«الصحفيين»: قواعد جديدة لانتساب العاملين بالخارج وأساتذة الصحافة والإعلام    رئيس هيئة تنشيط السياحة: تحسن العلاقات يقفز بأرقام السياحة التركية إلى مصر    متحدث الحكومة: وحدة حصر شركات الدولة تجري دراساتها بصورة محايدة    نقابة المهندسين بالإسكندرية: نسعى إلى إطلاع الأعضاء على أحدث تطورات مجال البناء والتشييد    «القاهرة الإخبارية»: توتر العلاقات لن يمنع أمريكا من متابعة حادث مروحية الرئيس الإيراني    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    منتخب القليوبية يفوز على القاهرة 1/5 بدور ال 32 لدوري مراكز الشباب    وزير الشباب يكرم عمرو محمد لفوزه بالمركز الثاني عالميا في مجال الطاقة المتجددة    مدينتي تطلق الحدث الرياضي "Fly over Madinaty" لهواة القفز بالمظلات    خطوات التقديم للصف الأول الابتدائي 2024-2025    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    أفلام مهرجان كان استحسان واستهجان.. كوبولا يثير انقسام النقاد في أحدث أعماله    متحف «طه حسين».. تراث عميد الأدب العربي    الخارجية التركية: نتابع بحزن تطورات حادث المروحية في إيران    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    مستشار الرئيس عن متحور كورونا الجديد FLiRT: نتابع الأمر بدقة شديدة    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    بايدن: دعيت إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    الحكومة تحتضن رجال الصناعة    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    جامعة الأقصر تنظم قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    حزب الريادة: مصر كانت لها اليد العليا فى دعم أهالي غزة وإدخال المساعدات لهم    بمناسبة مباراة الزمالك ونهضة البركان.. 3 أبراج «متعصبة» كرويًا (تعرف عليهم)    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    الرعاية الصحية: 5 ملايين مستفيد من التأمين الصحي الشامل بمحافظات المرحلة الأولى    جامعة حلوان تنظم قوافل طبية توعوية بمناطق الإسكان الاجتماعي بمدينة 15 مايو    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    أبرزهم «اللبن الرائب».. 4 مشروبات لتبريد الجسم في ظل ارتفاع درجات الحرارة    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    دار الإفتاء توضح ما يقال من الذكر والدعاء في الحرّ الشديد.. تعرف عليه    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تزوير فى «آثار» قومية


كتب: علي القماش
كتاب الجرد عقب ثورة يوليو أكد أن مقتنيات قصر عابدين 50 ألف قطعة.. ومسئول لجنة الجرد بعد ثورة يناير قال إنها 1641 قطعة فقط نشرت الصحف فى الفترة الأخيرة تصريحات لعدد من المسئولين بلجان حصر المقتنيات الرئاسية أنهم على وشك من الانتهاء من عمليات الجرد، وذكر بعضهم عدد المقتنيات خاصة فى قصرى عابدين والقبة بينما أشار رئيس لجنة الحصر بالإسكندرية إلى أن القطع الموجودة ليست كلها أثرية، ولا تخضع لقانون حماية الآثار.
ومن الواضح أن التصريحات المذكورة لطمأنة الرأى العام حول مقتنيات القصور الرئاسية بينما حقيقة تلك التصريحات تمثل كارثة للفارق الكبير فى تعداد آثار ومقتنيات القصور الرئاسية بين ما صرح به مسئول لجنة الجرد وبين ما تشير إليه المصادر والمستندات من ناحية وخطور فتوى تزعم أن كثيرا من مقتنيات القصور الرئاسية ليست من تعداد الآثار بدعوى أنها صنعت خارج مصر وهو ما يؤدى إلى إفلات من يتم اتهامه من المحاكمة من ناحية أخرى.
نحن نعلق على هذه التصريحات من واقع المراجع الموثقة والمستندات وآراء العلماء المتخصصين الذين شاركوا بدور فى أعمال تتعلق بمقتنيات قصور الرئاسة.
