رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماعا موسعا لأعضاء هيئة التدريس بالتربية النوعية    "الشيوخ" يدعم "العمرة بلس".. ومناقشات حول السياحة الدينية في مصر    رئيس مجلس الشيوخ يعلن رفع الجلسة العامة لموعد غير محدد    محافظ المنوفية يفتتح حمام السباحة بمركز شباب أشمون باستثمارات 8 مليون جنيه    المنيا تعلن استمرار فتح باب التقدم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    توفير فرص عمل ووحدات سكنية ل12 أسرة من الأولى بالرعاية في الشرقية    وزير الخارجية يشارك في اجتماع وزراء خارجية دول تجمع بريكس    الرئيس السيسي يؤكد ل"بلينكن": ضرورة إنهاء الحرب على غزة وإنفاذ المساعدات للقطاع    رئيس فنزويلا يحذر المعارضة من إثارة العنف خلال انتخابات يوليو    مباراة وحيدة بين مصر وغينيا بيساو قبل موقعة اليوم بتصفيات المونديال..تعرف عليها    جدول مباريات كوبا أمريكا2024.. كل ما تريد معرفته قبل بداية البطولة    مصر تحصد ذهبية منافسات الفرق في بطولة إفريقيا لسلاح الشيش    بطولة كوبا أمريكا..موعد المباراة الافتتاحية والقناة الناقلة    اسكواش - مصطفى عسل يصعد للمركز الثاني عالميا.. ونور الطيب تتقدم ثلاثة مراكز    غرفة عمليات تعليم سوهاج: لا شكاوى من امتحانات الثانوية العامة    نجت بأعجوبة، الفنانة مروة أنور تتعرض لحادث مروع    بآية قرآنية.. أحمد خالد صالح وهنادى مهنا يردان على أنباء انفصالهما    مكين: اعلان حالة التأهب القصوى بالمستشفيات والادارات الصحية لمارثون الثانوية العامة بالدقهلية    مستشفيات جامعة أسوان تعلن خطة الاستعداد لعيد الأضحى    «القومي للبحوث» يوضح أهم النصائح للتغذية السليمة في عيد الأضحى    أفيجدرو لبيرمان يرفض الانضمام إلى حكومة نتنياهو    «مودة» ينظم معسكر إعداد الكوادر من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    مفاجأة مثيرة في تحقيقات سفاح التجمع: مصدر ثقة وينظم حفلات مدرسية    قبل عقد المؤتمر بمصر.. نائب رئيس بنك دول "بريكس" يؤكد الرغبة في توسيع عملياته بالعملات المحلية    الأوقاف: افتتاح 27 مسجدًا الجمعة القادمة| صور    إعلام إسرائيلى: قتلى وجرحى فى صفوف الجيش جراء حادث أمنى فى رفح الفلسطينية    "كابوس".. لميس الحديدي تكشف عن كواليس رحلتها مع مرض السرطان.. لماذا أخفت هذه المعلومة عِقدًا كاملًا؟    ياسمين عبد العزيز ترد على رسالة أيمن بهجت قمر لها    شقيقة الفنان خالد أنور تتعرض لحادث سير (صورة)    متى تبدأ التكبيرات في عيد الأضحى وما صيغتها؟.. «الأوقاف» توضح التفاصيل    تشكيل الحكومة الجديد.. 4 نواب في الوزارة الجديدة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الإثنين    «الدفاع الروسية»: تدمير زورق مسيّر أوكراني بنيران مروحية روسية    محافظ أسيوط يشيد بتنظيم القافلة الطبية المجانية للرمد بقرية منقباد    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح آداب ذبح الأضاحي في عيد الأضحى (فيديو)    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته ببسيون لشهر سبتمبر لاستكمال المرافعات    تاريخ فرض الحج: مقاربات فقهية وآراء متباينة    البابا تواضروس الثاني ومحافظ الفيوم يشهدان حفل تدشين كنيسة القديس الأنبا إبرآم بدير العزب    مطلب برلماني بإعداد قانون خاص ينظم آليات استخدام الذكاء الاصطناعي    عرض ولاد رزق 3.. القاضية في أمريكا وبريطانيا ونيوزيلندا.. بطولة أحمد عز    مدرس الجيولوجيا صاحب فيديو مراجعة الثانوية أمام النيابة: بنظم المراجعات بأجر رمزي للطلاب    ضياء رشوان: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسحقنا    "أتمنى ديانج".. تعليق قوي من عضو مجلس الزمالك بشأن عودة إمام عاشور    يوم الصحفي المصري "في المساء مع قصواء" بمشاركة قيادات "الاستعلامات" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" و"المتحدة"    "حقوق إنسان الشيوخ" تستعرض تقارير اتفاقية حقوق الطفل    صندوق مكافحة الإدمان يستعرض نتائج أكبر برنامج لحماية طلاب المدارس من المخدرات    خادم الحرمين الشريفين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي ضحايا غزة    سرقا هاتفه وتعديا عليه بالضرب.. المشدد 3 سنوات لسائقين تسببا في إصابة شخص بالقليوبية    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    مظاهرات في ألمانيا وأمريكا تطالب بوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    جمال عبدالحميد يكشف أسباب تراجع أداء منتخب مصر أمام بوركينا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كنوز آمال العمدة.. يوسف إدريس أكتب لأزيد رغبة الناس فى معارضتى!

