كان لافتًا أن يتشكل داخل وزارة الداخلية ما يسمي بائتلاف ضباط الشرطة، الذي حظي باهتمام إعلامي وجماهيري منذ إعلان تأسيسه في فبراير الماضي في أعقاب ثورة يناير، خصوصا أن خطابه الإعلامي تبني عملية التطهير الذاتي لوزارة الداخلية، والتخلص من القيادات الفاسدة فيها، وإنهاء الإرث الملوث لسلوكيات بعض ضباطها. هيئة الشرطة التي لم تعهد عبر تاريخها الإعلان عن حالات تمرد أو نقد ذاتي من ضباطها، ارتبكت في بادئ الأمر في التعامل مع هذا الائتلاف حتي تم احتواؤه والإعلان عن تجميد نشاطه في 25 مايو الماضي.. إلا أن المفاجأة جاءت علي لسان الرائد «أحمد رجب»- المتحدث الإعلامي للائتلاف- الذي نفي تجميد أو حل الائتلاف وأنه مستمر في التواصل مع الداخلية بل مع الوزير شخصيًا «منصور العيسوي»! قيمة الائتلاف الحقيقية في نجاحه بضم عدد كبير من الضباط والمتعاطفين والمؤمنين بأفكاره، وكان هذا دافعًا لاستطلاع رأيه في حالة الفلتان الأمني، والأحداث المتلاحقة في البلد ودائمًا تكون الشرطة طرفًا فيها! «رجب» كشف أن هناك 5 ضباط من الائتلاف علي تواصل دائم بالوزارة لمناقشة الاقتراحات والشكاوي، وأن الصفحة الخاصة بالائتلاف علي الفيس بوك تضم قرابة 70 ألف شخص ما بين ضباط ومحامين وإعلاميين، وهناك ما يزيد علي 3 آلاف ضابط أعضاء في الائتلاف ومستمرون في أعمالهم. وحسب كلام المتحدث الرسمي أنهم يرفضون إقالة اللواء «منصور العيسوي»- وزير الداخلية- الذي طلب منهم مهلة 3 شهور ثم محاسبته، واعدًا بالقضاء علي الانفلات الأمني في أقرب وقت. وعن الوقائع الأخيرة طالب «رجب» بضرورة منح الشرطة قليلاً من الوقت، ونزع الكراهية من المواطن ضد الشرطة، وتغيير مفهوم خدمة النظام علي حساب المواطن، ويكفي تزوير إرادة الشعب خلال الفترة السابقة. من جانبه أوضح المقدم «محمد نبيل»- عضو ائتلاف ضباط الشرطة- أنه منذ تأسيس الائتلاف في 13 فبراير الماضي وتنظيم مسيرة الكرامة لميدان التحرير مشيرا إلي أن الدعوة لعقد اجتماع بنادي الشرطة بدأت بخمسين ضابطًا ثم 1500 وهدفهم الأساسي عودة الأمن إلي الشارع المصري وعودة الثقة بين المواطن والشرطة، وفي الوقت الذي اختفت فيه القيادات وغابت الوزارة عن أداء دورها تواجد الائتلاف وحاول أداء دوره تجاه الوطن. أضاف قائلاً: طالبنا بإصلاح الداخلية ووجود ناد قوي علي غرار نادي القضاة، إلا أن الائتلاف وجد تصديًا قويًا من بعض قيادات الداخلية بشكل غريب، وقامت حملات ضد الائتلاف بحجة أننا غير منتخبين، وأمام كل هذه المواجهات قررنا أو اضطررنا إلي التجميد من أجل منح الوزارة الفرصة للعمل ولأداء دورها والفيصل بين التجميد والعودة للعمل هو الحركة التي ننتظرها جميعًا في أغسطس القادم، وينتظر الائتلاف تطهير الداخلية من القيادات التي تعوق العمل الأمني بأشكال مختلفة. «نبيل» كشف أن تجميد الائتلاف كان مؤلمًا للجميع، وشعر الضباط الذين فوضونا بالتحدث باسمهم خاصة من المحافظات بأنهم تعرضوا للخيانة من جانبنا، إلا أن قرار التجميد هو أقل الخسائر التي واجهناها أمام قيادات قوية بالداخلية. وأكمل: أما الحديث عن إقالة وزير الداخلية فأمر غير واضح، لأنه يعمل في ظروف صعبة ولا نعرف من وراء الهجوم