إنه بدون تشبيه أو تمثيل هل انتظر سيدنا رسول الله "ص" أن يكتمل عدد كافٍ من الصحابة حتى يبدأ التبشير برسالته.. أم أنه بدأ التبشير ثم انضم إليه بعد ذلك الصحابة، لذلك دعنى يا سيادة الرئيس أبدأ بالتبشير بإصلاح اليمن والقيام بثورة جذرية جمهورية، فاقترح الرئيس السادات أن أكتب فى مجلة "روزاليوسف"، ووافق الرئيس عبدالناصر على ذلك، وفى اليوم التالى دعانى الرئيس السادات إلى بيته فى الهرم، وهناك وجدت عنده الأستاذ إحسان عبدالقدوس وقال له الرئيس السادات: لقد بدأنا ثورة مصر من مجلة "روزاليوسف" بمقالك عن الأسلحة الفاسدة، والآن سيبدأ الأخ البيضانى ثورة اليمن من "روزاليوسف".
وهكذا بدأت الدعوة العلنية للثورة فى اليمن فى "روزاليوسف" منذ يوم ،01/ 1/1691 وكنت أذيع هذه المقالات من إذاعة صوت العرب.
ما حكاية الابتزاز بالتمرد التى قامت بها بعض القبائل فى أعقاب نجاح الثورة اليمنية؟
- عندما قمنا بالثورة وأسقطنا نظام الأئمة كانت هناك جهات كثيرة عربية وأجنبية تحاول إجهاضها عن طريق إعطاء بعض القبائل مبالغ من المال، واضطرت الجهات المؤيدة للثورة إلى توزيع مبالغ لبعض القبائل التى كانت موالية للجمهورية.. وكنت معارضا لهذا الأسلوب.. لأننى كنت أذكر دائما ما سبق أن حدث بين الإمام أحمد وغريمه السنوسى الذى ادعى الإمامة فى غرب اليمن، وكان كل من الإمامين يدفع الأموال للقبائل الموالية له فى مزايدة مستمرة بينهما، حتى كانت أغلبية قبائل الطرفين تقول "اللهم احفظ الإمام إلى نصفه، والسنوسى إلى نصفه"، أى أن هذه القبائل كانت تريد استمرار الحرب إلى ما لا نهاية حتى يستمر تدفق الأموال عليها، وحاولت أن تستخدم هذا الأسلوب معنا فى بداية الثورة، ولكننا رفضناه.
هل تعتقد أن هذا الأسلوب مازال موجودا حتى الآن؟
- الأرجح أنه انتهى.
سمعت أن الحوثيين يطالبون بعودة النظام الإمامى فى اليمن.. هل هذا صحيح؟
- النظام الإمامى ظل يحكم اليمن ألفا ومائة عام حتى أسقطته الثورة اليمنية يوم 62 سبتمبر ،2691 ولن يعود لأن اليمن تطورت كثيرا الآن وعقارب الساعة لا تعود للوراء.
كيف يحصل المتمردون فى الشمال على السلاح الثقيل والتمويل لمعاركهم ضد الجيش اليمنى؟
- هذا السؤال يجب أن تبحث له الحكومة اليمنية عن إجابة، حتى هذه اللحظة نسمع أقوالا كثيرة، ولكن يجب أن تهتم الحكومة اليمنية ليس فقط بمعالجة الموقف الحالى - وهو تمرد الحوثيين - ولكن عليها أيضا أن تعرف الأسباب الحقيقية للمشكلة وعلاجها بهدف منع تكرار مثل هذه الأحداث مستقبلا، وعلى الحكومة الحالية أن تبحث عن مصادر تمويل هذا السلاح الثقيل ومصادر دخوله إلى اليمن، ومتى بدأ التدريب عليه، وقبل ذلك متى وصل إلى اليمن، وهكذا.
هل تراجع معدلات التنمية فى الشمال ووجود بعض قطاعات الشعب هناك والتى تعانى من الظلم كان دافعا للتمرد؟
- بلا جدال لو أن الحكومة اليمنية اهتمت بتحقيق الأهداف المبدئية للثورة اليمنية مثل تحقيق التنمية والحضارة والتطور والمساواة.. إلخ، صحيح أن الحكومة حققت بالفعل الكثير، لكن قطاعات من الشعب قد ترى أن ما تحقق غير كافٍ ويطلبون المزيد، وربما كان فى ذلك واحد من الأسباب وراء ظهور بعض دعاوى الانفصال فى الجنوب أو دعاوى العودة إلى النظام الإمامى، وعموما الإصلاح مسألة مستمرة وعملية لا تتوقف عند حد.
