سقوط ضحايا ومصابين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    صحيفة: ترامب وضع خطة لتسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا    ضغوط جديدة على بايدن، أدلة تثبت انتهاك إسرائيل للقانون الأمريكي في غزة    سيد عبد الحفيظ: أتمنى الزمالك يكسب الكونفدرالية عشان نأخذ ثأر سوبر 94    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الجونة    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    تستمر يومين.. الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب مصر خلال ساعات    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال أعياد القيامة وشم النسيم    لو بتحبي رجل من برج الدلو.. اعرفي أفضل طريقة للتعامل معه    مينا مسعود أحد الأبطال.. المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    المحكمة الجنائية الدولية تحذّر من تهديدات انتقامية ضدها    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    حي شرق بمحافظة الإسكندرية يحث المواطنين على بدء إجراءات التصالح    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 4 مايو 2024 في البورصة والأسواق    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الإذاعى أحمد أبو السعود    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    وفاة الإذاعي أحمد أبو السعود رئيس شبكة الإذاعات الإقليمية الأسبق.. تعرف على موعد تشييع جثمانه    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    الخطيب يهنئ «سيدات سلة الأهلي» ببطولة الكأس    تعثر أمام هوفنهايم.. لايبزيج يفرط في انتزاع المركز الثالث بالبوندسليجا    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلفيون سيتحكمون فى الفكر الإسلامى.. والأزهر لن يكون له دور يذكر

عقيرة البعض تعالت بتشميع التماثيل حتى لا نعبدها من دون الله، وهدم الكنائس لأنه يُعبد فيها غير الله، وفرض الجزية على المسيحيين لأنها شريعة عثروا عليها داخل الأنفاق المظلمة لتراثهم المنقول عن أسلافهم، ومنع سياحة الأجانب لأنهم يشربون الخمر ويرتدون المايوه على الشواطئ، وإلزام المصريات بالحجاب قسرا وإجبارهن لأنه شريعة الله، ودفع الناس لصلاة الجماعة لأنها هى الأصل، ولأن من يصلى فى بيته بلا عذر فيحق للإمام حرقه بالنار، وتحريم حلق اللحية بفرض غرامات على الحلاقين الذين يحلقونها لزبائنهم لأن حالقها يرتكب الحرام، وأحقية الزوج فى ضرب زوجته لتأديبها لأن زعمهم أملى عليهم بأن الشرع أباح له ذلك، وربوية البنوك وتحريم الفن وتحريم خروج المرأة، وغير ذلك مما تعلمونه من دروبهم التى يتصورها السذج إسلاما وشريعة.
بل لقد بلغت بهم الفوضى الفكرية تدشين لجماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، تلك الجماعات التى تكون مهمتها دفع الناس لأداء الفرائض وارتداء النساء للحجاب، ألا يفهم هؤلاء بأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان طواعية وخالصا لوجهه، كيف نقهر الناس على الطاعة وقد قال تعالى: «لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» البقرة.256 بل لقد جعل الله أخطر قضية وهى العقيدة فى حرية فقال تعالى: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ... » الكهف .29
إن هذا التوجه البدوى ينذر بحرب أهلية بمصر، فمصر غير دول الخليج، والحضارة هنا أصيلة وليست مستوردة، عميقة وليست على السطح، فجماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هى جماعات التصدى للحضارة من منطلق المفهوم البدوى للشريعة.