اختطفه عالم الأدب من الطب، فهو واحد من أشهَر الأطباء الذين تركوا الطب ليمتهنوا الأدب.. عايش تطوُّر التيارات الفكرية والسياسية المختلفة، وظهر ذلك جليًا فى كتاباته، استطاع أن يُحقِّق مصرية القصة القصيرة حتى استحق عن جدارة أن يكون أميرًا لها.. وحتى الآن فلا يزال فن كتابة القصة القصيرة متأثرًا به. فلقد كانت المحطة التى صنعها ببراعته فى قصة «نظرة» وغيرها من القصص القصيرة تمثل تحويلة بالغة الأهمية فى تاريخ هذا الفن، إضافة إلى ذلك؛ فقد كان روائيًا بارعًا، ومسرحيًا رائعًا، وشكَّلت مسرحيته «الفرافير» محطة محورية فى المسرحية العربية الحديثة.
وهذا حوارى معه الذى أهديه لمجلة روزاليوسف..
آمال: أعلم أن قضية امتداد الأجيال الأدبية والفنية والفكرية تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيرك؛ بمعنى أنه من جيل العقاد وطه حسين وزكى نجيب محمود إلى أن أفرخ جيل الوسط الدكتور يوسف إدريس.. فهل الأجيال الأدبية والفنية والفكرية وحتى الأجيال النقدية بعد لويس عوض امتدت أمْ توقفت؟
- يوسف إدريس: الحياة لا يُمكن أن تتوقف عن إنتاج إبداع الكُتَّاب والفنانين؛ لكن هناك فترة يزدهر فيها النمو الأدبى والفنى، وتدخل التاريخ، وهناك فترة يصمت التاريخ عنها لمئات السنين دون أن يذكر عنها شيئًا لضعف التطور فيها.
آمال: إذن؛ فما العوامل التى تساعد على ازدهار أجيال فنية أو بياتها الشتوى؟
- يوسف إدريس: هناك نقطة يجب أن أوضّحها أولًا؛ وهى أننى غير مؤمن بفكرة الأجيال فى الكتابة مطلقًا، لأنى أومن بأن الكاتب ليس ظاهرة مواسم؛ بل الكاتب ظاهرة فردية، أن يأتى فرد تتشكل فيه الموهبة بشكل معين وظروف التربية بشكل معين، وهو ما ينتج الكاتب، ولنفرض مثلًا أنى كاتب أنتج نوعًا معينًا من الكتابة، والسؤال هنا هو هل خرجت هذه الكتابة من الدائرة المحدودة سواء زمنيًا أو مكانيًا أمْ لم تخرج؟.. فهناك من يعتبرون أنفسهم جُدُدًا فى حين أن تشيكوف مثلًا جديد أكثر منهم، فالأمر إذن ليس بالأجيال، فبهذا المنطق لن نجد جيلًا فى روسيا بعد تشيكوف، فمع كل من جاءوا بعده لم نقرأ قصة قصيرة واحدة جيدة فى روسيا بعده.
آمال: لكن هناك غيرك من المفكرين والمتعاملين مع الأدب مثل د.حسين مؤنس، قال إن الأجيال الأدبية قد توقفت.. فما رأيك فى هذا؟ - يوسف إدريس: أنا لن أوافقه طبعًا أن الزمن يتوقف، فهناك إبداع جديد ومستمر فى الحياة، لكن مسألة أن يكون هناك كاتب أو لا يكون فهى ليست فى أيدى النقاد ولا أيدى البشر؛ إنما هى مسألة ربانية تأتى من قوة لا يعلمها أحد.
