جامعة قناة السويس تشارك في الملتقى الافتراضي الخامس للتواصل والتفاعل مع أصحاب الأعمال    رئيس "سلامة الغذاء" يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى 42 لعيد تحرير سيناء    سعر الذهب اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 وعيار 21 بالمصنعية بعد ارتفاع المعدن الأصفر (التفاصيل)    توريد 22455 طن قمح في كفرالشيخ حتى الآن    مسجلة 1.2مليار دولار.. "الصادرات الهندسية" تحقق أعلى رقم في تاريخها خلال الربع الأول من 2024    نائب وزير الإسكان يفتتح معرض إدارة الأصول في نسخته الخامسة    صفارات الإنذار تدوي بعدد من مستوطنات الجليل الأحمر شمال إسرائيل    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتزم نشر قوات جديدة في غزة    الأرصاد تنصح المواطنين بشرب السوائل وارتداء غطاء للرأس    الحج في الإسلام: شروطه وحكمه ومقاصده    بسبب الحرب على غزة.. كل ما تحتاج معرفته عن احتجاجات الجامعات الأمريكية    تكذيبا للشائعات.. إمام عاشور يغازل الأهلي قبل لقاء مازيمبي بدوري الأبطال| شاهد    مروان عطية يصدم الأهلي قبل مواجهة مازيمبي الكونغولي    بعد عودة الشناوي.. تعرف على الحارس الأقرب لعرين الأهلي الفترة المقبلة    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24-4-2024 والقنوات الناقلة    "لا يرتقي للحدث".. أحمد حسام ميدو ينتقد حكام نهائي دوري أبطال آسيا    محفظة أقساط شركات التأمين تسجل 8.38 مليار جنيه خلال يناير 2024    قرار عاجل من التعليم بشأن الطلاب غير المسددين للمصروفات في المدارس الرياضية    الكونجرس الأمريكي يقر قانون حظر تيك توك    تفاصيل الحالة المرورية بالمحاور والميادين صباح الأربعاء 24 أبريل    اليوم.. استكمال محاكمة المتهمين باستدراج طبيب وقتله بالتجمع الخامس    مصرع مُسنة دهسا بالقطار في سوهاج    عاجل:- تطبيق قرار حظر الصيد في البحر الأحمر    «خيال الظل» يواجه تغيرات «الهوية»    طرح فيلم ANYONE BUT YOU على منصة نتفليكس    نجوم الغد .. أحمد ميدان: هذه نصيحة السقا وكريم لى    ريانة برناوي أول رائدة فضاء سعودية ضيفة «يحدث في مصر» الليلة    دعاء الحر الشديد.. 5 كلمات تعتقك من نار جهنم وتدخلك الجنة    تقديم خدمات طبية لأكثر من 600 مواطن بمختلف التخصصات خلال قافلتين بالبحيرة    رئيس هيئة الرعاية الصحية: خطة للارتقاء بمهارات الكوادر من العناصر البشرية    رئيس «المستشفيات التعليمية»: الهيئة إحدى المؤسسات الرائدة في مجال زراعة الكبد    تجديد منظومة التأمين الصحي الشامل للعاملين بقطاعي التعليم والمستشفيات الجامعية بسوهاج    فوز الدكتور محمد حساني بعضوية مجلس إدارة وكالة الدواء الأفريقية    8 مليارات دولار قيمة سلع مفرج عنها في 3 أسابيع من أبريل 2024.. رئيس الوزراء يؤكد العمل لاحتياط استراتيجي سلعي يسمح بتدخل الدولة في أي وقت    اليوم.. «خطة النواب» تناقش موازنة مصلحة الجمارك المصرية للعام المالي 2024/ 2025    متحدث "البنتاجون": سنباشر قريبا بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة    مفوض حقوق الإنسان أكد وحدة قادة العالم لحماية المحاصرين في رفح.. «الاستعلامات»: تحذيرات مصر المتكررة وصلت إسرائيل من كافة القنوات    تاريخ مميز 24-4-2024.. تعرف على حظك اليوم والأبراج الأكثر ربحًا للمال    4 نصائح مهمة من «مرفق الكهرباء» قبل شراء جهاز التكييف.. استشر فنيا متخصصا    الذكرى ال117 لتأسيس النادي الأهلي.. يا نسر عالي في الملاعب    الشيوخ الأمريكي يوافق على 95 مليار دولار مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا    دعاء العواصف والرياح.. الأزهر الشريف ينشر الكلمات المستحبة    تعرف على مدرب ورشة فن الإلقاء في الدورة ال17 للمهرجان القومي للمسرح؟    