وسوف تموج البلاد طولا وعرضا بالفوضى التى ستخلفها مناهج الفكر السلفى الوهابى على أرض الواقع، ولن يكون للأزهر دور يذكر اللهم إلا موقف المتفرج من بعيد، لذلك أتوقع عاما جديدا كئيبا على البلاد، ولن تتحرك السياحة من توقفها، فقد صنفت مصر كدولة راعية للفكر المتطرف، لذلك ستتجه السياحة العالمية بعيدا عن أرض الكنانة، لكن أبشروا يا من ملأتم صناديق الانتخاب ففاز الإخوان والسلفيون باختياركم لهم، فسيتم تصنيف دولى لمصر أعلى من رعاية الفكر المتطرف وهو رعاية الإرهاب، فأعضاء مجلسكم الموقر يرون البطولة والفداء فى أمثال بن لادن والظواهرى اللذين قتلا من المسلمين أكثر ممن قتلوا من غيرهم، وقتلوا من النساء والأطفال أكثر ممن قتلوا من الرجال، وقتلا من المدنيين أكثر ممن قتلوا من العسكريين ومع هذا فقد رأينا صورته - رحمه الله - عالية فى جمعة قندهار بميدان التحرير، ولم يرفعها إلا ناخبوكم.
ولسيطرة السلفية على الأزهر فهم يقولون دوما بضرورة استشارة مجمع البحوث الإسلامية، وهذا ما أحذر منه وأنبه - بشدة الأب الحانى - على تتبعه ووأده، فأكثر رجال الأزهر باتوا يناوشون لأجل معايشهم من فرط إهمال الدولة لهم، لهذا فقد ارتموا فى أحضان وهابية العصر المسماة بالسلفية لأجل خاطر البترودولار عسى أن يصيبهم الله من نفحاته.
∎ عبث وهابى
إن العمل ضد الثورات الشريفة هو دأب دول بالمنطقة كانت تستفيد دوما كلما ضعف نظام الحكم بمصر، وهل كان للصوت السلفى أن يرتفع إلا بأموال تتدفق باستمرار لنشر الفكر الوهابى عبر الأقمار الصناعية، فبعد أن كانت السلفية تُحرِّم التلفاز، أصبح أتباعها ومشايخها نجوما به، إن الأموال التى يتم دفعها لنشر الدعوة الوهابية على القمر الصناعى (نايل سات) كلها بترولية.
وبعد أن كانت الديموقراطية بدعة وضلالة صارت حلالا بلالا وعذبا فراتا؛ ثم وفجأة أصبح رجال السلفية فى مقدمة المرشحين لمجلس الشعب، هكذا بلا تأهيل سياسى ولا فهم قانونى أصبحوا فى صدارة المشهد التشريعى بالبلاد؛ فهل هذا من الإخلاص لدين الله أم للإخلاص فى الوثوب على كعكة الحياة.
وهل الاستيلاء على الأزهر هو أحد الأطماع التى تعمل لأجلها دول تعمل على إضعاف الأزهر بإنشاء طابور خامس وهابى به؟، وهل من بصر وبصيرة لنكشف زيف هذه الأفكار البدوية التى تفرح لإسلام كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، أو الزانية الشهيرة، وتقيم لهن المظاهرات، وكأنهم بدار الأرقم ابن أبى الأرقم يهللون ويكبرون عند إسلام فتى واحد أو فتاة، إنه الفكر السلفى البدوى الذى لا يتطور أبدا مع مرور الزمن عليه، وهو الفكر الذى يعمل على عواطف العامة ليجمع حوله القلوب الساذجة فيتقوى بها.
∎ تعرية الرجولة
بينما لا تكاد تسمع همسا يشجب الاعتداء على فتيات ونساء مصر فى شوارعنا، حيث تمت تعرية الرجولة المصرية حين سحلت المرأة أو أراد من أراد أن يقيم عليها حفلة، أو تلك التى شج رأسها وكسرت يدها وغيرهن كثيرات، فأين النخوة السلفية من هذا المعترك، لم نسمع سلفيا واحدا يطالب بتطبيق شريعة القصاص على الضباط والجنود الذين سحلوا وضربوا وشجوا الرؤوس للنساء والرجال على السواء، فهل يا ترى ستستبدلون عقوبة الحبس بعقوبة السحل والشج للرؤوس لأن الله تعالى قال: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، وقوله سبحانه «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به»؛ فأين أنتم من المناداة بتطبيق الشريعة، أم ستكونون مثل دول تطبقها على الشعب ولا تطبقها على الأمراء؟؛ نحن لا نعارض الشريعة ولكن نعارض فهم البداوة للقرآن والسنة.