علي الوزير من قيادات الوزارة، ومن وراء هذه التصرفات غير المسئولة، ويقول: وزير الداخلية أمامه فرصة تاريخية لإصدار قرارات مهمة لصالح الداخلية والضباط،وقبل ذلك لصالح الوطن، وأن الانفلات الأمني في مصر بحاجة إلي إعادة نظر علي غرار ما حدث أعقاب هزيمة 1967 بالجيش ولدينا قيادات بالداخلية يجب توقيفهم ومحاسبتهم خاصة الذين كونوا ثروات بما لا يتناسب مع رواتبهم. وعن أحداث قسم الأزبكية أضاف قائلاً: ما جري خير دليل علي فقدان الثقة في الشرطة، وأي إنسان لن يقبل أن يعامل بشكل سيئ من الشرطة، ولا يمكن أن يقوم ضابط بضرب مواطن بعد الثورة ومن الضروري مراجعة ظروف عمل الضباط ولماذا يقوم بتعذيب المتهم والحل لهذه الأزمة هو إقصاء قيادات الداخلية التي تورطت في أعمال مخالفة من أجل تطهير الجهاز وتعديل قانون الشرطة وهو أحد أهم مطالب ائتلاف ضباط الشرطة الذي طالبنا به في اللقاء مع وزير الداخلية. في حين استمر المقدم «أحمد مشالي» - عضو الائتلاف - في تحميل مسئولية ما يحدث من انفلات أمني لبعض قيادات الشرطة التي خالفت أعمالها بل أنهم يهاجمون الائتلاف وينكلون بضباطه ويصرون علي عودة العمل بنظام 15 و16 ساعة بالمخالفة لمطالب الائتلاف وأن هذه القيادات يجب أن تترك مناصبها. وأضاف: وزير الداخلية يعمل في ظروف صعبة جداً في ظل استمرار هذه القيادات ولابد من تطهير الوزارة لعودة الأمن بالشارع المصري علي أن يكون ذلك بإقالة مديري الأمن ومديري المباحث علي مستوي الجمهورية وهم يمثلون 200 ضابط تقريباً وهذا يعيد الثقة إلي المواطن تجاه جهاز الشرطة.. وغالبية الضباط ضد إقالة وزير الداخلية لأنه يعمل في ظروف غاية في الصعوبة سواء داخل الوزارة أو خارجها وهو إنسان شريف ومخلص لبلده ولا يتوقف عن العمل، وأي مطالب لصالح عودة الثقة بين المواطن والشرطة يوافق عليها فورا منها مثلا الموافقة علي إنشاء إدارة لمكافحة البلطجة بأقسام الشرطة لمواجهة أحداث قسم الأزبكية وميدان التحرير لأن البلطجية فهموا سوء العلاقة بين المواطن والشرطة ولعبوا عليها لتحقيق مصالحهم في أعمال النهب والسرقة. «مشالي» أوضح أن مطالبهم لم يتحقق منها إلا البسيط جدا وأن إدارة الإعلام بالداخلية تعمل علي نهج الحرس القديم وقبل نهاية لقاء الوزير أعلنوا عن تجميد وحل الائتلاف وهو ما لم يحدث والائتلاف مستمر في أداء دوره تجاه الضباط وتجاه الوطن في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. وفي نفس السياق وعلي موقع «الفيس بوك» أعلنت حركة مجموعة تطوير الفكر الأمني ومن خلال منسقها العام المقدم «أبوسريع أحمد» فإن الحركة لا علاقة لها بالائتلاف وأنها لم يتم تجميدها وتضم المجموعة أكثر من 400 ضابط حاصلين علي درجات علمية ما بين الدكتوراه والماجستير في الفكر الأمني وتدعو إلي تطوير الفكر الأمني لمواجهة الانفلات الأمني وتقديم المقترحات والتوصيات إلي الوزارة لدعمها في الفترة الراهنة وآليات تطوير الفكر الأمني، وأن هذه المجموعة تسعي لتعويض الفترة الماضية وما تعرضوا له من تهميش مقصود من وزارة العادلي ورجاله، وأن كل ثورة تحدث لها عواقب مع ضرورة عودة الشرطة لأداء دورها الهام في عودة الأمن والأمان داخل الوطن.