قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    تراجع أسعار الذهب في منتصف تعاملات اليوم الخميس    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك Musiad مقومات وحوافز الاستثمار بالسوق المصري    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    البنك المركزي يعلن تحقيق فائضًا في الأصول الأجنبية لأول مرة منذ عاميين    هيئة بحرية بريطانية تتلقى تقريرا عن حادث على بعد 82 ميلا بحريا شمال غربي الحديدة باليمن    يورو 2024.. ألمانيا تسعى لكسر «لعنة الأرض»    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    ضبط المتهمين بتسريب إمتحانات الشهادة الثانوية    تفاصيل مشاركة ستة أفلام في مسابقتين بمهرجان عمان السينمائي الدولي    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    رسميًا.. موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في جميع مدن ومحافظات مصر (بالتوقيت المحلي)    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    منظمة التعاون الإسلامي تعزى الكويت في ضحايا حريق المنقف    بوروسيا دورتموند يقرر فسخ التعاقد مع إيدن ترزيتش    رئيس جامعة كفر الشيخ يهنئ السيسي بعيد الأضحي المبارك    بإطلالة سوداء.. آمال ماهر تُشارك صورًا من حفلها بالكويت    «مستقبلي بيضيع وهبطل كورة».. رسائل نارية من مهاجم الزمالك لمجلس الإدارة    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    جامعة دمنهور تدخل تصنيف التايمز للجامعات الأكثر تأثيرًا في أهداف التنمية المستدامة 2024    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    مدير تعليم دمياط يستعرض رؤية المديرية خلال الفترة المقبلة    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على المواطنين    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    يديعوت أحرونوت: اختراق قاعدة استخباراتية إسرائيلية وسرقة وثائق سرية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا إشارات ورموز رحلة الحج إلى العراق

بينما اتجهت أنظارُ العالم تتابع عبر كل الفضائيات لقطات نادرة فى المشهد الدولى حين وطأت قَدَمَا البابا «فرنسيس» أرض العراق.. حَمَلَ كل مَشهد فى الزيارة رموزًا وإشارات تستدعى التوقف عندها بعيدًا عن المُعلَن.. لما تكشفه طقوسُ مراسم حج البابا إلى أرض الرافدين وفقًا للتعبير الذى استخدمه البابا «آتيكم حاجًّا».

قبل الانتقال إلى العراق، يجدر التوقف عند إشارة صدرت من مصر فى بيان فضيلة شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» الذى وصف الزيارة بالتاريخية والشجاعة. الصياغة الدبلوماسية للبيان تحمل بين كلماتها رسالة واضحة أقرَّتها كامتداد لوثيقة الأخُوَّة الإنسانية من أجل السلام العالمى والعَيش المشترك التى تم توقيعها فى أبوظبى عام 2019 بين شيخ الأزهر والبابا..
بعد مرور عامَين على هذه الخطوة التاريخية التى جمعت بين الإمام الأكبر للإسلام السُّنِّى وأرفع شخصية دينية مسيحية.. التقى البابا بأكبر مرجعية شيعية والمَرجع الدينى الأعلى فى العراق السيد «على السيستانى» فى تأكيد صريح، كون النجف مَقر المرجعية الدينية للطائفة الشيعية فى العالم الإسلامى بعد سجال أعوام حول المَقر الرسمى، لعل أبرز رموز اللقطة التى رصدت اللقاء اكتمال صورة التلاقى بين أبرز الشخصيات الدينية الثلاثة، «البابا فرنسيس - الشيخ أحمد الطيب - السيد السيستانى»، والرسالة التى تحملها للمسلمين حول التقاء وتوحد الحضارات والطوائف فى مواجهة الإرهاب وإقحام الدين كذريعة لعمليات العنف، بالإضافة إلى ما ظهر من تدهور الحالة الصحية للسيستانى الذى تجاوز التسعين عامًا، ما سيطرح عدة علامات استفهام حول الأسماء الثلاثة حول «السيستانى».. إسحاق الفياض «أفغانى»، بشير النجفى «باكستانى»، محمد سعيد الحكيم «عراقى».
إلى إشارات أرض الرافدين التى حرصت أمام فضائيات العالم على إظهار صور التلاحم بكل رموز الكلمة.. بداية من اللقطة الأولى التى جمعت فى المطار بين التراتيل الكنسية والفولكلور العراقى، والجمع بين رقصة «الدّبْكة» البغدادية أمام نظيرتها الكردية. اللقطات بالإضافة إلى تعبيرها بصدق عن نبض الشارع، إلّا أنها تحمل بُعدًا سياسيّا.. البابا مع مكانته الدينية هو رئيس دولة مَعْنِىٌّ بتضمين رسالة زيارته التشديد على فكرة أن مسيحيى العراق هم جزء أساسى من نسيج مجتمعاتهم وبلادهم؛ خصوصًا أن كنائس الطوائف المسيحية العراقية «آشور - كلدان - سريان» تُعتبَر الأعرق فى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تعرُّض هذه الطوائف للنصيب الأكبر من وحشية تنظيم «داعش» خلال احتلاله أراضى العراق. خلال زيارة قمت بها للعراق منذ عامَين حرصتُ على جمع شهادات العديد من أسَر مسيحية هجرت منازلها ومُدنها هربًا من تنكيل التنظيم التكفيرى.. اتفقت الإجابات على إطلاق صفة «المافيا» على «داعش»؛ حيث كانت كلمة السّر هى المساومات على المبالغ التى دفعتها هذه الأسَر للتنظيم نظير السماح لهم بالمغادرة تجاه العاصمة. هدف الزيارة تجاوز تسليط الضوء على معاناة المسيحيين إلى كل الأقليات والطوائف التى تشكل «موزاييك» النسيج العراقى، وهو ما عَبّرتْ عنه حالة الترحيب الجماعى فى الشارع العراقى.
الإشارة الثالثة تنطلق من مدينة النجف إلى محافظة ذى قار التى تضم مدينة آور مسقط رأس النبىّ «إبراهيم». اختيار يبدو متسقًا مع طبيعة البابا «فرنسيس» المنحازة إلى الفقراء والمهمشين، إذ تعتبر المحافظة الأكثر فقرًا وتهميشًا بين محافظات العراق. حج البابا إلى آور يؤكد أن وعد سَلفه «يوحنا بولس الثانى» لايزال حاضرًا، وحرص البابا الحالى على استكمال تحقيق حلم سَلفه حين ألغيت عام 2000 زيارة آنذاك للبابا «يوحنا بولس» إلى العراق، التى كانت ضمن جدول رحلته إلى الأراضى المقدسة فى الشرق الأوسط. رُغم إدراج زيارة مسقط رأس النبى «إبراهيم» فى برنامج الرحلة لما تحمله من دلائل دينية؛ خصوصًا أن شخصية النبى «إبراهيم» تحمل صفة جامعة كونه (أبو الرسالات السماوية الثلاثة)؛ فإن الحكومة العراقية آنذاك اعتذرت عن الزيارة نتيجة ظروف الحصار الاقتصادى وعدم إمكانية تدبير الإجراءات الأمنية المطلوبة للزيارة. بَعد 20 عامًا نجحت مبادرات شخصيات كنسية عراقية لإحياء الفكرة بالتنسيق مع السفير البابوى فى العراق «ميتجا ليسكوفار»، وهو من الشخصيات المحورية فى الإعداد للزيارة على المستوى الدبلوماسى واللوجستى رغم إصابته بفيروس «كورونا».

