عطور أصليّة مغشوشة تباع بأسعار زهيدة، إعلانات إلكترونية تضج بها المتاجر الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى تغريك بأقل من نصف الثمن للظفر برائحة ماركتك المفضلة، الزجاجة أصلية بفضل القمامة! مواد كيميائية بلا رقابة تعبأ بها الزجاجات، والرائحة تشبه الأصلية إلى حد كبير، العلب المغلفة يتم تصنيعها صورة طبق الأصل من العلبة الحقيقية، أما «الباركود» والرقم المسلسل فلا حاجة لتزويره لأن الرقم الأصلى مدون بالفعل على الزجاجة الفارغة الأصلية التى سيتم تعبئة العطر المقلد فيها. البداية كانت من الموقع الأزرق «فيسبوك» رصدنا إعلانًا عن بيع زجاجات العطر الأصلية لجميع الماركات - فارغة - بسعر زهيد، ما أثار فضولنا خاصة بعد ضبط إدارة مباحث التموين بمديرية أمن القاهرة منذ أيام مصنعًا بمنطقة عين شمس متخصصًا فى تقليد عطور عالمية لعرضها بالمولات الكبرى.
تواصلنا مع صاحب أحد الإعلانات وقدَّمنا أنفسنا كتجار صغار لبيع العطور ومستحضرات التجميل من خلال الإنترنت، وأخبرناه أن لدينا عملاء مغرمين بشراء العطور الأصلية، رفض الحديث معنا عبر الإنترنت وطلب التواصل شخصيًا فى مقر بيعه فى شارع الجامع الأحمر بمنطقة العتبة. بمجرد وصولنا إلى منطقة العتبة، أشار إلينا أحدهم إلى المنطقة المتخصصة فى بيع فوراغ العطور الأصلية. هناك التقينا بالتاجر ويدعى محمود والذى قال لنا: إنه متخصص فى بيع زجاجات العطور ومستحضرات التجميل الأصلية لأشهر الماركات، فضلاً عن أنه يمكنه تصنيع نسخة مقلدة طبق الأصل من أى «براند» من «البارفانات» بواسطة ماكينة صناعة الزجاج التى يمتلكها، موضحًا أن سعر الجملة لزجاجة العطر الأصلية الفارغة يبدأ من 45 جنيهًا، والمقلدة تبدأ من 35 جنيهًا، مشيرًا إلى أن أقل عدد للشراء بسعر الجملة «50 زجاجة». وعن المادة العطرية التى تعبأ فى الزجاجات والتى تشبه الرائحة الأصلية «للبراند» قال: إنه يقدم أيضا خدمة بيع الزجاجات معبأة ومغلفة بنفس غلافها الأصلى بمعاونة بعض المحال الموجودة فى شارع محمد على والمتخصصة فى طباعة وتزوير «اللوجو» والأختام الخاصة بماركات العطور المعروفة.. مضيفًا أن السعر يبدأ من 180 جنيهًا للزجاجة، ويختلف باختلاف قيمة «البراند» المطلوب تقليده، وأن هذه العطور تباع بعد ذلك بأسعار باهظة للمستهلك تبدأ من 500 جنيه. التصنيع والتغليف بعد أن أبدينا تخوفنا من أن تصيب المواد المصنع بها العطر المقلد عملاءنا بمكروه يعود علينا بالضرر، أكد لنا تاجر العطور المقلدة من باب الطمأنة أنه يستخدم مواد ومستلزمات إنتاج غير ضارة تستخدم فى العطور بشكل عام، مثل المذيب الخام وزيوت العطور الخام، والكحول والقطع الفواحة، ضاربا المثل بعطر « Dior» برائحة الياسمين والذى يمكنه تقليده بسهولة شديدة طالما توفر الفارغ -الزجاجة الأصلية- مستخدمًا زيت الياسمين - كيميائى وليس طبيعيًا- بالإضافة للكحول- حسب النوع المتوفر- وزيت الجلسرين الذى