تعليم القاهرة: عدم حرمان أى طالب من دخول امتحان نهاية العام    محافظ الغربية يهنئ البابا تواضروس بعيد القيامة    توريد 108 آلاف طن قمح بكفر الشيخ    محافظ قنا يتفقد عددا من مشروعات الأمن الغذائي بمنطقة المعنا    منسق حملة خليها تعفن: أسعار الأسماك تراجعت 40% بسبب المقاطعة خلال 10 أيام    مدير المشروعات ب "ابدأ" يكشف عن دور المبادرة في دعم الصناعة والمستثمر    "التحالف الوطنى": 8 قوافل ضخمة تضم مساعدات غذائية وطبية وإغاثية لأهالي غزة    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين بمعهد الدراسات السياسية في باريس    الاتحاد الأوروبي والناتو يدينان الهجمات السيبرانية على ألمانيا والتشيك    حسام أشرف يقود هجوم البلدية أمام الاتحاد    أنشيلوتي يجهز مفاجأة لجماهير ريال مدريد أمام قادش    رسميا.. صن داونز يجدد تعاقد رونوين ويليامز    خالد الغندور: كنتُ أشجع الأهلي وغيرت انتمائي لهذا السبب    مانشستر يونايتد يضع عينه على موهبة برشلونة    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 24 طن دقيق    طعنه بمطواة.. المشدد 10 سنوات لمتهم شرع في قتل جاره بسبب "الجمعية"    "تعليم بورسعيد": امتحانات الإعدادية «بابل شيت».. وباركود لتأمين الأوراق    الليلة.. حفل الفنان تامر حسني بالعين السخنة    جلال برجس: معرض أبوظبي للكتاب وسيلة حضارية لزيادة الوعي والمعرفة    انتظروا الشخصية دي قريبًا.. محمد لطفي يشارك صورة من كواليس أحد أعماله    فريدة سيف النصر تغالب دموعها على الهواء بسبب أغنية ل«وردة» (فيديو)    عمرو يوسف يكشف كواليس جديدة من «شقو» مع محمد ممدوح    13 عرضا مسرحيا مجانيا ل«قصور الثقافة» بالقاهرة والجيزة والفيوم بدءا من اليوم    المفتي يكشف حكم الشرع بشأن تولي المرأة المناصب القيادية (فيديو)    الملف الغذائي لبعد الخمسين    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    قوات أمريكية وروسية في قاعدة عسكرية بالنيجر .. ماذا يحدث ؟    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواديت.. لم يكتمل انتصار مصر على الهكسوس إلا بهزيمتهم داخليًا أحمس والطابور الخامس داخل البلاد
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 28 - 05 - 2023

لا تتعجب عزيزى القارئ من طرح مصطلح حديث لوقائع مضى عليها أربعة آلاف من الأعوام وبالتحديد أثناء حروب التحرير التى خاضها أحمس وأبوه سقنن رع وأخوه كاموس لطرد الهكسوس من مصر.. فمن لم يكن التاريخ له واعظًا فلا واعظ له، وتاريخنا يزخر بالكثير من الأحداث التى يمنحنا التحليل المنطقى لها القواعد المناسبة للتعامل مع تلك الظروف فى المستقبل وتفادى آثارها السلبية قدر المستطاع.
رغم عبء إجلاء الهكسوس عن مصر عسكريا إلا أن الخطر الأكبر الذى واجه أحمس كان الطابور الخامس المكون من أهالى الهكسوس والذين ظلوا فى مصر وانتهزوا فرصة غياب أحمس وتعقبه لجيش الهكسوس فى آسيا فثاروا وأشاعوا الفوضى والسلب والنهب فى مصر وتحالفوا مع الزنوج السود فى الجنوب لإسقاط مصر وهزيمتها وكان من الممكن أن ينتصروا، وبالتالى يتغير تاريخ مصر حرفيًا بسبب ذلك.
