من يتابع دعوة بعض أبناء مصر المهاجرين من الأقباط من أجل تنظيم ما أطلق عليه البعض (إضراب 11 سبتمبر).. يجد نفسه أمام العديد من الأسئلة والملاحظات التى تحتاج إلى إجابات وتعقيبات محددة. ويمكن تلخيص الأسئلة فيما يلى: 1- أعلم جيداً أن أى إضراب هو حق مشروع طالما يحتكم إلى مبدأين، أولهما عدم التخريب والتسبب في أي أذى سواء للمواطنين أو المجتمع أو الممتلكات العامة، وثانيهما أن يكون الإضراب مرتكزا على هدف محدد من أجل تحقيقه. وبالتالى، يصبح السؤال المنطقى الآن: ما الهدف من وراء تنظيم هذا الإضراب؟، وما النفع الذى سيترتب عليه فى سبيل حل مشكلات وهموم المواطنين الأقباط فى مصر؟. 2- يرتبط نجاح أى إضراب باختيار التوقيت السليم له.. لكى يحقق هدف عقده. والسؤال: هل توقيت عيد النيروز الموافق 11 سبتمبر هو توقيت مناسب.. خاصة أن 11 سبتمبر مرتبط بحادث إرهابى دولى.. سيظل محفورا فى الذاكرة الجمعية لدول العالم كله؟، كما أن عيد النيروز هو عيد متميز لدى المواطنين المسيحيين لأنه يمثل رأس السنة القبطية الذى هو عيد الشهداء الذين تحتفل بهم الكنيسة على اعتبار أنهم ضحوا بأرواحهم متمسكين بالعقيدة المسيحية ضد الاستبداد الرومانى؟، وهل يمكن أن يمثل توقيت الإضراب فى هذا اليوم تحديداً.. إساءة إلى ما ترمز له هذه الاحتفالية؟. 3- أعتقد أن الإضراب كان سيكون له تأثير لو تم اختيار توقيت مناسب له مثل يوم عمل فى وسط الأسبوع ليشعر المجتمع بتأثيره، ويكون قد حقق أهدافه المنشودة. والسؤال: هل دعوة الإضراب دعوة حقيقية أم هى مجرد دعوة للاستثمار الإعلامى؟. 4- لماذا يتعامل البعض من أبناء مصر فى المهجر من المسيحيين مع المواطن المصرى المسيحى الذى يعمل فى العمل العام فى الداخل إما بمنطق الوصاية أو بمنطق التخوين حسبما كتب البعض منهم، حيث قام بتصنيف الداخل على أنهم إما عملاء للدولة ولمباحث أمن الدولة، أو تابعون لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناً، أو يتبعون الكنيسة حرفياً بدون تفكير؟. 5- إن دعوة الإضراب.. جعلت بعض المواقع الإسلامية المتشددة تكتب أن ما يزعم الأقباط القيام به هو نوع من الخيانة لضرب استقرار المجتمع المصرى فى شهر رمضان الكريم. والسؤال: لماذا لا نحسب تصرفاتنا وردود أفعال غيرنا لكى نحقق ما نريد بحكمة وطنية قبل أى نعرات طائفية؟. أما الملاحظات، فهى: - أستطيع أن أتفهم منطق البعض من أن الإضراب يمثل وسيلة للتعبير عن مطالب حقوقية ومدنية، ولكنه ربما تترتب عليه نتيجة عكسية لو كانت المطالب طائفية ودينية ضيقة.. - لو تصورنا عدة سيناريوهات للإضراب منها أن العديد من محلات (السوبر ماركت) التى يمتلكها المسيحيون المصريون قد أغلقت أبوابها استجابة للإضراب.. وهكذا فعل الأطباء والصيادلة المسيحيون المصريون.. فهل ستتوقف الحياة فى المجتمع المصرى؟، بل سيحدث العكس لو فكرنا بمنطق نفعى (بحت) لأن الفائدة هنا ستعم بشكل مضاعف على أصحاب المحلات والأطباء والصيادلة من المسلمين المصريين. وهو ما أرفضه بشكل قاطع. - أرفض ما كتبه البعض فى مصر على اعتبار أن أبناء مصر من المهاجرين المسيحيين الذين دعوا للإضراب هم محرضون وخونة، وأرفض جميع مفردات قاموس العمالة والخيانة وافتراض نظرية المؤامرة فيما يتم بين الداخل والخارج من تشكيك. كما أقول لأبناء مصر من المهاجرين المسيحيين إن رأيكم فيما يحدث فى مصر هو حق وطنى أصيل يجب أن تتمسكوا به، ويجب علينا فى الداخل أن ندافع عنه مادام هذا الرأى فى إطار المعلومات الصحيحة والأحداث الدقيقة بدون أى تضخيم أو تهوين.. لكى نحقق مبدأ المواطنة على أرضية الدولة المدنية المصرية.