سر الاستبداد الذى رضخ له 02٪ من سكان الكرة الأرضية! تعددت نظم الحكم فى العالم الإسلامى.. لكنا لم نجد إلا الديكتاتورية والنزعة الفردية.. وسيطرة المفسدين والانتهازيين والمنحرفين! لو أنك سألت أى إنسان مسلم فى أنحاء هذا العالم الإسلامى الفسيح عن رأيه فى أحوال هذه الأمة ومستقبلنا، فليس بمستغرب أن نسمع قدراً لا حد له من السخط على الحاضر واليأس من المستقبل لو استمرت الأحوال على ما هى عليه الآن. وعلى نفس الأسلوب الذى تسير عليه حياتنا. إن تعداد العالم الإسلامى اليوم أكثر من الألف مليون نسمة وهم يشكلون خمس سكان الكرة الأرضية. وتمتد بلادهم من الصين وماليزيا وأندونيسيا شرقاً وحتى الجزائر والمغرب غرباً، ومع ذلك فانظر إلى أحوال هذه الأمة من جميع الأوجه السياسية والعسكرية والأمنية. 1- النظام السياسى: فبرغم تعدد نظم الحكم فى العالم الإسلامى وتنوعها من ملكيات وجمهوريات وحكم عسكرى وحكم حزبى.. إلا أن النتيجة دائماً واحدة.. وهى حكم دكتاتورى.. تسود فيه النزعة الفردية، ويسيطر عليه المفسدون والانتهازيون والمنحرفون على مصائر الأمة والمسئولية، بل إنه لا يسمح بحرية النقد وكشف الأخطاء والانحرافات وهو أضعف الإيمان. 2- والاقتصاد: الاقتصاد فى دول العالم الإسلامى يعانى تدهورا شديدا.. ورغم أن هذه المنطقة تعيش فوق كنوز من الموارد الطبيعية ابتداء من البترول والمناجم فى باطن الأرض إلى الأنهار والأراضى الخصبة والآثار السياحية والتاريخية والجو المعتدل طوال العام، رغم كل هذه الخيرات فإن العالم الإسلامى يعيش فى فقر مدقع وديون مثقلة واستعمار اقتصادى. 3- ودولياً: فبرغم أن الاستعمار قد انتهى من العالم كله. إلا أن بعض دول العالم الإسلامى لايزال مستعمراً مثل فلسطين وأفغانستان والعراق، ومن ليس مستعمراً بالجيوش الأجنبية فهو مستعمر سياسياً أو اقتصادياً.. ورغم الشعارات الكثيرة التى نرفعها عن حرية إرادتنا واستقلالنا السياسى، فليست هناك دولة واحدة فى العالم الإسلامى كله تستطيع أن تقف على أقدامها وتواجه العالم بسياسة مستقلة نابعة من مصالحها الذاتية. 4- وعسكرياً: فقد لاقت الكثير من دول العالم الإسلامى الهزائم العسكرية على أيدى أعدائها. ولم تحقق دولة واحدة معاصرة نصراً عسكرياً واحداً للإسلام والمسلمين، ومن ذلك هزيمة الباكستان أمام الهند، وما تبعها. واليوم تعتبر جيوش العالم الإسلامى فى مؤخرة جيوش العالم كله تطوراً وتسليحاً وخبرة. 5- وعلمياً: فإن العالم الإسلامى بالذات بجميع دوله يعتبر فى مؤخرة شعوب العالم. وبينما دول العالم كله تتسابق على غزو الفضاء وتكنولوجيا القرن 12. إذ بنا اليوم نستورد كل شىء من الإبرة إلى الصاروخ.. ولا نستطيع حتى استغلال خيرات بلادنا بالأساليب العلمية المتطورة التى يمكنها أن تزيد الدخل وترفع مستوى المواطنين. 6 - وأمنياً: فإن دول العالم الإسلامى هى الأقل أمنا واستقرارا وهى الأكثر حوادث سرقة ونهب حتى الإنسان لا يأمن على بيته إذا غاب عنه أياما معدودة، وزاد الطين بلة انتشار حوادث هتك العرض وخطف النساء فى وضح النهار. وهى ظاهرة لم يعرفها العالم الإسلامى فى تاريخه الطويل إلا فى بداية عصر المماليك. هذا هو حال المسلمين اليوم بعد أن أصبحوا خمس سكان الكرة الأرضية وأصبحوا يزيدون على 66 دولة و66 جنسية و66 شعبا. فوائد الحكم بالإسلام: - فتأمل أحوال هذه الأمة يوم كانوا دولة واحدة فى عصور ازدهار الإسلام وفى ظل خلافة واحدة وحكم إسلامى واحد. - فعلى مدى قرون طويلة ابتداء من الخلافة الرشيدة ثم الأموية ثم العباسية كانت للدولة الإسلامية هيبة فى العالم كله. كانت الدولة الإسلامية تمتد من ولاية كشفر الإسلامية فى الصين شرقا. إلى ولاية الأندلس والمغرب غربا. أى نصف العالم المعروف فى ذلك العصر. ويكفى دليلا على هيبة تلك الدولة القصة المشهورة (وامعتصماه) والتى أطلقتها امرأة بدوية كانت ترعى الغنم على الحدود فحاول بعض الجنود الرومان اغتصابها. فاستجاب المعتصم