آمال: أن يكون كاتب أو لا يكون.. هل هو شىء مرهون بظروف معينة؛ أمْ أنه شىء ربانى بلا تدخل لبشر فيه؟
- يوسف إدريس: هو شىء لا يمكن اختلاقه؛ بل هى تشبه اكتساب الإنسان الملامح ولون الشعر وشكل العينين وغيرها من الملامح، فهو يكتب دون إرادة منه، والصفات والمهيئات هى التى تجعله كاتبًا.
آمال: هل هناك شباب ورثوا منك صفات الأدب؟
- يوسف إدريس: أنا لا أزعم أن أحدًا قد ورث منّى؛ بل أنا أغضب لو ورثوا منّى؛ لأن كل شخص له طريقته، فلا أحب أن يشبهنى أحد لأنى أكتب لأزيد رغبة الناس فى معارضتى وليس فى تأييدى.
أستفز الحياة نفسها
آمال: تقصد إنك تكتب لكى تستفز الناس؟!
- يوسف إدريس: لكى أستفز الناس وأستفز الحياة نفسها.
آمال: وهل تتصور أن النقد المعاصر موجود كما كان مع الدكتور محمد مندور والدكتور لويس عوض؟
- يوسف إدريس: أنا أقول دائمًا إن الحركة الفنية هى ناقد بالدرجة الأولى وليس كاتبًا، بمعنى أن الناقد هو الكاسحة التى تمهد الطريق أمام حركة أدبية جديدة، والحقيقة أنه ليس لدينا حركة أدبية جيدة فى الوقت الحالى لأن النقد ليس موجودًا، فالكاتب ليس مطربًا؛ أى يكتب للجمهور مباشرة؛ بل الموجّه الرئيسى للكاتب إلى الجمهور هو حركة نقدية تتبنّى إنتاجه وتوزيعه، ولو لم يكن هناك حركة نقدية فإن النقد يهبط مستواه، وبالتالى يهبط مستوى إنتاج الكُتّاب.
آمال: هل تقصد أن البحيرة الراكدة فى دنيا النقد أحدثت ركودًا مماثلًا فى الأدب المعاصر؟
- يوسف إدريس: أنا أتساءل أين نقادنا الحاليون؟ إنهم موجودون ولكن النقد ليس موجودًا بالشكل الأمثل الذى يستفز قريحة الكاتب على الكتابة والإبداع، فهناك حركة ركود فى الحياة النقدية، والأجيال الجديدة للكُتّاب- من سوء حظهم- ليس لديهم الناقد الجديد الذى يود أن يكون «مندور» وليس «نجيب محفوظ» فكلهم يريدون أن يكونوا كنجيب محفوظ فى حين أنه لولا النقد على نجيب محفوظ لما كان قد أصبح نجيب محفوظ.
منهج الفن المنقود
آمال: إذا وجهت كلمة للأدباء الشبان لإعادة تقييم دور النقد فى مشوار الأدب.. فماذا تقول لهم؟
- يوسف إدريس: أنا ألفت نظرهم إلى نقطة مهمة جدًا، وهى أنه لا يمكن اختلاق نقد جديد كما لا يمكن اختلاق كاتب جديد، وأن محاولة فرض تجارب ذهنية على الواقع هى محاولات مبتسرة، فمثلًا أنا اطلعت مؤخرًا على أربع مجموعات قصصية، ووجدت أن مؤلفيها الشبان يكتبون من أجل «فورمة» القصة القصيرة، وهذا خطأ لأن مضمون هذه الفورمة هو المهم، والأهم أيضًا هو الفكرة التى تكمن وراءها، وهنا تأتى فكرة الرسالة، فنحن لا نمارس الكتابة بهدف أن نكون كُتّابًا؛ بل لأن لدينا رسالة معينة نريد أن نوصلها عن طريق الكتابة.
آمال: هل تعتقد أن النقد موهبة أمْ دراسة؟
- يوسف إدريس: الاثنتان معًا، فلو كان الفن يأتى بمادته من الواقع ليصنع منها فنه، فالناقد يأتى بمادته من الفن ويصنع منه فنًا آخر يسمى بالفن المنقود، فهو فنان يعمل على الأعمال الفنية فقط.