إن الدول التى تغذى السلفية الوهابية بمصر لا تريد لمصر إلا أن تظل فى أوحال نظام ترتاح له تلك الدول، وهل يكون التظاهر ضد الحاكم حراما بينما يكون التظاهر السلفى فى وجه الإمام الأكبر شيخ الأزهر حلالا؟، كيف يفكر ذلك الصنم السلفى المتناقض الذى ثار وتظاهر ضد شيخ الأزهر؟.
إن الأزهريين أتباع المنهج السلفى ليسوا خطرا على الأزهر فحسب، بل هم خطر على مصر بأسرها، والسلفية عموما هى الخطر الناعم الذى يتوغل باسم الدين بل يزعمون زورا أنهم يمثلون صحيح الدين، وما هم إلا مجموعة من حفاظ النصوص بلا روح.
وهل الطعن فى شيخ الأزهر تارة والمفتى تارة، والبابا شنودة تارة ثالثة، وإشاعة فكرة العلمانية ضد المثقفين من أبناء مصر، والتظاهر فى مواجهة الكاتدرائية، وحرق الكنائس بل وهدمها بالبلدوزر، والاستيلاء على المساجد، وهدم قبور الصالحين، أمر تغذيه ثقافة فقط أم يغذيه فكر ومال دول يجرى الدولار بباطن أراضيها بترولا لخدمة ذلك الفكر.
إن محاولة زعزعة استقرار الدولة بافتعال هياج فى كل مكان، والطعن فى كل ما هو غير سلفى، لا يمكن لداعية سلفى أن يقوم به بمفرده، ولا تنهض به إلا دول بترولية تنتحب لقرب زوال ملكها الفكرى بمصر، فتكون السلفية هى الأداة، ويكون الأزهر هو الهدف والكعكة التى ستقدمها تلك الدول لرعاياها الوهابيين من أهل السلفية.
∎المفكر الساقط
إن السلفية تقول بأنها تتبع القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، فهكذا نشرت جريدة الأهرام قول كبيرهم، وهو ما يرددونه فى مجامعهم ومقابلاتهم وبالتلفاز، ومن لا يتعمق قد يغتر بمثل هذا المنهج ذى الأصول البراقة، فالجزء الأول منه يقوم به كل المخلصين لدينهم، أما الجزء الثانى وهو عبارة «بفهم سلف الأمة» فهو الطامة الكبرى.
فلقد اختلفت السلفية على ثلاث فرق فى تفسيرهم لمفهوم سلف الأمة، فمنهم من قال إنهم الصحابة، ومنهم من قال الصحابة والتابعين، ومنهم من قال بأن السلف هم رجال الثلاثة قرون الأولى.
وأيا كان وجه الحق فى معنى السلف، فإن تعبير «فهم سلف الأمة» يحمل تحجرا فكريا غير مسبوق، بل ومخالف لكتاب الله، بينما يصوّر السلفيون للناس بأننا نكره الصحابة، فهكذا يداعبون عواطف السذج، بينما هم يصنعون الزيف ويمكرون بالإسلام، إذ إن ارتباط المسلم بفهم سلف الأمة يحمل فى طياته إنشاء العصمة لمفهوم السلف، فيكون لدينا نص معصوم وهو القرآن، وفهم معصوم وهو فهم السلف، وبهذا نكون من المبتدعين المخالفين لكتاب الله القائل: «..هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى» النجم 32 لأننا نكون قصرنا التدبر والفهم على السلف الصالح، ويتعطل تنفيذنا لكل آية تقول: «أفلا تعقلون، لقوم يتفكرون، إن فى ذلك لآيات لأولى الألباب.. إلخ» لأنه لا فهم ولا لب ولا عقل إلا عقل السلف، وهو الخطيئة الكبرى التى تمارسها سلفية الوهابية.