من حين إلى آخر نسمع عن مظاهرات فى الجنوب وتمرد فى الشمال، وقبل كل هذا سمعنا عن تفجيرات قام بها تنظيم "القاعدة" فى اليمن.. ما رأيك فى هذا؟
- بالنسبة لتنظيم "القاعدة" هذا لا نتكلم فيه لأنه موضوع خطأ من جانب "القاعدة"، وكل ما تقوم به ليس له هدف إلا النكاية فى الولايات المتحدة.. والإسلام من هذا برىء، أما بالنسبة لأعمال التمرد المتكررة فهى تشير إلى أن هناك ثغرات فى أسلوب الحكم وليس فى نظام الحكم، أى أنه لا يدار بالطريقة المثلى التى تقنع الشعب اليمنى بأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان.
هل ما يحدث فى اليمن مشاكل قبائل أم مشاكل طوائف أم مشاكل تنمية؟
- بالنسبة لتمرد الحوثيين فهى مشكلة طوائف.. وبالنسبة لبقية من رفعوا شعارات الخصومة مع الدولة فهى فى حاجة إلى نظرة من الحكومة للثغرات فى أسلوب الحكم ومحاولة سدها.
هل للقبائل دور فى السياسة وهل يعتمد عليها نظام الحكم فى اليمن؟
- إلى حد ما يحدث هذا لأن القبائل هناك لها وزنها ولها أسلوب مؤثر فى الشعب اليمنى، والمفروض أن أسلوب الحكم الجمهورى يساوى بين الجميع، ويعطى كل ذى حق حقه، وينهض بالشعب اليمنى من كل النواحى الاقتصادية والتعليمية والتنموية والمستقبلية.
هل تعتقد أن الشباب اليمنى اليوم سعيد بالأوضاع السائدة فى بلاده؟
- الشباب هناك فعلا سعيد بالثورة ،لأنها أوجدتهم على طريق النهضة، وإذا كانت قد حدثت بعض الثغرات فهذا موضوع آخر، وقد جاءنى عدد من الطلاب اليمنيين الذين حصلوا على درجة الدكتوراة وقالوا لى لماذا قمتم بالثورة؟!.. كنتم تركتمونا نأكل كتل الخبز فى عهد الظلام الإمامى، ونحن لا نفهم ما يحدث حولنا فى العالم، قلت لهم هذا الكلام لا يزعجنى بالعكس يسعدنى أن تقولوا هذا الكلام الغاضب، وقلت لهم يا إخوانى يكفى أننا نجحنا فى إيجاد جيل يتساءل: لماذا لا ننهض مثل بقية دول العالم.. والنهضة تبدأ بالتساؤل.. والعلوم كلها محاولة للإجابة عن التساؤلات، وقبل ثورة 2691 لم يكن فى اليمن عدد كافٍ ممن يطرحون الأسئلة.. فالسؤال دافع للتنمية والتقدم لأنه يبحث عن العقبات التى تعترض طريق النهضة ويبحث عن وسائل إزالة هذه العقبات.
هناك تقارير صحفية تتحدث عن تخلف بعض العادات فى اليمن.. مثلا لا يزال تناول اليمنيين للقات مستمرا.. ما رأيك فى هذا؟
- عندما قامت الثورة طرحت علينا فكرة أن نتخذ قرارا بمنع القات فوجدنا أن هذا غير مجدٍ، لأنه يجب أن نبحث أولا عن الأسباب التى تدعو الناس إلى تناول القات، فبحثنا وعرفنا أنه الفراغ، يعنى الرجل اليمنى بعد عودته من العمل ظهرا لا يجد ما يفعله، حيث لا توجد مسارح ودور سينما أو نواد ثقافية أو رياضية ولا حتى عمل إضافى، فيجلس مع زملائه بعد الظهر ليتناولوا القات.. وهو نبات يسبب نشوة وقتية، وهو منبه قوى يضعف عضلة القلب ومضر بالصحة بصفة عامة، لكنهم اعتادوا عليه، لذلك فإن علاج مشكلة القات هى إنشاء نواد رياضية وثقافية.. وأعمال تشغل وقت فراغ الناس.
فى النهاية كيف يمكن وقف القتال بين القوات اليمنية والحوثيين؟
- من الخطأ أن تقبل الحكومة الوساطة مع المتمردين ضدها، والمفروض أن هذه لا تنتهى إلا باستسلام المتمردين على نظام الدولة، وأدعو الله أن يوفق الأخ الرئيس على عبدالله صالح فى معالجة الثغرات التى أصابت بعض قواعد النظام الجمهورى اليمنى أى قواعد النهضة والالتزام بالعدالة والمساواة، أما المتمردون الحوثيون فلا سبيل أمامهم إلا العودة إلى صحيح الدين والعقل والقانون.. حتى يستسلموا لقيادة الجمهورية.. ويعلم الحوثيون أن فى وسع أى منهم أن يرشح نفسه حتى على منصب رئيس الجمهورية، حيث لا يمنع الدستور ذلك فى إطار العدالة والمساواة التى قامت ثورة اليمن من أجل تحقيقها وساعدتنا مصر بالغالى والنفيس من أجل دعم الثورة وسجلت مصر بذلك أزهى صفحات التاريخ العربى والإسلامى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.