آمال: إذا توقفنا عند القصة القصيرة فهل أجدبت القصة القصيرة وأصبحت لا تفى بالمطلوب بدليل عودتك مرّة أخرى للرواية الطويلة؟
- يوسف إدريس: لا أعترف بالتقسيم بين القصة القصيرة والقصة الطويلة، لكنى أعترف بتقسيم واحد، وهو هل هذا فن أو ليس فنًا.. فكون الأديب يكتب قصة فهو بالتأكيد يمتلك رؤية قصصية معينة، فلو كتبت موضوعًا طويلًا فسينتج رواية، ولو كتبت موضوعًا قصيرًا فسينتج قصة قصيرة، ولو كتبت مسرحًا فسينتج مسرحية، لكن الإشكالية لدى الكاتب ليست فى الشكل الذى تخرج به الرؤية؛ بل فى كونها رؤية جديدة للواقع، وهذا ما أريد تنفيذه سواء عن طريق القصة القصيرة أو الرواية أو المسرحية.
آمال: هناك مناظرة كان أطرافها توفيق الحكيم ونجيب محفوظ والدكتور زكى نجيب محمود والدكتور يوسف إدريس، وقد تمت منذ فترة وقال فيها الحكيم ردًا على سؤال طرحته بلسانك وقلت إنه استرزع أشكالًا جديدة فى الرواية الطويلة دون القصة القصيرة، وأن دوره فى القصة القصيرة كان الانطلاقة أو البداية ولم يكن له دور ملحوظ فيها، رد هو بقوله إنه قصد بالفعل التخصص فى الرواية الطويلة والمسرحيات، لكنه يعطى إرث القصة القصيرة لك، وحينما سمع الكاتب أنيس منصور ذلك اختلفت معه، ونزع عنك إرث القصة القصيرة، وقال إن توفيق الحكيم ليس حرًا فى توزيع الألقاب على من يشاء، وأن القصة القصيرة ليست إرثًا وأن هناك الكثير سبقوا يوسف إدريس إليها، بدليل أنه أصدر كتابًا فيه مائتا قصة قصيرة وكتب الكثير من القصص القصيرة التى تحتوى على أفكار لم ترد على لسان يوسف إدريس.. فماذا تقول له؟
- يوسف إدريس: أولًا أنا أشكره على أنه ذكر اسمى فى أحد أحاديثه، لكنى أستغرب إن كان الأستاذ أنيس منصور قد أصدر كتابًا فيه مائتا قصة قصيرة وأنا لا أعرف منها ولا قصة واحدة.. فكيف هذا؟!.. هو بالتأكيد وضع غير طبيعى وتجاهل لأنيس منصور باعتباره ناقدًا، وكان المفروض أن يتناولوا هذا العدد الضخم من القصص بالنقد.. وأنا رأيى أن أنيس منصور ليس كاتب قصة قصيرة إنما هو «نقادة» ليس ناقدًا، بل «نقادة» للواقع وللحياة وللأعمال الفنية، وأنا أحب رأى أنيس منصور أكثر من سماعى له كقصاص لأن رأيه هو المهم عندى وليس الشكل الذى يوضع فيه، ودائمًا أتابعه ككاتب رأى أو نقادة كما قلت.
آمال: هل أعتبر أن هذا هو رأى يوسف إدريس فى القصة القصيرة التى يكتبها أنيس منصور؟
- يوسف إدريس: كما أعطى كلًا من أنيس منصور وتوفيق الحكيم الحرية فى أن يقولا رأيهما فى كتاباتى، فأنا أعطى نفسى الحرية أيضًا فى أن أقول رأيى فى كتابتهما، لكنى لم أطلب أن أكون كرة ليلعبا بى.
آمال: لكن هل وصل إرث القصة القصيرة إليك، ولمن تورثه لمن يخلفك فى كتابتها؟
- يوسف إدريس: تاريخ القصة القصيرة فى مصر والعالم العربى يختلف عن تاريخ الأدب؛ لأن الأدب العربى نشأ شعرًا فى الجاهلية ثم نقدًا فى صدر الإسلام ثم عودة إلى الشعر وغير ذلك من المراحل، لكن القصة القصيرة تاريخها مختلف لأنها شكل جديد على الأدب العربى كله، وكان من سبقونا من روّاد القصة يحاولون دائمًا أن يُعَرّبوا القصة الفرنسية أو الإنجليزية أو الروسية؛ أى أنهم يستمدون الفكرة الأساسية من هؤلاء الأدباء ثم يغيرون الأسماء ويطوِّرون الأحداث، أمّا أنا فالشخص الذى قرَّر أن القصة يجب أن تكون مصرية وعربية وجذورها من الواقع إلى آخر هذه المسائل.