الصين تعارض إدراج تايوان في مشروع قانون مساعدات أقره الكونجرس الأمريكي    مصطفى الفقي: مصر ضلع مباشر قي القضية الفلسطينية    نتائج مباريات الأدوار من بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية PSA 2024    بعد وصفه بالزعيم الصغير .. من هم أحفاد عادل إمام؟ (تفاصيل)    بقيادة عمرو سلامة.. المتحدة تطلق أكبر تجارب أداء لاكتشاف الوجوه الجديدة (تفاصيل)    رئيس البنك الأهلي: «الكيمياء مع اللاعبين السر وراء مغادرة حلمي طولان»    إصابة العروس ووفاة صديقتها.. زفة عروسين تتحول لجنازة في كفر الشيخ    ما حكم تحميل كتاب له حقوق ملكية من الانترنت بدون مقابل؟ الأزهر يجيب    ‏هل الطلاق الشفهي يقع.. أزهري يجيب    بالأسماء.. محافظ كفر الشيخ يصدر حركة تنقلات بين رؤساء القرى في بيلا    تعيين أحمد بدرة مساعدًا لرئيس حزب العدل لتنمية الصعيد    الأزهر يجري تعديلات في مواعيد امتحانات صفوف النقل بالمرحلة الثانوية    تونس.. قرار بإطلاق اسم غزة على جامع بكل ولاية    فريد زهران: دعوة الرئيس للحوار الوطني ساهمت في حدوث انفراجة بالعمل السياسي    أجمل مسجات تهنئة شم النسيم 2024 للاصدقاء والعائلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قائمة مرتبات رؤساء البنوك فى مصر اكبرها 33 مليون جنيه سنوياً
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 03 - 10 - 2009

يمثل منصب رئيس البنك موقعا مميزا ومؤثرا للغاية، فهو يحدد مستقبل المؤسسة، ومع أساس كفاءته المهنية يمكن أن يحقق البنك أرباحا أو خسائر. وكل من يحاول الاقتراب من ملف أجور ومرتبات رؤساء البنوك يصبح كمن يمشى على الأشواك أو كمن يضرب أخماسافىً أسداس!
فمرتبات رؤساء البنوك يفرض حولها سياج من حديد لا يستطيع أحد اختراقه لدرجة أن البعض ممن سألناهم اعتبرها كالأسرار العسكرية التى يستحيل فك طلاسمها أو الخوض فيها علانية خوفا من الحسد أو مراعاة للحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد أو خشية تكدير السلام الاجتماعى!
مرتبات رؤساء البنوك قفزت خلال السنوات الخمس الماضية قفزات هائلة لتتضاعف نحو خمس مرات لتصل إلى درجة أن أحد رؤساء البنوك بلغ راتبه الصافى فقط 33 مليون جنيه سنويا، وهذا هو الحد الأقصى للمرتبات التى توصلنا لها، أما الأدنى فيقدر بنحو 3 ملايين جنيه للبنوك الصغيرة.. بخلاف ما يتقاضونه من أوعية أخرى كنسبة من الأرباح أو بدلات مجالس الإدارات أو بدلات اللجان سواء كانت سياسات أو داخلية والمكافآت.. وغيرها، هذه الطفرة حدثت بعد دخول البنوك العالمية والخليجية للعمل فى السوق المصرية لتفتح خزائنها وتشعل المنافسة وتقلب موازين الأجور وتغدق الأموال على الكفاءات الوطنية لتغريها بالعمل لديها.. فالكفاءة الوطنية مهما حصلت على راتب فهو أرخص لها لو أنها استعانت بقيادات من الخارج حتى ولو كان مصريا.. لتظهر عمليات الخطف بالمال بين البنوك التى لديها خطط توسعية فى السوق المصرية التى أصبحت جاذبة للاستثمارات الخارجية.
أصحاب السعادة
الأمر شائك وسط أجواء تعانى فيها باقى قطاعات الدولة من قلة الدخول وضيق ذات اليد، وبعضها يطالب الحكومة بكوادر خاصة لزيادة مرتباتهم فى محاولة منهم للحاق بالقفزات المتتالية فى أسعار السلع الغذائية والخدمية!