بل تراهم يقولون قولا عجيبا ومصطلحا فاسدا وهو اجتهد لكن لا تختلف، ففيم الاجتهاد إن لم يثمر عن اختلاف، ولأنهم أساطين الخلاف لذلك فهم لا يحبون الاختلاف، لهذا صنعوا أصناما من قول السلف ظلوا لها عاكفين، وقالوا بالبدعة عن كل جهد وفكر للخلف، بل من عجائب فقههم ألا تقود النساء السيارات بينما يبيح ذات الفقه أن ترضع النساء الرجال.
وليفهم أتباع السلفية أن أساطين دعاتهم لا يحملون علما قدر ما يحملون تحجرا وتخلفا فكريا يسمونه إسلام، وهنا يبرز الدور الفكرى للأزهر الذى يريدون الاستيلاء عليه وقيادة سفينة الفقه للخلف بسلفيتهم المدعومة بالدولار والريال والدرهم.
إن على أتباع دول النفط اعتزال ذلك الدين الجديد الذى يطلقون عليه إسلام، وما هو من الإسلام فى شىء، بل صدق شيخ الأزهر حين قال عنهم بأنهم خوارج العصر الحديث، وأضيف بأن مصر لا ترتضى أن تستولى حفنة بشرية ساقطة فكريا على الأزهر، مهما كان دعمها، فمصر بلد عريق وشعب أصيل وثقافة ضاربة فى عمق التاريخ، ولسنا قشورا فكرية يزرعها الشياطين اليوم ليجمعوا ثمرتها بعد ساعة من الزمن، فمهما كان دعمهم أو علمهم فلن يفلحوا إذا أبدا.
∎ فرص الأزهر
وعلى الأزهر المقاومة، وأول خطوطها تعديل مناهجه لتتواءم مع العقل والنقل والحضارة، فعيب جدا على رجالات الأزهر والواحد منهم أوسع علما من كل الأئمة مجتمعين، أن يستظلوا بفقه غريب عن البيئة التى نعيشها، فقه صدر عن عقول لا تعرف لحضارتنا معنى، وليعلم الأزهر بأنه إن كان السلف صالحا فنحن أصلح منهم، هذا بالطبع باستثناء الصحابة رضوان الله عليهم، لأنه ليس من بيننا من دس الحديث على النبى، ولا من قتل أخاه، أو افتعل الحروب، أو رجم الكعبة بالمنجنيق، أو اختطف الحجر الأسود 18 سنة، ولا من لعن عليا كرم الله وجهه 80 سنة على المنابر، وليس منا من عذب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وابن حنبل، ولا من قتل أهل بيت النبى لدنيا يصيبها، لذلك فنحن نرانا أهلا لحسن ظنكم بنا، وأنتم منا ونحن منكم ونحن نعتمد على علمكم فلا تجعلونا نستظل بظل فقه غير فقهكم؟؛ ولا تجعلوا لغيركم سبيلا فقهيا علينا. لكنى من كثرة ما جاهدت ضد مناهج الأزهر ترانى يائسا، فكما فشلت مع القرود أن تعلم بأن ثمرة المانجو أحلى من الفول السودانى الذى تهواه، فأرانى فشلت مع المناهج بالأزهر أن تتطور، ويبدو أنى سأكمل حياتى فاشلا مع القرود، ومجاهدا مع مناهج الأزهر، إن مناهج الأزهر تخرب عقول الطلاب وتستحثهم ليكونوا بغاة فكريا وراسبين نفسيا ومع هذا تجد تلك المناهج الأزهرية راسخة رسوخ الجبال الرواسى.