يساعد على الثبات، والماء المقطر، مؤكدًا أن الليمون يلعب دورًا مهمًا فى العطر الزيتى، وكلما كانت الرغبة فى زيادة الرائحة يتم زيادة الزيت -وفقًا لتاجر العطور المقلدة- لافتًا النظر أنه يتم تخمير الزجاجات لمدة تمتد لعدة أسابيع فى مكان رطب، وتختلف باختلاف نوع العطر المقلد، وأن أبرز الماركات التى يقلدها «فيكتوريا سيكرت، وديور، وجوتشى». مشيرًا إلى أن عملية التصنيع تكون بالطلب وتتم برمتها فى منزله، حيث لا يمكنه القيام بها فى متجره تجنبًا لحملات المصنفات التى تزايدت فى الآونة الأخيرة -على حد تعبيره- مضيفًا أن نجاح عملية التصنيع يتوقف على مرحلة التعتيق والذى يلعب دورًا كبيرًا فى عدم اكتشاف المنتج المقلد، وهو ما يدفع شركات ومتاجر البيع الإلكترونية وصفحات البيع عبر التواصل الاجتماعى إلى وضع مدة 40 يومًا لتسليم المنتج للعميل –بحجة الجمارك. أيمن أحد التجار المتخصصين فى بيع فوارغ العطور السعودية الأصلية خاصة عطور عبدالصمد القرشى يبيع الزجاجة الأصلية الفارغة «للبراند» السعودى الشهير بسعر 12 جنيهًا فقط. يقوم أيمن –كما أخبرنا- بنزع «اللوجو» الأصلى لزجاجات العطر ليحمى نفسه من مداهمات الشرطة ويعيد وضع «اللوجو» عند البيع فقط. حماية المستهلك الحبس ومليون جنيه ! أشرف مجدى مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة لجهاز حماية المستهلك علق قائلًا: إن الجهاز يتحرك على الفور عند تلقى أى شكوى للمنتجات المغشوشة ويتم فحص البلاغ من قبل المختصين بالتعاون مع وزارة الصحة والتموين، مشيرًا إلى أنه يتم توقيع عقوبات شديدة على السلع المغشوشة تصل للحبس والغرامة المالية التى تصل لمليون جنيه، مناشدًا المواطنين معاونة الجهاز فى حمايتهم من خلال الإبلاغ عن أى منتجات غير أصلية أو ضارة يتم بيعها لهم. موضحًا، أن المستهلك هو صاحب القرار عند شراء أى سلعة أو منتج، وأنه عليه أولًا معرفة حقه عند الشراء، وذلك من خلال تعليمات جهاز حماية المستهلك، مشددًا على أن جهاز حماية المستهلك لن يحمى حقوقًا تم التنازل عنها. الدكتورة وفاء علم الدين، استشارى الأمراض الجلدية، صرحت بأن خطورة العطور المغشوشة -صحيًا- تكمن فى استخدام كحول مغشوش أو كحول مثيلى، وهو سائل محظور استخدامه فى المحاليل الكحولية المعطرة، وفقًا للمواصفة القياسية المصرية رقم 3570 لسنة 2005، بسبب آثاره الكارثية على الجهاز العصبى وخطورته الكبيرة على الأجنة للسيدات الحوامل، ناهيك عن ما يسببه من حساسية وتهيج للجلد والتهابات نتيجة امتصاص الجلد للكحول الإيثيلى أكثر من مرة، وهو ما يتطور مع زيادة الاستخدام إلى حدوث تورمات فى الجلد والشفتين والأنف بالإضافة إلى طفح جلدى، مؤكدة أنه ليس من الضرورة أن تحدث الإصابة بعد ملامسة الجلد للعطر مباشرة وأنه قد يحدث التهيج للجسد كله من خلال الاستنشاق فقط، وهو ما قابلته كثيرا فى حالات لمرضى أصيبوا بسبب استخدام العطور ومزيلات العرق المغشوشة.