أولاً: بالنسبة لأعداد المقتنيات الموجودة فى قصور الرئاسة ذكر د. محمود عباس رئيس الإدارة المركزية لآثار العصر الحديث والمسئول عن حصر المقتنيات الرئاسية بمجلة روزاليوسف بتاريخ 25 يونيو 2011 أن جميع المقتنيات داخل قصور الرئاسة «ال 18 قصرًا» مسجلة تسجيلاً دقيقًا وأن جميع مقتنيات قصر عابدين كاملة، حيث يضم القصر 20 سجلاً و37 ألبومًا تحتوى على 1641 قطعة بينها 37 ساعة نادرة و133 نجفة فخمة وصالونات وغرف نوم وحجرات مكتب وغيرها.. كما تم الانتهاء من حصر مقتنيات قصر القبة منذ سنوات، حيث به 11 سجلا و14 ألبومًا ضمت 992 قطعة بين صالونات وغرف نوم وأنتيكات.
وفى تقديرنا أن هذه الأعداد التى ذكرها د.محمود عباس المسئول عن حصر مقتنيات القصور الرئاسية مخالفة للحقيقة وفقًا للآتى:
عقب قيام الثورة أمر الرئيس جمال عبد الناصر بتشكيل لجان لحصر ممتلكات الأسرة المالكة وتسجيلها فى كشوف. وكان المشرف العام على لجان جرد القصور القائمقام أركان الحرب المهندس محمود يونس نقيب المهندسين، وكان من أبرز أعضاء لجان الجرد الصاغ أركان حرب محمود محمد الجوهرى والذى قام بإعداد كتاب يحتوى على وصف هذه القصور وما بها من مقتنيات والكتاب بعنوان «قصور وتحف من محمد على إلى فاروق» طباعة دار المعارف بتاريخ 20 فبراير 1954 والكتاب بمكتبة متحف الفن الإسلامى.
ومما جاء بهذا الكتاب والذى فى حقيقته وثيقة وإلا ما احتفظ به المتحف الإسلامى بمكتبته: (ص 16) فى قصر عابدين خمسمائة غرفة وقاعة غير الممرات وفى كل غرفة مائة تحفة على الأقل، وكل تحفة تجذب البصر كأنها مغناطيس.
وتعرض الصفحة التالية لوصف بعض هذه المقتنيات ومنها (ص 19) حجرة البلياردو التاريخية التى كانت مهداة من الملكة أوجينى للخديوِ إسماعيل وتماثيل لأوجينى ومارى أنطوانيت وفازة رائعة وعشرات المناقيد من عهد الخديوِ إسماعيل وقاعة صفت على جانبيها تماثيل أفراد أسرة محمد على وثريات تسبح فى بحر من النور.
وفى (ص 22) وصف للممر الذى يقود إلى جناح الملك وهو مفروش بأفخم أنواع السجاد وفى كل خطوة تحفة رائعة وتمثال بديع ولفظة تحفة تسرى على بعض قطع السجاد والأثاث التى ترجع إلى عهد لويس الخامس عشر والتماثيل والزهريات والصور واللوحات والنجف والشمعدانات القديمة وهى من عهود إسماعيل وتوفيق وعباس حلمى وحسين كامل وفؤاد وبعضها يرجع إلى عهد محمد على.
أما اللوحات الكثيرة المعلقة على جدران هذا الممر والممرات الأخرى فهى آية فى الجمال، فبعضها من الذهب الخالص وبعضها الآخر من الفضة المذهبة ومنها ما هو مصنوع من الصوف والأبنوس وجميعها تعلوها تيجان من الذهب. أما اللوحات فهى لأشهر الرسامين العالميين.. واللافت للنظر أن التماثيل بهذه الطرقات أغلبها لنابليون بونابرت بعضها اشتراه الملك فاروق وبعضها ورثه عن أجداده.
وفى (ص 23) ويعتبر قصر عابدين أغنى القصور العالمية بالنقوش واللوحات الجميلة وبعدد الساعات المتناثرة فى طرقاته وأجنحته وأغلبها محلى بالذهب الخالص.
وفى (ص 28) أما جناح الملكة ففيه .... الملكة فريدة وبساطتها.. ومما تضمه فى دولاب خاص فستان زفاف ناريمان وهو يحتاج إلى ثمانية يحملونه نظرًا لكثرة ما به من الزخرفة والمجوهرات.
أما الجناح البلجيكى وسمى كذلك لأن أول ضيف نزل به ملك بلجيكا وقد أطلق عليه أيضًا جناح ولى العهد وبه حجرة نوم تعتبر بحق أروع حجرة نوم فى العالم بشهادة الأجانب الذين زاروا القصر.