ما حَفّز البابا إلى إفشال كل التكهنات التى راهنت على إلغاء الزيارة- خصوصًا أن هناك عدة دول أوروبية لم يقم حتى الآن بزيارتها- ورُغم تصاعُد وتيرة العنف فى العراق بعد التفجيرات الانتحارية فى ساحة الطيران وسط بغداد وقصف مطار أربيل، أصَرَّ البابا على استكمال برنامج الزيارة من بغداد - النجف - سهل آور – اربيل - مدينتى الموصل معقل تنظيم «داعش» سابقًا، وقرقوش روح وقلب الكنيسة الكاثوليكية فى محافظة نينوى التى تعرضت طوائفها للنصيب الأكبر من وحشية «داعش».
سياسيّا وأمنيّا، العراق حاليًا فى أشد الحاجة إلى الشعار الذى حملته الزيارة المقتبس من إنجيل مَتَّى «أنتم جميعكم أخْوَة».. رسالة فى التوقيت المناسب مع تصاعد العنف والهجمات الإرهابية مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابى فى شهر أكتوير المقبل وتفاقم العوامل المُعرقلة المتجذرة عبر عُقود داخل المشهد السياسى، والتى كشفت زيف خصومة حاول الطرفان «إيران - داعش» الترويج لها فى الماضى، بينما الواقع بالأدلة أكد أنها كانت تُخفى تحالفًا وطيدًا بينهما.. تحديدًا عند استخدام التنظيم من قِبَل إيران لأغراض سياسية وتوظيفه لخدمة الأطماع المتصارعة بين تركيا وإيران على أرض الرافدين.. ما فَجَّرَ مَشاعر سخط الشارع العراقى نتيجة التدخلات السافرة التى تهدد يوميّا استقلال القرار السياسى العراقى وتعمل على إفشال المهام الصعبة التى يسعى رئيس وزراء العراق «مصطفى الكاظمى» على مواجهتها بقرارات حاسمة وسريعة انحيازًا إلى المَطالب المشروعة للشارع العراقى الذى عكس ترحيبه الجارف بزيارة البابا ما لمسه من استجابة لمطالبه التى نجح فى تحقيق نسبة محدودة منها لايزال العراق بحاجة لاجتياز الكثير من المعوقات فى ملفات مثل المواطنة والعيش المشترك، الاستقلال الأمنى والسياسى، الفساد .
رُغم امتلاك البابا قوة معنوية مؤثرة فى العالم نابعة من رمزية مُؤَسَّسَة الفاتيكان ومرجعيته الأخلاقية وتأثيره على الدبلوماسية الدولية؛ فإن الإفراط فى الأمنيات وحده لا يكفى إذا ما استمرت الممارسات الإقليمية فى مخطط إبقاء العراق داخل دائرة الفوضى والتبعية، فى المقابل اكتسب الشارع العراقى عبر تجاربه الكارثية منذ عام 2003 خبرة فى تظاهر التقاعس الدولى.. الآن بعدما وَجَّه إلى العالم مختلف الرسائل وهو يفرض مطالبه المشروعة، هو فى انتظار تجاوب حقيقى ومؤثر فى شكل إجراءات وقرارات توفر مقومات النجاح للاستحقاق الانتخابى المنتظر كى لا ينتهى مصيره إلى مجرد حلقة أخرى فى سلسلة الفشل المتتالى الذى أحدثته نخب سياسية فاسدة منذ عام 2003.
2
3


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.