لا يوجد جيل يخلو من شاعر وناقد وكاتب
آمال: قال لى الدكتور حسين مؤنس إنه فى تاريخ الأدب العربى كله يوجد أدب حينما يوجد أديب، أى أن الأدب يرتبط بالشخص، وأيضًا لا يوجد أدب حين لا يوجد فى فترة من الزمان أديب، وأننا لو استعرضنا الأدب العربى منذ نشأته حتى اليوم تعرف أن الأدب العربى لا يزال ممتدًا فى شكل الرواية والقصة القصيرة ولكنه توقّف عند الشعر.. أى أنه لا يوجد لدينا شعراء فى هذا الجيل.. فَبِمَ ترد عليه؟
- يوسف إدريس: أنا أختلف مع الدكتور حسين مؤنس، فلا يوجد جيل يخلو من شاعر، فلا بُد أن يكون هناك شاعر وناقد وكاتب، لكن المحك الشعرى هو قواه الشعرية، فعندنا صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وأمل دنقل فهؤلاء لا يمكن أن أفصلهم عن جيلنا الحالى رغم اختلافهم فى السّن، ولكنهم ذوو نزعة واحدة يرتبطون بالمدرسة الشعرية الجديدة.
تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه
آمال: ليتنا نتوقف عند اهتمام آخر من اهتماماتك وهو الكتابة للمسرح، فهناك اتهام موجّه لك بلسان أكثر من مفكر فى مصر وذواقة للمسرح فقالوا إنه منذ أيام «الفرافير» ومنذ أن توقفت عن الكتابة للمسرح حدثت نكسة مسرحية بسبب أزمة النصوص.. فلماذا تبخل فى الكتابة للمسرح؟
- يوسف إدريس: هذا كما يقول سعد زغلول «تهمة لا أنفيها وشرف لا أدّعيه»، فأنا أحب أن أكون سببًا فى الأزمة؛ لكنّى لست سببًا فيها بالفعل، ووجهة نظرى أننى أنطلق من قاعدة أن الحاجة تخلق الشىء وليس الشىء هو الذى يخلق الحاجة.
آمال: وهل فى تصوّرك أنه ليست هناك حاجة لنصوص مسرحية؟
- يوسف إدريس: بل لا توجد حاجة للمسرح فى هذه الفترة، ونحن نحتاجه لأشكال أخرى للتعبير وهو التعبير الأكثر مباشرة كالفن السينمائى أو التليفزيونى أو الشعر.
تجار الفن يتجهون إلى أرخص القصص
آمال: إذن سأوجّه إليك الاتهام نفسه مرّة أخرى، فهناك أزمة فى الفكر السينمائى وأنت صاحب «الحرام»، «النداهة» و«قاع المدينة»، ومنذ فترة من الزمان لا توجد استعانة بقصصك فى السينما.. فما ردك على ذلك؟
- يوسف إدريس: لا شك أنها ليست أزمة خاصة بى؛ بل باعتماد السينما على قصص، وللأسف الشديد فإن المنتجين الجُدُد الذين أسميهم «تجار الفنون» بدأوا يتجهون إلى أرخص القصص، فهو على استعداد لدفع الآلاف للمصور أو المخرج لكنه يستكثر دفع ألف جنيه للمؤلف فيأتى بقصة مُعَرَّبة ضعيفة الصياغة ويحوّلها إلى فيلم، من هنا نبحث أزمة السينما المصرية، فأزمة السينما المصرية تتلخص فى المنتج الذى أصبح غير صالح لإنتاج الأعمال الفنية؛ لأن هدفه لم يعد إلا الكسب فقط، فى حين أن هدفه لا بُد أن يكون فنيَّا مثل الكاتب، فلا يوجد كاتب يكتب لمن يدفع أكثر؛ بل يكتب لأنه فى حاجة لأن يكتب.
آمال: إذن من المفروض أن نعيد صياغة الاتهام ونوجّه إصبع الاتهام إلى المنتج الجديد وليس إلى الكاتب.