وفى (ص 38) وأهم ما فى الدور الأرضى متحف الفضيات، وبهذا المتحف أطنان من الفضة الخالصة بعضها للاستعمال وبعضها للعرض وبمخازن الفضة الطقم الذى أخذه فاروق من الأميرة شويكار بعد وفاتها وهو يتكون من 600 قطعة من الفضة من بينها أطباق كبيرة منها ما يتسع لعجل كامل، وأغلب الموجود بهذا المتحف من الطراز الروسى ويرجع إلى عهد إسماعيل.. وهناك أرقام خيالية من الأطباق المذهبة والتى بها دوائر من الذهب الخالص والكاسات والأكواب والزهريات وأطقم الملاعق والشوك والسكاكين بمتوسط عدد الطقم منها 200 قطعة، علاوة على الشمعدانات الكبيرة والأباريق الفضية ودوارق كريستال وغيرها.
وفى (ص 45) وبالقصر مجموعة رائعة من أدوات التصوير قدرت بمبلغ 24 ألف جنيه (يلاحظ أن قيمة طقم القطع الفضة يضم 600 قطعة والذى أخذه الملك فاروق من شويكار قدرت بخمسة آلاف جنيه).
وفى (ص 54) وصف للمتحف الحربى الخاص وهو مبنى بحديقة قصر عابدين يتألف من عشرين حجرة فسيحة تضم أسلحة تاريخية وكتبًا خاصة بها، وللمتحف فناءان تنتشر حولهما مجموعة من المدافع الأثرية التى استخدمت فى المعارك الحربية مثل موقعة أبى قير وغيرها ويعد المتحف أغنى المتاحف الحربية فى العالم.
وفى (ص 56) ويضم المتحف الحربى مجموعة رائعة من السيوف المهداة إلى الملك فاروق من ملوك العرب وأمرائهم وكلها مطعم بالذهب والألماس، ومن بينها سيف مطعم بالزمرد والفيروز والأحجار الكريمة أهداه الملك عبد العزيز آل سعود.
إن خلاصة ما يتعلق بوصف قصر عابدين وفقًا لهذا المرجع يضم على الأقل 500 غرفة * 100 مقتنى، أى 50 ألفا (خمسون ألفا) مقتنى بخلاف المقتنيات التى تعج بها الممرات والحدائق وبالطبع أضعاف هذه المقتنيات بالمخازن.. فكيف يقال لنا إن ما يضمه القصر من مقتنيات 1641 قطعة؟!
حقيقة أنه فى عهد الرئيس عبد الناصر تم بيع بعض المقتنيات الخاصة بالأسرة العلوية وبعض الباشوات ومنها مقتنيات قصر عابدين بالمزاد العلنى، ولكن نعتقد أن ما تم بيعه من مقتنيات قصر عابدين مهما عظم لن يزيد على 5%.. وفى كل الأحوال إن الفيصل هو كشوف المزادات وهى موجودة لدى أكثر من جهة ومنها إدارة الأموال المستردة التابعة لوزارة المالية، ويمكن من خلال هذه الكشوف وطرحها من الجرد الأصلى معرفة الفارق، وحتى لو اختفت سجلات الرئاسة فالفارق بين وصف ما جاء بالكتاب الذى عرضنا له وبين كشوف الأموال المستردة متاح.
وهنا تجدر الإشارة إلى وجود خلاف حول مدى أثرية ما بيع فى هذه المزادات، حيث دافع البعض بالقول إنه رغم عدم وجود قانون الآثار إلا أن نظرة المثقفين للمقتنيات الملكية وغيرها لم تكن بها عداء لما هو يستحق الحفاظ عليه لقيمته الأثرية والتاريخية، ولذا فإن ما بيع فى المزادات هو المكرر والأقل قيمة.
وفى تقديرنا أن بعض ما تم بيعه بالمزادات كان يحمل قيمة عالية.. فتحت يدنا على سبيل المثال أوراق المحضر رقم 12206 بتاريخ 11/11/1993 حيث ضبطت شرطة الآثار مقتنيات بمنزل المواطن سراج الدين أمين، ومنها:
سرير الملك أحمد فؤاد وهو سرير صغير الحجم مصنوع من الخشب المطلى بالذهب ومزخرف بزخارف بارزة، كما يزين من الجانبين برمز التاج الملكى وعليه مخدع يحمل نفس الرمز الملكى، وبالسرير نقوش تفيد أنه للملك أحمد فؤاد باشا وهو طفل.
