كتب - د.م : سامر مخيمر رئيس قسم المفاعلات النووية والمفاعل الذري البحثي الأول رسالة إلي المجلس العسكري «الفساد النووي» بعد ثورة 52 يناير 1102، بدأت تظهر علي السطح تفاصيل مذهلة عن حجم الفساد ومنظومة النهب المنظم لتجريف ثروات ومقدرات الشعب المصري طوال ثلاثة عقود متواصلة من التعتيم والتكتيم، وقطاع الكهرباء والطاقة الذرية ليس باستثناء بل ربما يكون ما حدث فيه من أعمال نهب وفساد وتفشي قيادات السمع والطاعة ذوي القدرات المتدنية علميًا وفنيًا وإداريًا، والمتكالبين علي نهب المال العام بشراسة وتوحش بالطبع بلا رادع من وزير ، فهومن قام باختيارهم ودعمهم وهم بهذه الصفات والمؤهلات. جميع قيادات قطاع الكهرباء والطاقة النووية كما هي راسخة متربعة ناهبة كما كانت قبل 25 يناير ,2011 إلا النذر اليسير من قيادات الكهرباء مارس معهم «يونس» لعبة الكراسي الموسيقية لذر الرماد في العيون وإيهام العامة بإجرائه لتغييرات جذرية، فنقلهم من مكان إلي آخر، ولم يحل أي منهم للنيابة وكلهم ملفاتهم متخمة بعمليات نهب واستيلاء وتسهيل الاستيلاء علي المال العام، وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات متخمة بالمستندات والوقائع عن إهدار 12 مليار جنيه فقط خلال فترة وزارة يونس!! الوزير يعلم منذ سنوات بجميع أعمال النهب والسلب التي يقوم بها مرءوسيه لكنه يمارس الصمت المريب والعناد، وهو - بهذا الصمت - يسهل لهم الاستيلاء علي المال العام والتمادي في النهب بلا رادع، وعلي صفحات الجرائد يوميًا يتجمل ويتلون دون أن يعدل أو يغير من دعمه الفعلي واللامحدود للفساد ورموزه المتربعة منذ سنوات، بل يمارس نفس التضليل الإعلامي، لتجميل صورته وخداع الشعب بإنجازات وهمية، ومهاجمة من يعارضه. آخر تلك الحملات الإعلامية الشعواء شنت علي د.«محمد إبراهيم»- رئيس جهاز الأمان النووي والرقابة الإشعاعية- عندما أصر علي الالتزام بالاشتراطات القانونية والقواعد الدولية لتشغيل مفاعلات الأبحاث النووية، وتمسك بموقفه للنهاية علي الرغم من الهجوم الشرس وغير الأخلاقي من جوقة االوزير لإرغامه علي الانصياع لرغبات الرابض علي قطاع الكهرباء والطاقة النووية لعقد كامل من الزمان. والذي يطمع في التجديد والتمديد له في الوزارة لسنوات عشر جديدة بذريعة البرنامج النووي والذي يستغرق إنجاز أولي محطاته النووية قرابة العشر سنوات!! إلا أن تشبث رئيس الأمان النووي بالقواعد والاشتراطات لتشغيل المفاعل قد تطيح بأحلامه!! فكيف يمكن منحه الثقة من المجلس العسكري في تولي مسئولية البرنامج النووي وأقل محطة فيه بقدرة 1000 ميجاوات، بينما فشل سيادته طوال سنواته العشر كوزير في مجرد تشغيل مفاعل أبحاث بقدرة 22 ميجاوات، وتحقيق الهدف والعائد من ورائه بإنتاج النظائر المشعة. كان هذا هو السبب وراء الإصرار المستميت وراء تشغيل هذا المفاعل الآن بأي ثمن!! وقام باستصدار قرار سابق التجهيز من مجلس موظفين معين بأكمله باختياره وتعليماته «مجلس إدارة هيئة الطاقة الذرية»، ضاربًا عرض الحائط بأمن وأمان الشعب المصري ومتجاهلاً جميع القوانين والقواعد والاشتراطات الدولية، وحدد موعدًا لبدء التشغيل- علي الرغم من الأمان النووي- في صباح الثلاثاء 31 مايو .2011 إلا أنه في صباح الثلاثاء- الموعد المحدد للتشغيل- تغيرت النغمة تمامًا، وتحول كورال الصحفيين المأجورين إلي ترديد تصريحات مناقضة تمامًا لما سبق ترديده!! وأن التشغيل سيؤجل شهرين لمراجعة الاشتراطات ومعايرة أجهزة القياسات!! السبب الخفي وراء ذلك التراجع غير المفهوم، بعد الضجة الإعلامية التي أثاروها والإصرار والعناد علي الضرب بعرض الحائط بكل قواعد واشتراطات الأمان يتلخص في كلمة واحدة أنهم قاموا بتشغيل المفاعل الأول 2 ميجا يوم الأربعاء الماضي وتعرض لحادثة ثانية؟! متجاهلين تمامًا جميع تحذيرات الأمان النووي الذي منع التشغيل لهذا المفاعل منذ أن تعرض لحادثة كارثية في 14/4/2010 وذلك بخطاب رسمي بتحذير بعدم تشغيل جميع الدوائر