لكن يبدو أن الرياح ستأتى بما لا يشتهى أصحاب السعادة من رؤساء البنوك بعد أن أعلنت معظم دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على المرتبات الضخمة والمبالغ فيها لرؤساء البنوك وهو ما جعلنا نحاول رصد مجريات الأمور داخل الجهاز المصرفى المصرى دون الإساءة إلى أحد أو أن يعتبرها البعض تدخلا فى أسرارهم الخاصة.. مع العلم بأن مرتبات رؤساء البنوك المصريين لا تقارن إطلاقا بمرتبات رؤساء البنوك الأجانب.
مجلس الاحتياط الاتحادى "البنك المركزى الأمريكى" أعلن أنه يدرس حاليا إصدار قانون يعطى لمجلس الاحتياط حق التدخل فى تحديد سياسات الأجور والمكافآت لقيادات البنوك وأنه سيحصل على صلاحية الموافقة أو الاعتراض على حزم الأجور والمكافآت التى يتقاضاها العاملون فى البنوك فى محاولة لكبح جماح مديرى البنوك فى اتخاذ قرارات تنطوى على مخاطر كبيرة طمعا فى مزيد من الأرباح والذى أدى فى النهاية إلى الأزمة المالية العالمية!
كما ناقش زعماء وقادة قمة مجموعة الدول العشرين الكبرى التى استضافتها مدينة بيتسبرج الأمريكية الأسبوع الماضى قضية أجور كبار مسئولى البنوك وأوصوا بضرورة السيطرة على مرتبات وأجور وبدلات وعمولات مديرى البنوك وكذلك مكافآت التقاعد والمميزات المالية على أن يتم وضع سقف للأجور لا يتم تجاوزه بحيث يتم الربط بين كفاءة الأداء والإنجاز فضلا عن التدقيق فى مخاطر المنتجات المصرفية الجديدة وضبط أنظمة المصارف والبنوك وأكدوا أنهم لن يسمحوا بعودة الممارسات المصرفية السابقة التى أدت إلى الأزمة مرة أخرى والعمل على الارتقاء بمعايير رؤوس أموال البنوك وملاءمتها لما تمنحه من قروض!
تزامن هذا مع اعتراف "فيكرام بانديت" الرئيس التنفيذى لسيتى جروب بنك فى تصريحات صحفية أن ما كان يتقاضاه أحد قيادات سيتى من راتب يعادل 100 مليون دولار سنويا أجر ضخم ومبالغ فيه!
هذا يحدث فى الوقت الذى أخذ فيه البنك المركزى المصرى تأهبه واستعداداته لوضع ضوابط جديدة يتم بمقتضاها إخضاع رواتب القيادات وكل العاملين بالبنوك لرقابته المركزية.. هذه الضوابط تأتى فى إطار تنفيذ الإضافات التى أدخلها بنك التسويات الدولية ومفوضية المنظمة الدولية للأوراق المالية على مقررات بازل 2 بعد أن تبين لبنك التسويات أن هناك رؤساء ومديرين فى البنوك يتقاضون ملايين الدولارات فى ظل الأزمة المالية كما ربط بنك التسويات الدولية الحوافز والمكافآت التى تصرف للعاملين بالبنوك بمستوى العوائد أو المخاطر التى جلبها الموظف أو القيادى أو المسئول للبنك!
أجور وبدلات
خريطة مرتبات رؤساء البنوك فى مصر تختلف من بنك إلى آخر وفقا لنوع النشاط والترخيص ويخضع هذا لعدة تصنيفات أولها: هل البنك قطاع عام أم خاص أم مشترك أم أجنبى ثانيهما: هل نشاطه تجارى أم استثمارى وأعمال أم متخصص أم إسلامى؟ ثالثها: حجم الأعمال داخل السوق المصرية.
وإذا كانت الأرقام تشير إلى أن عدد البنوك العاملة فى مصر 39 بنكا فإن البنك الأهلى وبنك مصر وال CIB والقاهرة والإسكندرية تأتى على رأس القائمة من حيث النشاط والإيرادات واستحواذها على السوق المصرفية، ورغم هذا فإن مرتبات رؤسائها تأتى فى مراكز لاحقة لبنوك أخرى مثل المصرف العربى الدولى - البنك العربى الأفريقى الدولى وHSBC وباركليز وفروع المشرق العربى!