كما ضبط عمود معدنى مصنوع من الخشب المطلى بالذهب وعليه التاج الملكى، وكذلك سجادتان عليهما أشكال هندسية رائعة.. وقد قرر مفتش الآثار المختص بأن جميع المضبوطات أثرية. وقدم المواطن المضبوطة لديه هذه المقتنيات ما يفيد أن والده اشتراها من مزاد تصفيات ممتلكات الملك التى بيعت بالمزاد العلنى عام 1962 بقصر عابدين، أما السجاد فهو من مزاد قصر النحاس باشا عام .1969
وقد التقيت وقت الواقعة بالمواطن صاحب المقتنيات المذكورة وأفاد أن أسرته اشترت بطريقة رسمية من المزادات أيضًا دولاب الملك تشارلز الثامن وحجرة نوم للملكة فوزية وأطقم صينى خاصة بالملك فاروق وأدوات مائدة ملكية وعدد من القطع الفنية الرائعة ومنها نموذج لمسجد محمد على مصنوع من الصدف.
نعود إلى مقتنيات قصر عابدين ونذكر أنه تمت إضافة أعداد أخرى له فى عصر الرئيس السادات ثم فى عصر مبارك.
وتحت أيدينا كشوف رسمية بنقل مقتنيات من متحف ركن حلوان إلى متحف قصر عابدين من خلال لجنة من المتاحف التاريخية برئاسة عاطف غنيم وعضوية نبيلة حبيب وزينب هداية الله وعطيات مصطفى وثناء أحمد وتهانى جمال الدين.
وتضمنت هذه الكشوف 466 مقتنى بخلاف 500 جالية وفقًا لخطابات أخرى أى أن إجمالى ما تم نقله من متحف ركن الملك فاروق بحلوان إلى قصر عابدين بعد انقضاء وانتهاء المزادات 966 قطعة فهل يعقل أن يكون بقصر عابدين قبل نقل هذه المقتنيات 675 قطعة؟! فإذا أضفنا لها ما تم نقله إثر ضبط قضايا ومنها مضبوطات القضية رقم 959 لسنة 2006 والتى نقلت من مخزن آثار إطفيح إلى رئاسة الجمهورية بناء على قرار من فاروق حسنى وزير الثقافة أشار فيه إلى التنسيق مع زكريا عزمى - أمين رئاسة الجمهورية - بنقل محتويات 4 «كونتنر» تضم 131 مقتنى.
وهو ما يعنى بضم مثل هذه المقتنيات أن قصر عابدين كان خالى الوفاض حين تسلمه السادات وهو أمر مستحيل خاصة أن السرقات فى عهد عبد الناصر كانت أقل ألف مرة ومرة كما أن عبد الناصر نفسه لم يكن من هواة القصور وكان يقيم فى بيته. ويروى الزميل الصحفى الناصرى سليمان الحكيم وفقًا لمصادر موثقة أنه تصادف أن كسر أحد أبناء عبد الناصر لفازة - غير أثرية - فى بيته ولكنها ملك الدولة وأصر عبد الناصر على دفع قيمتها من ماله الخاص. وقبل أن نشير لتفسير هذا اللغز فى فارق المقتنيات نذكر كارثة حقيقية عند نقل هذه المجموعات من ركن الملك فاروق بحلوان إلى قصر عابدين إذ نقلت من خلال كشوف - تحت أيدينا صورة منها - بها أعداد لكل صنف من المقتنيات دون أى وصف فنى أو تاريخى.. فتذكر الكشوف على سبيل المثال عدد 201 زهرية زجاج منقوش - 232 زهرية زجاج .... منقوش بيد - 9 زهريات على ...... منقوش بغطاء - 9 زجاجات روائح - 30 قطعة فضة للتخديم على السفرة - صينية مستديرة داخلها 9 صحون.
وهذه كارثة بحق إذ من الممكن استبدال زهريات زجاج مرسوم عليها بريشة فنان عالمى بزهريات حديثة مشتراة من العتبة أو سوق الجمعة دون أدنى مسئولية.