∎ كعكة البرلمان
لقد فاز الإخوان والسلفيون بكعكة البرلمان، وظاهر أمرهم الاجتماع لكن هيهات أن تجتمع السلفية أو تتحد إلا مع نفسها، لذلك ترقبوا شجارا وخلافا وعنفا فى الخصومات بين الفائزين الإسلاميين بالبرلمان، فبينما يتميز الإخوان بالدهاء والمرونة وسعة الصدر، يتصدر التعصب والتعنت وقلة الحيلة المشهد السلفى، لذلك فلن تمر الأيام على مجلس الشعب بخير يذكر، وستكون مهمة البرلمان التصفيق والشكر للمجلس العسكرى، وسيقدم الرئيس القادم الأوسمة والأنواط للمجلس العسكرى حتى يضمن عدم محاسبته على إجراءات يراها البعض جرائم ارتكبها ذلك العسكرى ضد الشعب وضد الثورة.
∎ إسلامنا وإسلامكم
لقد صدق القائل حين يقول لا أريد إسلامكم لكن أريد إسلاماً لا يُكره أحداً على أداء شعائره كما قال سبحانه: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ..» الكهف .29 إسلاماً يُقِيّم الناس بالمحبة التى فى قلوبهم وليس ذلك الإسلام الذى يُقيمهم بما يلبسون ولحاهم التى يطلقون، فالله تعالى قال فى كتابه العزيز بسورة الشعراء: «يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ) 88 (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) .89
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يحنو على المسكين واليتيم والأسير أيّاً كان دينهُ أو عرقه أو عقيدته فقد قال تعالى «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً» الإنسان .8
ولم يقل ويطعمون المسكين المسلم، أو اليتيم المسلم، أو الأسير المسلم فقط.
نعم أُريد إسلاماً يُدافع أتباعه عن كنائس ومعابد غير المسلمين كما يدافعون عن المساجد فالله تعالى هو سبحانه القائل: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ» الحج .40 نعم أُريد إسلاماً يعلو بالتواضع ويسمو بالرحمة والمغفرة لا باللعنات والكبر فالله تعالى هو القائل: «وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم» النور .22
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يشهد أتباعه بالحق والصدق ولو حتى على أنفسهم كما قال ربى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً» النساء .135
نعم أريد ذلك الإسلام الذى تسمو فيه الروح فوق الأحرف والكلمات والمذاهب والفرق كما قال ربى: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» الشورى .52 نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعل أتباعه «ربانيين» وليسوا شراذم متفرقة بين المذاهب كما قال ربى: «مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّى مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ» آل عمران .79 أى أولئك الذين يرى الناس أعمالهم الحسنة فيقدسون وجه خالقهم ومبدعهم .
نعم أُريد ذلك الإسلام الذى يجعلنا نُقدس الإبداع فالله تعالى هو: «بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ» البقرة .117 ونحترم الفكر المخالف ونرى فيه جمالاً لأهميته فقد قال ربى «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ» هود .118 إنى أُؤيد ذلك الإسلام الذى هجره ونسيه الكثيرون كما قال الله: «وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِى اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورا» الفرقان .30
فإن كانت تلك الصفات والتى تسمح باحترام الفكر والتنوع والاختلاف وتقدس الجمال والإبداع هى مرجعية الإسلام فأهلا وسهلاً بها. وإن كان مفهوم المرجعية عند البعض هو إكراه الناس على شعائر الدين وقمع بناء كنائسهم ومعابدهم وإصدار الأحكام على البشر ونعتهم بالكفر والزندقة فلا أهلاً ولا سهلاً بتلك المرجعية . فهؤلاء لا يريدون لنا «ذلك» الإسلام الذى أنزله الله للناس بل «إسلام» يستعبدون هم به الناس فحذار منهم!، ورحمة ببلادنا فلسنا أفغانستان ولا الصومال ولا السودان، فقد تقدمت تركيا بالإسلام، وتقدمت ماليزيا بالإسلام، فلا تخذلونا فنتأخر بإسلامكم.
محام بالنقض ومحكم دولي وكاتب إسلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.