وتتراوح مرتبات رؤساء البنوك ما بين 120 ألف جنيه ومليون جنيه شهريا كمرتبات فقط بخلاف المميزات الأخرى من بدل حضور لجان داخلية ولجان سياسات والتى تتراوح قيمة الجلسة الواحدة فيها ما بين ألف و5 آلاف جنيه وأيضا بدل حضور اجتماعات مجالس الإدارات سواء داخل البنك أو خارجه حيث إن رئيس البنك يمكن أن يكون رئيسا أو عضوا فى شركات أخرى يساهم فيها البنك - وهذه تتراوح قيمة الجلسة الواحدة فيها ما بين ألف و5 آلاف دولار وفقا لنشاط الشركة وحجمها بخلاف المكافآت والمميزات الأخرى كالأرباح السنوية التى تقررها الجمعية العمومية للبنك وتتراوح نسبتها ما بين 5 و 10 ٪ !
كل من سألناهم من رؤساء البنوك عن راتبه اندهش من السؤال واعتبره تدخلا فى خصوصياته رافضا أن يفصح بشكل قاطع.. لكننا حاولنا الوصول - بشكل غير رسمى - إلى الأرقام بمساعدة عدد من المقربين ومعرفة حقيقة ما يتقاضاه رئيس البنك من راتب ليس حسدا أو فضح أسرار!
أرقام وحقائق
الأرقام الأقرب إلى الحقيقة توضح أن الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالى للمصرف العربى الدولى يتقاضى راتبا شهريا يقدر بنحو نصف مليون دولار يعنى حوالى 33 مليون جنيه فى السنة وأن حسن عبدالله رئيس البنك العربى الأفريقى الدولى مرتبه يصل لحوالى 18 مليون جنيه سنويا ثم يأتى بعدهما عبدالسلام الأنور رئيس بنك HSBC والذى يتقاضى حوالى 15 مليون جنيه سنويا بينما تتراوح أجور مجموعة تالية ما بين 7 و12 مليون جنيه سنويا، ثم ياسر إسماعيل حسن العضو المنتدب للبنك الوطنى المصرى والذى يتقاضى 6 ملايين جنيه سنويا فى الوقت الذى لا يزيد راتب والده إسماعيل حسن محافظ البنك المركزى الأسبق والرئيس الحالى لبنك مصر إيران على 120 ألف جنيه شهريا يعنى مليون جنيه سنويا بينما تتقاضى كل من نفين لطفى العضو المنتدب للبنك الوطنى للتنمية وأشرف الغمراوى العضو المنتدب لبنك التمويل المصرى السعودى "البركة مصر" حوالى 3 ملايين لكل منهما!
تنفيذ مخطط
المعلومات التى جمعناها تكشف عن أن أول من ابتكر فكرة زيادة أجور ومرتبات رؤساء البنوك فى مصر هو الدكتور عاطف عبيد عندما كان رئيسا للوزراء حيث أقنع عددا من الدول المانحة وخاصة الأوروبية والأمريكية بمساعدته على تنفيذ مخططه لتحسين الأداء فى القطاع المصرفى المصرى وتطويره واستطاع أن يحصل على التمويل اللازم وأوعز للوزيرة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى بتأسيس صندوق جديد لاستقبال المنح والهبات للصرف منها على مرتبات المستشارين والقيادات والخبراء الجدد الذين ستقع عليهم مهمة تطوير القطاع المصرفى وتمت تسمية هذا الصندوق باسم صندوق المعونة والتنمية "الأودة" وأول من استفاد من هذا الصندوق كان أحمد البردعى الرئيس السابق لبنك القاهرة!
وواجه هذا الصندوق اعتراض كل من يعملون فى بنوك القطاع العام وقتها لأنه فرق بين القيادات الجديدة والقديمة فى المرتبات دون أن يحسب معيار الكفاءة والأداء ثم توقف هذا الصندوق بعد أن ترك عبيد الوزارة!
