البابا تواضروس يستقبل وزير الأديان الصيني    النفط يتعافى من أدنى مستوى في 4 أشهر بعد بيانات أمريكية    فوز الدكتورة هبة علي أستاذ تكنولوجيا الإدارة بجائزة الدولة التشجيعية عام 2024    سلوكنا والبيئة.. محاضرة للأطفال في ثقافة المنيا ضمن الاحتفال بيوم البيئة العالمي    الجمارك: بيع بضائع مهملة بقيمة 11 مليون جنيه بجمارك الدخيلة في جلسة مزاد    نتنياهو: القدس ستظل عاصمتنا الأبدية ولن يتغير وضعها أبدا    ملك بريطانيا يشيد ب "شجاعة وصمود" المحاربين القدامى بمناسبة الذكرى الثمانين ليوم الإنزال    رئيس الوزراء يتابع مع وزير الشباب الرؤية المستقبلية لقطاع الرياضة خلال المرحلة المقبلة    مصدر بالزمالك يكشف تطورًا جديدًا بشأن قرار اعتزال شيكابالا (خاص)    رسائل دي بروين تشعل صراع كبار السعودية.. مَن يفوز بالسباق؟    عاجل - نتيجة الشهادة الاعدادية 2024 أسيوط برقم الجلوس فقط.. مفاجأة بشأن درجات أوائل الصف الثالث الإعدادي.. احصل على نتيجتك حصريا عبر بوابة الفجر    "وقفة عرفات".. موعد عيد الأضحى 2024 في العراق وقائمة بالإجازات الرسمية بالدولة للموظفين والعاملين    لجان المشاهدة بمهرجان المسرح التجريبي تستقبل 300 عرض    ب"التحول الرقمي".. هيئة الاستعلامات تنجز مشروع إنقاذ الثروة الوطنية من الوثائق والمصادر المصورة    البوستر الرسمي لفيلم "اللعب مع العيال" ل محمد إمام    تحديد موعد عيد الأضحى لعام 2024: انتظار معرفة توقيت الفرحة والتأمل    حج 2024| فضل العشر الأوائل من ذي الحجة مع الدكتور عبدالله شلبي| فيديو    «الصحة العالمية» تحدد 5 عناصر ساهمت في نجاح برنامج مصر في القضاء على فيروس سي    طالبة تنهي حياتها قفزا من الطابق الخامس بسبب انفصال والديها ببولاق الدكرور    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بكلية الصيدلة    محافظ كفرالشيخ يشهد إحتفالية تكريم الأطفال حفظة القرآن الكريم بقرية إبيانه    وفاة الممثلة جانيت تشارلز شبيهة الملكة إليزابيث عن عمر يناهز 96 عاما    صالح جمعة يفتح باب الانتقال إلى الزمالك    وزير الداخلية يستقبل نظيره البريطاني لاستعراض أوجه التعاون بين أجهزة الأمن في البلدين    وزير الخارجية اللبناني يدين الهجوم الذي وقع على السفارة الأمريكية ببيروت    «الوزراء» يسلط الضوء على مخاطر المعلومات الخاطئة والمضللة على العالم    أسباب الموجة الحارة التي تضرب البلاد في يونيو.. 48 ساعة قاسية    جمع توقيعات من أعضاء «الكنيست» لإجبار نتنياهو على قبول صفقة لتبادل المحتجزين    رياضة القليوبية تعلن أماكن عرض مباراة منتخب مصر غدًا الخميس    إي اف چي هيرميس تنجح فى إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولى لمجموعة "فقيه للرعاية الصحية"    للعام الرابع.. جامعة طنطا ضمن أفضل الجامعات في العالم بتصنيف «World QS»    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: الضفة الغربية تتعرض لجرائم مشابهة لغزة وسط صمت مطبق    تخصيص 193 مسجدا و9 ساحات لأداء صلاة عيد الأضحى في البحر الأحمر    محافظ كفر الشيخ: انتهاء 42% من أعمال إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    محافظ المنيا: تصعيد 3 مراكز و5 قرى ل"جائزة مصر للتميز الحكومي"    حكم قص الشعر والأظافر للمضحي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. 3 أقوال شرعية يوضحها البحوث الإسلامية    بعد اعتمادها رسميًا.