- يوسف إدريس: هذا صحيح؛ لأن المنتج هو الذى يخلق العالم السينمائى، فهو الذى يختار القصة ويبحث عن المخرج المناسب لها، والمخرج هو الذى يختار الممثلين.. وهكذا، لكن الرابط فى كل هذا هو المنتج وليس المخرج أو الكاتب.
آمال: إذن أنت لم تمتنع عن منح قصصك للسينما... لكن هل السينما هى التى أدارت ظهرها للدكتور يوسف إدريس.
- يوسف إدريس: ليس ذلك ولكنهم يريدون الربح السريع والأسهل، فيفضلون اقتباس فيلم عن قصة أجنبية على الاتفاق مع كاتب على قصة جديدة، وهو بذلك يسرق القصص، وبهذه المناسبة فقد حكى لى نجيب محفوظ موقفًا حدث له، فقد كان يكتب قصة للسينما بالاشتراك مع بعض الزملاء، وواحد منهم تقاضى قرشًا مكافأة لأنه اقترح اقتباس نهاية من فيلم آخر تختلف أحداثه تمامًا عن القصة التى كتبوها.
آمال: هل أنت راضٍ عن القصص التى أنتجتها السينما لك؟.. وهل نجح المخرجون والفنانون فى إخراج شخصيات روايات كما كنت تتخيلها وتتصورها؟
- يوسف إدريس: هذا لا يحدث دائمًا؛ بل فى بعض القصص فقط، وأعترف أننى أغضب من ذلك؛ لأننى أرى أنه من الأفضل أن يسمعوا رأيى لأنه سيكون أفضل فنيًا وتجاريًا، فأنا أعمل مع قصتى وليس ضدها، لكنهم يتجاهلون رأيى لأن المخرج يريد أن يكون هو المسئول الأوحد، لكنى راضٍ تمامًا عن بعض قصصى التى أخرجت سينمائيًا لأنى أشعر أنه فى الظروف التى تمر بها السينما المصرية فإن هذا هو أحسن ما يمكن إنتاجه فى هذه الفترة التى تأخذ المدرسة الفنية فيها «الحدوتة» وتبنى لها سيناريو وأنا أرى أنه لكى يحس أى مخرج بقصصى فيجب أن يكون على مستوى أنطونيونى أو المدرسة الجديدة فى إيطاليا لكى يتمكن من نقلها بالكاميرا، فهم يأخذون الحدوتة وهى أسوأ ما فى قصصى لأن هناك ما هو أهم منها ومن تتابع الأحداث.
آمال: ولِمَ لا تنبههم إلى الأبعاد الكامنة وراء القصص؟
- يوسف إدريس: السينما عندنا لا تزال حرفية وليست سينما رأى، وأنا كتابتى كتابة رأى، فمثلًا حينما نسمع عن فيلم اسمه «أنقذوا هذه العائلة» فهذا شىء سيئ، ولو لم يكن المخرج والمؤلف يدركان ما يصنعانه فمن الأفضل ألا يعملا فى السينما.
آمال: بالنسبة لإعادة تقديم الأفلام فى السينما.. هل توافق عليها، وهل توافق على إعادة صياغة الأفلام التى أنتجت لقصصك؟
- يوسف إدريس: إذا كانت معالجة جديدة فأنا أوافق طبعًا، لكن لو كانت نفس المعالجة فهذا ما أرفضه تمامًا لأنه لن يأتى بجديد.
آمال: بالنسبة للأجيال الجديدة من الشباب.. ما شكل تعاملك المباشر معها؟
- يوسف إدريس: أنا أراعى دائمًا الدقة الشديدة فى كلامى مع الشباب، فكلهم يطمحون فى أن يكونوا كُتّابًا للقصة القصيرة لأنهم يعتبرون أنها أسهل أنواع الكتابة الإبداعية، رُغم أنها أصعب كتابة فى الحقيقة؛ لأنه مطلوب من الكاتب أن يضع فى هذا الحجم الصغير فكرة رواية أو مسرحية، وحينما يأتى لى الشباب وأقرأ إنتاجهم أبدأ فى توجيههم التوجيه الصحيح، فمنهم من يصلح كمُعد وآخر كسيناريست وبعضهم يستجيب للنصيحة وينجح جدًا فى هذا المجال، ومنهم من نجح فى العمل التليفزيونى بالتحديد، ومنهم من لا يستجيب للنصيحة ويصر على الاستمرار فى كتابة القصة القصيرة ويفشل فى النهاية.
3
4
5
6
7
9


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.