لكن الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى لم يفوت الفرصة عملا بمبدأ مراعاة المنافسة، وراح يفكر فى عمل آخر لرفع المرتبات مع بداية خطته للإصلاح المالى والمصرفى التى بدأها فى 2004 وكجزء من خطة الإصلاح ابتكر صندوقا آخر أسماه صندوق الأداء المصرفى للصرف منه على الزيادة المقترحة لرؤساء البنوك والمستشارين وحصل على تمويل هذا الصندوق من أرباح البنوك التجارية العامة فقط بخصم 5 ٪ من أرباحها كل سنة! ورغم اعتراض الجهاز المركزى للمحاسبات على هذه الصيغة للصندوق والصرف منه إلا أنه لم يملك حلا من جانبه!
وهنا يوضح أحمد آدم الباحث المصرفى أننا لم نر هذه المرتبات المبالغ فيها والتى تتجاوز حدود مرتبات كل العاملين فى مصر إلا مع وصول البنوك الأجنبية والخليجية للعمل فى مصر، الأمر الذى جعلها تحدث تفاوتا رهيبا فى المرتبات والأجور وتشعل المنافسة مقارنة مع مرتبات البنوك العامة "الأهلى ومصر والقاهرة" أو الخاصة ذات رأس المال الوطنى أو المتخصصة مثل البنوك الزراعية والعقارية وتنمية الصادرات والتنمية الصناعية.. وكان هذا سببا رئيسياً فى هجرة الكوادر من هذه البنوك إلى البنوك العربية والأجنبية بخلاف المتغير الجديد الذى طرأ على السوق ويتمثل فى قيام البنك المركزى بخصخصة إدارة البنوك العامة مثل الأهلى ومصر والقاهرة بمعنى استجلاب إدارة جديدة لهذه البنوك من بنوك أخرى!
هذه الإدارات الجديدة كما يقول "آدم" مرتباتهم عالية جدا وتفوق بكثير رواتب سابقيها، وهو الأمر الذى أحدث فرقة وجعل العاملين بالبنوك العامة يحسون ويشعرون بالظلم!
ويؤكد آدم أننا لسنا ضد أن يحصل رؤساء البنوك على مبالغ ضخمة خاصة إذا كانت هذه المرتبات تساوى الجهد المبذول والأداء العالى والعوائد المردودة على البنوك من خلال إدارته وأيضا تقليل المخاطر وزيادة الأرباح وعلينا ألا ننظر لرؤساء البنوك على أنهم فاسدون لمجرد حصولهم على هذه الرواتب.. فهذه الرواتب لا تقارن مع مثيلتها فى الخارج سواء فى الدول الأجنبية أو حتى العربية فهى ضعيفة بالنسبة لها!
عبث مالى
لكن الدكتور أحمد أبوالنور استشارى الاقتصاديات الحرجة والأزمات والخبير المصرفى ينقلنا إلى تأصيل القضية بقوله:لعل العبث المالى فى الأسواق العالمية المالية وغير المالية تأثرت به جميع الدول بصرف النظر عن حجمها وثقلها الاقتصادى وكانت درجات المقاومة لكل اقتصاد على حدة هو ما يمكن لأى دولة الارتكان إليه على نحو مؤقت لا يقيها بالكامل الشر القادم من العالم الأكثر تقدما.. وكما عودنا العالم الأكثر تقدما على الكارثية التى يتم تصديرها هى وفواتيرها كاملة لدول لم تشارك من قريب أو بعيد فى صناعتها ككارثة الأزمة المالية التى صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بانفلات مالى بامتياز وبمباركة السلطات النقدية والمالية بتلك الدول وكذلك بمباركة أممية دولية من خلال دعم صندوق النقد والبنك الدوليين لكل السياسات المالية الانفلاتية وكذلك التقارير الدولية التى تصدر سنويا بالمئات من خلال وكالات التصنيف الائتمانى المخادعة والتى أطلق عليها جوزيف سنجلتيز وهو أحد الحاصلين على نوبل فى الاقتصاد: وكالات التزييف الائتمانى التى أحالت بتصنيفاتها المزورة الخردة إلى ما يعادل قيمة المعادن النفيسة!