أما عن تفسير لغز الفارق الكبير بين أعداد المقتنيات التى ذكرها المسئول بلجنة جرد قصور الرئاسة (1641 قطعة) وبين التقدير وفقًا لعضو لجنة الجرد عقب الثورة وما أضيف من مقتنيات نقلت من ركن الملك فاروق.
يقول أحمد دسوقى - مدير عام الشئون الفنية بالمتاحف التاريخية سابقًا - إنه كان قد تم اختياره ومعه عاطف غنيم مدير عام المتاحف التاريخية وسراج ثابت الفنى بالمتاحف التاريخية لتنسيق متاحف قصر عابدين الأربعة.. وإنهم دخلوا المخازن واختاروا المقتنيات وإن ما أخذوه للعرض بالمتاحف لا يتعدى 5% فقط مما تحتويه المخازن، وإن مخازن قصر عابدين على مساحة فدانين وتضم مئات الحجرات وتقدر الآثار بها بنحو 50 ألف قطعة بخلاف ما هو بحجرات وممرات وحدائق ومتاحف القصر.
وتفسير هذا الفارق وفقًا لرؤية أحمد دسوقى أن ما اطلع عليه أعضاء لجنة الجرد الحالية هو بعض الحجرات دون غيرها ودون دخول المخازن إطلاقًا وبذلك يكون ما ذكروه من أرقام صحيحًا، ولكن وفقًا لما اطلعوا عليه فقط.
كما أن اللجنة المشكلة من الأثريين أو الفنانين - كما يقول أحمد دسوقى - كانت لتوصيف التحف التى تعرض عليهم فقط فيقولون الرأى الفنى هل هى أصلية أم مقلدة والفنان الذى قام بالرسم عليها وغيرها من المواصفات التى تقتصر على قطع بعينها.. ثم يقولون لهم مع السلامة!
.. وسجلات المقتنيات بقصور الرئاسة لا يعرف بها الأثريون منذ بداية الثورة، ولكن من خلال توصيف ما رواه الصاغ محمود الجوهرى فى كتابه وما شهدناه فى المخازن عند اختيار مقتنيات متاحف قصر عابدين يمكن تقدير احتمالى لمقتنيات قصر عابدين والتى تقدر بعشرات الآلاف وليس بأقل من ألفى قطعة كما ذكر مسئول لجنة الجرد الحالية.
وإذا أخذنا بالقياس النسبى مع قصر القبة وغيره من القصور سواء خلال وصف نفس الكتاب مع طرح ما بيع بالمزادات يمكن تقدير الفارق فى كافة القصور وهو عشرات أضعاف ما أدلى به مسئول لجنة الجرد الحالية.
ويذكر أحمد دسوقى واقعة فقد لمقتنيات من قصر عابدين 500 جاليه والجاليه عبارة عن إناء زجاجى مرسوم عليه بريشة الفنان الفرنسى العالمى جاليه، ولذا فإن قيمة الواحدة منها تقدر بملايين الدولارات وقد تصل إلى ملايين الدولارات.
وعند إرسال تلك الجاليهات إلى قصور الرئاسة تم إرسال برفقتها أمينة عهدة وهى الأستاذة حكمت عبد الشافى من متحف ركن حلوان.. وأنها فوجئت بسحب عدد من الجاليهات كل عدة ايام وعندما كانت تشكو كان أمين الرئاسة يعطيها إفادة على ظهر ورقة نتيجة أو أى ورقة صغيرة.. ومع تزايد المسحوب من الجاليهات عهدتها صرخت وانهارت لأنها تعرف أن مثل تلك الأوراق لا تحمل أى قيمة قانونية.. فتم نقلها من قصر عابدين إلى قصر محمد على حتى إحالتها للمعاش.
وإنه - أحمد دسوقى - طالب رسميًّا من خلال خطابات للمتاحف التاريخية باسترداد الجاليهات والتى استولت عليها رئاسة الجمهورية - والوصف لخطاب رسمى صادر من أمانة المتاحف التاريخية - وتم تشكيل لجنة بالقرار رقم 1080 بتاريخ 4/8/1988 لاستلامها إلا أن رئاسة الجمهورية رفضت.