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة الشرقية (احصل عليها الآن)    كلية تمريض المنصورة تحصل على الاعتماد الدولي من هيئة AHPGS الألمانية    لمناقشة قضايا الجودة.. رئيس «الرقابة الصحية» يستقبل مستشار الرئيس للوقاية (تفاصيل)    تعرف على أكبر الوزراء المعمرين في الحكومة.. الأوقاف الأقدم    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    حصول 63 مدرسة بالبحيرة على شهادة اعتماد الجودة    ب60 مليون جنيه.. محور جديد لربط شبين الكوم بحي شرق (صور)    وزير المالية: حققنا مراكز متقدمة ب3 مؤشرات دولية للموازنة    البابا تواضروس: عدد كبير من الأقباط طلبوا الهجرة خارج البلاد أيام حكم مرسي    إعلام إسرائيلي: الجيش ينتظر قرارا حكوميا لجعل لبنان ساحة حرب رئيسية    اختبارات غناء وتمثيل بالإسكندرية ضمن مشروع قصور الثقافة لاكتشاف المواهب    هالة خليل تكشف سر تعاون «الكينج» معها في أول أفلامها دون مقابل    ل رجل برج الجوزاء.. كيف يمكن أن تكون جوزائيًا وناجحًا؟    "عايزين نخدها".. نبيل عماد دونجا يستفز الأهلاوية بتصريح مُثير    عليَّ ديونٌ كثيرة وعندى مال أرغب فى الحج به فهل هذا جائز؟.. الفتوى بالأزهر تجيب    وزير الصحة يطلق المرحلة الثانية لمبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ب9 محافظات    الصحة تثمن تقرير "الصحة العالمية" حول نجاح مصر فى القضاء على فيروس c    النائب طارق عبد العزيز ل"قصواء الخلالي": الرئيس السيسى ركز على مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بمنطقة فيصل    منها الحيض.. مركز الأزهر للفتوى يوضح جميع أحكام المرأة فى الحج    «الأهلي» يرد على عبدالله السعيد: لم نحزن على رحيلك    حقيقة تكليف الدكتور محمود محي الدين بتشكيل الحكومة الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التضخم.. ارتفاع الأسعار.. اضطراب سلاسل التوريد.. والركود: السنوات العجاف للاقتصاد العالمى
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 29 - 05 - 2022

«إحنا بنتكلم عن أسوأ أزمة بيمر بها العالم كله منذ 100 سنة. لم يشهد أحد على الكوكب مثل هذه الأزمة من قبل. فهناك خسائر تُقدّر ب12 تريليون دولار عالميًا، أى ما يمثل خمسة أمثال الناتج المحلى لقارة إفريقيا كلها».. كانت هذه كلمات رئيس مجلس الوزراء، الدكتور «مصطفى مدبولى»، خلال مؤتمر إعلان خطة الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقد جاء إعلان الدكتور «مدبولى» قبل أيام قليلة من مرور الشهر الثالث على بدء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، التى اندلعت فى 24 فبراير الماضى، ورُغْمَ صغر المدة؛ فإنها مرّت على الاقتصاد العالمى كأنها سنوات، نتيجة للصدمة التى تعرّض لها القطاع الاقتصادى لأغلب دول العالم سواء المتقدمة، أو النامية؛ وذلك لأن الأزمة «الروسية- الأوكرانية» جاءت بَعد جائحة كان لتداعياتها أثر كبير على الاقتصاد أيضًا.
بشكل عام، تطرَّق رئيس الوزراء إلى حجم خسائر الاقتصاد العالمى فى عدة نقاط، منها: انخفاض نمو الناتج المحلى العالمى إلى 3.6 من 4.4 فى عام 2022، ووصول حجم الخسائر فى الناتج المحلى الإجمالى العالمى إلى 12.5 تريليون دولار حتى عام 2024؛ فيما انخفضت التجارة العالمية بمقدار 285 مليار دولار أمريكى؛ فى الوقت الذى بلغ التضخم العالمى غير المسبوق %9.2؛ حيث تعرّضت 121 دولة لمَخاطر ارتفاع معدلات التضخم.