إنها وخبراء "وول ستريت" وكافة المنشآت المالية المصرفية وغيرها والتى تحول على أيديهم 56 تريليون دولار ناتج عالمى إجمالى إلى أصول مالية فاقت 650 تريليون دولار طبقا لبنك التسويات الدولية وكأن كل دولار فى الاقتصاد الحقيقى لديه قدرة على توليد 10 دولارات للعالم من خلال التوريق والأدوات والمشتقات المالية أو ما يسمى بمنتجات "الهندسة المالية" والتى انهارت لأنها منتجات داخل اقتصاد وهمى تخيلى لا وجود واقعياً له بل هى مجرد نقود افتراضية ساهمت المنشآت المالية وخاصة المصرفية منها بعنصرين أساسيين الأول جشع البنوك وقياداتها والثانى مناخ الحرية ذات السقف الانفلاتى والتى لا تعترف ولا تقف عند حدود مخاطر أعمال أو مخاطر مالية أو كأى شكل من أشكال القيود التى أطلقت على يد "ريجان" و"تاتشر" فى حقبة الثمانينيات من القرن الماضى وكأساس لحريةوتحرر الأسواق التى تشتمل على يد خفية قادرة على أن تعيد التوازن للأسواق من تلقاء نفسها!
الأيدى الخفية
وفى ظل "اللا رقابة واللا تدخل" من الحكومات فى الأسواق وأعمال البنوك وفى ظل ترك الأمر بكليته لنظرية اليد الخفية.. ظهرت الأزمة كنتيجة لاستفحال ثقافة الاقتراض اللامحدود وهو ما كان يحقق لمديرى الانفلات ملايين الدولارات كمكافآت وبدلات وعمولات بخلاف المرتبات بل وصل الأمر لدرجة التبجح التنظيمى والوظيفى والأخلاقى حين ضخت الولايات المتحدة الأمريكية التريليونات فى شرايين نظامها المالى ومؤسساته وبنوكه حتى تستعيد نظامها ونشاطها وتتعافى ومنعا للانهيار.. كما وصل الأمر بمن تعود على اقتطاع نصيبه قبل كل شىء وقبل المؤسسة والبنك الذى يعمل به أن قام مديرو أهم البنوك الأمريكية الممولة إنقاذيا من الحكومة بتوزيع النصيب الأكبر من هذه الإسعافات الإنقاذية على أنفسهم كمخصصات مستحقة لهم ومكافآت وهو ما يعكس عدم المسئولية فى ظل مناخ انفلاتى!
ولكن إذا عبرنا الحدود من مديرين يحصلون على ما قيمته 50 مليونا وحتى 150 مليون دولار سنويا كرواتب ومكافآت إلى أسواقنا وبنوكنا وتشريعاتنا - كما يقول الدكتور أحمد أبو النور - لوجدنا الأمور مختلفة تماما فأسواقنا لا تزال ناشئة مبتدئة إذا ما قورنت بتلك الأسواق الكارثية المتقلبة والتداولات فيها ذات محدودية نسبية بالإضافة إلى تراجع تام فى صناعة المنتجات والمشتقات الائتمانية بل وتراجع الإقراض المشروع ذاته من النظام غير المؤهل بما فيه الكفاية لكى يتجاوب مع أسواق واعدة يجب أن يساهم الجهاز المصرفى فى بنائها وتقويتها وللدخول بها كاقتصادات ناهضة فى الأسواق العالمية.. لكن منذ عام 1974 اختلفت الأمور عما كانت قبل هذا التاريخ باستصدار حزم من التشريعات الاقتصادية والتى تتوالى تباعا حتى يومنا هذا والتى تواجدت بموجبها البنوك الأجنبية والبنوك المشتركة وبنوك الاستثمار والأعمال.. إلخ وهو ما شهد أيضا المنافسة الشرسة على الكفاءات المصرفية ولدرجة يمكن القول معها أن البنوك الجديدة على اختلاف منشأها وتخصصها إنما قد استقطبت أهم الكفاءات المصرفية الوطنية وبما يعنى أنها قد أفرغت المؤسسات المالية الوطنية.
هندسة تنظيمية
ولعل المميزات المالية المتمثلة فى المرتبات الهائلة والبدلات والمكافآت والمميزات المتنوعة تحت مسميات هندسة تنظيمية ذكية هى التى صنعت أسطورة مرتبات ومتحصلات كبار المصرفيين من خلال التنافس الشرس على الكفاءات.. وهو ما كان ليمر على البنوك الوطنية المتبقية بعد البيع والاندماجات - إذ نرى ما يدور فى الكواليس المصرفية ونسمع عن الكثير من الأرقام التى يصعب تصورها أو حتى نطقها من بدلات ومكافآت ومرتبات ومميزات مالية وأخرى عينية تجعل من قيادات البنوك القابعين فى كراسى الإدارة العليا أثرياء العمل المصرفى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.