إلا بعد التأكد من سلامتها بعد انفجار إحدي الطلمبات في الحادثة. وهذا هو السر في تراجعهم الذي أحدث الارتباك في صفوفهم، فالتشغيل تم يوم الأربعاء 25 مايو 2011 بتعليمات من د. نجيب عشوب رئيس شعبة المفاعلات النووية والمسئول عن قسم المفاعلات والمفاعل النووي البحثي الأول بعد محاولات التغطية علي الحادثة الأولي.. حيث جاءت توجيهات التشغيل من الوزير يونس وتعليمات مباشرة من الصيدلي/ القللي رئيس الهيئة. وتولي اثنان من الأساتذة التي تدور حولهم شبهات الاستيلاء علي مستندات المفاعل والتلاعب في المواد الاستراتيجية «د. محمد أحمد سلطان- د. محمد سيد خطاب» وقاموا بالتشغيل لكامل اليوم دون اعتبار لتحذيرات الأمان النووي وغادروا المفاعل في نهاية اليوم إلا أنه قد حدث تسريب، وبدأت مياه قلب المفاعل في التسرب وهو الذي فوجئوا به عند حضورهم في اليوم التالي- الخميس 26/5/2011 - بصالة المفاعل مغمورة بكميات هائلة من المياه المشعة، ولم يتبق إلا نزر يسير من المياه في قلب المفاعل!!، ولو كان قد حدث التشغيل يوم الخميس الذي يعقبه إجازة يومين لوجدوا المفاعل مكشوف الوقود بالكامل، ولتعرضت منطقة أنشاص وأبوزعبل إلي كارثة بيئية لا يعلم إلا الله مداها. وتم إخفاء الواقعة والتستر عليها وإعطاء معظم الحاضرين لها إجازات قسرية، وتم تهديد العاملين بالفصل والتشريد لمن يتكلم عما حدث، إلا أن جهاز الأمان النووي قد علم بالواقعة يوم الثلاثاء 31/5،ئ؟ وأرسل مفتشين لتفتيش مفاجئ وإجراء معاينة وإجراء قياسات وتحاليل وتقديم تقرير عن الواقعة في صباح يوم الأربعاء 1/6،ئ؟ إلا أن الدكتور نجيب عشوب تصدي لهم وتهجم عليهم ومنعهم من دخول المفاعل بالمخالفة للقانون خشية افتضاح أمره وكشف المستور، إلا أنهم مهما قاموا بالتمويه فإن السجلات تثبت تشغيل الطلمبات يوم 25 مايو، ومجموعة المياه مثبوت في سجلاتها أنها قد قامت يوم الخميس 26 مايو بضخ عشرة أمتار مكعبة من المياه إلي قلب المفاعل بديلاً عن المياه التي تسربت عوضًا عن وجود المياه المشعة في صالة المفاعل، والتي تحتاج للتعامل معها وإزالتها وإزالة التلوث من الصالة التي تدخل أجهزة المعمل الحار لشفطها والتخلص منها بشكل آمن، كل هذا لا يمكن أن يتم في سرية وتكتم. والغريب في الموضوع أن هذا العشوب ببجاحة منقطعة النظير تصدي في مداخلة تليفونية في يوم الاثنين 30 مايو في برنامج عن «إشكاليات» تشغيل المفاعل الثاني الآن في ضوء تحذيرات رئيس الأمان «في قناة الجزيرة مباشر مصر» وببجاحة منقطعة النظير أعلن العشوب أن تشغيل المفاعل الثاني آمن ومطابق للشروط، وأن اشتراطات الأمان التي تطرحها غير ملزمة والمعايرة غير مطلوبة، وعندما طلب منه بوضوح وصراحة أن يوقع علي مسئوليته عن هذا التشغيل إذا كان مقتنعا أنه لا توجد مشاكل أو تجاوزات فتردد وتهرب ثم رفض وادعي أن هناك لجنة واللجنة تصدر قرارها مجمعة. الغريب أنه كان يقول هذا الكلام بعد مرور أقل من خمسة أيام علي إنجازه المبهر بتشغيل المفاعل الأول 2 ميجا وات وتعريض أنشاص إلي كارثة حقيقية ولم يمنعه أي ضمير أو أمانة أو إحساس بالمسئولية أن يتشدق بكل تلك الأكاذيب لخدمة رؤسائه الفاسدين لتبرير وتمرير قراراتهم المدمرة للمفاعلات النووية ولأمان الشعب المصري ، مطالبا بصوت عال بتشغيل المفاعل الثاني وقدرته 22 ميجا وات حتي يلحق بسابقه وحتي يأتينا بكارثة جديدة مضاعفة عشرات المرات. ومن الأمور المذهلة أن الحوادث في المفاعلات أصبحت عادة سنوية يبدو أنها تقترن دائما بمناسبات شخصية، ففي المرة الأولي عندما حدثت الحادثة الأولي في 14/4/2010 كان موعد التجديد السنوي لرئيس الهيئة للعام الثاني بعد المعاش للدكتور الصيدلي / محمد القللي قد اقترب موعده بعد شهرين والمذهل أن حسن يونس أحد رموز نظام مبارك وعراب التوريث بالبرنامج النووي قد كافأ القللي علي إنجازه غير المسبوق وجدد له لعام ثان تطبيقا لمقولة يعتنقها حسن يونس وهي أن الإدارة ليست بالنتائج والأهداف بل الإدارة بالكوارث؟