لصرختها.. واكتسحت جيوشه هضبة الأناضول.. واستولت على العواصم والمدن واعتقلت الجنود والأسرى بالآلاف ثم فرضت الجزية على سكان تلك المناطق. قارن هذا بحادث الدكتورة المصرية التى ذهبت إلى ألمانيا للمتخصص العلمى فقتلها مهووس عنصرى وهى فى المحكمة لمجرد أنها تلبس الحجاب؟! وقد حقق الإسلام لأبنائه من الأمجاد والانتصارات العسكرية على مر العصور والتاريخ.. ما لم تحلم أمة بمثله.. ابتداء من معارك الإسلام فى القادسية واليرموك. إلى انتصاراته الرائعة فى حطين وعين جالوت والمنصورة وبيت المقدس. أما عن نظام الحكم: فلم تشهد الإنسانية فى تاريخها الطويل نظاما ديمقراطيا عادلا كما شهد العالم الإسلامى فى عصور الخلافة الرشيدة.. وحتى فى عصور الخلافة الأموية والعباسية والتى اصطلح المؤرخون المسلمون على تسميتها بعصور الملك العضوض أو الحكم الكسروى.. إلا أن الوازع الدينى لدى الخلفاء والولاة والمسئولين فى تلك الدولة قد كفل للرعية المسلمة من العدالة وحقق من الديمقراطية ما عجزت عن مثله كل النظم المعاصرة لنا فى العالم الإسلامى سواء كانت ملكية أو جمهورية أو حكما عسكريا، وأبسط دليل على ذلك هو تلك الانتصارات العسكرية والفتوحات الواسعة التى تمت على يد الأمويين والعباسيين. فإن الشعب الذى يشعر بالقهر والظلم من حكامه لا يمكن أبدا أن يحقق نصرا عسكريا واحدا على أعدائه. أما عن الحالة العلمية: فقد كانت تلك الدولة مهد العلم والحضارة فى وقت كانت أوروبا فى العصور الوسطى تعيش فى الظلام الدامس، وكان طلاب العلم من أنحاء الدنيا يأتون إلى جامعاتنا ليتعلموا الطب والهندسة والفلك وشتى العلوم على أيدى علماء المسلمين أمثال ابن النفيس وابن رشد وابن الهيثم وجامعات الأندلس وعلى من يريد الاطلاع على المزيد فى هذا الميدان أن يرجع إلى كتابنا (العلوم الإسلامية) لكى يعرف فضل علماء المسلمين والعلوم الإسلامية على مسيرة الحضارة وعلى العلوم المعاصرة. (مؤسسة الكويت للتقدم العلمى) الكويت. أما عن الاقتصاد فى الدولة الإسلامية فيكفى أن نذكر كيف كان الناس فى كثير من عصور الإسلام الزاهرة يردون أموال الزكاة والصدقات التى يأتيهم بها بيت المال.. باعتبار أنهم قد استغنوا من عملهم وكدهم وكسب أيديهم عن الحاجة إلى معونة الدولة. وكيف كانت الدولة تلتزم بمسكن لكل أسرة وراتب ومرافق أو خادم لكل مقعد أو معوق. وتفرض راتبا لكل مولود. أما عن الأمن: فى الدولة الإسلامية فلا يزال مضرب الأمثال عند المستشرقين الغربيين حتى يومنا هذا كان التجار فى شتى العواصم الإسلامية يتركون متاجرهم مفتوحة وبضاعتهم معروضة ليذهبوا إلى الصلاة فى المسجد. فلا يفكر أحد فى سرقة شىء منها مهما صغر حجمه وكان الرجل يسقط منه كيس المال أو الذهب فيعود بعد ساعات أو أيام فيجده فى مكانه أو فى بيت المال.. وكانت المرأة تخرج من بيتها فى بغداد أو دمشق أو القاهرة أو أية عاصمة إسلامية بل قد تسافر إلى أى بلد دون أن تخشى على نفسها أو مالها. وربما يقول قائل إنك قدمت صورا من جانب واحد من التاريخ الإسلامى: هو الجانب المشرق والمضىء.. وتركت الجانب الآخر المظلم.. حيث كانت هناك فترات تعم فيها الفوضى.. ويكثر الظلم وتراق الدماء لأهون الأسباب.. ونقول: نعم فلسنا ننكر ذلك.. ولكن وجود مثل هذه الانحرافات لا يسىء إلى النظام نفسه ولا يجوز أن ينسب إليه.. إنه خطأ المنحرفين أنفسهم الذين بعدوا عن الطريق الحق ويكفى أن نقول. إن الإسلام عندما طبق تطبيقا سليما وعن فهم صحيح قد رفع هذه الأمة من الحضيض إلى القمة، فلما تركته وانحرفت عنه هبطت إلى أسفل السافلين. كان هذا هو الفارق الواضح فى حال المسلمين بين اليوم والأمس إنه الفارق بين الظلام والنور، بين الذل والعزة، بين الظلم والرحمة بين الكبت والحرية، بين الفقر والرخاء، بين الفوضى والأمان. وهذا الفارق يعود إلى عامل واحد لا شك فيه ولا جدال حوله إنه الحكم بالإسلام. وفى الحلقة القادمة نتحدث عن مكاسب الحكم بالإسلام!!