وبالفعل، يقوم محللو وخبراء الاقتصاد حول العالم- فى الوقت الحالى- بإجراء أكبر تقييم للأوضاع، حول كيفية تغير العالم منذ بدء الأزمة «الروسية- الأوكرانية»، بعد موجات التضخم الجديدة، التى تهدد بانتعاش الاقتصاد العالمى فترة ما بَعد وباء كورونا.
حيث اتفق أغلبهم- إن لم يكن جميعهم- على أن تقارُب الأزمة الحالية مع الاضطرابات الأخرى، مثل: سلاسل التوريد، والتضخم، والوباء، التى تشكل جميعها الآن تهديدًا عنيفًا.
وبغض النظر عمّا سيحدث على خط المواجهة فى الأيام والأسابيع القليلة المقبلة؛ فسوف تستمر موجات الصدمة الاقتصادية الناجمة عن العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» فى الإلقاء بظلالها على جميع أنحاء العالم؛ خصوصًا مع قيام كل من البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، بخفض توقعات النمو العالمى؛ حيث قال صندوق النقد الدولى إن: «الأثر الاقتصادى للأزمة «الروسية- الأوكرانية» سينتشر على نطاق واسع، مما يزيد من ضغوط الأسعار ويؤدى إلى تفاقم تحديات السياسة الكبيرة».
وبالفعل، ظهرت تداعيات الأزمة «الروسية- الأوكرانية»- التى دخلت يوم الثلاثاء الماضى شهرها الثالث- على اقتصادات الدول خلال الأسابيع الأخيرة تحديدًا، مما أجبر عددًا من الدول لاتخاذ قرارات صارمة لاحتواء أزمتها الداخلية، ولكنها فى الوقت ذاته أدت لتفاقم أزمة الاقتصاد العالمى.
قرارات أدت لتفاقم الأزمة الاقتصادية
بَعيدًا عن فرض الحكومات الغربية سلسلة من العقوبات على «روسيا»؛ لا سيما فيما يتعلق بشراء النفط. وفى المقابل، رد «موسكو» على العقوبات الغربية بفرض حظر تصدير على سلسلة من المنتجات حتى نهاية عام 2022، على أكثر من 200 منتج؛ فقد ارتفعت أسعار القمح بالحد الأقصى المسموح به يوم الاثنين الأسبق، بعد أن فرضت «الهند» حظرًا على الصادرات، مما زاد الضغط على تكاليف الغذاء.
تُعتبر «الهند»، ثانى أكبر منتج للقمح فى العالم بعد «الصين» التى تتّبع- فى الوقت الحالى- سياسة إغلاق صارمة لاحتواء تفشى فيروس «كورونا»، مما أدى إلى شح الإمدادات العالمية إلى اضطراب الأسواق الدولية، التى تعانى- بالفعل- من الاضطراب الناجم عن الأزمة «الروسية- الأوكرانية»، البلدان اللذان يشكلان معًا عن ما يقرب من ٪30 من الصادرات العالمية للقمح.
أدى هذا لارتفاع العقود الآجلة المتداولة فى شيكاغو للقمح بنسبة %5.9 إلى 12.47 دولار للبوشل (أى ما يقدر بأكثر من 27 كيلو من القمح)، وهو أعلى مستوى له فى شهرين؛ فيما ارتفعت أسعار القمح أكثر من %60 هذا العام.
على كلٍّ؛ لا يُعتبر قرار «الهند» بحظر الصادرات سابقة من نوعها فى العالم، إذ سبقتها «إندونيسيا»، التى قيدت صادرات زيت النخيل فى أواخر أبريل الماضى، بعد أن أعلن رئيس «إندونيسيا» بدءَ تقييد صادرات زيت النخيل؛ بسبب النقص الحاد، وارتفاع أسعار زيت الطعام. مؤكدًا أن الحظر سيستمر حتى تلبية الطلب المحلى واستقرار الأسعار، مما فاقم أزمة الغذاء العالمية. وذلك؛ لأن «إندونيسيا» هى أكبر منتج لزيت النخيل فى العالم؛ حيث تمثل ٪60 من حصة العرض العالمى.