ويذكر دسوقى أن مدير عام المتاحف التاريخية همس له: هل تظن أن المقتنيات موجودة؟! وعند اختيار أحمد دسوقى للقطع ليعرضها بمتاحف قصر عابدين فوجئ بأن عدد الجاليهات الموجودة 135 جاليه فقط أى اختفاء 365 جاليه يقدر الواحد منها - كما ذكرنا - بملايين الدولارات.
وما فُقد أو سرق من قصر عابدين حدث مثله فى معظم القصور ومنها فانوس ذهبى من إحدى عربات متحف المركبات الملكية فتم تقديره على صاحب العهدة بمبلغ 350 جنيهًا.. واستبدال باب قصر الخديوِ توفيق بحلوان المصنوع خصيصًا بإيطاليا وهو باب أثرى بآخر صفيح.. وسرقة كتب مكتبة الأمير يوسف كمال بالمطرية وغيرها وغيرها من مقتنيات القصور الملكية.
وحتى العملات الأثرية والتذكارية لم تسلم هى الأخرى والأعجب من ذلك ما جاء فى خطاب رسمى بتاريخ 19/1/2011 أى قبل الثورة بنحو أسبوع عن قيام وزارة المالية بصهر طن وسبعة كيلو و490 جرامًا من العملات التذكارية الذهبية!!
أما المتحف الملكى والرئاسى (استراحة الأهرام) فبعد أن كان تحفه فى العهد الملكى، حيث يتماشى المتحف مع نسق المنطقة الأثرية فى البناء والطراز وما به من تماثيل ونقوش ومما كان يحتويه تمثالين كبيرين لتحتمس الثالث من الموزاييك المصقول على قاعدتين من الجرانيت واثنى عشر تمثالاً لتوت عنخ أمون وأعمدة على طراز فرعونى ولوحتين تمثلان منظراً للصيد عند قدماء المصريين ملونة بالوبية والذهب، ومنضدة منحوتة تحمل نموذجين لمعبد الكرنك وقصر أنس الوجود ويصل بينهما طريق الكباش، وكان به غرفة مكتب على الطراز الفرعونى.
وظل المتحف لاستقبال ضيوف الرئاسة فى عهد عبد الناصر والسادات وفى عهد مبارك تم نقل محتويات المتحف إلى ركن حلوان ..
وكما يقول أحمد دسوقى مدير الشئون الفنية بالمتاحف التاريخية السابق: تم تبديد العديد من المقتنيات التى لم تسجل أثراً .. وتحول المتحف إلى مأوى للكلاب الضالة .. أما لوحات الملك فاروق الرائعة والتى كانت باستراحته بالهرم فأمر أيمن عبد المنعم - مساعد فاروق حسنى الذى تم سجنه - بطلاء الاستراحة وخرجت اللوحات ولايعرف أحد أين ذهبت!
وحتى يخوت الملك ومنها يخت الدهبية ستار تم إهماله حتى تعرض للحريق وتم إيداعه فى موقع على النيل يتبع وزارة الرى بالقرب من القناطر الخيرية.
فتوى كارثة تخرج آثار أسرة محمد على من تعداد الآثار
ثانياً : ما جاء فى تصريحات محمد عبد العزيز رئيس لجنة حصر القصور الرئاسية بالإسكندرية بأن بعض القطع الفنية ليست قطعاً أثرية وإنما بعضها على سبيل المثال أوان فخارية تم إهداؤها لأحمد يحيى باشا مثلاً فى قصر الثورة، وبالتالى فليست هذه المقتنيات أثاراً وفقاً لقانون حماية الآثار مما أنتج على أرض مصر وإنما أصلها من الخارج، حيث كان الباشوات والأمراء يزينون قصورهم ببعض التحف المستوردة، وبالتالى ورغم مرور مائة عام على هذه المقتنيات إلا أنها قد لا نعتبرها آثاراً!
هذه التصريحات تمثل كارثة حقيقية أخرى إذ إنها تفتح الباب للإفلات من العقوبة حتى لو ضبطت آثارا مسروقة أو تم اتهام أحد بالسرقة!
وللأسف سبق أن أصدر المجلس الأعلى للآثار نشرة بتاريخ 24/7/2005 تبعث بها لإدارة المنافذ الأثرية بالمطارات والموانىء وغيرها وكذلك شرطة السياحة والآثار تتضمن ذات المعنى.
