حاورت مجلة دير شبيجل الألمانية، الصحفى والكاتب الشهير «بوب وود وارد»، بمناسبة ترجمة كتابه الأخير «الغضب» إلى اللغة الألمانية، الذى نشر قبل عامين، وهو عبارة عن مقابلات مسجلة أجراها الصحفى الشهير مع الرئيس «ترامب» بين ديسمبر ويوليو الماضيين.. ويستعرض الكتاب مشاعر «ترامب» تجاه الصحافة، وشعوره بالقلق تجاه الصورة التى يحب أن يظهر بها فى الكتاب، وتكتيكات «ترامب» وتستّره تحت شخصية الأبله لتحقيق أهدافه، فضلًا عن أكاذيبه وعدم التفرقة بين الوعود الحزبية وجدية الحقيقة، وإهانته للجيش وعدم تعاطفه مع السود وكشفه لسلاح سرى جديد، إضافة لسر الفيديو المفبرك لنتنياهو عن «محمود عباس»، الذى قلب موازين القضية الفلسطينية. يقول «وود وارد» فى حواره: «استخفاف ترامب بكل شىء حتى مع الأمور المصيرية كان كارثيّا، الغضب هنا- يقصد كتابه- قد أتى من سوء إدارة ترامب وإخفاقاته المرعبة». وبسؤاله عن سبب تصريحه بأن «ترامب» هو الرجل الخطأ فى منصب الرئاسة؟ قال: لقد خلصت أن هناك أدلة قاطعة على أنه فشل بشكل كارثى فى إدارة أزمة الفيروس، ففى اجتماع شديد السّرية مع مستشاره للأمن القومى «روبرت أوبراين»، وآخرين فى 28 يناير2020، قاموا بتنبيهه بأوضح العبارات أن الوباء قادم، وأنه سيكون مثل وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 التى قتلت 675000 شخص فى هذا البلد.. وبدلًا من إخبار الجمهور بذلك، قام «ترامب» بالتستر عليه والاستخفاف بأبسط الإجراءات الوقائية. وهل لديك تفسير لسلوكه؟ - أعتقد، أثناء القيام بكل هذه التقارير عنه وقضاء تسع ساعات فى التحدث معه هذا العام فقط، فهو لا يفهم مسئوليته كرئيس عن حماية الناس، ولا يفهم مسئوليته فى قول الحقيقة. وهو لا يفهم مسئوليته الأخلاقية فى القيام بواجبات الرئاسة.. أعرف بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يوافقون على أن «ترامب» هو الرجل الخطأ فى المنصب لكنهم لن يقولوا ذلك علنًا ويلتزمون الصمت.. وبناءً على الأدلة التى لدىّ؛ لن أنضم إلى صفوف الصامتين. أجريت 18 مقابلة مع «ترامب».. كيف سارت الاجتماعات فى البيت الأبيض؟ - كانت المقابلة الأولى فى 5 ديسمبر 2019. ودخلت وأخذت مسجل الشريط الصغير الخاص بى، ووضعته على المكتب وقلت له: «كل ما أسجله سيُنشر فى كتاب سيصدر فى سبتمبر وأكتوبر»، وأخبرته مرارًا أننى أسجله. كان يعلم ذلك. على مكتبه وجدت صورا ل«كيم جونغ أونو»، ونسخ الرسائل التى تبادلها مع «كيم» كان يبدو فخورًا بصداقته، أرانى صور «كيم جونغ أون»، التى قال إنها فريدة من نوعها. لكنها كانت جميعًا مألوفة. كانت الصور نفسها موجودة فى كل مكان على الإنترنت. ثم فى وسط المكتب، كان لديه أوراق التعيين الرسمية لمناصب القضاة كان مهتمّا بقراءة أسماء المرشحين ومعرفة خلفياتهم. لقد كشفت فضيحة «ووترجيت».. هل يمكن مقارنة «ترامب» بأى حال ب«ريتشارد نيكسون»؟ - وود وارد: كان نيكسون مجرمًا، وقد كتبنا ذلك. وقد ثبت ذلك من خلال تسجيلاته السّرية. لم يثبت أحد أن «ترامب» مجرمٌ بشكل قاطع .. نعم، هناك الكثير من الأسئلة. هناك تحقيق «مولر»، لكن لم يثبت أحد على الإطلاق أن من جانبه جريمة. لقد فشل «ترامب» قبل كل شىء فى حماية البلاد من الوباء. فى فيتنام، كان العدد الإجمالى للوفيات على الجانب الأمريكى 58000، وسيؤدى الوباء قريبًا إلى أربعة أضعاف عدد الوفيات فى الولاياتالمتحدة، ومن واجب الرئيس تحذير الناس. لكنه لم يفعل ذلك. بدلًا من ذلك، نفى وفشل فى إدارة الأزمة. ولا توجد حتى الآن خطة. قد يقول الكثير من الناس إن الديمقراطية فى خطر فى الولاياتالمتحدة، وأن «ترامب» كان يريد أن يحكم مثل المستبد.. هل توافق؟ - كتبتُ فى الكتاب أن القيادة فشلت، لكن الديمقراطية لاتزال قائمة، على الأقل فى الوقت الحالى. لم يسعَ فى إغلاق صحيفة، لم يداهم أحدٌ مكاتبى أو منزلى. الصحافة الحرة لاتزال تعمل. لدينا نظام انتخابى فعال، رُغم أنه هاجم ذلك أيضًا. هل أنت قلق بشأن مستقبل بلدك؟ - نعم. كيف لا تقلق الآن؟ ربما كنا نعيش فى فقاعة فى هذا البلد لمئات السنين. نعم، كانت هناك أوقات عصيبة ورهيبة للغاية بالنسبة للأمريكيين. كانت هناك أزمات مثل اغتيال كينيدى، فيتنام. الآن دمر «ترامب» أى شعور بالبراءة. كيف تستعيد الثقة فى المؤسّسات؟ أعنى فينا، خلال الفترة المقبلة بعد كل ما حدث. رويت مؤخرًا على التليفزيون الأمريكى أن «كاثرين جراهام»، رئيسك فى صحيفة واشنطن بوست خلال فضيحة «ووترجيت»، حذرتك من أنه يجب ألّا تفرّط فى الثقة.. كيف تتذكر ذلك الآن؟ - فى عام 1974، بعد استقالة «نيكسون»، كتبتْ إلى «كارل بيرنشتاين» وأنا، رسالة على ورقة صفراء: «عزيزى كارل وبوب، لقد كتبتم بعض القصص عن نيكسون، وقد رحل الآن، هذا جيد، لكن لا لا تبدأ فى التفكير بشكل كبير فى أنفسكم. دعنى أقدم لكم بعض النصائح، النصيحة هى: احذروا شيطان الغرور».. لكن يتجول التباهى فى قاعات جميع المؤسّسات فى الولاياتالمتحدة، ليس فقط وسائل الإعلام؛ خصوصًا أن مجالات السياسة والأوساط الأكاديمية تمتلئ بالكثير من التبجح والثقة الزائدة بالنفس، وأعتقد أن هذا تحذير مهم حقّا، ونصيحة مهمة.