وعليه؛ ارتفعت أسعار زيت النخيل بأكثر من ٪50 هذا العام وفقًا لوكالة «رويترز»، فيما ارتفعت العقود الآجلة لزيت النخيل الماليزى إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بعد إعلان «إندونيسيا»، بينما قفزت أسعار زيت فول الصويا إلى أعلى مستوى لها فى 14 عامًا، وارتفعت أيضًا أسعار زيت فول الصويا بنحو ٪40 هذا العام.
ومن جانبها؛ أعلنت «صربيا» فى وقت سابق أنها ستحظر- أيضًا- صادرات القمح، والذرة، والدقيق، وزيت الطهى؛ لمواجهة ارتفاع الأسعار، بينما حظرت «المجر» جميع صادرات الحبوب منذ أيام، فى الوقت الذى أعلنت فيه «بلغاريا» تقييد الصادرات، بجانب إعلان «رومانيا»- التى كانت مصدرًا رئيسيًا يبحث عنه المشترون الدوليون كبديل للإمدادات الروسية أو الأوكرانية- تشديد إمدادات الحبوب، فيما حدت «الأرجنتين» من حجم الذرة والقمح، اللذين يمكن تصديرهما، من أجل تفادى نقص الحبوب المحلية، والحد من ارتفاع قيم الغذاء فى البلاد.
ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب؛ إذ من المتوقع أن يتراجع إنتاج الحبوب العالمى، وغيره من المنتجات الزراعية- أيضًا- مع تقلص إنتاج الأسمدة؛ خصوصًا من «روسيا» أحد أكبر مورديه.
على كلٍّ؛ إن هذه القرارات، هى نقطة فى بحر من القرارات التى اتخذتها بعض الدول؛ للتعامل مع أزماتهم الاقتصادية.
تأثير الأزمة على اقتصادات الدول حول العالم
تسببت العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» فى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا.. ففى «الولايات المتحدة، وبريطانيا، وأوروبا»، تتجه البنوك المركزية العازمة على كبح التضخم برفع أسعار الفائدة، ما يهدد بدفع الدول إلى الركود، بينما يواجه العالم النامى أزمة ديون ناشئة بالإضافة إلى مشكلة الجوع المتزايدة التى أثارتها الأزمة «الروسية- الأوكرانية».
الأمريكتان
فى أقصى الغرب؛ حيث سجلت «الولايات المتحدة» أعلى معدل تضخم منذ 40 عامًا؛ فقد بلغ فى مارس وأبريل الماضيين 8.5 %، و8.3 % على التوالى. وجاءت النسبة الأخيرة، بعد إعلان البنك المركزى الأمريكى عن أكبر زيادة فى أسعار الفائدة منذ أكثر من عقدين، من أجل كبح جماح ارتفاع الأسعار السريع؛ حيث قال مجلس الاحتياطى الفيدرالى إنه رفع سعر الفائدة القياسى بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين 0.75 %، و1 %.
وتوقعت وكالة «بلومبرج» أن تظهر بعض التقارير الأمريكية قلة فى إنتاج المصانع، وبناء المساكن، ومبيعات المنازل الأمريكية، بعد أن قفزت أسعار الطاقة بنسبة 32 % فى مارس الماضى، وفقا لوزارة العمل الأمريكية، التى أكدت- أيضًا- أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الفترة نفسها بنسبة 8.8 %.
أمّا فى الجنوب؛ حيث تواجه بلدان أمريكا الجنوبية؛ لا سيما «البرازيل» تحديات اقتصادية غير مسبوقة؛ فقد أوضح تقرير صندوق النقد الدولى، أن التشديد الصارم للسياسة النقدية التى تم تبنّيها لترويض التضخم المتصاعد، أدى إلى تدهور سريع فى التوقعات الاقتصادية. متوقعًا أن يرتفع معدل التضخم بشكل أكبر فى عام 2022؛ نتيجة لارتفاع أسعار السلع الأساسية، واضطراب العرض العالمى، بينما حذرت اللجنة الاقتصادية لأمريكا الجنوبية ومنطقة البحر الكاريبى، التابعة للأمم المتحدة من منعطف معقد من التحديات المتعلقة بتداعيات العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا».