ماهو الطابور الخامس
ظهر هذا المصطلح للمرة الأولى خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936 حتى 1939) عندما كان فرانشيسكو فرانكو يهاجم قوات الجمهورية المحاصرة داخل العاصمة مدريد بأربعة طوابير عسكرية فتشكل طابور خامس سرى داخل المدينة مؤلف من أنصار فرانكو مهمته بث روح الهزيمة وإضعاف الثقة فى نفوس أنصار الجمهورية، وذلك عن طريق نشر الشائعات المختلفة فضلاً عن القيام بأعمال تخريبية وبالتالى فهو تعبير سياسى يرمز إلى الخونة والمخربين داخل المجتمع لصالح عدو خارجى فى حالة حرب أو عداء مع الوطن والقيادة السياسية فيه.
وفى عصرنا الحالى رأينا أشكالاً متعددة من الطابور الخامس وكان فى مقدمتها الإعلام وما قامت به فضائيات مدعومة من أجهزة مخابرات بدور كبير فى هدم دول واحتلالها مثل قناة الجزيرة وما فعلته أثناء حرب الخليج الثانية ومساعدتها الولايات المتحدة فى احتلال العراق.
ومن الأشكال الأخرى للطابور الخامس اللاجئون وما يفعلونه فى الدول التى لجأوا إليها وبدلاً من رد الجميل لها نجدهم يسعون إلى نشر روح الإحباط بين أبنائها والعمل على توطين بنى جلدتهم والتسبب فى ارتفاع نسب البطالة بين أبناء الوطن الجديد وما خفى كان أعظم!
صفات التفرد
للأبطال المتفردين فى التاريخ صفات خاصة لا تتوافر فى غيرهم مهما علا شأن الآخرين، وكان من هؤلاء المتفردين الملك أحمس الأول (1580–1558ق.م) فهو شجاع وطنى غيور على بلده تهذّب أخلاقيًا على يد سيدتين الأولى جدته لأبيه «تتى شيرى» والثانية أمه «إياح حُتب»، وبالتالى أظهر الكثير من الاحترام والتبجيل للمرأة فكانت زوجته أحمس نفرتارى هى أول امرأة فى التاريخ تقود فرقة عسكرية وتنتصر فى الحروب بجانب زوجها.
وقد كان المؤرخ المصرى القديم «مانيتون» مُحقًّا عندما جعل «أحمس الأول» فاتحة ملوك الأسرة الثامنة عشرة، على الرغم من أنه سليل الأسرة السابعة عشر التى كانت تسيطر على جزء كبير من البلاد، ولكن بحكم هذا الفرعون طُوِيت صفحة سيئة من تاريخ مصر اتسمت بالذل والاستعباد للشعب لمدة قرن ونصف القرن من الزمان.
وقد بدأ أحمس حياته بمتابعة حروب تحرير مصر من حكم الهكسوس والتى بدأها أبوه وأخوه ولم تمضِ أربع أو خمس سنوات على بداية هذا النضال العنيف حتى أفلح «أحمس» فى طرد الهكسوس من البلاد جملةً، بل سار بجيشه حتى بلاد «زاهى» (فينقيا)، حيث يُحدِّثنا «أحمس» عما أحرزه من انتصار، وبعد أن تمَّ له الفوز فى آسيا جاءته الأنباء بشأن اندلاع ثورات عنيفة فى مصر من بقايا الهكسوس وتجرؤ الزنوج فى الجنوب على حدود مصر ومهاجمتهم لها، فعاد أحمس إلى مصر وقد نقش على جدران قلعة «سمنة» ما فعله من تأديب السود حيث (أعمل السيف فيهم فى مذبحةٍ عظيمة).
والتفت أحمس إلى ثورات هكسوس الداخل وكانتا ثورتين متتابعتين قام بهما «أتا»، ثم «تتاعان» وكان يجرى فى عروقهما الدم الهكسوسى فقام بهزيمة كلٍّ منهما فى ثورته هزيمة منكرة واستأصل جذورهم من مصر.
مكانته بقلوب المصريين
فى السنة الثانية والعشرين من حكمه، أقام «أحمس» لوحة عظيمة بمعبد «الكرنك» تكشف لنا عن نواحٍ عدة من نشاطه، وألقابه والتى منها (ابن آمون رع من جسده ومحبوبه ووارثه، ومَن أعطى له عرشه، الإله الطيب حقيقة، قوى الساعد والذى لا يشوبه مين، وإنه أمير يشبه الإله «رع» وتوأم ولدى «جب» (إله الأرض) ووارثه الذى يتمتع بالسرور)، وقد حفر أحمس اسمه بحروف من نور داخل قلوب المصريين على مدار الزمن ووضعه شعبه فى مصاف الإله، حيث كانوا يرهبونه ويحترمونه ويحبونه وكان جديرًا بكل مراسيم الاحترام، وآيات الحب والإعظام؛ لأنه هو الذى خلَّصَ البلاد من ذُل العبودية الأجنبية.