وبالفعل تم تطبيقها على بعض الحالات منها مخطوطات أثرية ترجع للقرن التاسع هجرياً أكدت لجنة متخصصة أثريتها ورحبت مكتبة الإسكندرية بضمها إليها إلا أن الفتوى المذكورة انتهت إلى إفلات صاحبها السورى وخروجه بها دون أى مساءلة!
والكارثة الحقيقية فى هذه الفتوى أنها يمكن أن تخرج معظم آثار المتحف الإسلامى وأسرة محمد على من تعداد الآثار بحجة أنها لم تصنع على أرض مصر وأن آثار أسرة محمد على خاصة عصر الخديو إسماعيل قطع فنية وليست قطعا أثرية، وهى القطع التى تمثل عصر النهضة الصناعية والفنية فى أوروبا وأنها لا تمثل مظهراً من مظاهر الحضارات التى قامت على أرض مصر ومن ثم فإن قانون حماية الآثار لا ينطبق عليها.
ئوالتعليق على هذه الفتوى العجيبة وتفنيدها بالآتى:
- إن القطع التى لها قيمة فنية وتاريخية يطبق عليها القرار الجمهورى رقم 114 لسنة 1973 والفتوى المذكورة لا تلغى القرار الجمهورى.
- إن التفسير المنطقى لنص المادة الأولى من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته ينص على ما لم يمر عليه مائة عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التى قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة بها.
- إن نهضة أوروبا الفنية منذ 150 سنه كانت تواكب عصر أسرة محمد على، وكانت مصر جزءاً من الدولة العثمانية .. وكانت أوروبا تصنع قطعا فنية خصيصاً لأسرة محمد على خاصة فى عصر الخديو إسماعيل.
- كما أن كثيرا من القطع الفنية المذكورة تمثل مظهراً للحضارة الإسلامية التى قامت على أرض مصر، حيث صنفت بمواصفات وطراز إسلامى سواء فى مادته الخام أو زخرفته .. وحصر تصوير الفتوى على ما صنع داخل مصر رؤية ضعيفة ومحدودة، وكان يجب على من أصدر مثل هذه الفتوى أو نادى بتطبيقها الرجوع إلى علماء التاريخ والآثار لبيان معرفة طبيعة وتكوين العالم الإسلامى منذ بداية دولة بنى أمية حتى عصر الدولة العثمانية وإلا خرجت من مصر معظم مقتنيات المتحف الإسلامى ودار الوثائق لطبيعة الدولة فى تلك العصور .. وبالتالى يمكن أن يقال مخطوط بستان سعدى النادر ليس أثراً فهو إيرانى!
وهكذا فى معظم المقتنيات الإسلامية لتنضم إليها مقتنيات عصر محمد على.
- إن قصر الاهتمام بالآثار على مصنع فى مصر (أى المحلية) يتيح للدول الأجنبية أنئتتنصلئمن الحفاظ على آثارنا المصرية ودعم ردها إلينا إذا ما طبقت نفس المبدأ لأن الآثار فى هذه الحالة بالنسبة لهم آثاراً أجنبية!
- إن آلاف القطع الأثرية خاصة الفخارية - والتى يطلق عليها الفخار المستورد - صنعت خارج مصر (فى فينيقيا وفلسطين وكريت واليونان وغيرها) وانتقلت عبر التجارة أو عُثر عليها فى مصر.
- إن أحد المعايير التى تنص عليها اتفاقية اليونسكو للتراث لتسجيل موقع أو قطع أثرية أن تكون ذات مواصفات فنية متميزة، وأن ترتبط بأحداث تاريخية معينة، ومعظم هذه القطع ترتبط بتاريخ أسرة حاكمة عاشت بمصر وعاصرت مناسبات وأحداثا تاريخية بعينها.
- إن هذه التحف والمقتنيات وإن لم تكن صنعت فى مصر إلا أنها صنعت خصيصاً من أجل مصر وحكامها، أما المفارقة الأكثر عجباً فإن وزارة الآثار تضم إدارة تسمى آثار العصر الحديث، وهى مسئولة عن القصور والمبانى والمقتنيات التى ترجع للعصر الحديث وهو ما يفرض السؤال: ما جدوى هذه الإدارة؟! فتوى كارثة تخرج آثار أسرة محمد على من تعداد الآثار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.