أوروبا
أمّا فى «الاتحاد الأوروبى»، الذى يتأثر مباشرة من الأزمة «الروسية- الأوكرانية»؛ فقد أشارت وكالة «بلومبرج» إلى أن أزمة الطاقة تمثل التحدى الرئيسى لأوروبا؛ حيث تشكل «روسيا» مصدرًا أساسيًا لوارداتها من الغاز الطبيعى، وقد يترتب على ذلك حدوث انقطاعات أوسع نطاقًا فى سلاسل الإمداد، مما يسفر عن ارتفاع التضخم، وإبطاء التعافى من الجائحة.
وتوقعت الوكالة أن تشهد منطقة «أوروبا الشرقية» تحديدًا ارتفاعًا فى تكاليف التمويل، وطفرة فى تدفق اللاجئين، حسب ما أوضحته بيانات الأمم المتحدة، مما يدفع الحكومات الأوروبية لمواجهة ضغوط على المالية العامة من زيادة الإنفاق على تأمين مصادر الطاقة وميزانيات الدفاع، وفقًا لصندوق النقد الدولى.
وعَلّق «أندرو كينينجهام»، كبير الاقتصاديين الأوروبيين فى «كابيتال إيكونوميكس»، أنه ستكون هذه سنة من الركود التضخمى فى (منطقة اليورو)؛ قائلًا، إن: «أسعار الطاقة المرتفعة ستبقى التضخم مرتفعًا، وتقلص دخول الأسر، وتضعف الثقة فى الأعمال التجارية».
على كلٍّ؛ تُعَد «ألمانيا» من بين أكثر الدول الأوروبية تضررًا؛ حيث تعتمد «برلين» فى وارداتها من النفط والغاز على «روسيا» بالدرجة الأولى (بأكثر من 50 %)، إلى جانب المواد الغذائية كالقمح، وزيت الطعام، التى تعد «موسكو»، و«كييف» أكبر مصدرَيْن لها فى العالم.
وعلى مدَى الأشهُر الماضية، خفّض خبراء الاقتصاد توقعاتهم للنمو الاقتصادى فى «ألمانيا» لعام 2022 إلى النصف، فى الوقت الذى رفعوا فيه سقف توقعاتهم للتضخم أعلى بثلاثة أضعاف.
يُذكر؛ أن المعدل السنوى للتضخم الألمانى قد ارتفع إلى 7.4 % فى أبريل الماضى، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية، والطاقة. وقال مكتب الإحصاء الألمانى إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 8.6 %، فيما ارتفعت أسعار منتجات الطاقة بنسبة 35.3 %.
أمّا بالنسبة ل«فرنسا»؛ فقد لعب ارتفاع التضخم، وأزمة الطاقة، وموجة متحور (أوميكرون)، ومشاكل سلسلة التوريد دورًا فى ركود الاقتصاد الفرنسى فى الربع الأول؛ حيث أظهرت أرقام من المعهد الوطنى الفرنسى للإحصاء نموًا صفريًا (0 ٪)، فى الوقت الذى وصل معدل التضخم الفرنسى إلى 4.8 % فى أبريل الماضى، بينما ارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 26.6 %.
وفى «إسبانيا»؛ حيث صرّح البنك المركزى للبلاد فى أوائل أبريل الماضى أن الاقتصاد لم ينتعش بعد إلى مستويات ما قبل الوباء؛ خصوصًا أن العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا» جعلت الأمور أسوأ. أمّا «رومانيا» فقد أوضحت لمسئولى «الاتحاد الأوروبى» أن لديها إشارات قوية عن توقف بعض الشركات العاملة فى القطاع الزراعى والمزارعين عن العمل. فى الوقت الذى حذرت جمهورية «التشيك» من مرور القطاعات المستهلكة للطاقة وقطاع الإنتاج الحيوانى بموقف صعب؛ بسبب زيادة أسعار الطاقة جراء العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا».