إصلاحات أحمس
ليس من السهل استتباب الأمن داخل البلاد وخارجها بعد الأحداث العظيمة التى شهدتها خلال السنوات الأولى من حكم أحمس، ولكنه استطاع تحقيق ذلك، بل هيأ لمن جاء بعده من الفراعين الشجعان إقامة إمبراطورية مترامية الأطراف تمتد من الشلال الرابع جنوبًا فى السودان إلى أعالى نهر دجلة والفرات شمال شرقى مصر، وأصبحت فى عهد تحتمس الثالث أول إمبراطورية فى عالم التاريخ القديم وكانت المثل الذى احتذت به الإمبراطوريات الغربية العظيمة قديمها وحديثها فى تأسيس ملكها ومد سلطانها.
ووجه «أحمس» اهتمامه وعنايته نحو إصلاح ما أفسده الدهر من آثار إلهه العظيم «آمون»، الذى هيَّأَ له النصر على الأعداء، هذا فضلًا عن أنه كان إله الدولة، وحامى حماها، فأمر بصنع أوانٍ جديدة لمعبده «بالكرنك»، معظمها من خالص النضار والفضة، والأحجار الغالية على يد مَهَرَة الصنَّاع، ومن أوصاف تلك الأوانى وحدها يمكننا أن نعرف ما وصل إليه الفن المصرى من الدقة والإتقان، وحسن الذوق فى زمنه، ولا بد من أن الذهب كان يوجد بكثرة فى مصر حينئذ، وبخاصة بعد أن أخضع بلاد النوبة التى كانت أكبر مصدر لهذا المعدن الكريم، وكذلك نجد أن هذا الفرعون قد صنع سفينة الإله «آمون» التى كانت تجرى فى النيل بين «الكرنك» و«الأقصر»، تحمل تمثالَ الإله فى عيد رأس السنة من خشب الأرز الجديد. وفى وصف هذا الخشب بالجديد فوز جديد ل «أحمس» الأول، إذ إنه قد أحضره من الجبال الواقعة على شاطئ «لبنان»، ممَّا يبرهن على أن هذه الجهات قد أصبحت فى قبضة يده، كما يدل على ذلك النص المصرى.
مبانيه
ومما يؤخذ على أعمال أحمس أنه اهتم بإنشاء الكماليات مثل صنع الأوانى والحلى الخاصة بمعبد «آمون»؛ ورغم اتجاهه وعنايته لإعادة بناء المعابد المهمة فى عاصمة الملك، ولكن ظلت عاصمة البلاد وأهم مركز دينى بدون إصلاح ما خرب منها، وكان ذلك أكبر دليل على ما كانت تحتاج إليه البلاد من تنمية الثروة الضرورية لنهوض البلاد من كبوتها المادية الطويلة الأمد.
على أن المبانى التى أُقِيمت فى هذا العهد فى «طيبة» و«منف» قد ابتلعتها التغيُّرات التى حدثت فى مبانيهما فى الأزمان التى تلت، والتخريب الذى لحق بهما على يد الأجانب، ولكن لحسن الحظ قد حفظت لنا الوثائق التى تحدَّثنا عنها فى محاجر «طرة» أن «نفربرت» حامل خاتم الفرعون ورفيقه، قد نقش لوحتين مؤرَّختين بالسنة الثانية والعشرين من حكم «أحمس»، وقد سجل عليهما فتح محاجر لقطع الأحجار اللازمة لبناء معبد «بتاح» بمنف ومعبد «آمون» بطيبة، ونجد قبل النص فى أعلى اللوحة ألقابَ الملك «أحمس»، ثم ألقاب زوجه «أحمس نفرتاري» بصورة بارزة تفوق ألقاب زوجها.
المصادر
1 - المؤرخ الأستاذ «إدورد مير» فى مؤلَّفه التاريخ القديم.
2 - دكتور سليم حسن موسوعة مصر القديمة الجزء الرابع
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.