مضى شهر رمضان.. شهر النور والقرآن.. الذى فاضت أنواره على قلوب المسلمين فانطلقت تفعل الخيرات، وتكفى حاجة الفقراء وتجافت الجنوب عن المضاجع يسجدون لله ويتقربون إليه بالطاعات.. كل هذه الفيوضات النورانية مصدرها القلب الذى ظل العلماء يروجون لقرون عدة إلى أنه مجرد مضخة تمد الجسم بالدم فقط.. واجتهد العلماء كثيرا لمعرفة كيفية خلق الإنسان وعمل أجهزته المختلفة.. وكان آخر الاكتشافات فى القرن الحادى والعشرين الصادرة من معهد رياضيات القلب الأمريكى تتعلق بقلب الإنسان حيث اكتشفوا وجود أكثر من 40 ألف خلية عصبية معقدة لاتزال مجهولة للعلماء، وأن القلب يفكر ويعقل ويفهم ويتذكر، وأن له دورًا مهمًا فى العواطف والأحاسيس والإدراك والتعلم.. كما أن له مجالا كهربائيا أقوى من الدماغ بكثير وأنه مسئول عن توجيه عمل الدماغ وأجهزة الجسم كافة.. وذلك بعدما ظل العلماء لسنوات كثيرة يعتقدون أن المخ أو الدماغ هو المسئول عن كل حركة أو انفعال فى الإنسان.. هذا الاكتشاف الحديث أشار إليه القرآن بوضوح كامل فى قول الحق تبارك وتعالى «أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور» (الحج: 46)، ومازال العلماء فى بداية الطريق لمعرفة أسرار القلب التى خفيت عليهم طويلا.. ومازال أمامهم من المعضلات والظواهر التى لم يتوصلوا إلى معرفة حقيقتها وأسبابها وسيكون لنا لقاء آخر مع أسرار القلب الذى استرد عرشه فى تأثيره على حياة الإنسان، وصدق رسول الله حين قال «إن فى الجسد لمضغة إن صلحت صلح الجسد كله ألا وهى القلب»، وكل عام وأنتم بخير.