وخارج «الاتحاد الأوروبى»؛ حيث يعانى الاقتصاد البريطانى من ضغوط مماثلة فى أسعار الطاقة، ومن تباطؤ النمو هذا العام، بجانب أكبر انخفاض فى الدخل؛ وذلك بعد أن ارتفعت الأسعار فى «المملكة المتحدة» بأسرع وتيرة فى 30 عامًا، مدفوعة بتكاليف الوقود والغذاء والطاقة. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية البريطانى إن تضخم أسعار المستهلكين وصل إلى 9 ٪ فى أبريل الماضى، متجاوزًا حتى قمم الركود فى أوائل التسعينيات. موضحًا أن فواتير الطاقة المرتفعة كانت المحرك الأكبر لنمو الأسعار فى «بريطانيا».
آسيا
وفى قارة «آسيا»؛ حيث توجد «الصين»، الاقتصاد الكبير الذى يشعر معظم الاقتصاديين بالقلق بشأنه؛ فقد نشرت - منذ أيام- بيانات جديدة تؤجّج المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية؛ لأنها تمثل 19 % من إجمالى الإنتاج العالمى. فمع انتشار عمليات الإغلاق فى جميع أنحاء البلاد، تراجعت مبيعات التجزئة بنسبة 11 % على أساس سنوى فى أبريل الماضى، بينما انخفض الإنتاج الصناعى بنسبة 3 %.
ومن جانبها، سجلت «كوريا الجنوبية» أسعار المستهلك أعلى مستوى لها فى 10 سنوات فى مارس الماضى، وفقًا لجريدة «فاينانشال تايمز» البريطانية.
كما أظهرت بيانات اقتصادية نُشرت منذ أيام، ارتفاع معدل تضخم أسعار الجملة فى «الهند» خلال أبريل الماضى إلى أعلى مستوياته منذ ثلاثة عقود، على خلفية ارتفاع أسعار المواد الخام واضطراب سلاسل الإمداد، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج. وذكرت وزارة التجارة الهندية، أن أسعار الجملة ارتفعت خلال الشهر الماضى بنسبة 15 % سنويًا.
إفريقيا
وفى «إفريقيا»، وتحديدًا منطقة «إفريقيا جنوب الصحراء»؛ حيث تتعرض كثير من بلدان المنطقة لدرجة كبيرة من المَخاطر من آثار الأزمة «الروسية- الأوكرانية»؛ بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتراجُع السياحة، والصعوبة المحتملة فى الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية. فتأتى هذه الأزمة فى وقت تشهد فيه معظم بلدان المنطقة تضاؤلاً فى الحيز المالى المتاح لمواجهة آثار الصدمة.
ويُرجّح أن يفضى هذا الأمر إلى اشتداد الضغوط «الاجتماعية- الاقتصادية»، والتعرض لمخاطر الديون العامة، ومعاناة ملايين الأسَر والشركات التى تعانى بالفعل؛ خصوصًا أن ارتفاع أسعار القمح يؤدى إلى مستويات قياسية تثير المخاوف بشكل كبير فى منطقة تستورد نحو 85 % من إمداداتها من هذه السلعة، والتى يأتى ثلثها إما من «روسيا»، أو «أوكرانيا».
علقت جريدة «فاينانشال تايمز» أن أزمة الجوع الموجودة بالفعل، يمكن أن تزداد سوءًا مع استمرار العملية العسكرية الروسية فى «أوكرانيا»، بوجود أكثر من 14 مليون شخص فى «الصومال، وإثيوبيا، وكينيا»، نصفهم من الأطفال على وشَك المجاعة؛ وفقًا للجنة الإنقاذ الدولية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 20 مليونًا بحلول منتصف عام 2022 دون اتخاذ إجراءات عالمية كبيرة.
فى النهاية؛ وضع على الكاهل الاقتصادى دول العالم مزيدًا من التحديات، التى وصفت بغير المسبوقة، ويبدو أنه لا يوجد مفر سوى مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية!
1
2_-_Copy


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.